شرح عوالم ماجدولين الرفاعي ــ الحلقة الثانية

القسم الثاني من شرح عوالم الكاتبة المبدعة ماجدولين رفاعي في قصتها (تبّاً لك ايها الموت) ..

في البدء اجدد عذري للكاتبة الاستاذة ماجدولين رفاعي حول كتابتي لاسم القصة بالخطأ والصواب هو ما اثبته اعلاه وليس : تبا للموت

كما اجدد شكري لها على شكرها الغني والذي اسدته لنا على دراستنا التحليلية في نفس الوقت الذي اعرب عن حاجة النص لديها الى وقفات تأمل طويلة وكثيرة وعبر مختلف نصوصها التي تتمايز ببعدها الفني وتقنيتها المبدعة

تحياتي اليك سيدتي

وهذه الحلقة الثانية من هذه الدراسة

امل ان تنال رضاكم وتستحصل استحسانكم

................

هنا تجدون القسم الثاني من هذه الشرحية وهي نظرة كلية الى النص الابداعي في هذه القصة المتميزة عند فنانة القص والابداع ماجدولين الرفاعي

................

وصلت الى نصف الحكاية

وانا احاول الامساك بعصا التفسير لهذا النص الروائي من وسطها

لذا اقدم لكم بحثا كليا

عما كنت استوحيته من هذا النص المثقل بالعاجية الحقيقية والمفردة الصميمية

لانه صميمي جدا

يؤاخينا حتى في المنامات

ونخاف من صيحته

خيفتنا من المجهول المغيّب

خلف اعاصير الحياة

التي نخشاها

كما الموت نخشى عواديه

.......................



فما يؤرق الشعور تجاه هذا النص

انه بقدر ما يستثير العاطفة

ويستدر الرحمة

فانه يستأخذ الانفاس

بكل صوره الحسية وغير الحسية

لانه عرضة للتقييم الجوّاني في كل مناحيه

هو يقبل الواقعية

ولا يرفض السحرية

بل يصعّد من وتيرة الحس المدمّج في واقعية الاشياء من حولنا

يترك النص لكل الاحداث ان تتحرك بفعل نص الخيال ومتن الأداء

ثمة سحابة طويلة تشرف على كل تخوم هذا القص

وهي نفس السحابة التي تمتد في عمق التداعي الذي يغطي حالة المونولوج المتسامية على واقع نفس شائك

بطلة تعاني فقد حبيبها

تحاول عبر تداعياتها الباطنية ان تشكل حلفا

يعينها على التصبر

لكنها تنتقل به الى حدوث ما كان لها هي نفسها ان تتوقعه

بفعل الضغط النفسي الذي احال قضيتها من واقعية مغرقة بالحتمية

الى طبيعيات تذعن لكل فرضية لها ان تقوم بمستويات متناصبة

لها ان تتحدى عجلة الزمن

لها ان تتسطح بفعل دوائر التأمل والأمل غير المفقود

كل شيء في هذه الكتابة

ينوه وبشكل طلسمي عنيف الى ان بمستطاع البطلة استعادة حبيبها

لكن

ثمة دائرة لا تود نفس البطلة الخروج منها

وهي الاستغراق في حالة النعي

وانشاد التراتيل المفعمة بروح الخصب والنماء

هي تستدعي روح حبيبها وتناشدها البقاء

ريثما يصبغ وجنتيها برقعة من حلم المساء ودفقة الصباح

ريثما يغذي مسامات الجلد فيها

فلا تعد تستشرف عمرا يتهالك وبسرعة

اثر تفجعها بمثل هذا المصاب

الذي له ان يكبح جماح شبابها

ويحيل هذا الى ركود في العيش

يستبيح جمالها فيودعه في غبرة الكلح والانهيار

لا ..

