محمد المهدي المجذوب

ســـــيره *



البُنيّاتُ فى ضرام الدلاليك تسترن فتنةً وانبهارا**



من عيونٍ تلفّتَ الكحلُ فيهنّ وأصغى هُنيهةً ثمّ طارا



  



نحن جئنا إليك يا أمّها الليلة بالزين والعديل المنُقّى



نحن جئناك حاملين جريد النخل فألا على اخضرارٍ ورزقا



  



العذارى ألوانهن الرقيقات نبات الظلال شف َّ وحارا



رأمته الخدور ينتظرُ الموسم حتى يشع نورا ونارا



ينبرى الطبل ينفض الهزج الفينان طيراً تفرقاً واشتجارا



موكب من مواكب الفرح المختال عصراً فى شاطىءِ النيل سارا



الجمال الغرير يسفر غفلان فلم ننس فى الزحام الجوارا



والعبير الحنون هلل فى صدرى طيفاً موصلاً واعتذارا



نحن جئنا إليك يا أمها الليلة بالزين والعديل المنقى



نحن جئناك حاملين جريد النخل فألا على إخضرارٍ ورزقا



  



ومشى بالبخور من جعل الخدمة فى الحى نخوة وابتدارا



حافيا مسرع الخطى باسم النجدة حيّا حفاوةً وابتشارا



وعجوز تحمست حشدت شعراً تعالى حماسة وافتخارا



قلبت صوتها تأمل أمجاداً قُدامى فرق حيناً وثارا



  



رفعت فوق منكب طبلها الصيدح تحت الأكف خفقا



يتغنى لأنفس إن تشهيّن طلبن الحلال قسماً وحقّا



وتشيل البنات صفقا مع الطبل ورمقاً من العيون ورشقا



وغزالٍ مُشاغبٍ  أصلح الهدم أرانى فى غفلةِ النّاس طوقا



  



تتصدى حمامة كشفت رأسا وزافت بصدرها مستطارا



شلوخها حتى تُضيىء فأضمرت حناناً لأُمها واعتذارا



وطنى كم بكيتُ فيك وخانوك وصدقت دينهم والدمارا



نحن جئنا إليك يا أمها الليلة بالبحر والعريس والمنقى



  



حجبوها وليّنوا العيش ما كان حجاب الكنين قيداً ورقا



هى ستُّ البنات ستُّ أبيها كرماً يحفظ الجوار وصدقا



وجلوها فريدة جفل الغواص عن بحرها خطاراً وعمقا



وهوى عاشق وطار وأهوى السوط رعداً بمنكبيه وبرقا



يتحدى عقوبة الصبر فالحرمان أمسى من السياط أشقا



مُهرة’’ حرة’’ وتنتظر الفارس يحمى حريمها والذِّمارا



وأتاهُ العبير من خمل الشبال حياه جهرة لا سرارا



موعد لا لقاء فيه وتاجوج تولت عفافة وانتصارا



وبنان توضحت وطواها الثوب حيا ببسمة تتوارى



نفضت عن سوارها بصرى يسعى إلأيها فما تحب الحوارا



لهف نفسى على صباى الذى كان وما فيه من لعاب العذارى



من عذيرى من غربة أخذت روحى وألأقت علىَّ وجها مُعارا



  



ما سقتنى على الظّما شفة’’ خضراءُ أحلى من الزُلال وأنقى



كشفت وجهها وزينتها الحُسنى وكم أشتهى وكم تتوقّى



غسلت مُهجتى بطهر سجاياها فلم ترض أن نهون ونشقى



سُنّةُ العشقِ فى بلادى كتمانُُ وبُقيا على المحارم وثُقى



وأفترقنا على حنان نُواسيه وكان الفراقُ جداً ورفقا



أنا أهواك يا بلادى ما واليتُ غرباً ولا تبدلت شرقا



ما طموح الموظفين إلى الجاه طموحى ، مع المساكين أبقى



آه من قريتى البرئية لا تعلم كم فى مدينة الترك أشقى



فندق لا جوار فيه ولا أرحام تنهى ولا معارف تبقى



وطوانى الدُّجى هناك ومصباحى عمىُُ فى صخرة الليل يرقى



أشتهى الدلكة العميقة والكركار والقرمصيص ماج ورقا



وبعينى قوافل النخل والنيل حداها تجيىءُ وسقاً فوسقا



بردت جرَّتى وذا القرع المنقوش يسقى حلاوة النيل طلقا



السيرة : مسيرة غنائية من بيت العريس الى بيت العروس

الدلاليك : جمع (دلوكه) وهى طبل يصاحب غناء السيرة وبيوت الأعراس

الدلكة : كريم طيب الرائحة تدلك به البشرة والكركار دهان يجعل على الشعر فيزدهى به  ويطليه والقرمصيص ثوب متعدد الألوان ناعم











القوقعة الفارغــة



  



وقفتُ على سيف البحر الأحمر



الموج أزرق ، الموج أخضر



الموج أصفر ..الموج أغبر



عينى هناك فى الأفق



الموج هناك جامد



الموج حائط مهدم فى صحراء



أحاطت به أمواج الرمال وجمدت عليه



ودار رأسى ، الموج الموج الموج



****



ورجعت بى عينى



وألقت تحت قدمى قوقعة فارغه



لقد كانت فى أعماق هذا البحر المائج



ومن حركته فى الأعماق اتخذت شكلها



واتخذت حياتها ثم دبت تجرى على السيف



ثم فقدت حركتها وبقى الإطار



عينى هناك فى الأفق



الموج هناك جامد



الموج حائط مهدم فى صحراء



أحاطت به أمواج الرمال وجمدت عليه



أنا ساكن وفى سكونى خواء متعب



وذكرى غامضة



حياتى مليئة بالقواقع الفارغة



وبالأمس القريب دفنت قوقعة فارغة



لقد اتخذت شكلها وحياتها من حياتى



هى الآن ساكنة تحت التراب



هناك فى القبور الممتدة عبر الأفق



موج البحر جامدُُ على الأُفق البعيد



أنا قوقعةُُُُ ُ فارغة



وقبرى هناك



***



  



بلادى لا تدرك ما يدركه الشعراء



فى زحمة الحياة رأيت قوقعة فارغة



يخرج من جوفها الخاوى كلام غير مفهوم



الناس أمواج



خشعوا حولها يعجبون ولا يبصرون



****



حتى الشعر ، كان الشعر خمرا ، أصبح لا يشفى



تذكرت شاعرا عربيا تنبأ



سأل نفسه وقدَّ الألم حسه



إذا طلبت كميت اللون صافية



وجدتُها وحبيبُ النفسِ مفقودُ



أصخرةُُ ُ أنا



وهل أبصر أعمى المعره

جبل الختمية



الى روح الشيخ قمر الدين جلال الدين المجذوب



كسلا الدامر مايو 1944م



  



جل ربى! وجوده مظهر الكون واسرار غيبه في الكمال



عرشه الأرض والسموات والنفس ومافي غيبوها من جمال



راسخ من عماده النور والحب واسداله نشيد ابتهال



اوثق الطود بالجمود لقد خف حبى مسخر كالجبال



لبسته الرياح ريشا وفرته نثاراً علي  العصور الخوالى



فمشى امس في غد كرواء الصبح قد سل من شعار الليالى



بسمة من ينوعها الابد الخالد فالموت طائف من خيال



                         ***



هيدب عاثر وئيد علي القلة والريح زجرها لا يبالى



أترى يحتمى من الريح بالصخر جفول الرؤوس والاكفال



إنما هذه الجبال وحوش تضرب السحب بالقرون الطوال



(كسلا) كيف لم تراعى لقد أمسيت دون الجبال ذات القلال



سر هذا الولي علق هذا الوحش امسيت تحته في سدال



                   ***



جبل المرغني جادتك انفاس بحار تعانقت في الشمال



من رباب مجنح ينفض القطر كنفض النعام قطر الطلال



أضماد لجبهة الجبل المسجون يشفى ام غصة لانحلال



ينبت الحقد في دماء بنى الدنيا فهل يستكين بين الجبال



حسبك الصمت يا جبال فلا تشقى مع الناس بالحقود الثقال



هومت في الصباح لماعة الاوجه والسفح نائم في الظلال



وانتشت لحظة وقد كفكف الغيم حميم النهار عند الزوال



  



هي الواح كاهن الدهر لم تشك ازدحام السطور والاملال



هي انواله وكم نسج الدهر  عليها صباحه والليالى



وخبت فى الغروب كالنظر الحائر والدمع حوله في مجال



وامحت تنظر الغروب بطرف ذاق كأس المنون غير مبال



وجهى يا ركاب جدك شطر  السفح قد هش بالمعين الزلال



مالهذا الاشم ينفر والسير مديد اقربه لانتقال



أهو الآل أم يفر من الناس وقد مل من فضول الأوال



قد تعبنا وانت ترزح يا طود شقيا بهمة في كلال



سوف نلقاك قادرين وان كنت كثير الصدود والاجفال



               *     *     *



جبل المرغني محرابك العاتق آثار قدرة في جلال



يرمق الشرق دائما ومدى الغرب ايخشى انقضاض امر مهال



هل رأى موكب الشموس فاعماه سنى الفجر عن طريق المال



ضل عن يومه فابلس في الارض واهوت ركابه للرمال



سقطت عن جنوبه فتعري وكسته الدهور ثوب اعتلال



غص من حمله الطريق فشقته مطايا العصور والاجيال



كلما حوله يتلقاك بشتى الوجوه والاشكال



كسحاب اطلاله صنعة الريح التي جعدت وجوه الرمال



فتلاقيه لانشعاب وجنباه لصدع وشيده لانهلال



هو كالشعر رجلته المدارى جامدا في انسابه المنهال



أي ضعف يرهب النفس وئيد يسد أفق الخيال



هيكل نابت في الارض كالغاب وشيج الغصون والاهوال



الذي قده ومهد للصخر جنوبا اراده كالمثال



الجلاميد منه ان غور النجم قبيل معرس في حلال



راقد بعضها علي البعض كالاشلاء في ساحة الوغى والنضال



عاكفات وان رقدن وللاظلال اشباح جنة وسعالى



رب وجه لمحته ثم يدعونى بلمح مستر ذى اختتال



اوحوش وهمية ام خرافات شجون تخلفت من محال



وأحاجى غالطت كل إدارك وظلت من هولها في سدال



وكهوف تثاءبت في الضحى الساكن بين الكرى وبين الملال



لهوات تسيغ ما يصنع الدهر ويفنى بها عراك الليال



في إنتظار علي دجاها وكم عين لدى جنحها العميق وبال



وصدوع تسمعت حذر الأيام وقع الخطى بكل مجال



نسيت غير ما ترجع من صوت وما تحبى به من ظلال



وتري جندلا يحاول نهضا ، كأسير صراعه في الحبال



شكه نابل القضاء فاصماه علي وجهه التماع النصال



عقدت وجهه شرارة كأس الموت تبلى فؤاده غير بال



عابس يقطر المرارة الوانا ويشكو وان ألاح كسال



حدثتنى مسامعى ببقايا صرخة بين غضبة وابتهال



رجعها قر في الصميم من الصوان رهنا بوحشة واعتزال



            *      *       *



وأثافى كالقبور شتاتا وانقيادا لعاصف ذى نكال



اتراها قبيلة تزمع الفر فتزجى الرحال فوق الرحال



فاصيبت بصيحة تمسخ الهارب بين الوثوب والارقال



بردت في الدجى الملون كالقتلى وللريح جهشة لم تبال



ساخر من فرارها القدر الجاثم بين الرسوم والاطلال



جثمت في الطريق كالغصص الحيرى وكالدمع في اباء الرجال



آه من حكمة الحياة ومسعاها واغراب ركبها في الخبال



غير الموت وجهها فتلقته بسحر الرجاء والتأمال



ويح نفسى علي الحياة التي تسعى وقد غرها ينوع المحال



حبب هذه الحياة وعطر وخيال يريد وصل خيال



وصدى للنواح في الابد الخالي ورثناه عن قلوب الاوال



غير أنى اكتفيت احذر مكر الله بالغافلين والاجهال



أنا يارب آثم عاثر غير إنى فرح بالجزاء غير مبال



أنا طفل العنايتين حنان الله والعيش في معانى الجمال



رب! ما أعذب النداء بيا رب ومعناك في الضمير حيالى



نفحة داعبت كرى الحمأ المسنون يسعى إليك بعد إنفصال



هى جازت بآدم جنة الخلد ضرارا لجنة فى زوال



ضرمت وردة الحياء بخديه وريث الحياء عند الوصال



بدأت قصة الغرام وما تمت معانى الصدود والأقبال



أنا كفرت عن أثامى بأسقامى وبالزهد في الرياض الحوالى



وترهبت في الحياة وإن كنت فريع الذنوب والأهوال



سهرى والغناء للنجم والبدر وشدى ثياب غر الليالى



وهيامى مع العيون اللواتى سكرت من وضاءة وإكتحال



وضياعى مع الحضور ونهضى حين يدعو الهوى مع الأكفال



واستراقى اللحاظ من سابل الطرف وبثى لقلبه بعض حالى



رن لحن الشباب فينا فصغناه كؤوسا ترقرقت كالآلى



إن غصصنا به فقد يسكر العطر وتذوى الغصون غب اخضلال



الكرى هدأة الحياة للنفس ارتواء مقدر لانتهال



كيف نروى وكل يوم بكأس ونعيم وفرحة واقتبال



بين نفسى وبين عقلى وقلبى وإشتهائى معارك من جدال



ليس يجدى علىّ صومى ونسكى وهدوئى مبلبلا واعتدالى



أى أعمى يقودنى آبى الخطو كثيرا خلافه ذا محال



أيها القلب لا رعينا إذا كنا سلاب الشكوك والآمال



فيم تشقى وأنت طير وهذا العيش روض قطينه كل خال



عج بنا للضريح آخر ما نبغى فما في الحياة غير القتال



قبة همسنا بها النفس الواهن والدمع جامدا لانثيال



عج بنا يا فؤاد قد ملنا الناس وما في وفائنا من ملال



وانتشرى يا ركاب لحن قوافيك التي ما رويتها لا بتذال



وارقصى واضربى الحوافر بالرمل وشقى الغبار بالاذيال



أي دمع حماك من نزق السوط ارفقى أم أدمع فى ابتهال



لوعة قد شربتها ثرة الكوب علي شرتى ورقة حالى



سابقتنا نسيمة وردت (توتيل) أصداء مرها فى القلال



فجر الله ماءها باسمه الحق فرفت حيية في الظلال



هى قلب الجماد يخفق مشتاقا فما شوق ذلة وإحتمال



بهجة في الصفا وعين هي العين دعاء ورغبة في وصال



هى عذراء للمنى كل دنياها وللرقص في شفوف الدلال



بسمت في الظلال بسمة مشتاق ومالت هناك كل ممال



تتلقى قلوبنا بقلوب خافقات وحرنا بابتلال



رمقتها الرعان تنظر فيها لونها من ترهب وإكتهال



خلعت دهرها عليها فردته كرد العروس ثنى الحجال



وبأطرافها سحاب هو الشعر بدا البرق فيه مثل الخلال



وإستفاقت لها الصخور بالجميل ولا ينسى وابناء آدم في إقتبال



ليتهم طهروا الدموع من الحقد وصانوا الدماء في الأقوال



شبع البعض منهم ثم أغناه التهام القبور صرعى الهزال



لِمَ لم يسمعوا الطبيعة والفن بها وحى صنعه وارتجال



لِمَ لم يرسلوا للشاعر أنساما تسوق العبير غير عجال



جل ربى وما أدق وجودى والسموات والظنون حيالى



بيت عباده الحياة وما فيها من اليأس والهدى والضلال



  



                 *    *       *



عجلى يا ركاب رف لك الماء رفيف العقود والأحجال



طرباً تعثرين فى الجدد الهادى أهذا العثار ضرب إختبال



بشرينى وقد سعيت بقربى من غياث العفاة والأهمال



الحليم الأواه والسيكب الغامر والسمح في إقتبال السؤال



شاهدى حبه إذا شغل الناس جزاء النفوس بالأعمال



خشع الناس حول قبته الطولى خشوع النجوم حول الهلال



ذو الضريح المنير كالكوكب الدرى قد شع في جباه الليالى



يابن من في ركابه الروح جبريل ومن حب آله شرع آلى



ليس لى غير حسن ظنى بالله وحبى لأحمد من فعال



فارع لي زورتى ثراك وباركنى وطهر سريرتى وخلالى



ودخلنا عليه ما حجب الزائر عن بر وصله والنوال



ومسحنا وجوهنا بضريح مشرقى العبير والأحجال



وشكونا له الزمان وأبنا نشطا بعد ترحة واعتقال



جبل المرغنى أبقى المحاريب علي منكبيه درع صيال



ويحه كم عنا علي عبب الليل  وأغضى علي الضحى وهو صال



معبد لفه الخشوع وأغناه صدى الغيب عن أزين بلال



صحت فى صدره فرجع ما قلت فهل صاح سائلا عن سؤالى



خددته الغيوث فهو صديعا كجليد مهدم بالسلال



عز في ذلة أميرا علي الأسر طويلا علي الرماح الطوال



أين كونى وكونه طبق الجو وصاد الغمام مثل الرئال



زخر الدوم تحته عيلما اخضر بالطير مزبدا والجمال



ثم زايلته فطال فهل يشتاق عودى لظله وإنفتالى



مشرفا ينحنى فهل قام يسعى خلف ركبى دعاه داعى الزيال



دب كالريح تفهم الأفق لساجى وتعلو علي رؤوس التلال



فانفرى يا ركاب أو يسقط الطود علينا سحابة من وبال



كاد يحوى الثرى بمد جناحيه فعال الكبير بالأطفال



                *        *        *



فانفرى يا ركاب بمسعاه فهل ضقت بي ومضك حالى



لا تخفى (الكراى) ترقد في الخيران أو ترهبى إنقضاض الصلال



بان ظل الحمى لعينيك والدار وماج النخيل فوق التلال



والسواقى دعتك بالغرد الباكى لروض تربه لاختلال



كل خنساء تبدع اللحن والقول وإن كان من شجا واختبال



فانشطى مرة ولست بمعييك سوى هذه وما أنا قال



لو يرى الناس ما أرى كنت فى الأدغال ترضين شرعها لا الحبال



حاش لله أن يكون علي بلواك سعيى مكلفا واتكالى



فتسلى بنا فما نحن بالاحرار في دهرنا ولا بالموالى



نحن صرعى الحكومتين ، دفاع الفقر ، والعيش في رياض المحال



  



            *       *        *



فوداعا وانت تبقى وامضى فتذكر ضراعتى وابتهال



أنت فى العين والقطار يواريها ويخفى علا ذراك العوالى



قد طوى الأرض معجلا ليس يعنيه اختلاف الشؤون والأحوال



لم يذق لوعة الحنين ولا الثكل ولاحن في سهاد الليالى



يلطم الأرض جاهلا وهو كالغيب عليما بقوسه والنبال



آلة نحن من قرابينها الكثر عبيد العقول والأوصال



تلحم الصبح بالمساء وما أضيق فيها رحابة الأجيال



أعرضت فى مضيها عن أسى البين وصدت بسمعها عن سؤال



ولولت كالضريخ أفزعه الليل عليها الدخان كالأسمال



ركبت رأسها ومنكبها الناشط كالذيل في هدى وانسلال



وتلفت استعيدك في الآفاق لحنا شجونه ملء بالى



خلت العين منك يا ويح أيامى عبرن العيون جد عجال



                         *     *      *



لحت لى كالشراع والقفر قد أضحى مدى حيرة وبحر ضلال



ضربت حيرة عليك الى أن صرت فى البعد ظلمة لانحلال



أو خباء طواه طيا  وولى عربى يرى الغنى في النقال



ثم أمسيت كالسحاب الذى اقلع أو كالحباب في الجريال



ثم أطللت جازعا من وراء الأفق حتى هويت في الأطلال



  



              *    *      *



وصفا الأفق وإنجلى منك يا طود وان كنت قائما في خيالى



سالاقيك في صبا الروح ما عانى ترابا مرقع الأسمال



سالاقيك خاطرا من وراء الغيب قد فكنى من الأغلال



وسألقاك كالصباح وأهديك حفيا رؤى صباك الغوالى



                    *    *     *



كم أهاج الغروب في القمم حذارى من الردى والزوال



دميت من ضراوة الشفق الدامى ومافى دمائه من خيال



فهي أفلاذ أنفس وقلوب دميت في ضراوة الأغلال



كم شعلع علي ذراها محته نسمات تعثرت في الظلال



حلم وافق الشعور وما دام كطيب الصبا سريع الزوال




Author's Notes/Comments: 

ولد بالدامر وهو من اسرة المجاذيب المعروفه بالعلم والتصوف ، تخرج فى كلية غردون ، وصدر له ديوانان هما نار المجاذيب والشرافة والهجرة

View sudan's Full Portfolio
tags:
d's picture

salam ya zool - shukran ya rudwan