جلال الدين الرومي / بين عين العشق وعين العلم والعقل - 1

Folder: 
قراءات



  قراءات                قراءات                قراءات












جلال الدين الرومي .. بين عين العشق , وعين العلم والعقل









" صير الرومي طيني جوهرا من غباري شاد كونا آخر"

محمد إقبال



"1"



لطالما أسرجت خيلَ الهمّةِ , لسنين خلت , أعدو بها نحو سهوبك التي لا تحدّ يا مولاي , ولطالما وجفت خيلي وكبت , ووقفتْ وقفة المتهيب عن هكذا مغامرة , وكلما كنت أفرد أشرعتي لأخوض غمار بحرك , رأيتها تنطوي من جديد , تشكو العجز والتقصير

فمن أنا أمامك أيها الهرم المتطاول حدّ السماء, وأية جرأة محاولتي الإحاطة بالمحيط .

غير أن الرغبة الجامحة تتحول مع الأيام إلى هاجس ملحاح , بدل أن تخبو شعلتها , فإذا ما امتلأت بك أيها العبقريّ , الذي لا يجود بمثله الزمان كل حين , ووصلت حدّ السكر حتى الثمالة من دنّ  خمرتك المعتّقة , ودرجة البكاء خشوعاً وعرفاناً بالجميل , لمن نقلني عبر مدارات مولويته , لأهوّم في فضاءاته ممجدة مسبّحة , استعنت بالعشق حادٍ وهادٍ , وأسريت على جناح العشق إلى حماك , بينما تراتيلك العليّة ترافقني , جاذبة إياي من أوتار قلبي وأهداب عينيّ , إلى موطن الناي الحزين الذي اقتلع من منبته , فأمضى العمر في نشيج ونواح شوقاً وتوقاً.



أجل , هي ثمانية قرون بيني وبينك , غير أني , في هذه اللحظات الأشبه بتجلّي ليلة قدر خارج حدود الزمان والمكان , أراك حاضراً فيّ حضور الإله , وأشهدك قطباً تدور حوله رحى القلوب العاشقة , وما همّني كل ما كتب وقيل عنك طوال هذه السنين , ما دام في النهاية , لكل منّا إحساسه , خبرته , وشهادته . فما كلماتي اليوم إلا أنفاسي تخبر عني كلّ سالك اختار الحبّ طريقاً , والقلب مقصداً , حيث طائر السيمورغ , أوالعنقا نادر الوجود . سالكٌ يعرف أن دربه لا رجوع فيه  , أتاه فارغاً إلا من العشق , ليتشرب كالإسفنج ماء العلم , ماضياً على آثار خطى من سبقوه , غير مبال بالريح تطوي جناحه , أو الحجارة تعيق مسيره .



وأراني بدءاً ميّالة للتعريف بك , كشخص نسجت حوله الحكايا , فاختلطت الحقيقة بالخيال , والأسطورة بالواقع .

لكنّ أيّ مريد - يجثو على ركبتيه , ليتهجّى العشق في مدرسة فيضك , محاولاً أن يلحق بك أو مجاراتك , فيقعده العجز - يستطيع أن يتلمس بحاسّة القلب أنّه أمام قصة حياة فريدة زاخرة بما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر . لاحت تباشيرها من انبثاق مطلع شمسك في بيت علم ودين , ومبنت طيب الأصلاب والأرحام .







حياتك



في يوم ليس كسائر الأيام , و عام ما شابه الأعوام , في لحظة أعجزت الفهم و البيان ,

أشرقت الأرض بنور ربّها , فهللت السماء والأركان, مستبشرة بقدوم من استحق اسم إنسان ,  من كان في السير والسلوك للحق الصراط والميزان.

لا لم تكن يا السادس من ربيع الأول من عام 1207 م / 604 هـ , إلا لحظة فصل في تاريخ البشرية

رغم كلّ تلك الاضطرابات والصراعات الداخلية والخارجية , فافخري من الأزل للأبد يا بلخ ويا خراسان  بقطب الفكر والشعر , ورددي أيتها الآفاق والأنفس اسم من كان للعشق والعقل عنوانا على مدى الزمان .

لتشهد أيها العالم أن محمداً , الملقب بجلال الدين الرومي , ابن " سلطان العلماء " رجل العلم والفقه " بهاء الدين محمد ولَد بن حسين البلخي " قد ارتقى بحواسه وفكره وقلبه إلى مصاف الأنبياء , تاركاً وشمه وبصمته على صفحة الإنسانية جمعاء ,ولتنهد أيها القلب لتشاكل وتماثل , من حيّر العرب والغرب , بعشقه وحكمته , فبقي خالداً كالخضر في قلب كلّ مريد , وعلى آثار خطاه يمضي العشاق , حين هو أقرب إليهم من حبل الوريد . حيٌّ أنت يا مولاي وشمسي , ومن قال أن الشمس تموت .