هي الاخرى تريده كي تظل في ارجوانيتها الشفافة

تريد العيش ما استطاعت الى ذلك سبيلا

ولو انها تتمنى اللحاق به ابدا

ولو انها كانت ولما تزل تشتاق ان قد كان الموت

ولما اندلع يشتمل على حبيبها ان كان اشتمل عليها هي ايضا

لكن

ما كنت اشعر في خلال حوارها الداخلي

اقصد حوار البطلة

انها كانت تبعث على الخجل من الاصطفاف لوحدها

فوق ذيل فراش النعي والموت

لانها عادت من موت كان يراه المتحلقون حولها امرا محققا

انها غيبوبة دامت اياما

لكنها عادت

لانها لم تكن متأكدة من وحي الموت

وعالمه الاخر

فهل لو انها كانت ماتت هي الاخرى

هل كان لها ان تحشر الى جنب حبيبها

ام انها كانت ستفتح عينيها على عالم اخر

حينها سيكون لها ان تخسر حبيبها ودنياها التي عاشتها

غير انها تقسو على نفسها

لما تكتشف صحوتها

وانها لم تغادر عالم الاحياء

وان نفسها لم تكن قد طاقت الصمود بعد

وانها رجعت بملء ارادتها

ولو شاءت لكان لها ان تظل هناك

لكن اياما من الغيبوبة الموتية كان بوسعها ..

