الجندي المجهول








وأخى عثمان



ما زال هنالك حتى الآنْ



في ((كفرة)) في الصحراء الغربية



في بُقعة أرض منسية



كانت ((ميدان))



كالعظم الممصوص اليقق، انقض عليه فى الصحراء الغربية



كلبان



الجيش الثامن والألمان



***



في تلك الأيام نطوَّعونا ، ورضينا ذُل الجندية



((من أخلص للحلفاء اوان الشدة سوف ينال الحرية))



ومضينا نحلم بالحرية للسودان



في ((كفرة )) في الصحراء الغربيه



***



وأخى عثمان



فى الظلمة حين نجُرُّ غطاءْ



ونحس بدغدغة للنوم وثقل في الأجفان



يتململ ثم يقولُ بصوتٍ منخفضٍ أسيان:-



وآشوقي يا محمودُ إلى ليل السودان



والنَّجم-كأن النجم هناك سوى هذا-



فهناك لهُ لمعان



والجلسةِ تحت شُعاع البدر على رمل الكُثبان



وبعيداً نسمعُ صوت الصبية: اين ((شليل))



وكلاب الحي ((تهوهو)) في أشباح الليل



والدلكةِ- يا محمودُ- الدلكةُ فوق سريري البارد



قُدَّام الدِّيوان



والقهوةِ في الظلِّ الشاتي ، الفُنجان ورا الفُنجانْ



وآشوقي يا محمودُ إلى الاولاد الزغُبِ، إلى أُمّ الأولاد



منْ يكلاُهم إنْ متُّ؟



-سترجع يا عثمان...



ويسقطُ رأسي ثم أغُطُّ وأتركه في واد



وأنا في وادْ



***



في الزنقة نحن وقفنا كالأوتاد



في الصف الأول زجُّونا في وجْهِ الموتِ- وكُلّ السُّودْ



وألوفاً من بيض وهنودْ



وزحفنا كالحيات يمزقنا شوك الاسلاك



نستقبل ألسنة النيران



ويظلِّلُنا لهبُ ودخانْ



أدواتُ الموت تُدمدمُ من خلف وأمام



لا مهرب ، كشر عن ناب حقلُ الألغام



نتطايرُ أشلاء.. أشلاء



ونثير دماء



نتطايرُ من تحت الاسلاك



نتطايرُ تشوينا النِّيرانْ



وأخي عثمانْفي شرك الموت استشهد مات هناك



لا مسلم طمأنه



أو قال له في غرغرة الموت : تشهد



أو صب عليه الماء وكَّفنهُ



الماءُ ((المازوتُ)) الأسودْ



والرَّهَجُ المائرُ والنِّيرانْ



وقضى الحُلفاءُ على القُواتِ الناَّزِيَّهْ



وعلى وَعد في الشِّدِّة مدُّوهُ فى كلِّ مكان:



((من أخلص للحلفاء اوان الشدة سوف ينالُ الحريه))



لم يبق لدينا منه ومن عثمان



لم يبق سوى اللفظ المعسول



ورُخامٍ منتصبٍ مصقولْ



أسموهُ ((الجندى المجهول






التحية لشهداء مخيم جنيـــن








Author's Notes/Comments: 

rudwanhimat@hotmail.com

UAE - Abu dhabi 26995.

View sudan's Full Portfolio