أراك , أراك , وأنت تكبر يوماً بعد يوم ويزداد وعيك ويتسع قلبك , وها أنت بعين الفطرة ترمق اجتماع الناس لحضور دروس أبيك  , وترقب بطفولة ودهشة تململ الشرّ والخوف عند السلطان" محمد خوارزمشاه "  , من حضوره القوي , وتربص الجهل بالعلم يبغي خلعه عن عرشه ومقامه  , كفعله عبر رحلة البشرية منذ النفخة الأولى , وأول سجود لآدم  . أراك  سنة 1220م / 609 هـ أيها الطفل ابن الخمس سنين تهاجر في تسليم  مع أسرتك فراراً من الحسد واقتراب هجوم المغول ميمما شطر بغداد , وأتبعك وأنت تنتقل  من مدينة لأخرى كظلك

وها أنت تلتقي في " نيسابور " بالشاعر الصوفيّ الكبير " فريد الدين العطّار " . ما أسعد تلك اللحظة التي أخذك فيها بين ذراعيه وتنبأ لك بلوغ مراتب عليا في التصوّف , وما أغلاها هدية تلك النسخة من منظومته " أسرار نامه " التي قدمها فأل خير إليك يامن بقيت تقرّ بفضله وأسبقيته طوال سنين حياتك مردداً : " لقد اجتاز العطار مدن الحب السبع بينما لا أزال أنا في الزاوية من ممر ضيق".                                                                                                      ‏

ومن نياسبور اتجهت أسرتك إلى بغداد , ثم إلى مكّة , لأداء فريضة الحج , عائدة إلى ملطية لتقيم فيها سبع سنين , لينتهي بها الترحال إلى قونية التي استقر بها المقام في ظلّ ورعاية السلطان علاء الدين السلجوقي ووزيره معين الدين بروانة , حيث راح والدك يدرّس ويفتي ويخطب ويعظ , ولك يا مولانا من العمر حينها أربع وعشرون عاما.

أذكر يوم حدثتني حديث القلب للقلب , فيما كنت أصغي بكل حواسي الظاهرة والباطنة لحكايتك العجيبة التي أعرف  : " اول نقلة روحية حقيقية في حياتي الروحية , كانت على يد السيد " برهان الدين الترمذي " , الذي قدم إلى قونية بعد عام من وفاة والدي , فقد رغّبني بسلوك الطريق الصوفي , وطلب مني الرحيل إلى حلب لحضور دروس علمائها , ثم انتقلت إلى دمشق وأقمت فيها أربع سنوات , لأعود بعدها إلى قونية , بعد أن استكملت أغلب العلوم العقلية والنقلية , ووصلت في الفقه إلى مرتبة الاجتهاد والإفتاء . وحين توفي أستاذي عام 638 هـ , تولّيت تدريس العلوم الدينية قرابة خمس سنوات , وكان عدد طلابي يربو على الأربعمائة , وكنت بفضل الله محبوباً من العام والخاص , فاعتبرت أحد أكبر أئمة المسلمين وعماداّ لشريعة النبيّ محمد علينا منه السلام "



الولادة الجديدة                                                                                      ولقائك بشمس الدين التبريزي



" أوليائي تحت قبائي لا يعرفهم سواي " وما كان ذلك التاجر الجوال الدرويش الذي وصل قونية في السادس والعشرين من جمادى الآخرة ,  سنة 1244م/642 هـ ,  وأقام في أحد خاناتها منقطعاً إلى نفسه، إلا رجلاً من رجال الله  حير العالم ولا يزال , يقلقلهم السؤال , هل كان حقيقة أم هو وهم وخيال .

كنت معك يوم تعرضت الشمس لموكبك مع تلامذتك ، وكنت أصغي لتلك المحاورة القصيرة بينكما ليغمى  بعدها عليك ، ولما استعدت وعيك أدركت أن شمساً هو نور الله تعالى , المرسل لهدايتك إلى المعرفة اليقينية التي لم تصلها من قبل . فمضيت معه إلى الخلوة التي دامت بينكما اربعين يوما، لم يكن يدخل عليكما خلالها إلا أحد مريديك واسمه صلاح الدين زركوب , لتخرج بعدها وقد زلزلت زلزالاً عميقاً :



عندما اشتعلت نيران الحب في صدري

أحرق لهيبها كل ما كان في قلبي

فازدريت العقل الدقيق والمدرسة والكتاب

وعملت علي اكتساب صناعة الشعر وتعلمت النظم



فما الذي أسرّه إليك , وأي ماء طهور اسقاك إياه , بل أية خمرة إلهية وصهباء معتقة جادت بها راحتاه , فإذا أنت الكاس والساقي والخمرة معاً .

لعلي بدأت أفهم شيئاً فشيئاً ما رحت تنشده من أشعار متدفقة حيّة , متغنياً  بالشمس التي محق نورها النجوم ::



" شيخ الدين وبحر معاني رب العالمين . الأرض والسماء تبدو أمامه وكأنها قشّة , لو أظهر جماله دون حجاب لما بقي شيء في مكانه , ولا ينبغي أن نفلت ذيل ثوبه من أيدينا إن أردنا إدراك الحقيقة . ولو طلع شمس لانعدمت الظلال , إن النجوم وإن كانت بلا عدد , فإن قوتها على التجلي أمام الشمس منفردة منعدمة :                                                                                                      

طيور الضحى لا تستطيع شعاعه      فكيف طيور الليل تطمع أن ترى "









لم تكن تلك النقلة كما يرى البعض فجائية عندك يا سيدي ومولاي  , فآثارك تشهد على ميلك الفطري للتصوف والحكمة والتأمل الروحي العميق , ورحلاتك إلى حلب والشام , كانت خطوات أولية , في درب الحكمة , خاصة وأن عمرك يوم التقيت إمامك شمس كان يقارب على الأربعين . وكل ما فعله التبريزي أنه حرّك وحرّض عندك ذلك المنبع الفياض " القلب " ليجود بكنوزه وخباياه , دررا في القول والفعل , ومن القاع راح يستخرج اللؤلؤ المكنون , ذلك الصياد الماهر   تماماً كما يفعل أي هاد أو معلم .

قالوا عن شمسك أنه أميّ , فليقولوا ما شاؤوا , فقد فعلوا ذلك قبلاً مع نبيك ونبينا محمد , وما أدركوا يوما ما تعنيه الأميّة , وأي فخر وشرف أن يكون أو يعود المرء أميّاً .                                                                                                                                                          

علمتني يا مولاي كيف ينتظر المراد مريده كما يبحث المريد عن مراده , فكأن المعشوق هو المحيط وكأن العاشق هو القطرة وكلاهما في حنين للوصل , بعد الفصل  , ليعودا واحداً  طالما باتت إرادة المريد هي إرادة المراد .



وهاهو شمس الدين يشهد بذلك في مسألة توجهه إلى قونية في كتابه " مقالات " الذي ينفي عنه تهمة الأميّة بمنظور العامة : " طالما تضرعت إلى الله تعالى أن يجعلني أختلط بأوليائه وأنعم بصحبتهم , فرأيت في المنام من يقول لي : سنجعلك تصحب أحد الأولياء . قلت : حسناً ,وأين أجد ذلك الولي ؟ . وفي الليلة التالية رأيت نفس الرؤيا , وفي الليلة التالية كذلك , وقيل لي : هو في بلاد الروم , وبعد مدة من البحث والطلب لم أعثر عليه ولم أره . قيل : لم يحن الوقت بعد , فالأمور مرهونة بأوقاتها "



بينما يحفل " المثنوي " وديوان " شمس تبريز " بشواهد الحق دامغ الباطل , ولعل أجملها هذا القصيد الذي يرسم أروع صورة ومظهر للوحدة وكأنك قلته لي وحدي يوماً في خلوة خارج الزمان و المكان ونحن فيها نقشان لروح واحدة :



" ما أسعد تلك اللحظة حين نجلس في الإيوان أنا وأنت !

نبدو نقشين وصورتين ولكننا روح واحدة أنا وأنت !

إن لون البستان وشدو الطيور يهبنا ماء الحياة ,

في تلك اللحظة التي نذهب فيها إلى البستان أنا وأنت

وتقبل نجوم الفلك رانية إلينا بأبصارها

فنجلو القمر نفسه لتلك الأفلاك أنا وأنت !

أنا وأنت , بدون أنا وأنت , نبلغ بالذوق غاية الاتحاد

فنسعد ونستريح من خرافات الفرقة إلي أنا وأنت !

وسيأكل الحسد قلوب طيور الفلك , ذات الألوان الباهرة.

حينما تشاهدنا نضحك جذلين على تلك الصورة أنا وأنت ! "



ما الذي حدث فجأة , وأية نار راحت تسري في تلامذتك كأنهم الهشيم , بل أية غيرة هدمت كل ما بنيته فيهم, وما بالهم غدوا كحمر مستنفرة فرّت من قسورة , , ما لعيونهم الكليلة  تعجز عن رؤياك أو رؤياه , وما لقلوبهم عليها أقفالها , يا ضيعة العلم , ووا أسفاً على وقتك وجهدك راح سدى ," وظلم ذوي القربى أشد غضاضة على القلب من وقع الحسام المهند "

أكل هذا لانشغالك عنهم برجل غامض غريب الأطوار , مجهول النسب ,أم أن القصة نفسها تتكرر بكل عصر وأوان , صراع الخير والشر ,بين الأخ وأخيه, قصة الغيرة التي جعلت إبليس من الملعونين الطرودين إلى يوم الدين , وجعلت قابيل يقتل أخاه هابيل دون ذنب , ثم تكررت القصة عبر كل دور , بقتل الأنبياء والأئمة والحكماء ,

عين بشرية قاصرة , هي عين القياس , واستكبار وغرور و وعدم ثقة بالخالق ولا بخلقه , وتوالد الأنا كخلية سرطانية , فتبدأ المقارنة ويبدأ الفكر يحجب عين القلب بدل التناغم والانسجام .

لكن الضدّ يظهر حسنه الضدّ , فلولا كلّ ذاك الشر ما بان حسنك يا يوسف , ولا تجلّت الشمس في أشعارك يا مولاي , شمس شرقية لا يسترها حجاب .