ان تتدفق على عمر حبيبها وتعيده هو بدلا منها

لكنها رفضت

من دون ان تشعرنا كلماتها بمثل هذا الرفض

كانت تود ان تعيش الحب خارج اطار الموت الفعلي

الا انها كانت ماتت في غيابة هذا الحب

لانها كانت استغرقت وبالكلية

لا نجد لحبيبها اي دور

هو ميت منذ بادئة النص

هنا انتباهة تستدعي انتفاضة في العقلية

اين دوره

اراه يختفي من اول كلماتها

ولا ارى له اي صورة او ملمح

لا تستذكره

لا تعطينا البوما من الصور عنه

كي تتجسد امامنا صورة المحبوب

كل الحبكة تدور حول تعاطف يتحرك من داخل النص الى خارجه

كي تبعث الحركة في داخلها وليس في داخل الحبيب

انها تحاول ان تدفع الموت عنها اولا

ثم عن الحبيب الذي كان استهواها في ماض

وان قصر عمره بعد مرامها الذي طال امده

لكن ومرة اخرى

هي انتفاضة على نفسها التي كانت تود ان تعيش الموت

ولا ان تعتاش عليه ابدا

كان حبيبها يمثل ماض تعيش عليه

كي يمكنها ان تقفز ومن فوقه الى عش مستقبلي

يضمن لها الحب والسلام

الا انها اعربت عن ان تجربتها النفسية

ما كانت تخرج عن اطار الوحي الداخلي

ولو كان له ان يقوم بكل وحي خارجي

ربما لانها استطاعت وببراعة خصبة

ان تستدعي كل وعيها الخارجي

كي تستنفد مأدبته لاجل استرعاء وحيها الباطني

انها بحاجة الى حبيب

لكن هل كان الحبيب حيا ثم مات

هل عاش وارتحل

لماذا سافر على جنح الموت لو كان يعشق

لكن هي التي ـ وعلى الظاهر ـ كانت علمته الحب والعشق

لذا فهي تعود الى الحياة

بعد ان مارست دور الكبوة في مغامرة عاطفية

هل الموت كان يمثل نفس الحقيقة المأساوية

ام انه رحلة الحياة الجديدة

انه موت الخطيئة في التجربة وليس في الحب نفسه

لان البطلة تعاني من وجع مداوم لا ينتهي

حتى لو فازت بالتالي بحياة جديدة

حتى لو احتازت يوما جيدا

ليكون عيد ميلاد لها مرقوم به

هي تعيش الحاجة الى الحب

فهل انها قامت بوأد هذا الحب عنوة

هل كان المتحلقون حولها هم السبب في وأد مثل هذا الحبيب

يعني اطلاقه من أساره الذي كان يترفع عن التجاوب معه

هل تخفي بين ثنايا النص سجايا ما كانت اعلنت لها

هل يمثل الحبيب صفة لازمة لها

وهي انها تحتال على نفسه بصنع مثله

ثم تقوم لظل يلازمها كما الجدار الذي يحيط بها

ما كان الا عرفا وتقليدا مشبعا بالناسية وليس الانسنة

والمجموع من الافراد المتحلقين من حولها

كانت لا تزال منحصرة في افق تكوينها الحياتي والبيئي

وامالها ما كانت قد انتصرت لها وللحين

لانها اثبتت ضعفها حين انها لم تبحث سبيل الخلاص

ربما كان الموت هنا يمثل جنح خلاص

لكنها لم تستطع استثماره

لانها كانت ولما تزل متقمصة لمواجع واقعها

وتقاليدها واعرافها

هي كانت متعلقة بها ومجذوبة اليها

بل ملتصقة بها اشد الالتصاق

وربما فاقت مذهبها في العيش

فأسدت الى نفسها ضربة واقعية

بدليل فرح من حولها واهتمامها اكثر يعني : وألمها هي

هي تعيش الالم وما تزال تمتح نهلته

بينما من حولها يعيش الفرح والبهجة

لا تغبط الاخرين

ولا تدخلهم في مأساتها

لانهم كانوا جزءا من نفس مأساتها

فلم تتقص احوالهم وتأثيرهم الا بشكل نسبي

لم تفكر لاجلهم

ولم تبتعث الحياة في داخلها لكي يعيشوا هم

كان همها نفسها

حاولت ان توهمنا بمثل هذه الفرضية

وهي انها تعود وبشكل غير مباشر لتعني لهم

استعادة فرحة كانت غابت عنهم من قبل

