غشاء البكارة ومفهوم الشرف

Folder: 
مقالات

غشاء البكارة ومفهوم الشرف .. بقلم : عبدالله عبداللطيف المحامي *



لا تزال المرأة أسيرة في سجن كبير من المفاهيم الراسخة في عقولنا .. ولازال مفهوم الشرف مرتبطا بجسد المرأة ، لازال في يقيننا غشاء البكارة للمرأة هو دليل عفتها وشرف عائلتها وذوويها أبا أو أخا أو زوجا ...

أتذكر واقعة .. كنت مدعوا لحضور زفاف أحد الأقرباء لي في ريف مصر .. وبعد زفة العروسين .. صعدا إلي شقتهما وبقي الأهل بالطابق السفلي ينتظرون .. ماذا ينتظرون ؟ ينتظرون دليل عفة العروس .. وتحت هذا الضغط النفسي والعصبي فشل العريس أن يفض غشاء بكارة عروسه .. وإستمر الأمر نحو ساعتين أو يزيد .. نزل العريس من شقته مطاطيء الرأس وأعلن فشله .. نصحه الجميع أن يضربها حتي تستكين له وصعد وعمل بالنصيحة وأشبعها ضربا .. كنت مذهولا مما يجري وصرخت في الجميع أية جريمة ترتكبون ؟ .. ورغم الضرب المبرح للعروس لم تستكين وإستمر الفشل .. فتطوعت إحداهن – شقيقة العريس – وصعدت معه وإستعانت بأم العروس وما علمته أنه تم تقييد الفتاة المسكينة وشل حركتها ليتمكن العريس من فض غشاء بكارتها بإصبعه .. وقد نجح بالمعاونة .. وكانت قطرات الدم علي المنديل الأبيض تعلن طهارة وعفة البنت ، بلع الجميع ريقه ، خاصة أهل البنت وإنطلقت الزغاريد وأقاموا زفة جديدة للمنديل الأبيض الملوث بدم بكارة البنت .

وذكرني هذا الموقف بما يسمي قفل العفة ، حيث كان الرجل قديما إذا ما دعته الظروف إلي الغياب عن منزله فترة طويلة بسبب السفر إلي تجارة أو الذهاب إلي الحرب كان يغلق علي فرج إمرأته بسلسلة وقفل ويحتفظ بمفتاحه معه ، حتي إذا رجع يفتح القفل ويطمئن أن ذكرا لم يمس فرج إمرأته !!!

لماذا نتعامل مع المرأة بهذه الدونية .. لماذا لا نعاملها كإنسان لها كامل الحقوق التي للرجل ، لماذا نختصر مفهوم الشرف في جسد المرأة وتحديدا في فرجها أو غشاء بكارتها ؟

نحن في عصر جديد .. أليس من الممكن أن تفقد البنت غشاءها لأي سبب آخر غير أنها مارست الجنس مع رجل ؟

ألا يمكن أن ينفض الغشاء من ممارسة الرياضة ؟ أو من ممارسة العادة السرية ؟ ألا يمكن لمن فقدت غشاء بكارتها أن تقوم بعملية ترقيع للغشاء وتختم علي قفا الزوج وكل رجال العائلة ؟

لماذا نستمريء الكذب والغش والخداع في حياتنا ؟

هل من الشرف أن نكذب حتي علي أنفسنا .. هل من الشرف أن نزور وأن نخادع ؟ هل من الشرف أن نقهر إنسان فقط لأن جنسه أنثي ؟ هل من الشرف أن نسلب المرأة حقوقها حتي علي جسدها ؟

أي إزدواجية تحكمنا .. في مجال التعامل مع المرأة ، تتغير أشكالها ووسائل التعبير عنها ، لكن تبقي هي ذات الإزدواجية بذات المفاهيم علي كافة الأصعدة .

إذا سمعنا عن واقعة زنا ، فالمرأة هي الزانية وحدها وكأن فعل الزنا لا يحتاج رجلا يشترك فيه مع المرأة ، لا يذكر الرجل هنا ، بل القانون يعاقب المرأة الزانية كفاعل أصلي ويعتبر الرجل شريكا في الفعل ، أكثر من ذلك يشترط أن تكون المرأة متزوجة ، وإتخاذ الإجراءات القانونية قبل الزوجة يتوقف علي إرادة زوجها إن شاء تحاكم وإن لم يشأ تحفظ الأوراق ولا جريمة .

الرجل وحده في أحكام القانون يستفيد من العذر المخفف إذا فاجيء زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي وشريكها يعاقب بالحبس بدلا من الأشغال الشاقة المؤبدة وللعلم عقوبة الحبس تقديرية لقاضي الموضوع هنا حدها الأدني 24 ساعة وحدها الأقصي ثلاث سنوات في حين أن المرأة لا تستفيد من هذا الظرف المخفف لو كان الحال معكوسا .

المرأة منذ طفولتها تتعرض لأبشع إعتداء ينال من جسدها ومن صحتها النفسية والبدنية .. جريمة تمارس ضد كل البنات البريئات ، أقصد عملية الختان التي تتم أيضا في إطار مفهوم الشرف بزعم الحد من الإثارة الجنسية لدي المرأة .. وهكذا يظل مفهوم الشرف – الذكوري – بهذا المفهوم سجنا للمرأة من جريمة الختان إلي غشاء البكارة .



--------------

• عضو المكتب التنفيذي ومجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان .

Elmohamy20@hotmail.com

mohamoon20@yahoo.com


View abdalla_lawer's Full Portfolio