قراءة في أغنية: عيني على حدودك بكت

 

بين يدي أغنية "عيني على حدودك بكت"


 

مريم العمّوري


 

في خفة النسيم الغافي بين عينيّ .. وعلى غيمة ترتاح تحت قدميّ، أغمضت حلمي أتنشق هواء لا أصفى ولا أحنّ

 

ظننتني للحظة في دنيا أخرى وفي زمان ملّكني حالَه.. أفعل به ما أشاء .. لأعيدني حياة في أوج حياتها..

 

غريب أن تصنع فيك أغنية في بضع دقائق مالا تصنعه الدنيا في قامة سنة..

 

غريب أن تجتاحك المواسم ُكلها في لهفة.. وتتآلف فيك.. وتعقد قِرانها على قلبك الذي يتسارع في مداراته خشية أن تضيع هذه اللحظة إنْ هو أبطأ قليلا ليلتقط أنفاسه ..

 

هي بضع دقائق على أي حال.. لن يضيّعها في الراحة، فأمامه سنوات الكبت والضجر تستطيع أن تفرغه من نبضه وقتما شاءت..

 

ولكن حريّ بهذه الدقائق أن تشغلَه عن نبضه الآن!

 

لم لا؟ وهو في حضرة الشاعر والمغني والمصوّر وقد تقطرت أرواحهم كائناً مزاجه الهوى والحنون والدوالي!

 

"عيني على حدودِك بكت لما رْجعِت في يوم

 

كل الصور وتحركتْ مثل الحلم بالنوم
شفت البيادر والشجر.. رفّ النوارس عالبحر
شفت الزمن كله عبر في طلتك يا يــــوم"*
لوحة مغرقة في  الرقة والروحانية، تخالها الأصل وما دونها مجرد وهم يتبعثر مع كل "ياااه"

 

"وشفت الدوالي مشبّكة عكتاف هالصبار
وضحكات زغار ودربكة هربوا من الختيار
وحتى سمعت كل الحكي في مضافة المختار
وكل الحكاوي اللي انحكت في السهره مع هاليوم"*

 

قارورة عطر معتقة من زمن الأجداد.. تكسّرت غراماً على شفة الشاعر .. فانثال الحلم مسحورا يتأبط الصوت الرخامي في غبطة.. فإذا البيدر عن يمينه.. وإذا البحر عن شماله.. وبينهما آماد من الذكريات ولا أجمل.. يحق لنا أن نتوه في رغباتها وآخر حروفها، وأن نتهادى في مد حنينها ورجع عتاباها..

 

 حتى يلملمنا أول حروفها مرة آخرى.. وهلمّ حبّا!!

 

"الله يا أحلى وطن .. يا صورة الأحباب
والشوق بدموع الشجن ينده على الغيّاب
واحنا على طول الزمن مثل القمر ان غاب
نرجع على ميعادنا بنفس الوقت واليوم*"

 

نتسامى مع فكرة الأمل ونتعلق بجذع أهلَّة ضاءت بأحلامنا، ثم لا تلبث يطفئها خوفنا فنعود أدراجنا حيث الواقع اليباب..

 

لكننا مع وهدة هذا الخوف لا نزال نحلم ونتسامى.. نكبو كثيرا حتى تكلّست مواجعنا ومع هذا، نتسامى في خفة العطر على كفّيها!!

 

ليس غريبا أن تفعل أغنية فينا كل هذا.. لكن أجمل ما فيها أنها تهبنا شبابها كلما دققنا بابها على حين سهرة، تسامرنا بصورها القديمة بالأبيض والأسود.. وفي أعماقنا رجاء أن نكون في أنفس القادمين ما كان الراحلون في أنفسنا، لعلهم يرُجعون للصورة ألوانها بعد أن يعودوا إلى بلادهم في هيئة الحصّادين والبحّارين والمغرمين باللهجة واللجة..

 

__________

 

*أغنية وفيديو عيني

 

كلمات: خليل عابد

 

غناء: عبد الفتاح عوينات

 

إخراج: محمد عبد العزيز

 

 

 

http://www.youtube.com/watch?v=CDL7he3KiNI

 

 

View nasheed's Full Portfolio