بدليل ان فرحتهم انعقدت عند حلول عيد ميلاد جديد لها

وما كان هذا العيد ليمثل ميلادها وحدها

بدليل فرحتهم وابتهاجهم

لانهم كانوا شعروا ان ميلادها ما كان الا ميلادا لهم

اذ ان ماضيها في قصة الحبيب

ما كان يستدعي الى اذهانهم الا قصة من احبوا

حينما كان ريح الشباب يضرب في عروقهم

ويتحرك بين ثنايا صدورهم

وليس كماض كان والى لحظات

يمثل لهم ريحا كان قد ودعهم كالعصف المأكول

ان عودتها الى الحياة

تمثل عودة ازمنتهم الى الحياة

هنا روعة ماجدولين حين تثبت تفوقها حتى على واقعها

فما كان الحبيب الذي لم تدع حبيبته البطلة

ان تسهب في الحديث عنه الا من وجهة نظرها

الا ماضيا جمعيا

بدليل تحلق من حولها من الناس

من الذين كانوا ينتظرون لون الفرحة يغمر سيماؤهم

حين يكون لها ان تطالع يقظة الحياة في سيماء بطلتهم

كما لو كانوا استودعوها رفاتهم الذي أقض مضاجع تواريخهم

حين تركوها تغرق في موت مغيب

وانتظروا عودتها ولم يوسدوها التراب

لان فرحتهم كانت تعبر عن فرحة غير معهودة

غير مصدقة لما يحصل

لانها كانت سفيرتهم

وحبيبها الذي نامت بين احضانه

وهدأت بين اوتاد شعائره

ما كان الا صورة عن المجد الذي حاولوا استعادته عبرها

وما كانت تحيا الا كما المغيب في عرش التنويم المغناطيسي

بعثوا بها الى عالم غامض

ليس هو بعالم الاموات ولا بعالم الاحياء

بدليل انها لا تحمل ماضيا يستدعي منها تذكر المحبوب

ولا حتى ملمحا من ملامحه

ولا شكله

ولا ذكرياته ولا ايامه

ولا اكلته المفضلة ولا ملبسه الاثير

انها كانت تعيش تجربة تمثيلية

تستدعي منها ان تقص عليهم ماضيا

يمثل لها ولهم عيشا طيبا وسعادة جميلة

هي الضحية

هي التي عاشت بأس الاقدار

علموها الحب

وارسلوها الى عالم العشاق

لكي تحكي لهم قصة حبيبها

والذي ما كان يمثل الا حبيبا لكل منهم

انه الفردوس الضائع

وهو نفس الفردوس الكائن الى جانبهم

نعمة الحياة

كانت ولما تزل اقدس فردوس

لكنها حملتها اليهم

لتقول لهم ان من تبحثون عنه

هو لا يزال يعيش بينكم

بدليل ان يوم ميلادها ما احتسب لها الا في اليوم

وهو نفس اليوم الذي عادت فيه الى الحياة

عادت فيه من رحلة كان يعي الناس حولها انها لا بد ان تعود

لانهم انتظروا حصول مثل هذا لها كل هذه الايام

واليوم هو عيد ميلادها

ينفي ان كان قد مات لها حبيب

لكنها عاشت تجربة من شاهد فيلما سينمائيا حزينا

فجر الحزن في عينيها

حتى عاشته لوعة في صدرها

واقض مضجعها

حتى انه لم يتركها تسترسل في منامها العادي كل يوم

فانقلبت تعيش حزنه كما لو كان حزنها

والناس من حولها مبتهجون

لانهم مطلعون على واقع الامر

ولم يطلعوا على واقع الامر الا لانهم عاشوه بانفسهم

عاشوه كما الفيلم

كل منهم يرى في هذا الفلم قصة غرامه

ولوعة عذابه

ونفس تجربة عنانه البعيد

وبالنسبة لها ستكون تجربة اولى

تمثل اليوم الاول في درس الحب

........................

تدهشنا ثانية وثالثة هذه الماجدولينية

لانها ترسلنا الى احتواء لنقيضتين مسهمتين في الارتكاز

ان البطلة عاشت لوعتها لان من تحلقوا حولها من الناس اثبتوا لها انهم يمثلون ماضيها العريق ولا يمثلون في نفس الوقت لها سوى اسباب مستقبلها الحزين

لانهم تركوها تعيش في وحي من التقاليد والاعراف لها ان ترسل بحبيبها الى جحيم الموت وهي الى جحيم عذاب الفرقة والجفاء

