الديك

الديــــكْ





في حارتنا..

ديكٌ ساديٌّ سفّاحْ.

يَنتُفُ رِيشَ دَجاج الحارةِ.. كل صباحْ.

يَنقرهنّ.. يُطاردهنّ.. يُضاجعهنّ.. ويَهجرهنّ..

ولا يتذكر أسماءَ الصيصانْ!





في حارتنا..

ديكٌ يَصرخُ عندَ الفجر كشمشون الجبارْ.

يطلق لحيته الحمراء.. ويَقمعنا ليلاً ونهارْ.

يَخطبُ فينا.. يُنشد فينا.. يَزْني فينا..

فهو الواحدُ. وهو الخالدُ.

وهو المقتدرُ الجبّارْ.





في حارتنا..

ديكٌ يلبسُ في العيد القوميّ لباس الِجنرَالاتْ.

في حارتنا..

ثمةَ ديكٌ أميٌ. يرأس إحدى المِيليشيّاتْ.

كان يَبيع ثياب أبيهِ.. ويرهن خاتمه الزوجيَّ.. ويسرق حتى أسنانَ الأمواتْ.





في حارتنا..

ديكٌ عصبيٌ مجنونْ.

يَخطبُ يوماً كالحجّاج.. يَمشي زَهْواً كالمأمونْ..

يَصرخ من مئذنة الجامعِ:

(يا سُبحاني.. يا سُبحاني.. فأنا الدولةُ والقانونْ)!!.





حين يمرُ الديكُ بسوقِ القريةِ..

مَزْهواً، منفوشَ الريشْ.. وعلى كتفيهِ تُضيء نَياشينُ التحريرْ.

يصرخُ كلُ دَجاج القرية في إعجابْ:

(ياسيدنا الديكْ)

(يامولانا الديكْ)

(يا جنرالَ الجنسِ.. ويا فَحلَ الميدانْ)

(أنت حبيبُ ملايين النِسوانْ)

(هل تحتاج إلى جاريةٍ؟)

(هل تحتاج إلى خادمةٍ؟)

(هل تحتاج إلى تدليكْ؟)





حين الحاكم سمع القصةَ..

أصدر أمراً للسياف بذبحِ الديكْ.

قال بصوتٍ غاضبْ:

(كيف تجرأ ديكٌ من أولاد الحارةِ)

(أن ينتزع السلطةَ مني..)

(كيف تَجرأ هذا الديكْ؟)

(وأنا الواحدُ دون شريكْ)!




Author's Notes/Comments: 

نزار قبّاني

View tariqasrawi's Full Portfolio