تطور





أفكار              أفكار             أفكار










يقال أن القصة لم تبدأ بعد



ويقال أن كل ما جرى ويجري على الهامش



أو مقدمة لابد منها



ويقال أن حلمنا أو نوايانا تعجل ببدء القصة



تخط سطورها



وتختار أبطالها وأحداثها ونهايتها السعيدة



لكن هناك ممحاة بيد إرادة خفية



تمحو السطور التي يخطها قلم لم يتقن عمله



وفكر لم يحسن الحلم أو النية



كيف ذلك ؟



اسمعوا معي هذه الحكاية يقصها علينا دارون بشاعرية و معاصرة :





بعد سلسلة من التطور



ومنذ دهور



وصل الأمر إلى الأسماك



أصاب نوع منها الضجر



وبدأت تتأفف من الماء الذي يحيط بها



وقد أحست أنها أسيرة له لا تستطيع فكاكا



وسمعت يوماً عما يدعى اليابسة



فتاقت لمعرفتها



لا بل أكثر من ذلك



حلمت أن تعيش عليها



حلمها صار هاجساً ملحاً



وإذا بالنية الخفية القوية تستحيل واقعا



لقد بدأت زعانفها تختفي



وتحولت لشراغيف بأذيال للسباحة



وشيئاً فشيئاً اختفت أذيالها ونبتت لها أطراف قصيرة



وسرعان ما قفزت لليابسة بعيون مليئة بالفرح والدهشة



وسط حسد باقي الأنواع من السمك



وربما وسط لا مبالاتهم .





أمضت الضفادع دهوراً أخرى



تتنقل بين البر واليابسة



تحس برقيها عن أسلافها الأسماك



لكنها بنفس الوقت بدأت تحلم بالاستقرار



فكانت الزواحف



قالت الزواحف بعد زمن طويل ممل



وهي تتطلع للسماء :



لماذا تكون خاوية من المخلوقات



بينما تغري بالتحليق بها



وكبرت الرغبة إلى درجة استحالتها لواقع



نبت لها جناحان صغيران



وغطى الريش ذيلها ليناسب الوسط الجديد



فطارت مخلفة باقي الأنواع من الزواحف شاهدة على تطورها





وكالعادة لا يقنع قانون التطور بنهاية



وإذا بنوع من الطيور ينهد ويأمل أن ينزل إلى اليابسة



وقد أنهكه الطيران وحلم بالاستقرار



فكان له ما أراد



وبدأت مسيرة التحول والتطور لتظهر الثدييات التي تدب على أربع





إذا لم يعجبكم تعبير نية



استبدلوه بميل فطري للتحول



ولا تخفوا سؤالاً



من أوعز لمثل هذه المورثات عند هذه الأنواع بالذات



أن تبدي تلك النزعة الفطرية للتطور دون سواها





لا تفتحوا عيونكم استنكارا



ولا تقطبوا الجبين



وأنتم في الطرف الآخر لا تصفقوا انتصاراً



لا .. لا أقول أن أصل الإنسان قرد



لأن الاختيار منذ البدء كان



وتم تحديد النوع الذي سيمشي على قدميه



فكان أول الفكرة وآخر الصنعة



ويوماً ربما تكشف المورثات هذه القصة الغامضة



ربما تكشف عن تلك المورثات التي انتقلت من جنس لآخر أثناء عملية التطور



فالسر ..كل السر في المورثات



وفي شريط أحادي



ذو جديلتين



وترتيب ثلاثي



لأربع أسس



نسميه الشفرة الوراثية





المهم نفخت الروح أو الوعي في ما أصبح يدعى إنسانا



والذي اختير ليكون بطل القصة القادمة



لأنه وحده كرم بالعقل على العالمين



وبدأت مسيرة اللغة عبر عصور



ومعها مسيرة الوعي والمعرفة





هل انتهت القصة



إذا كانت قد انتهت ..