اما ان تكون هي تجربة اولية لهم

لانهم لم يكشفوا لها عن صوتهم الحقيقي علانية

انما ابتهجوا

وابتهاجتهم هذه تطوي وراءها الف معنى واخر

انهم يتضامنون معها عبر ضميرهم المغيب

وهو حبيبها المقتول بوجع الموت

ولسان حالهم يخبر عن وجع اخر هو ليس وجع حبيبها

انما كان وجعهم الاساس ومأتمهم الاصيل

اعربوا عن فرحتهم

لانهم تخلصوا من موتهم المحقق

ولو باضعف الايمان مما يمكن ان يورق في القلب

ولا يحتل فوق الجوارح اي مكان

الا في ابسط رياحينه

انهم عبروا عن خيبة املهم وانهم فقدوا الماضي لكن

لتحيا هي

فلربما لو تعالوا على مأواهم القديم من ماض سحيق

عانوا فيه ما عانوا

كان سيكون لهم ان يعوضوا ما فاتهم

ببريق الحياة في عيني بطلة الحكاية

كمن نراه يتطلع الى ولده

ويقول ان فاتني من العيش ما فاتني

فلي في رغده الذي استقدمه لهؤلاء خير عزاء

هذه اوجه النقائض المتسائرة وفق وتيرة نصية

لم يستطع التلاعب بها سوى مهارة السرد لدى مبدعتنا الماجدولينية

انهم يرغبون في السر ولا يرغبون في العلن

مشكلة معاصرة

ما تزال تفتك بالمجتمعات

نرى الكبار يعيشون الحب ويعيشون الكبت والحرمان

ثم نراهم يعيدون الكرة مع الصغار حينما يكبرون

ويدعوهم يعيشون نفس ذلك الحرمان الذي عاشوه

بفعل وطأة الضغط التي مارسها ضدهم الاباء من قبل

ومن دون ان يشعروا

كانوا يعيدون ترتيل نفس ذلك الشطر والعجز

لكن في لحظة تأبطت أذيال الواقع

حينما كان لها ان تستغرق في نمطية الخيال

وتسافر عبر جنحية الموت ما بين السعادة والمنام

كان لها ان تستيقظ كل تلك الاحلام

كانوا يعيشون احلامهم عبر احلام هذه البطلة

كانوا يوظفونها لتكون متراسا لاوجاعهم التي استفاقت

حينما وجد الضمير فيهم ان الخطر الذي احدق بهم بالامس

هو يتطور ويحاول تكرار نفسه عبر بطلتهم

فكان النصير هو الصحوة الموجعة

كما الاستيقاظ من حلم جميل

لكن كان يغمر مثل هذا الوجع صفاء يبدده

بدليل ان عيد الميلاد راح يتجدد

لكن المأساة تتكرر

وتعيد تكرار نفسها

بدليل ان البطلة ظلت تعيش الحزن

وتغرق في عنادها مع الحياة

وتوجه بابشع لعناتها على كل سعاداتها

التي لها ان تحياها من دون حبيب

حبيبها الذي يعتنقها

ويضمها بين ذراعيه

لماذا ؟

لان السبب كان يكمن في الوجود

لانه لم يتغير

ولو تغير

لكان لها ان تعيش فرحة اللقاء

انها لم تلتق به ولا حتى في منامها الغيبوبي

ولكن حينما عادت الى حضارها

تمكنت من اشاعة الفرحة في وجوههم

بينما لم تتمكن من اشاعتها في وجهها

ونفسها اقرب اليها من نفوس كل هؤلاء

لانها ما تزال تحيا في عالم تسيطر عليه الانانية

لم يدعوها تحلم الا لاجلهم

لم يفكروا بها لاجلها

بل لاجلهم كي لا يحزنوا

واذن

فالمجتمع وان ردد بشعاراته

فان نفس من يرددها يعيش النقيضين

ويحيا المأساة التي تتركه يكبت مشاعره

ويعبر عن لون اخر غيرها

لانه ما زال يعيش القهر والحرمان

ففرحتهم لم تبعث الحياة في حبيبها

انما بعثته فقط فيهم

لانهم تطبعوا على ازمنتهم

ولذا

فهم سعداء بحالة النفاق هذه التي تفشت فيهم

باعتبار انهم المجموع

وان صوت اليقين يكون مفردا موجعا

يحمل صوتا احاد

لا يحتمل ان يكون له صدى

انما الصدى كان حبيبها المغيب

وهم لا يعبرون عن اصداء الا عن طريق التهويم

والعيش بحال ما زالوا مرتهنين به

وهو نفاق يردد اصداءه بفعل انفاس من اعتاشوا عليه

بعد ان كان النفاق نفسه يفكر بالعيش بين ظهرانيهم

يستدر منهم التجاوب ولو بأدنى مفردات شعبه

هي هذه المأساة

فالحبيبة وان عاشت الحب

الا انه ليس بوسعها ممارسته عمليا

فانها تظل تعيش الحلم

بلقاء حبيب

الذي صنعته لها نفس الحياة

ولم يكن هو حبيبها من قبل

لكنها لما عاشت معه القصة

لم تستطع ان تتخلص من تقمص الشخصية

تلك الشخصية التي عاشتها لحظات الحلم والموت والوجع

فظلت تحمل بين مطاويها وجعا لا يكاد يختلط عليها

