جلال الدين الرومي





  أحلى الكلام                أحلى الكلام                أحلى الكلام









من ديوان شمس تبريز





تجلى بوجهك أيها الحبيب .. فإن مناي الحديقة وبستان الورد



وافتح شفتيك فإن مناي الشهد الكثير.



أيتها الشمس أميطي عن وجهك نقاب السحاب .. إن أملي تلك الطلعة



المشرقة الوضّاءة ..



لقد سمعت من هواك صوت الطبول  تقرع للسطور فرجعت



لقد قلت في دلال : اذهب ولا تتبعني أكثر من ذلك وقولك لي هذا هو غاية



أملي



ودفعك لي قائلاً اخرج إنّه ليس في المنزل.. كذلك دلّ حارس الباب وكبره



وخدنه .... كلّ أولئك آمال أرتجيها



أيتها النسائم العبقة التي تهبّ من بستان الحبيب .. مرّي علي فإني مؤمل



بشارة  الريحان



إن خبز هذا العالم ومائه كسيل لا وفاء عنده .. وأنا حوت عظيم وليس لي



أمل إلا بحر عُمان .



وإني أردد دائماً عبارات الأسى مثل يعقوب ..ذلك لأن أملي وجه



يوسف المليح .. والله ما المدينة بدونك إلا سجن لنفسي .. فليس لي أمل



سوى الحيرة بالجبال والصحارى



بل إن أملي أن أمسك كأس الشراب بيد وشعر الحبيب بالأخرى وأن أرقص



على هذا النحو وسط الميدان



ما أشد ضيقي بهؤلاء الرفاق ذوي العناصر الواهية .



إنني أريد أسد الله . أريد جلال الدين بن سنان .



إن في يد كل موجود فُتات من الحسن لكن أريد منجم الملاحة كلّه  ..



ومهما كنت ُ مفلساً فلن أقبل نثار العقيق فلا رجاء لي إلا منجم العقيق



النادر المتلألئ ..



وأنني من هؤلاء الخلق لمليءٌ بالشكوى باكٍ ملولٍ



ولهذا أريد صياح السكارى أريد ضجيجهم



لقد أصبحت روحي ضائقة بفرعون وظلمه..  ولهذا فإن أملي نور وجه



موسى بن عمران .



لقد قيل لي أن هذا لا يوجد ولقد طال بحثنا عنه ذلك الذي لا يعثر عليه ..  



إنني أصدح مثل البلبل ولكن من  الحسد العام خُتم على لساني وما أملي



إلا النواح .



بالأمس كان الشيخ يحمل سراج ويطوف بالمدينة  قائلاً لقد ضقت



بالشياطين والوحوش إنني أنشد إنساناً



بل إن أمري قد خرج عن كل حنين وكل أمل .



إن أملي أن أودع كل كون وكل مكان متجهاً نحو الحقيقة..  نحو الحبيب



فهو هناك محتجب عن العيون  .. ولكن  كل المرئيات من فعله



لقد سمعت أذني قصة الإيمان فسكرت بها .  فلتقل أن الإيمان بذاتي



وكنهي هو  أملي ورجائي.  



أنا قيثار العشق والعشق قيثاري ولي أمل في يد  عثمان وصبره وأنغامه .



وهذا القيثار يحدثني قائلاً : إنني من شوقي الدائم أرجو ألطاف رحمة



الرحمن .



ولتجلو لنا يا شمس تبريز ومفخرها مشرق العشق فإني أنا الهدهد ..



وما رجائي إلا حضور سليمان ..



أيها الحبيب إني لم أر طرباً في الكونين بدونك



لقد رأيت كثيراً من العجائب ولكنني لم أر عجباً مثلك ولم أر محروماً من



نارك سوى أبا لهب ..



ولكم وضعت أذن الروح على نافذة القلب و سمعت كلاماً كثيراً ولكنني لم



أر شفتين



لأنك كثيراً ما تنثر رحمتك على عبدك دون توقعٍ وبدون طلبٍ منه



ولم أر سبباً لذلك  سوى لطفك الذي لا يحد .



أيها الساقي المختار يا من أنت مني بمنزلة عيني مثلك لم يجئ في العجم



ولا رأيت نظيرك في العرب . صبَّ لي كأساً من  الخمر ما أتخلص به من



ذاتي فإني لم أر في الذاتية والوجود سوى التعب يا من أنت اللبن والسكّر



.. يا من أنت الشمس والقمر .. يا من أنت الأم والأب .. لم أر نسباً سواك



ولا أريد نسباً سواك يا شمس تبريز .



أيها  العشق الذي لا يزول أيها المطرب الإلهي إنك أنت الملجأ والظهير



وما رأيت لقباً يفيك حقك .



نحن قطع من الفولاذ أما عشقك فمغناطيس



وأنت الأصل في كل طلب يجذبنا إليك وليس ذلك في نفوسنا . فلتسكت يا



أخي ولتدع حديث الفضل والأدب فلست أر أدباً عندك ما دمت دائباً على



حديث الأدب



فيا شمس الحقّ التبريزي يا أصل أصل الروح إني لم أر ثمرة واحدة إلا



في بصرة وجودك



كيف لا يحلّق الروح حينما يأتيه من جناب الجلال خطاب اللطف حلوٌ



كالسكّر يناديه تعال .



كيف لا يقفز السمك متعجباً من اليابسة إلى اليم حين يطرق سمعه صوت



الأمواج من البحر الزلال



ولماذا لا يطير الباز عائداً إلى سلطانه عندما يسمع نداء العودة تردده



دقات الطبول



لماذا لا يرقص كل صوفي كالذرة في شمس البقاء حتى تخلص من الزوال



أيكون بمثل هذا اللطف و الإنعام بالحياة ويعبر عنه إنسان..



ألا ما أعجب هذا الشقاء والضلال



لنطر .. لنحلّق أيها الطائر نحو معدنك حتّى تخلص من القفص وتصبح



كا لبازي..  خوافي وأقدام ..



ولترحل من الماء الملح نحو ماء الحياة ولترجع نحو صدر عالم الروح



تاركاً موضع صفّ النعال

لتذهبي .. لتذهبي أيتها النفس ... وإننا أيضا ً لقادمين من عالم الفراق إلى



عالم الوصال



إلى متى نحن في التراب .. نملأ جحورنا بالتراب والحصى وحطام الخزف



فلنرفع أيدينا من التراب ولنحلّق نحو السماء ولنهرب من الطفولة إلى



مأدبة الرجال



ألا فلتنظر كيف أن الهيكل الترابي مثل حقيبة أحاطت بك .. فلتمزق هذه



الحقيبة ولترفع رأسك منها



.. ولتقبض على هذا الكتاب حتّى لا تعصف به الرياح ..



فأنت لست طفلاً لا يدري



إن الله قد أمر رسول العقل أن يمضي كما أمر يد الموت أن تفرك أذن



الحرص



فسمعت الروح نداءً يهتف بها : اذهبي إلى الغيب ولا تنوحي بعد اليوم



خذي الكنز والنوال.



فاهتف مغادراً وارفع صوتك قائلاً : إنّك أنت السلطان



وإن لك لطف الجواب كما لديك علم السؤال .





   والحمد لله ربّ العالمين.



*ثناء درويش*










View thana-darwish's Full Portfolio