صديقتي التي أحبها وتحبني



صديقتي التي أحبها وتحبني



قصة: د.طارق البكري

>أمي..

من الأكبر ومن الأنفع.. الشمس أم القمر؟<

تبسَّمت الأم وقالت:

>الشمس أكبر بكثير من القمر، ولكل منهما فوائده ومنافعه، وللشمس فضيلة على القمر.. فنوره مُستمد من ضوء الشمس<.

استغربت سعاد..

قالت ضاحكة: >هل تقصدين أن الشمس محطة كهرباء..

بينها وبين القمر أسلاك كهربائية.. لتضيأها..<

الأم: >بالتأكيد ليس كما تقولين..

فالشمس بعيدة جدا عن القمر..

لكن القمر مثل مرآة عاكسة، يستقبل ضوء الشمس ثم يرسله من جديد على الأرض.. لكن دون حرارة..<

>لكن الشمس لا تكون في الليل.. والقمر يأتي في الظلام..<

>هذا صحيح يا سعاد، لكن الشمس تبقى في مكانها، وترسل ضوءها، ونحن لا نراها لأنها تكون في الجهة الأخرى من الأرض.. فأنت تعلمين أن الأرض تدور والشمس ثابتة، كما أن القمر يدور ويتحرك مثل الأرض.. ولذلك نراه يكبر ويصغر.. وأحيانًا يختفي..

ولا شك أن القمر والشمس نعمتان عظيمتان لولاهما لما عرفنا الليل والنهار، ولا حساب السنين، كما أن الأقمار والنجوم كانت دليل المسافرين في الصحراء قبل معرفة البوصلة والطرقات الحديثة...<

>أمي..<

>نعم..<

>أريد أن أقول لك شيئًا وبصراحة..<

>تفضلي يا حبيبتي..<

>أنا أحب الشمس أكثر من القمر.. لكن الشمس لا تحبني! فأنا أريدها أن تكون صديقتي.. لكنها لا تحبني..<

تضحك الأم وتقول:

>الشمس لا تحبك؟!

ومن قال لك ذلك؟

الشمس لا تكره أحدًا.. وهي تقوم بواجبها بكل إخلاص، حتى إنها تحرق نفسها، وتبدد طاقتها لتنشر الدفء والنور على الدنيا..<

سعاد: >كلما خرجت إلى الحديقة لألعب، أشعر أن الشمس تؤذيني بحرارتها وخصوصاً في فصل الصيف..

وعندما أخرج للتنزه أضطر للاحتماء منها خلف ستار أو تحت الأشجار..<

الأم: >أنت تثيرين عجبي...

أتريدين من الشمس أن تكف عن عملها؟! هي تسير بأمر اللّه، تنفذ أوامره بدقة متناهية، ولا يمكن أن تعصيه أو تتمرد عليه كما يفعل بعض الناس.

وكيف يمكن للشمس أن تكون عدوتك وهي تمنحك أسباب الحياة؟! فكل شيء في الدنيا يحتاج إلىها.. هل تتخيلين الدنيا من دون الشمس؟!

سوف تتحول الأرض إلى كرة جليدية ضخمة..

لا تبقى حياة فيها أبدا..<

سعاد: >أنا أحب الشمس.. وأريد أن تكون صديقتي.. لكنها تؤذيني والقمر لا يؤذيني..<

الأم: >هل تعني الصداقة أن يتخلى الإنسان عن واجباته.. وكذلك الشمس، لا بد أن تقوم بدورها..

وهذا من فضل الله علينا، فالشمس تعمل منذ آلاف السنين ولم تتوقف عن العمل لحظة واحدة.

الشمس تحبك.. ولو لم تكن تحبك لفعلت مثلما تريدين...

وخففت من ضوئها ووهجها.. سوف ترتاح هي وتموت الكائنات الحية، وتنعدم الحياة فوق الأرض..<

سعاد باندهاش: >كل هذا سيحدث؟!<

الأم: >ربما أكثر من ذلك..

أرأيت أن الشمس تحبك عندما ترسل أشعتها القوية؟!<

سعاد: >نعم.. كلامك حق..<

وقامت سعاد مسرعة..

الأم: >إلى أين؟<

سعاد: >إلى الحديقة لألعب مع صديقتي الشمس التي تحبني<

الأم: >لكن لا تطيلي الوقت.. حتى لا تشغلي الشمس عن عملها..<

View bakri's Full Portfolio