لانه وجع جيل

كانت نابت هي عنهم وبالوكالة

باعتبار ان ولادتها تتجدد

وما كانت هي ولادتها بالذات

لكن ولادة جيل جديد

يحمل عمر ذلك اليوم

ولد من خلال حسها التجريبي ومفرداتها الضائعة

لكنها

انجبت لمثل هذا الجيل كل ادمعها التي كانت حبلت بها اعينها

ستسقي بها اوتار ذلك العشق

لان الجيل الجديد ذا العمر الابتدائي

سيكون له ان يصحح المسير

لو كان له ان يتواصل مع حلمه الاثير

ولا يتراجع امام فرحة ورضا الناس من حوله

هي ومن فوق السرير

تعرب عن تمردها الفردي

ورفضها لفرحة المجموع من حولها

لانهم لم يعيشوا لؤم المصيبة

هي تبكي وهم يفرحون

هي تتألم وهم يبتهجون

هنا تتأرجح المأساة الحادة في اعماقها

انها تسكب الدمع وتجهض كل فرحة لها

ومن حولها لا يشعرون بها

ترى جيلنا الجديد كيف سيكون لنا ان نفهمه

ونحن نرى ادمعه ونحسبه انه يطير بها من الفرح

وما نشعر اننا نهضم حقه

لكنها كانت لا ترعوي لهم

ولا حتى ان تهتم لهم

بل تتجاوزهم الى نفس حلمها السابق

وتتعالى على فرحتهم

وتقابلهم بالمثل

فلا تحسب لفرحتهم اي حساب

ولا تعرها اي اهتمام

وكأنه ما كان احد من حولها

يحتفي بها ويحيطها من كل الجهات

غير انها تسهم في عنائها الداخلي

لانها شعرت بالمأساة حقيقة

وتذكرت انه ما كان حلم

بل عاشت المأساة

وتحت وقعها عاشت وطأة التغييب

ومن ثم ارتعاشة العود الى البداية

حيث عادت الى الحياة بعد منامها غير المحقق لامانيها

بل كان جسد لها اوجاعها كما تصورت

ومن حولها كان يحسبها انها عادت لاجلهم

وانها تفوقت في حربها على الموت

وفضلت البقاء الى جانبهم

وتأييد رأيهم في عودها

وتناءت عن اللحاق بالحبيب

ورفضته بعد ان استقوت بعقليتها

تلك المدجنة بفعل التطبيع الجمعي

بينما كان العكس

ان كفتها لم ترجح بعد

وانها بعقلانية غير التي يحسبونها تمتلك

وهي ما تخبئ ولم تعلن لهم عنها بعد

بدليل

انها لم تخبرهم بشيء

بل انطوت على تصميمها

وهو ما يمكن التعبير عنه بتصميم اجيالنا الجديدة

ترى اي ارادة ينطوون عليها

ونحن هائمون

غارقون في اعرافنا وتقاليدنا اليومية

ونحسب انهم متواصلون معنا

والعكس هو الصحيح

فما كانت لتصدر الا مشاعرا

تثوب الى وطأة الشعر

حينما تستشعر المتلقي بوحي فرحها الظاهري

وانها استغلت نفاقهم في تمرير القضية عليهم

وتركها تنطلي عليهم

لانها لم تبلغ بعد سنها المشروع

والذي يؤهلها ان تقف بوجههم

لكن حبيبها الذي يعيش في ضميرها وذاكرتها

هو من سيشعل الشرارة

حينما يكبر حبه اكثر في داخلها

وتكبر معه اصراراتها

وقتها سيكون لها ان تقول كلمتها علانية ولا تصمت

امام فرحهم

لانها بثتهم مثل هذا الطرب

كما الطير حين يرقص مذبوحا من الالم

وهي لما تزل تشتعل من فداحة الخسارة التي ألمّت بها

ولولا محاولتها العيش

وان تصحح مأوى التأريخ

ورجعته

ما كان لها ان تعود الى الحياة

لكن احلامها في تحقيق مأوى الحبيب

لها ان تتحقق طالما استترت على حبه

وطالما ظلت وفية لضروب حبه

ولو انها لم تطلعنا على اشيائه

التي يمكن ان تصطحبها لنا من ذكرياتها معه

لانها تنتظر ان تصنع مثل هذه

لانها لم تأت بعد

وما كانت هي لتعبر الا عن ضمير المجموع

بلغتها السرية

وهي نفس لغة المجتمع السرية

لانه يتستر على كل ولعه وتطلعاته

ويعيش في الظاهر غيرها ان لم نقل نقائضها وبالكلية

.....

أطلت في هذه الحلقة وهي الثانية

تستتبعها انشاء الله حلقة ثالثة اخيرة

افردها لتعقب خطوط النص

المتبقي من خطابه القصصي

عبر شرح تراتبي وتنقيط بياني



تم القسم الثاني من جدول البحث في شرح عوالم ماجدولين الرفاعي

ارجو ان اوفق في الإعداد لقسمه الثالث



جمال السائح

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh



22 ــ  12 ــ  2005


View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: