جمعة اللامي.. قلبٌ دافئ بالكرم الإبداعي

جمعة اللامي

قلب دافئ بالكرم الإبداعي

شهادة: كُليزار أنور

من السهل جدا ًأن نكتب عن كتابٍ معين لأي أديب، ولكن من الصعب جداً أن نكتب عن شخصية هذا الأديب، فربما تجد شخصاً مبدعاً في كتاباته وتصل حدود موهبته لدرجة العبقرية، لكن كل تصرفاته كشخص وإنسان تكون معاكسة بالضبط لموهبته.. إلاّ (جمعة اللامي)؛ هذا الإنسان الطيب، الكريم، الوديع لدرجة أن تقول لنفسك.. انه ليس من سكان هذه الأرض، وما عُجنَ من طينة أهلها.. تتصوره قادماً من كوكبٍ آخر ليس فيه من الخبث والأنانية وحب الذات كما هو موجود على أرضنا.

عرفتُ القاص جمعة اللامي كقارئة قبل أن أبدأ الكتابة وبكثير.. كنت ماأزال طفلة -تلميذة في الابتدائية- حين قرأت له "الثلاثية الأولى" منشورة في مجلة "الأقلام". وحين كبرت ودخلت قلعة الأدب كان عليّ أن أقرأ –من جديد- كل كتب ومجلات مكتبتنا في البيت.. وكانت "الثلاثية الأولى" الدرس الحقيقي الأول.. كان لديّ عنوان الأستاذ جمعة اللامي، فكتبت له رسالة –عام 1998- أُبدي فيها اعجابي الشديد بما قرأت له، وبذاك النفس الطويل في السرد.. حتى إني قلت له: هل سيأتي يوم وأمتلك –ولو جزءً- من هذا النفس الروائي الأصيل.. وأرفقت مع الرسالة قصة كنموذج لِما أكتب. وكانت المفاجأة الرائعة، فقد وصلني ظرف بريدي منه.. فيه صفحة من جريدة "الاتحاد الاماراتية" منشورة فيها قصتي تلك. لم تتسع لي الدنيا وقتها.. قاصة مبتدئة، طفلة مازالت تحبو في عالم القصة وتصلها هذه الهدية الراقية.. انها أقصى ما كنتُ أحلم به حينها.. كانت –هذه الهدية- اعتراف حقيقي من قاص حقيقي بما أكتب.. كانت –بحق- اللبنة الولى من الثقة التي زرعها جمعة اللامي في سياج بيتي القصصي.

وتوالت قصصي وتوالى نشره لي.. حتى أصبحت من أسرة "على الدرب" تلك الصفحة التي كان يشرف على تحريرها في جريدة "الاتحاد الظبيانية". والذي عرفته فيما بعد.. أن جمعة اللامي لم يفعل معي هذا فقط ، بل كان السند والمرفأ الذي يستقبل أية سفينة يرفرف على ناصيتها علم عراقي!

كنا مجموعة من الشبان الذين استهواهم عالم الأدب الجميل –كان قدرنا أن نولد في زمن الحصار- كنا في عرض أية جريدة تأتينا من خارج العراق.. في عرض أن يقول لنا أحدهم بأننا فعلاً جيدون.. وبأننا نمتلك الموهبة الحقيقية للولوج في عالم القصة.

ويوم أرسل لي مشكوراً روايته " مجنون زينب" كان يوماً استثنائياً بالنسبة لي.. قرأتها من الغلاف الى الغلاف متشرفة وسعيدة بأن هذا الأديب الراقي واللامع جداً خطَ لي بقلمه إهداءً رائعاً لن أنساه أبداً.

أما حين شرفني وزار موقعي وسَجَل لي في سجل الزوار تلك الكلمات المطرزة بأحرفٍ من نورٍ وذهب.. أدركت كم هو عظيم هذا الإنسان بِخُلقِهِ الرفيع وكم هو كريم وكم هو مبدع وكم هو استثنائي في زمنٍ لا استثناءات فيه، إلاّ ما ندر!

28/ 7/ 2006

*نُشرت هذه الشهادة في جريدة (الزمان) العدد (3025) الصادر 19/ 6/ 2008.

 

View gulizaranwar's Full Portfolio