وكيف لا يثور الشرّ , والشمس تستنكر عادات القوم والصوفية , وتباهيهم بالكرامات : " إلى متى تتباهون بقولكم : حدّثنا وحدّثنا ؟ وتمرحون في ميدان الرجال وأنتم تمتطون سرجاً بغير خيول , أما من أحد منكم ينطق بخبر فيه : حدّثني عن ربّي

الغيرة التي ابتدأت بالنفور , صارت عداء شديداً , ورغبة في التخلص من الشمس المنافسة يصفها  ابنك" سلطان ولد " قائلاً : وهكذا صاروا جميعاً متعطشين لدماء شمس , فكانوا إذا رأوه أمسكوا سيوفهم . وكانوا يسبونه سبّاً فاحشاً ويرمونه بالسحر والدجل ويتربصون به قائلين : متى يغادر شمس قونية , أو يختطفه الموت "

ولو كان لي أن أقول رأيي بما حدث يا مولاي لأقسمت على أنهم لم يحبوك يوماً , فالمحبة إيثار وتضحية , والمحبة ثقة , والمحبة تسليم , ولو وصلوا إلى مقام المحبة ما فعلوا به وبك ما فعلوا .

ما أشد حزني لحزنك يا مولاي وأنت ترى شمس يرحل عن قونية , وعن تلك القلوب المظلمة المحجوبة عن رؤية النور , وحقك أن تشيح بوجهك عن كل من كان سبباً في رحيل خضرك الحيّ عنك يا موسى العصر والأوان , وهاهي فترة قصيرة تمر تستلم منه  رسالة يعلمك  أنه في الشام , فتسارع بإرسال ابنك " سلطان واد " لإقناعه بالعودة , فعاد وعادت معه حملة الهجوم أشد ضراوة اختفى على أثرها التبريزي نهائياً , ولم يعد بعدها ,  فأجمع الناس على أنه قتل , ودمه في عنق أعدائه الذين لم يكتب لهم أن يعرفوه حقّ معرفته , ويروي ابنك سلطان ولد أنه قال له يوما : " ألا ترى ما فعلوه , أيريدون إبعادي عن مولانا ثم يجلسون بعد ذلك سعداء فرحين ؟ سوف أرحل هذه المرّة فلا يعرف أحد أين أكون , سوف تمر سنوات لن يجد فيها أحد لي أثر , سأختفي وتمرّ أوقات وأزمان حتى يقال : إن أحد الأعداء قتله "

أما أنت فلم تقتنع لحظة أنه مات ولم تصدق الشائعات حول مقتله , بل بقيت معتقداً أنه رحل من جديد إلى الشام :



" من ذا الذي قال إنّ شمس الروح الخالدة قد ماتت ؟

ومن الذي تجرأ على القول بأن شمس الأمل قد تولّت ؟

إنّ هذا ليس إلا عدوّاً للشمس وقف تحت سقف

وعصب كلتا عينيه ثم صاح : هاهي الشمس تموت



كم من مرة أرسلت تسأل عنه في الشام , وكم مرّة ذهبت بنفسك تتقصّى آثاره هناك , حتى سلّمت أخيراً بأنه لن يعود أبداً فبكيته أسى وحرقة  وأقمت له مجالس العزاء

وأتساءل في شفافية إن كان مولانا شمس تبريز هو كما يؤمن الإسماعيليون الإمام الخامس والعشرين  في سلسلة الأئمة التسع والأربعين ,أفلا ينطبق هذا على ما قاله مولانا جعفر الصادق علينا منه السلام في الأئمة الأطهار : " لا يطّلع على ولادتنا ولا على موتنا أحد " . بكل الأحوال تبقى الإجابة على هذا السؤال في ذمّة الغيب لا نملك أن نجزم بقطعيتها , والتي لن تقدّم أو تؤخر بنظري في معرفتك عبر آثارك . فهاهي الفرقة المولوية أيضاً تعتبره المهدي المنتظر الذي سيعود من الباب الذي يطل على باحة مقبرةك في قونية جهة القبلة .

رحلت شمسك تاركة إياك في خلوتك  منقطعاً عن كلّ من كان وراء غيبته , وإذا بيد الله تبسط من الغيب , وإذا بوجهه يلوح من جديد بمعشوق آخر , أحد تلامذتك المقربين "صلاح الدين فريدون زركوب" الصانع البسيط ، في الزخرفة والطلاء بالذهب ، العالم بأمور الله .  لكأن الشرّ  حرّض الخير أن يظهر من جديد , ولكأن الإبداع لا يظهر إلا بهذين القوسين لتكتمل الدائرة                                                      ‏

ومن جديد يحيك الشرشرنقته ويبدأ التآمر على قتل صلاح الدين " ليخلو لهم وجهك " بعد أن اصطفيته دونهم لولا أن قضاء الله كان أسرع إذ توفي سنة 1258م. ليكون حسام الدين جلبي البديل الصالح لشمس تبريز مصدر إلهامك ومحبتك , يتردد اسمه ومضات نور في قصائدك ، وبإيحاء منه نظمت المثنوي ترتجله فيدونه حسام منشداً إياه في سكرات عشقه .

أراد الكنز المخفي أن يعرف , فكان شمس ثم صلاح الدين وأخيرا حسام الدين وما كانوا إلا وجوها ثلاث لحقيقة واحدة ,صفة للذات وعرض للجوهر ورمز للمعنى , فالخلق الآخر كي يبعث , لابد له من سماء وأرض وماء وصل , عبر لقاح المحبة والعشق

وحانت ساعة انعتاق الروح من اسر الجسد , ملتحقة بأصلها , سنة 672ه /1273م.. . ولكن من قال أن الرومي يموت الرومي حيّ في قلبي وفي كل نفس من انفاسي , ما دمت أحاول أن أغوص في عين  عشقه وعلمه .ماضية على نهج تركه أمانة في عنقي قائلاً بتأدية الأمانة لأهلها و ومادام  قد أودع في رحم روحي  نطفة معانيه , لتهتز الأرض وتنبت من كل زوج بهيج .