فهي نهاية بليدة ولا معنى للقصة منذ البداية ولا لقانون التطور



وإذا كانت لم تنته



فأنا أؤمن أن نيتنا بوضع نهاية تليق بها ستتجسد



فإذا كان قانون التطور تحكم واختار سلالة بعينها ليرقيها



عبر كل هذه العصور



فإنه ما إن بدأ الوعي والإرادة التي هي من روح الله وإرادته



حتى بدأ الإنسان يقود هذا القانون للغاية المرجوة



ولا أتحدث هنا عن تطور تكنولوجي



الذي اساسا يرافق التطور الروحي ليخدمه – كما أرى –



وإن حمل معه الويلات



فربما هي قرابين ..



وحينها إذا اختار هذا القانون سلالة معينة من البشر ليرقيها



وهو ما سيدعى إنساناً حقيقة



فسنكون قد ساهمنا في ذلك الاختيار اختيارا وطوعا





وأقف لأتساءل مثلكم



هذا الدماغ الذي بقي تسعون بالمائة من خلاياه بدون عمل حتى الآن



ما طبيعة عملها القادم



كيف سيكون شكل الإنسان القادم وطريقة إحساسه وتفكيره



هل سيكون بجسد له نفس كثافة جسدنا



هل سيحقق حلم الإله



هل سيكون الميزان والصراط والكمال



ويظل السؤال يدور دون جواب مقنع





لكنني أتساءل من جديد :



ما معنى الإيمان



وكيف يصل الإنسان لدرجة الاطمئنان والسكينة



فلا تشوشه مثل هذه الأسئلة



أليس عندما  لا يشغله غده عن يومه



بمعنى أن يعنى بنظافة نفسه ليضمن سلامها الداخلي



وينعكس هذا السلام على حياته كلها



فيكون خلية في جسد إنسان الغد



أم أن غاية المعرفة مجرد لذة الاكتشاف





اعذروا خيال شاعرة



ولغة تفتقر للأدلة والصياغة العلمية



تترك الأفكار هائمة بدون ملامح



شأن الدين والأسطورة



فربما يحتاج العلم لخيال أيضاً



وإذا التقينا من جديد



وليته يقبلنا



لن أقول شيئاً لكم



يا من تعيبون علي حلمي



بل سأفرح ... فقط



وإن كان كل ما أقول محض خيال



ولن أكون إلا كومة من عظام نخرة – كما يرى البعض -



لا بل عناصر أبسط في جسد ما



– وطبعاً لا أؤمن بنهاية أخيرة لنا كهذه -



سأفرح أيضاً – الآن -



لأن الحلم جمل لي الحياة



وجعلني أتقبل الموت برضى







*ثناء درويش*












View thana-darwish's Full Portfolio
ماجدولين الرفاعي's picture

كلماتك الصديقة ثناء تشهد بابداعك
لهذا ساقرا بصمت
دمت متالقة في كل مكان
ماجدولين الرفاعي
www.thkafa.com

د. محمد جاهين بدوي's picture

أخت شوقي ووجدي ثناء:

يا أُخْت رُوحِي..والنجوى مُرَاسَـلَةٌ...
عَبْرَ الدروب وسِرّ الكَافِ والنُّـونِ.
حبّي لشِعْرِكِ.. لا أوزانَ تَحملُــهُ...
إنْ جَنَّ ليلي..فحرفٌ منه يَهْدِيـني.
كُونِي كما أنت يا نَجْوَايَ عاشِقَـةً...
فالعشْقُ عِنْدَكِ نَارٌ منه ترويــني.
خَلِّ الخَلِيلَ قَرِيرًا وَسْطَ أبْـحُــرهِ...
ورقْرقِي الضَّوْءَ مَنْظُـومًا بِتَلْحِيـنِ.
دُومي ثَنَاءُ رِبيعًا دائـمًا خَضِـلاً...
يا آيةَ المِسْكِ فَاحَتْ من بَنِي الطِّيـنِ !

أخوكِ.. أبو شادي

فاطمة بو زيان's picture

ثناء
انت شاعرة عا لمة وعالمة شاعرة
لهذا يحصل ان نفكر هكذا
انت فكرت وعبرت
و تستحقين الشكرعلى التفكير والتعبير الانيق
محبتي

د. فاروق مواسي's picture

ثناء يا ثناء !
ما هذا الرد الوضاء .....
أبدعت وأمتعت

إياد قحوش's picture

أما أنا فأريد أن أعود الى الماء
أسبح مع أسراب السمك والدلافين
أحس بروح الجماعة
أشعر بأن هذا السجن الكبير هو بيت الكل
حيث الكل يأكل من مطبخ واحد
ويشرب من بئر واحد
ويلعب في ملعب واحد
أريد الهروب من هذا التطور المتخلف
أنا أعترف أن خطيئتي كانت
أني أكلت من شجرة المعرفة
أو كما نظن أنها شجرة المعرفة
ولكن ماذا فعلت بنا هذه الشجرة
جعلتنا نطرد ثلث سكان الأرض من بيوتهم
وهاهم مشردون من فلسطين الى العراق الى فيتنام وليبيريا
جعلتنا نقتل.. ولو تنطق القبور لفضحت أسرار الدول والحكومات والمنظمات
جعلتنا نبجل القوة والظلم والقهر
فكل سلطة مزيفة وكل قانون هو وسيلة أخرى للتجبر والاهانة

فقط عندما نشوه العقل الذي شوهنا وعندما يغمرنا الجنون
نستطيع أن نصرخ في وجه الجلادين كفى
نستطيع أن نقف في ساحة الأرض ونطالب بالمحبة
عندها فقط نستطيع أن نعد أطفالنا بحياة تضج بالحياة

هذا العقل يا صديقتي ثناء
كان المسمار الأخير في نعش ملكوتنا ..
أريد أن أعود الى الماء
فاني أرى فيه ظلا لكوخ تركناه في السماء

أذكر أنني كنت سمكة صغيرة
حملتني جارتنا الى البيت عندما ضللت طريقي
كنت أنام في الطريق أحيانا
وأحيانا كنت أسافر مع والدي الى أفريقيا
سمك أفريقيا أسود الحراشف
ومرات سافرنا الى الصين
والسمك هناك أصفر
ومرات الى أوروبا حيث السمك أشقر اللون
لكن مع اختلاف ألواننا كنا جميعا نملك قلبا أبيضا كالثلج
واتفقنا على العيش معا
وها نحن نعيش صفرا وسودا ومن جميع الألوان معا

مرة قالت لي جدتي الحرشوفة ..هكذا كانوا يسمونها :
يا حفيدتي
خيرات البحر للجميع
وبالمحبة فقط نتقاسمها
أما اذا استعمل أحدنا هذه الكتلة الصماء في الرأس
فسنموت
ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش
ورأسي مطفأة أنواره
وقلبي يقودني
وأنا جد سعيدة

بحب

اياد

بريهان قمق's picture

الغالية ثناء ..
نثرك المنثور هاهنا راح لما راح اليه لوجع قد اصاب .. ربما سهم ربما حجر .. ربما كلام ..!؟؟ لا ادري لكنه ذات الاشكالية في اختلاف المفاهيم والثقافات تتصادم لا تتنافذ
يؤلمني هذا الامر كما يؤلمكِ ..
احببت هذا الاستحضار لتاريخ الحيّّ
بعد يا صديقتي المشورا طويل
منذ كرِّ الذريَّات البشرية الأمَّهات الأولى...
ومع حتمية انغلاق الروح في المادة، ومع ضرورة اختبار الإنسان لكلِّية وجوده الأرضي، انقسمتِ الوحدةُ الأصلية إلى مؤنث ومذكر لا يهم تفاحة اكلا ام سفرجل ان فراولة ..
لحكاية الضلع او الفرع والاصل لان الاصل في كليهما أو هكذا أعتقد بناء على التطور البيولوجي للكائنات الحيّة ووفق نظريات شديدة التأثير ..
ها قد نثرتها ايتها الجميلة ..
فاكملي نقر النافذة فجرا كي نتابع سبحات الاستفهام ...
واتركِ على بوابتكِ بيتا شعريا لشيخنا الاكبر
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدًا
وأنا اعتقدتُ جميعَ ما عَقَدوه
..
واعتقدان المشوار بعد طويل.. فالصخرة كانت ذات يوم انا
وعليها ان تتفت من جديد ..
فالحقي بقلبكِ هناك كل الاسرار ..
رغم خربشات الفجر هذه
لكِ خالص محبتي
بريهان