أشياء الليل



لا تتركيني شارداً خلف الرُّؤى

فالليل في شفتيكِ

أقصر من قُبلتي و جنوني

لا تتركي جسدي المُعلّق بين أنفاس الغروبِ

لحظةَ النـَّزْفِ الأخيرِ

إذا ما غفوتُ قليلاً

قُرب الشاطيء البلّوريّ في شفتيكِ

فأنا و قلبي رملُ جزيرةٍ

ستغرق بعد حينْ …



***



بعض النوارسِ حلَّقتْ في أُفْقِ ذاكرتي

سأدعوها إليكِ

ستحملنا على جسر النشوةِ الآيلِ للتلاشي

سنشرب قليلاً

و نضحك قليلاً

قبلَ أن يختارَنا الزمانْ

لحفلِ تأبينِ المساءْ …!



***



لا رعشةٌ عذراء في الأُفُقْ

لا ضحكةٌ في الغيمِ

لا مدى

أصفر هذا الليلِ

كالحُمّى

كالقلقْ

بل أَسوَدُ كالتقاء النجومِ

كارتحالِ الأخضرِ فجأةً

كانتحارِ الحرف على أبواب القصيدةِ

كاندفاع الموت في الطُّرُقْ …



***



جلستُ قُربَ البحرِ في عينيكِ

أكتبُ فكرةً عنكِ

عن خَدِّكِ الحَبَقْ

عن رحلةِ النِّيلِ في عروقكِ الزرقاءْ

عن نبيّ النظرةِ المائلة

عن مأساة آدمَ في تُفاحةِ الشفتينْ

عن طَعمِ الطفولةِ في العُنُقْ

عن معبد الأُولِمب الذي

شيّدتُهُ ليلاً على تلال الصدرِ

و اعتكفتُ به زمن قصيدةٍ

و غفوتُ أحلمُ بالمطرْ



***



أكتبُ

عن كرز الماءِ في شَعركِ المسكونِ بالشيطان

عن نهدِكِ الموشومِ بالفوضى

و سلطانِ الخَدَرْ

عن بعض الأناقة في البكاءِ

و في الدوارِ و في السعال

فابتسمتِ

و ارتميتِ بشعركِ الغجريِّ

فوق ساعدي الموشومِ بأتربةِ السّفرْ

و عندها ضحكتِ

و ضحك البحر قليلاً

تنفّسَ موجاً مالحاً

و ابتلع الشاعرَ و الوَرَقْ …



***



لا تتركيني أُؤمنُ

بهذا البحرِ في عينيكِ

و هذا الإله الذي تأوَّهَ لحظةَ القُبلة

و هذي الفردوس التي غنّيتِها لي

حين أرحتُ ذاكرتي قليلاً

بين كفّيكِ

و دخلتِني

شلال أحلامٍ ترسله السماءْ

أيقظتِني بقُبلةٍ أُخرى

فآمنتُ

و من كان مثلي

يموت لحظةَ الإيمانْ



***



ما بالُ هذا الشوق يمرض داخلي ؟

يغتال تَوحُّدي

يفُضُّ بكارَ قصائدي

يجتاحني كلحظةِ الحنين

يحزن كالمدينةِ الثَّكلى

إذا ما حطّت الغِربان على أكتافها

و ارتداها صمت الظهيرةِ الثقيل

و احتلّها الإطراقُ فجأةً

و احتبست دمعةً

و راحت ترقب الريحَ

كيف تَهزُّ قبورها المتعَبة

و لملمت حنينها

و ناحتْ داخلي …



***



الدرب في عينيّ يُتعبه الرجوعْ

و الدرب في شفتيكِ صراطٌ مستديرْ

نعم

تهاويتُ بعض الشيء حين تقاطعت نظراتنا

و نظمتُ في عينيَّ بعضَ قصائدَ التّـيهِ

و نِمتُ قليلاً في جرح الذاكرة

نزفتُ حالةَ العِشقِ القديمةِ

تلك التي نسيتُها ليلاً

قُبَلاً مُعفَّرةً

فوق جبين حبيبتي الأولى

و هكذا

صرتِ أشكالي المبعثرة

صِرتِ مشكلةً للّيلِ

و صار الوقتُ جنازتي



*****

View osama73's Full Portfolio
Madame Punjabi's picture

ومن ناحية ممتاز ، عظيم للكتابة. الحب يأكل لي بسببك.
Excellent hand, great for writing. Love eats me because of you.