الرقص المولوي                                                                      



تعالوا إلي أيها الفنانون والحرفيون والصناع المهرة , تعالوا أيها المتجهون إلى قبلة العشق الواحدة من أي مذهب أو دين , تعالوا نرقص معاً نحور وندور لنجسد في رقصنا ما حاولت أن أقوله عبر الكلمات سنين عمري , وما يقوله الوجود كل لحظة , بديع السموات والأرض انا , واليوم سأترك إبداعي هوية لي عبر القرون يدلّ علي ,

يا رقصة النحل , دومي , فهاهي المليكة تخرج ليلة زفافها  في رقصة تصاعدية , هيا أيها الذكور , إن أكثركم عشقا سيكون الأقدر والأقوى على اللحاق واللقاح , فإذا ما مات بعدها حقق غاية الوصال . شاهداً وشهيداً على أعتاب عشقها .

يا رقصة الأفلاك , دومي , شمسك العروس  تناديك من مركزها , , ومن غير وصال كيف لظلمتك أن تمتلئ بالنور , فإذا بالعاشق والمعشوق في وحدة من غير فرق .

يارقصة الماء والهواء والتراب والنار ,اشهدي بوحدة الوجود ووهم التضاد , ففي الرقص

لاإله إلا هو

.. هو .. هو .. هو .. هو

تعالوا ننطلق إلى القرى , لنخفف عن البائسين ونعزي الحزانى . أصقاع الأرض تنادينا , لرقص الدراويش الخلود , قد ارتدينا البياض أكفانا , والمعاطف السود قبورا , ووضعنا القلنسوة اللباد شاهدة للقبر , أما بساطنا الأحمر فلون الشمس الغاربة ,

دوروا دوراتكم الثلاث حول باحة الرقص , قربة لله , دورة طريق العلم , ودورة طريق الرؤية , ودورة طريق الوصال . ثم ارموا معاطفكم السود , متطهرين من عالم المادة , ناهدين نحو الخلاص .  أيها الراقصون ما أنتم إلا قوس هبوط تنغمس به الروح بالمادة , وقوس صعود تعود به الروح إلى بارئها ,

كلنا الآن خارج حدود الزمان والمكان عدنا واحدا

أيتها الموسيقى اصدحي قد تم الوصال

ولتقرعي يا طبول فقيامتنا اليوم قامت .



آثارك



قرون ثمان طويت حافلة بالأحداث والمعالم والشخصيات المتميزة ,  وأنت باق .. دفق دم ونبض قلب بنثرك وشعرك الفارسي الجميل , المطعّم  بقليل من العربية البسيطة  . تترجم أعمالك إلى لغات عالمية عديدة , ويقبل القراء والمريدون على نهج تعاليمها , ويعمل الباحثون والنقاد على دراستها وتفكيك مرموزاتها ,وأعجبهم المستشرق الإنجليزي رينولد نيكولسون الذي أمضى ثلاثين عاماً في ترجمة المثنوي بأجزائه الستة وألحقها بشروح وتعليقات , فكان مثالاً رائعاً للجهد الدؤوب والصبر على مصاعب العمل والإخلاص للعلم والحقيقة . بينما يقرّ العالم العربيّ بالأيادي البيضاء بعض الأقلام والقلوب التي قامت بترجمة أو دراسة بعض أعمالك , ولعل أبرزهم للدكتور محمد عبد السلام كفافي , بترجمة وشرح ودراسة المثنوي بجزئيه الأول والثاني , ولتلميذه الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا في إتمام هذا العمل الضخم بأجزائه الثالث والرابع والخامس والسادس .

النثر عندك عبارة عن كتاب " فيه ما فيه " و رسائلك ,  و مجالسك السبعة، حيث تضمّ هذه المجموعة 144 رسالة موجّهة إلى المقرّبين منك , وشخصيّات ذلك العصر , مثل معين الدين پروان (الوزير وحاكم أقاليم الروم)، مع أربع رسائل إلى شمس تبريزي . وفي معظم رسائلك رحت توصي بالفقراء والمعسرين. بينما تشمل المجالس السبعة مواعظك الصوفيّة والأخلاقيّة الّتي ألقيتها على أتباعك.  و تستهلّ هذه المجالس بالخطبة والدعاء حيث احتوت موضوعات صوفيّة وأحاديث وأبيات شعريّة .

وأما الشعر وهو الأهم والأعمق أثراً في النفس  , فكان تغن وغزل بشمس تبريز جمعته بديوان دعوته باسمه " شمس تبريز " , وحكمة وتربية , تضمنتها ست أجزاء من كتاب سميته " المثنوي "



ديوان شمس تبريز



أهذا ديوان شعر , أم هو الشمس الخالدة بتنوع أشعتها تشهد أنها واحدة متفردة , اثنان وأربعين ألف بيت من الشعر,  في ثلاثة آلاف وخمسمائة غزلية , تجلت فيها صورة الإنسان الكامل , سلطان دولة العشق , وأمير قافلة الحبّ الإلهي . ألفاظ عذبة رقيقة , رمز وإيحاء , صور بيانية بتنوع مذهل تبتعد عن المحسنات اللفظية ,  ومظاهر طبيعة هي تجليات الخالق في خلقه , أبهاها الزهور رسل المحبة , تعبر بتباينهاعن اختلاف أحوال ومشاعر الإنسان ,  تلتقطها العين الساحرة العاشقة لتحيلها شعرا وسِكرا , فإذا بالقارئ يمسّه العشق فيشفّ ,  وتأخذه الروح بتلقائية وسجيّة من طين الأرض لسماء سابعة ,مشدود الأنفاس يحاول اللحاق  بمن يطير به من الكثافة للطافة ,فيقر بعجزه والتقصير

ثم تتركه مخمورا من كاس رؤاك, مذهولاً عمن عداك , فلا يدري أهو بشر أم ملاك .



أقبل الربيع , أقبل الربيع , اقبل الربيع حلو العذار

أقبل أوان الشقائق الحمر , طاب العالم وعمّ الاخضرار



استمع لى السوسن أيها الريحان ,فللسوسن مائة لسان

انظر وادي الماء والطين , كيف امتلأ بوشي يبهر الأبصار



تسأل الوردة زهرة النسرين :" كيف كنت في هذه الغربة "

تقول : " بخير , إذ الطيبات أتت من تلك الديار "



وزهرة الياسمين تهتف بشجرة السرو : " أو ترقصين وأنت سكرى ؟"

يسرّ لسرو بأذنها : " قد أقبل الحبيب البار "



تقدمت زهرة البنفسج إلى النيلوفر قائلة : " بوركت والله "

فقد أقبل العمر الباقي , وولى الجفاف , ثم ولى الاصفرار



وتلك النرجسة رمقت الوردة بنظرة قائلة : " أتضحكين ؟"

فهتفت بها : " ما أضحك إلا , لأن الحبيب بالجوار "



وقالت شجرة الصنوبر : " تيسّر السبيل الوعر بفضل الحقّ

فكل ورقة بدت في قطع الطريق كسيف بتار



من تركستان العالم الآخر ( منبت الأتراك الملاح )

بأمر المليك , أقبل إلى بلاد الهند الماء , ونثرت الأزهار



انظر ذلك اللقلق الصدّاح , قد ارتقى منبراً

هاتفاً : " يا رفاق العمل , الصّلا , حان وقت العمل والإكثار "



يا للكلمات الراقصة على إيقاع خمس وخمسين بحرا من بحور الشعر , ويا للخبرة باستخدام حتى الأوزان المهملة , وتوظيف فطري للموسيقا الجانبية كالقافية والرديف والموسيقا الداخلية التي لم تخل منها غزلية ,وفي هذا أرقى تجل لإبداعك وتفردك , فذاك مالم يتح لأحد من قبلك أو من بعدك , ياابن آدم العاشق للحن , تذكره مذ كنت في الجنة ذرا وذرية في صلب أبيك , علق حبه بقلبك , وصارت الأنغام العذبة والألحان الجميلة التي تجيد عزفها على أكثرمن آلة , حنينا للعودةعندك إلى أصلك السماوي , كذلك الناي الحزين الذي اقتلع من منبته فغنى شوقه ألحانا. فكأن الشعر والموسيقا والرقص سلالم صعود نحو سماء القلب .بخلع أثواب الأنا وحجب المادة الكثيفة .

كل حرف في ديوانك ,أستاذ ومدرسة للعشق , يشير إلى دور المحبة كرائدة لمسير ومصير الإنسانية , وإلى أن العلاقة بين الإنسان وربه قائمة على المحبة ,  إذ هي الهادي والمقدمة لكل ما عداها , وهي العلاج لكل العلل , والوسيلة المثلى للوصول للغاية والمراد ,

ديوانك  دعوة للعشق الإلهي , لتصبح إرادة العاشق من إرادة المعشوق , فإرادة الكون , لتحقق الوحدة والوصال بالمحبة, القوة المحركة للكون كله , التي تسري روحها في كل ذرة من ذرات الوجود فإذا بالعشق قطب الرحى ومركز الدائرة



بشفته ما أحلى الكلام والسماع وما جرى

سيما حين يفتح الباب ويهتف : سيدي و هلم أقبل علينا



بشفة جافة يحكي قصة عين ماء الخضر

وخياط عشقه يحيك على قدّ كل امرىء عبا



العيون تسكر من سكرات عينه السكرى

الشجر يرقص للطف ريح الصّبا



يقول البلبل لشجرة الورد : " ماذا يضمر قلبك

أبسطي القول الآن : فليس هناك أحد, أنت وأنا , ليس إلا



تقول : " طالما أنت معنا , فلا ترم هذا أبدا

اجهد كي تحمل من هذا القصر متاع " أنت "



فاعلم علم اليقين أن ثقب إبرة الهوس بالغ الضيق

لا يسمح بولوج الجمل حين يبدو مزدوجاً





ديوانك تذكير مستمر بالوطن  الأم وبالأصل العلوي الذي ننتمي إليه في تشويق وترغيب , معتمداً على لهفة المريد , واستعداده الروحاني للسير في هذا الطريق الصعب , الذي تذلل صعابه الإرادة والعشق , بتأييد من الله تعالى , ولا يحصل ذلك إلا بتبديل المزاج كما تقول :" يشترط تبديل المزاج , واعلم أن المزاج السيء موت زؤام " ولا يتم هذا التبديل إلا على يد رجل من أهل الطريق والعرفان يجلو مرآة القلب من الصدأ ,  لتنعكس بها حقائق الأشياء فتحيا على يد الخضر الحيّ , بعد موتها.

وعلى حين تبدو يا مولاي في مثنويك , فيلسوفاً  متأملاً حكيماً عاقلاً فأنت هنا سيد العشق , تخلع عمامة العقل وتسلم قيادك  للمحبة الإلهية في شعر اللاوعي كما سمي



لا تكن بين العاشقين عاقلا

خاصة في عشق هذا العذب اللقا



فليبعد الله العقلاء عن العشاق

ليبعد الله ريح التنور عن ريح الصبا



إذا أتى إليك عاقل , فقل له : ليس ثمّ طريق

وإن أتى إليك عاشق , فألف مرحبا



إن أخذ العقل في التدبير والتفكير

مضى العشق هربا حتى سابع سما



إن بحث العقل عن بعير لأجل الحج

مضى العشق قدما وارتقى جبل الصفا



جاءني العشق فأمسك بهذا الفم هاتفاً :

" دعك من الشعر واعل على الشُّعرى "





لروحي الثملة بالرومي وشمسه المتجلية في إبداعه , أن تختم بهذا البوح الرائع بين العاشق والمعشوق , بأمل أن أطلّ من جديد في شطري الثاني , وهو المثنوي , قرآن السالكين .



تجلى بوجهك أيها الحبيب , فإن مناي الحديقة وبستان الورد

وافتح شفتيك , فإن مناي الشهد الكثير.

أيتها الشمس , أميطي عن وجهك نقاب السحاب ,

إن أملي تلك الطلعة المشرقة الوضّاءة

لقد سمعت من هواك صوت الطبول  تقرع للسطور فرجعت

لقد قلت في دلال : اذهب ولا تتبعني أكثر من ذلك , وقولك لي هذا هو غاية أملي

ودفعك لي قائلاً اخرج إنّه ليس في المنزل, كذلك دلّ حارس الباب وكبره وخدنه

كلّ أولئك آمال أرتجيها

أيتها النسائم العبقة التي تهبّ من بستان الحبيب , مرّي علي فإني مؤمل بشارة  الريحان

إن خبز هذا العالم ومائه كسيل لا وفاء عنده ,

وأنا حوت عظيم وليس لي أمل إلا بحر عُمان .

وإني أردد دائماً عبارات الأسى مثل يعقوب , ذلك لأن أملي وجه يوسف المليح

  والله ما المدينة بدونك إلا سجن لنفسي , فليس لي أمل سوى الحيرة بالجبال والصحارى

بل إن أملي أن أمسك كأس الشراب بيد , وشعر الحبيب بالأخرى

وأن أرقص على هذا النحو وسط الميدان

ما أشد ضيقي بهؤلاء الرفاق ذوي العناصر الواهية .

إنني أريد أسد الله , أريد جلال الدين بن سنان .

إن في يد كل موجود فُتات من الحسن , لكن أريد منجم الملاحة كلّه  ..

ومهما كنت ُ مفلساً , فلن أقبل نثار العقيق

فلا رجاء لي إلا منجم العقيق النادر المتلألئ  

وأنني من هؤلاء الخلق لمليءٌ بالشكوى باكٍ ملولٍ

ولهذا أريد صياح السكارى أريد ضجيجهم

لقد أصبحت روحي ضائقة بفرعون وظلمه ,

  ولهذا فإن أملي نور وجه موسى بن عمران .

لقد قيل لي أن هذا لا يوجد , ولقد طال بحثنا عنه ذلك الذي لا يعثر عليه ,  

إنني أصدح مثل البلبل , ولكن من  الحسد العام خُتم على لساني وما أملي إلا النواح .

بالأمس كان الشيخ يحمل سراجاً , ويطوف بالمدينة قائلاً :

لقد ضقت بالشياطين والوحوش إنني أنشد إنساناً

بل إن أمري قد خرج عن كل حنين وكل أمل .

إن أملي أن أودع كل كون وكل مكان متجهاً نحو الحقيقة ,  نحو الحبيب

فهو هناك محتجب عن العيون  , ولكن  كل المرئيات من فعله

لقد سمعت أذني قصة الإيمان فسكرت بها .  فلتقل أن الإيمان بذاتي

وكنهي هو  أملي ورجائي.  

أنا قيثار العشق والعشق قيثاري , ولي أمل في يد  عثمان وصبره وأنغامه .

وهذا القيثار يحدثني قائلاً : إنني من شوقي الدائم أرجو ألطاف رحمة الرحمن .

ولتجلو لنا يا شمس تبريز ومفخرها مشرق العشق

فإني أنا الهدهد وما رجائي إلا حضور سليمان

أيها الحبيب إني لم أر طرباً في الكونين بدونك

لقد رأيت كثيراً من العجائب , ولكنني لم أر عجباً مثلك ولم أر محروماً من

نارك سوى أبا لهب

ولكم وضعت أذن الروح على نافذة القلب , و سمعت كلاماً كثيراً ولكنني لم أر شفتين

لأنك كثيراً ما تنثر رحمتك على عبدك دون توقعٍ وبدون طلبٍ منه

ولم أر سبباً لذلك  سوى لطفك الذي لا يحد .

أيها الساقي المختار , يا من أنت مني بمنزلة عيني , مثلك لم يجئ في العجم

ولا رأيت نظيرك في العرب , صبَّ لي كأساً من  الخمر ما أتخلص به من

ذاتي فإني لم أر في الذاتية والوجود سوى ال

View thana-darwish's Full Portfolio
د. إياد قحوش's picture

نتسلق على أشعتك لنخرج من كوة جهلنا

شكرا لتعبك ولانارتنا

بحب

اياد

صبحي درويش's picture

الشاعرة المبدعة ثناء درويش
قرأت بفرحة بالغة، ونشوة عارمة ،مقالك الرائع عن مولانا جلال الدين الرومي الذي يدعو الى الحب والعاطفة دعوة سافرة ويذكر عجائبه واحترام الانسان والانسانية.وما تكتبين أيتها المكرمة ينم عن ذوق مرهف وحساسية عالية للبيان الساحر وادراك دقيق لمواطن الجمال فيه فضلا عن عن الثقافة الواسعة والحس النقدي الرفيع وحسبك بهذه الصفات دلالة على الموهبة الادبية العالية.
وكل عام وأنت بخير يا شاعرة الحب والعشق الالهي
ومع كل المودة والتقدير
صبحي درويش

د. فاروق مواسي's picture

استمتعت بهذه الدرر…. وبهذا التقديم الناصع ، فعليك السلام ، ولك الثناء يا ثناء !

بريهان قمق's picture

الغالية اليمامة ثناء الصديقة …
آه لصاحب الناي .. آه لو كانت شفتاي تقترنان / بشفتي حبيبي , إذاً لكنتُ كالناي / أقول ما ينبغي قوله /فكلّ من فرّقه الدهر عن أهل لسانه, يصبح بلا لسان حتى و لوسمع له مئة صوت ..
ما يدهشني قلة الترجمات العربية عن هذه الشخصية الفذة في نارية عشقها الصوفي التي تمتلك مقدرة سحرية في مخاطبة ارواحنا ، رغم انتشار شهرته امريكيا وعلى مستوى ثقافي واكادمي رفيع المستوى ، الى حد مذهل خلال سنوات لاتزيد عن الخمس عشرة ، وحسبما تقول مصادر متعددة فقد فاقت مبيعات دواوينه المترجمة انجليزيا مبيعات دواوين أي شاعر آخر في الولايات المتحدة . والمؤسف أن ما يصلنا عن حياته وخبراته الروحية والصوفية ونتاجاته الابداعية في غالبيتها ترجمات عن اللغة الانجليزية وليس الفارسية ..
وعلى ما يبدو ان الاستعداء السياسي لايران والخلاف المذهبي ادى بالاطاحة بالكثير من الرموز الابداعية والثقافية مما ي/جعلنا عربيا نخسر الاطلاع المعمق للتجارب الانسانية العظيمة المجاورة والملاصقة لثقافتنا ..
الغالية ثناء اهنئك على هذه الدراسة التي اعتبرها اضافة مهمة للثقافة العربية كما اهنئك على الاسلوبية الفنية الممتعة ذات الانفاس التراثية ..
ودوما سعيدة بجديدك وفخورة بانجازك ..
بكل محبة ..
بريهان

د. محمد جاهين بدوي's picture

الشاعرة الملهَمَة والملهِِمَة ثناء
لك كل تحيتي وتجلتي:
تالله إن يراعة الشاعرة العاشقة، الغارقة في محيطات الأشواق والأذواق هي التي عزفت هذا اللحن الآسر، وقبست من وهج شموس الروح نغماته وكلماته، ونظمتها في سلك المواجيد عناقيد عناقيد من التنزّلات والفيوضات والتجليات، هنيئًا لك هذه ” الحالة الصوفية” الإشراقية الحميمة في هذا الطرح الإبداعي المتميز، الذي ردّني إلى سنوات من حياتي مضت قضيتها بصحبة خليليّ: ابن عربي وابن الفارض باحثا في مرحلة الدكتوراه، حول شعر الحب بين السلطانين.
وهنيئًا لجلال الدين هذا التعاطف والعشق الضافي من أميرة القوافي.
لأدبك تحية ” محب ” بقلب ” مُرِيدٍ ” عميد.
د. أبو شادي
gaheenbdawy@hotmail.com

أوزجان يشار's picture

العزيزة ثناء

مقال رائع تمتعت بمطالعته.

محبتي

أوزجان يشار

زين العابدين اليساري's picture

الأخت والصديقة المبدعة المتميزة تناء:
الإبحار عبر اللغة قصد الحلول والإمتزاج بالذات في علاقة يؤطرها الوجدان والعقل يجعل القارئ يتلدد وهو يقبض على المعنى الهارب بين أرخبيلات تمتد وتتقلص حسب اللحظة...
تحياتي العميقة مع احترامي
أخوك زين العابدين اليساري