متى اقول شعرا / اياد شماسنة

...

الجمال حبيب الشعر الأبدي، والشاعر باحث عن الجمال، في الزهر وبين أشواكه لا يلهب قلبه ويؤجج عاطفته إلا سحر الجمال وإبداعه، هو دائم التسبيح لرب الجمال وخالقه.

أينما وجد الجمال وكيفما كان، روحانيا، أم ماديا، أم نورانيا، واقعيا أم خيالا... هو سحر الشاعر والشعر... لا يمنع مكان منه ولا عنه، والقول حق للحق تسبح معه الأمكنة حيث كان.



     الجمال والخلود، أحدهما مسافر والآخر نهاية رحلة لا تنتهي في كفاح طويل للبقاء... وما بين الجمال والخلود متاهات مستحيلة العبور لم تمنح شرف البقاء ولم تعرف جمالا مخلوقا أبدا، لكنها منحت خلودا من نوع آخر يتجسد فيه الجمال بشكل يحفظه ولا يفنيه، إنما بصورة غير صورته المادية.

والشعر درب الخالدين، والبراق لعبور الجمال من الفناء إلى الخلود وأمل الشاعر أن يخلد نفسه ويخلد الجمال لأجلها ولها، فهو يتخطى الزمان شابا أبديا لا يشيخ ولا يفنى إلا بفناء الوجود.وحديث الشاعر وشعره عن الجمال تسبيح ومناجاة، يتحدث فيها للأرقى والأنقى من الخلق ويبوح بما في صدره سواء كان السر مكتوما في صدره يشقيه، أم يشفيه.



       عندما يريد الشاعر أن يقول شيئا وتستعر في صدره النار الموقدة فإنه يبوح لأوراقه أو يكتفي بما يضمر، لأن الشاعر إذا أسر سرا فهو يضن به أن يذاع ولا يجد من يستحق أن يطلع على هذا السر إلا الشعر، الشعر يتولى أن يقول للناس من أسرار الشاعر، فمنهم من يدرك السر ومنهم من يطرب للكلمات ورونقها وينسى أن وراء الكلمات وبين السطور آلاما وأمالا وأحلاما، ونفس تحترق بنار الشوق نار وبجحيم الغضب حينا، وبالرضا حينا آخر... وما على الورق إلا نور لنفس تحترق لتضيء.

الشاعر لا يرتاح ولا يبتعد عن شعره وأفكاره الشعرية أبدا وإن أقل أحيانا وعاد له حينا، إنما في كل خفقة لقلب شعر يقال وفكرة تولد في كل مكان وفي كل حين، إنما تبقى في باطنه حتى يحين أوانها.

View shamasnah's Full Portfolio