بقايا مايو: خيانة و"بغال كربونيّة"... ومطر ممنوع (!)





بقايا مايو: خيانة و"بغال كربونيّة"... ومطر ممنوع (!)



بقلم: أمين الإمام*



أيّام الله سبعة، وحكمة خالق الكون في "السبعة" (كرقم). لكنّ هناك يوماً "ميتافيزيقيّاً" ثامناً، إذ ليس ضروريّاً أن نعرف اسمه، كنهه، وارتباطاته. المهم أنّه بصيغة أو أخرى، يمكن أن نقنع أنفسنا، بأنّ إضافة ذلك اليوم لحساباتنا "الفذلكيّة"، وليس "الفلكيّة"، يمنحنا فرصة أن نطرق باب المستحيل قليلاً، مثلما نبحث عن "العين الثالثة"، و"الجهة الخامسة"، و"الحسّة السادسة"، وكلّ ما يمنح خيالاتنا الثرّة، المزيد من الإيغال في الـ"ما ورائيّات"، والأبعاد "الرؤيويّة" اللا محسوسة.



أدرك تماماً، أنّني شطحت قليلاً. يقيني أن يفهمني بعضكم، حينما أطلب لفت انتباهكم، لبعض ما حدث، في بقايا الأيّام الثمانية، من شهر مايو، الذي انتهى لتوِّه، عبر ما يأتي من سطور، أو مشاهد (فهي صور أكثر منها كلمات!):



....(1)....

خاف زعماء الكُتل السياسيّة السودانيّة "الجدليّة" الثلاثة (الأُمّة، الاتحادي، والحركة الشعبيّة)، من الالتقاء قاهريّاً، في يوم الأحد تحديداً، وقدّموا موعدهم 24 ساعة، للالتقاء في السبت. والأمر ليس به اتقاء شُبْهات اليومين الدينيين لـ"اليهود والنصارى"، بعد أن فاتتهم فرصة الالتقاء في "جمعة المسلمين"، لأن السبت يوافق 24 مايو، أمّا الأحد يُعيد ذكرى "25 مايو". ويا خوف ذلك الثالوث، من شُبْهة ذلك التاريخ المايوي "السادن" (!).



السادة: المهدي، الميرغني، وقرنق (كلّهم "سادة" في هذا الزمن، ومن أراد أن "يلوِّن"، فهو حرّ!)، خرجوا بما أسموه "اتفاق القاهرة"، في محاولة لإحضار "الغائب" الذي عاد (مصر)، في إطار مخيف نسبيّاً، لحكومة "الفريق الرُكْن"، والنتيجة على ما أظنْ: "......." ("عبّوا" هذا الفراغ بما تشاؤون!).



....(2)....

الأيّام السبعة الأخيرة من مايو (ما بين الأحد 25/5، والسبت 31/5)، مُنع فيها المطر بـ"أمر رئاسي"، في مدينة سان بطرسبورج الروسيّة (مدينة القياصرة)، وليس في الأمر مزحة (!).



بالفعل أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لما ذكرته صحيفة "التايمز" البريطانيّة، عبر تعليمات جادّة، أن يكون طقس تلك المدينة معتدلاً، خلال احتفالاتها بعيدها الـ300، حتّى يتمكّن السيّاح والرؤساء (بما فيهم العظيم "بوش"، والشامخ "بلير"!)، الاستمتاع بطقس جاف، أثناء مراسم الاحتفالات، في الهواء الطلق.



ماذا فعلوا لاستبعاد أو "منع المطر" (؟).



قال عالم الفيزياء الروسي، فلاديمير ستيبانينكو: "نعمل على تبديد الغيوم، وتنقيتها من الأمطار، قبل أن تصل سان بطرسبورج، من خلال استخدام 10 طائرات، مزوّدة بمواد ترشّها، لتفي بذلك الغرض، الذي يبعد الأمطار عن المدينة، حتى لا ينزعج ضيوف الاحتفال" (... ولا تعليق!).



....(3)....

تسأل "السُمْر" في جميع أنحاء العالم: ما رأيكم في بوب مارلي، ستيفي واندر، ليونيل ريتشي، مريم ماكِّبا، ويتني هيوستن (وغيرهم)، تكاد تسمع إجابة متشابهة: "كم نحترم هؤلاء المشاهير السود"، ليبقى مايكل جاكسون المُستثنَى الوحيد (تقريباً)، لمّا تنكَّر لـ"سُمْرته"، و"زُمْرته".



خانت المغنِّية الأمريكيّة ويتني هيوستون - برفقة زوجها المغنِّي السابق بوب براون - كلّ أحبابها "السُمْر"، عبر زيارتها المفاجئة لإسرائيل، يوم الأحد الماضي (25/5)، بدعوة من طائفة "العبرانيين السود"، وهي تقول في مطار تل أبيب: "أشعر بشرف كبير لوجودي هُنا". وقد ذهبت هيوستن إلى مدينة ديمونا (مدينة المفاعل النووي)، حيث يستقرّ "العبرانيّون السود"، وهم طائفة من الأمريكيين السود، الذي يؤمنون بـ"اليهوديّة" بشيء من التشدُّد، حيث يدّعون أنّهم وحدهم (وليس يهود الأرض المحتلّة، ويهود العالم)، سلالة اليهود القُدامى، وهم يؤكِّدون أنّ أنبياء اليهود من السود، وأنّ إسرائيل القديمة كانت "سوداء"، وأن قناة السويس، ما هي إلاّ ثغرة صنعها الإنسان الأبيض، لفصل إسرائيل عن إفريقيا السوداء (‍!).



المهم، خانت هيوستن أحبابها، وزارات إسرائيل عبر ذلك مجتمع "العبرانيين" الشاذ، الرافض للقوانين، العاشق للفوضى، وتعدُّد الزوجات (بدون ورق رسمي لزواج أو طلاق، ودون حدٍّ أعلى!)، لتزور يوم الثلاثاء 27 مايو، رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في منزله (مع أنّها رفضت مصافحته!).



في اليوم الذي زارت فيه هيوستون منزل شارون، صدح المغنِّي الأوبرالي الإيطالي لوسيانو بافاروتِّي، في مدينة مودينا الإيطاليّة، بمشاركة مجموعة من نجوم الغناء العالميين (ليونيل ريتشي، ريكي مارتن، بونو، كوين، أندريّا بوتشيللي، وليزا مينيلي "مع أنّها مريضة في مدينة أخرى")، لصالح اللاجئين العراقيين.



ما أعظم الفرق في الأهداف، بين حنجرة وحنجرة (!).



وما أوسع مسافة "الرؤيا"، بين مودينا وديمونا، رغم تشابه الحروف (!).



....(4)....

ما بين مدينتي الكويت وبيروت (كلّ صناعة المفارقات هُنا)، تابعوا ما حدث، خلال يومين متتاليين، فما حدث "شاذ جدّاً":



الاثنين 26 مايو: رفع شاب كويتي، دعوى قضائيّة عبر محاميه، من أجل تغيير جنسه، من ذكر إلى أنثى. هذا الشاب ذو 25 ربيعاً، الذي يشعر منذ صغره بالانتماء لـ"الأنوثة"، مع أنّ أوراقه الثبوتيّة تثبت "ذكوريّته"، تطبّع بـ"طبع النساء"، إلى أن أجرى جراحة في بانكوك، قبل نحو 8 أشهر، استأصل فيها كلّ ما هو ذكوري، وكبّر ثدياه. وأصبحت مشكلة ذلك الشاب الكويتي (كما يصنِّفها هكذا!)، في أنّه الآن أنثى، وأوراقه الثبوتيّة لـ"ذكر"، لهذا رفع دعواه القضائيّة، وأشغل المحاكم وأقام الدنيا وأقعدها، وكأن قضايانا كلّها انتهت، ولم يبقَ غير هذا الشأن "الشاذ"، ليتصدّر أخبار الصحف (!).



الثلاثاء 27 مايو: حضر أحد المرضى، إلى مستشفى الجامعة الأمريكيّة في بيروت، برفقة والدته، بغرض إجراء جراحة، بسبب التهاب في المسالك البوليّة. وبعد يومين، سألت والدة المريض الطبيب المختص، عن نوع الالتهاب الذي يعانيه ابنها، ففاجأها بأنّه لا يشتكي من أي التهاب، وإنما جاء لتغيير جنسه إلى أنثى، لتصاب تلك السيِّدة بالإغماء. ولمّا أفاقت، وجدت الولد/الأنثى قد هرب (!).



ما رأيكم في هذا الفراغ التافه و"الشاذ" (؟).



....(5)....

في يوم الأربعاء 28 مايو، فَرِح القائمون على متحف "مدام توسو" للشمع، في مدينة هونج كونج الصينيّة، أيّما فرح، بعد أن تمّكنوا من إنجاز تمثال الشمع الأخير، للكروي الإنجليزي ذي الشعبيّة الجارفة، ديفيد بيكهام. ومصدر فرحهم، أنّهم تمكّنوا أخيراً، بعد عمل دام 500 ساعة تقريباً (حسب ما سمعت، والله أعلم)، من إكمال التمثال، بتسريحة شعره "الضفائريّة" الجديدة للاعب، والتي ظهر بها، في المباراة الودِّية "الخيرية"، أمام منتخب جنوب إفريقيا في جوهانسبيرج.



إلاّ أن فرحة أهل المتحف "الشمعي"، تلاشت سريعاً، وأُحبِطوا أيّما إحباط (بعد دقائق معدودة من فرحهم الخرافي)، حينما أعلن بيكهام، أنّه قرّر تغيير التسريحة، ليضيع المجهود الخرافي، وتضيع فرصة مضاعفة أعداد الزوّار، حيث سينشغلون بإعداد التمثال الجديد، وفقاً للتسريحة الجديدة.



"ياااااهـ"... ما أتعس هذا العالم، المملوء بالمزيد من الإسفاف (!).



....(6)....

وفي يوم الخميس 29 مايو، نشرت مجلّة "سيانس" العلميّة، أنّ فريقاً من الباحثين الأمريكيين، قد تمكّن في جامعة إيداهو (الاسم ذو دلالات عبريّة!)، من استنساخ بغل، قيل إنّه نتاج أوّل عمليّة استنساخ، لحيوان من جنس الخيول.



ويرى الباحثون أنّهم قد توصّلوا، لنتائج مهمّة للغاية، بسبب استنساخ بغل، وهو حيوان هجين، يُولَد من تزاوج فرس وحمار، لدرجة أن أطلقوا عليه اسم "إيداهو جيم" أو "جوهرة إيداهو".



حتّى في العلم، لا بد من شطط "الاستحمار"، لتقديم المزيد من "البغال الكربونيّة"... أتراها ناقصة "بغال"، يا أبناء "أونكل سام" (؟).



....(7)....

... وفي الخميس أيضاً، سقط مندوب مبيعات إندونيسي، في بؤرة "الانتحال"، بعد أن استمتع بفعلته ردحاً من الزمن. ذلك المندوب الإندونيسي، تقدّم للفتاة السابعة، حتّى يضيفها إلى قائمة الزوجيّة، التي ضمّت 6 زوجات قبلها، وليس لديه مؤهِّل، يجعله يتزوّج كلّ هؤلاء النساء بكلّ حبّ وطواعيّة، سوى انتحاله شخصيّة ضابط في الجيش (سلطة العسكرتاريا في الهيمنة والاستحواذ‍!). وقد سقط المندوب في الحبائل، قبل إتمام الزيجة السابعة، لأن والد تلك الفتاة يعمل جنديّاًَ، حيث قادته "شهوته العسكريّة"، إلى طلب التحقُّق من الأوراق الثبوتيّة، لذلك الضبط المُزيَّف.



بعد خديعة "الستّات الستّ" بسبب "عسكري مزيَّف"، تُرى كم مليون عربي، عاشوا خديعة السنوات الطوال، بسبب إدارة "العسكر الحقيقيين"، للكثير من بلداننا (؟).



....(8)....

السبت 31 مايو، يتوافق مع اليوم العالمي لمكافحة التدخين، أو الوقفة السنويّة لمراجعة أخطر كارثة صحِّية، تهدِّد الكثير من الأجهزة المهمَّة في جسم الإنسان، وتفسد استنشاقه لأكسجين نقي تماماً.



الإعلامي في إطاره الإرشادي والتنويري، عليه واجب تذكُّر مناسبة سنويّة كهذه، من أجل تجديد "الوعي"، بمخاطر هذه الكارثة (وليعذرني المدخِّنون، فالأمر لا يقبل أنصاف الحلول، في توصيفه بهذه المفردة المروِّعة!). ومع ذلك، مرّ ذلك اليوم مرور الكرام (تقريباً)، على الكثير من منابرنا الإعلاميّة. الفضاء مشغول بأوهام بوش، في "كراكوفا" البولنديّة، مع تفصيل "القبّعة الأمريكيّة"، التي يجب أن تليق بالأوربيين. والصحافة المقروءة لها صفحاتها المتخصِّصة في الصحّة، لكنها لم تتذكّر يومها "كارثة التدخين"، لتهتم بكيفيّة إزالة الشعر الزائد من الجسم، والاعتناء بالبشرة حسب نوعيّة الجلد، وإبداء النصائح المهمَّة لاختيار شكل المطبخ (!).



نسي ذلك الإعلام الغارق في "الضلال"، أن أمريكا هي المصدر الأبرز لـ"التبغ" (كزراعة)، والسجائر (كصناعة)، في العالم كلِّه. والحفريّات تقول إنّ أمريكا، عرفت تدخين التبغ، منذ عام 600 ق.م، أمّا الجدوى الاقتصاديّة، تقول إنّ توزيع "الدخان"، في قارّات العالم كلِّها، يمثِّل أحد الركائز الأساسيّة، في الناتج القومي الأمريكي. في عالمنا العربي، تتوفَّر أنواع أخفّ ضرراً من "المُكيِّفات"، لكن تبقى "السيجارة الأمريكيّة" هي الأهمّ، بالنسبة لقتلاها (على الأقلّ).



هذا هو الاستعمار الذي سيظل محبوباً (للأسف)، لدى من أدمنوا تلك اللفافة الصغيرة (حمانا الله وإيّاهم)... إنّه "استعمار الدخان" (!).





* كاتب صحافي سوداني






View sudan's Full Portfolio
tags: