شرح عوالم ماجدولين الرفاعي ـ الحلقة السابعة

الحلقة السابعة من شرح عوالم ماجدولين الرفاعي



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم : جمال السائح

.............................................................................





تقول ماجدولين :



وأي صباحات يمكنني معايشتها بعد رحيلك..



هي لا تنسخ كل صباحاتها

لكنها تتساءل

اي الصباحات يمكن ان تعايشها بعد رحيله

لان مثلها ان تناغم حبيبها عند كل صباح

لان مثلها ان تسعد حبيبها في كل صباح

لذا تبقى تلك الصباحات مؤشرا حساسا

يشق طريقه بين المسافات

لكي تبصر من خلاله وجه الحبيب

لكنها ربما كانت تستفيق عند كل صباح

وهي تفكر بحبيب

تطل من خلال عينيه على العالم اجمع

تسعدها لحاظه

والنظر الى بسمته

حين مطالعتها لها

ثم

لا بأس ان نفهم صيغة الجمع في تلك الصباحات

لم تقل

واي صباح يمكنني معايشته بعد رحيلك

او

كيف لصباحي ان يكون بعد رحيلك

لكن صيغة الجمع

كان لها ان تتوارد

حينما يصبح تأثير الحبيب متواردا في لغة

تمتلك فتائل لها ان تشتعل

بامكانها ان تفجر النهارات

اذ ان الصباحات تمثل باكورة كل نهار

لذا

فهي تجمع بين صباحات وليس صباح واحد

ومن ثم رحيل واحد وليس عدة مفردات من الرحيل

الصباح مؤشر سعادة

الحبيب مؤشر سعادة

طالما كان يمثل لحن غزل بالنسبة للحبيبة

وصورة تعاطفية

والرحيل غالبا ما يؤشر الى ازديان المكان والزمان بصيغة الحزن

وهو غالبا ما يمثل نهاية محزنة

ليس سفر

بل رحيل

رحيل فيه انتزاع

انتزاع لكل صبغة حلوة تبتسم فيها الاشداق

وتتسع فيها المصاديق الدالة على لحن الصباح

اذن

فهي سوف لا تستطيع ان تتعايش مع صباحاتها

لانه سوف لا يكون ثمة صباحات

اذ ان الحبيب وبرحيله

سوف ينتزع معه كل صباحاتها

لذا سوف لا يكون لديها صباحات

ولذا هي تسائل استنطاقا استنكاريا

فاي صباح سيبقى لي بعد رحيلك ؟

لذا

هي تحمل بين ثنايا كلامها صبحا صادقا

يخبرها ان صبحها الذي كانت تحلم به

قد رحل

هنا نوع من التآخي

ام نوع من التمازج

الحبيب = صبح

والصبح حينما ينتهي

لا يحس الانسان بمدى الاستفاقة ..

التي اودت به الى متحدرات نهاره في ذلك اليوم

لذا فهي في اليوم الذي لا ترى فيه حبيبها

سوف يكون ذلك اليوم خلوا من اي صباح

الصباح يمثل عادة اشراقة اليوم

وبالتالي فهو يعد اشراقة الحياة

طالما كان صباح المرء تكتنفه سعادة غالبة

واذن سيكون نهاره صائبا في حذوه تلك السعادة

ان تواصل المنوال في حده وحدوده نفسها

انظروا الى هذه العظمة التي تسايرنا بها ماجدولين

لانها حقا خريدة بحر ولؤلؤة متفاردة في عناصر اللغة

انها تنفي ان يكون لها صباح بعد الحبيب

لان كلامها كانت تقرنه برحيل

والرحيل مؤشر حاد على انتزاع الروح

روح من يبقى يتطلع بمقلتين مخضلتين صوب مسافره

الذي يرحل وياخذ معه روح الحاضر المودع له

هنا حبيبها ينتزع كل صباحاتها

وليس صباح واحد

هنا تؤكد انه ليس لديها صباح اخر

فلو كان له ان ينتزع صباحا واحدا

لكان بوسعها ان تحب غيره

او انها لتؤكد ان بوسعها ان تستبدله بحبيب اخر

لكنها تعتز به حين تتفرد بحبه

وانه بعد رحيله سوف تسافر معه كل صباحاتها

لانه الحبيب الاوحد

فهي لا تمتلك سوى صبحه

الذي غطى على كل الصباحات

واجتمع في كل صباحاتها

واستتر خلف تعاطياتها

حتى اذا غاب وارتحل

انفجر صبحها ليغشي نهارها بليل غير ملحوظ

لانه صادر كل صباحاتها

ذلك انها ما كانت تجد فيه سوى الحبيب الاول والاخير

....

وأي صباحات يمكنني معايشتها بعد رحيلك..

....

يعني واي احباب يمكنني معايشتهم بعد رحيلك

يمكن ان ينطوي المعنى على مثل هذه الاستحالات

او التأويلات والتوريات

او حتى الايماءات !

بينما كان لصبحها ان يتمازج في وعيها

حتى ينقلب منعكسا في كل صباحاتها

فاذا ما زال زالت مع رحيله كل انوار صباحاتها

حتى لو كان لها ان تعيش في ظهراني انوار كل النهارات المشمسة

سوف لا تكون بالنسبة لها سوى ليال غارقة في عنادسها الحالكة

لان وعيها يعيش في زمن رحيل الشمس

الشمس حين تشرق

لا تشرق الا في الصباح

فاذا ما غادر الصباح

غادرت معه الشمس

وحل محل الصباح غروب

وهذا هو منتهى الحزن

ان يتحول صباح المرء الى غروب

وان يستفحل لديه كل ابتداء

ويتصارع في جل الانتهاء

هذا سينعكس على قفز النص

صباحات ورحيل

ثم سيعقبه مغمض العينين

تطويع لغالب من المفرد الصالح للتطويع في ذهنية المتلقي

بعد ان استطوع لمغيّاه في وعي المبدعة ماجدولين

ليتحول نهارها الى ليل قطبي

لانه طالما سوف ينتزع الحبيب واياه كل صباحاته

وذلك حين يتم رحيله

فانه سوف يحيل نهاراتها الى ليل عتمة طويل

لان الصباح لو انتصل من عزم نهار المرء

فما كان سيطلق عليه نهار ذلك النهار

كان سيستحيل الى شبح موسوم بالظلام

ولما كان لها ان تعتاش على نور من الانوار

ولكان لها ان تنأى في غربة من الاوطار الظلامية

تلك الاوطار التي من شأنها ان تحيل ايامها ظلاما

وعتمة محدقة بها

من كل الجهات

لذا سيكون نهارها قطبي الخلقة وبلون السماء في الليل

سيكون لها ان تعيش الظلام والانجماد في الشعور

يعني ان تعيش الحداد في نهاراتها

ليلا منجمدا من المشاعر

مشاعرها ستتكئ على صلب الصقيع الذي يتلازم مع مناخات القطب

حيث سيكون ليل دائم او نهار دائم

او حصول مترع بشيء من التناوب

لكن ما لا يمكن التغاضي عنه

ان مشاعرها سوف لا يمكنها ان تحفل باي حبيب اخر

لان لها ان تعيش الصرد بمختلف نوازع برودته

وانجمادات موحشة بكل شتائيات وصيفيات اوطارها

ستعيش وعيا من الهمس تجاه الحب

لانها ما تزال تعيش في وأدة هذا الحب

الذي ارتحل صاحبه

ولم يدع لها معه

اي فرصة لكي تتلقى وجع حب اخر

والطريف هنا

ان حبيبها لم يفرض حبه وبالقوة عليها

الا انها هي التي استسلمت له بالقوة وبالفعل

لذا هي تتحدث معه الان بالقوة

وتخبره عن واقع مستقبلي

سيكون لها ان تعتاش عليه

لكنه سيمثل لها حالا مستقبليا وبالفعل

لانها تفهم اليوم لغة الحب كذلك

انه يجتمع في حبيبها

بغض النظر عن نعمة النسيان

وانها في الغد

سوف يكون لها ان تعيش على هذا الحب

فقط وفي الذاكرة

او في مفكرة تأريخها

لانه ليس للانسان ان يحيط نفسه بمؤامرة

تختط لها امتحانا تفرضه على نفسها

رغما عن نفسها

يعني الانسان يحيط نفسه بشرنقة من الموت

لانه احب

المفروض ان الحب يمثل لنا مأوى

وان تحطمت اسبابه

فماهيته ما زالت تعيش معنا

طالما كنا احياء

وبوسعنا ان نعبر عن اهدافنا في خلاله

اذ ان الطريق لم يخل وان خلى من حبيب معين

وان الطريق لم ينته بعد وان تعرض الماشي فيه الى صدمة معينة

وانه ليمكن اصلاح عثراته

والتنائي عن مشاغله

او القفز من فوق مطباته

خوف ان نصاب بالاحباط

مثل الذي يحصل في الحكاية

ها هنا

لكن ولقوة الحب

الذي كان له ان يتمكن من وعي الحبيبة

كان له ان يشرق في محياها اليوم وبكلية الغالب

وهي ما كانت الا وضح المغلوب في عظيم الصباح

حتى انها لتسكن في غربة نائية

تحيلها الى صقيع من الخوف والجفاء للزمان

باعتبار ان صبح القطب

ما كان الا يغالب التناوب

في ستة اشهر نهارا وستة اشهر ليلا

لكن رب قائل يقول

انها ستنعم بستة اشهر من النهار

نقول

انها تعني بكل تلك الفضاءات التي استرسلت في اعمالها

ان نهارها القطبي هذا سيكون ليلا

وسيبقى في انتظارها ستة اشهر ليلية اخرى

هنا موطن المصيبة

ووجع الحب الاثير بكل ما سينعكس عليها

من جماد في مشاعرها

وتصلب في مواقفها

لان في ذكرياتها وجع ليس له ان يتلاشى بسرعة

يحتاج الى زمن

لتنصهر معه احزانها

وتتلاشى بشكل جزئي اشجانها

وهي التي ما زالت تعاني من وجع الرحيل

كما التي تمارس الانحناء صوب محنتها

في مسيرتها الالامية

ومن قبل ان تتلقى خبر رحيل حبيبها

لانها تحدثه

وما زالت تكمل اسهابها

وبلغة المستقبل

لانها ما فتئت تخاطب بلغة لم تحن ازمنة مواقعة الفعل فيها

....

وأي صباحات يمكنني معايشتها بعد رحيلك..

....

كل الجملة توحي بانها تعيش على المستقبل

كما لو ان الحبيب بجانبها

وهي لما تزال تناغيه بمليح القول

وتناجيه عله يعزف عن وعده بالرحيل

رغم انها هنا تعلم حجم الوطأة المسبغة على فعل الحبيب

وانه مجرد من الخيار

لكنها ومع ذلك

فهي لا تعرض عن المجازفة في تحدي كبريائه

وانها سوف لا يكون بوسعها ان تعايش ايامها من دونه

ان قرر الرحيل

او قرر الردى اصطحابه وانتزاعه من بين احضانها

لذا

فهي تترقب حبيبها

وربما

الحقيقة التي تعتلي صهوة الفكرة

انها ما زالت تحن الى مجئ حبيبها

لانها تعيش غربة الحب

وانها بحاجة الى حضن دافئ

فاصبحت كمن كان لها حبيب

وصارت تعيش معه فنون الغربة

مع انها لم تقرن ايامها بعد باي حبيب

لكنها تورث نفسها وجعا

تشتهي معايشته

مناكدة منها لموروث القدر

الذي اخذ يحتال من حولها

وعليها

ريثما يراها تتوجع من نقض الزمن

لمواعيد التقارب مع فتى الحلم او الاحلام

هنا اصطلاحيا يمكن المصادرة على صبغة الحكاية

بانها شعبة من شعب السحرية في الاصطبار

وفي الصياغة اللمعية التي تزدهي بفكرتها

ومن ثم بجمالية الوجع

وصبغة الكلام المنثور

ورحبة المسافات المتفاصلة عبر التنقيط غير المتلاحظ

تحية لماجدولين

لان فيها صبغة نبوية

وبريق مسكون بظل وارف

لا يمكن ان يعزى الا الى فيض من رحاب الجنان

وسوق من اسواق التأله المأهول بلهيب الحب

وجميل الوطر في عناق المحبوب

..........................

مودتي

..........................

تمت الحلقة السابعة

وتليها الحلقة الثامنة

من شرح عوالم ماجدولين الرفاعي

عبر الكشف

عن الافكار المخبوءة

في رائعتها القصصية

تبا لك ايها الموت

.......................



مع تحيات جمال السائح



Almawed2003@yahoo.com

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh



2006-02-17



.......................








View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: