رسالة من امرأة هزمها الوقت و نصرها الزمن

Folder: 
رسائل

رسالة من امرأة هزمها الوقت و نصرها الزمن

لن أتكلم عن حجم خساراتي في عقودٍ ثلاثة
أحاطت عنقي فجملتني
و لن أتكلم عن الوقت الذي يباغتني و يلاحقني في سعادتي
و من ثم يترنح و يتململ عابثاً و لاهياً بي في تعاستي
و لن أتكلم عن عدد و حجم ما مر بي و ما مررت به من سراب
و عن عدد مدن العجائب التي زرت و زارتني
و عن عدد أبطال قصصي القصيرة و رواياتي و أساطيري
و لا حتى عن عدد و أسماء الديانات و الملل التي اعتنقت
و لا نوع و اتجاهات القضايا التي اتخذت
و لا شكل المعارك التي خضت
و لا لون الحفلات التي أقمت
***
فهذا الوقت قسته بطول فقط
بينما كان يقيسني بطول و عرض
و يرسم لي الصور المختلفة و ينتقي لي ما شاء
من ألوان و لباس و عطور
حتى كدت أشعر أنه ملازمي
و قد يكون متيماً بي
***
متيماً بي!
لعله كذلك..
فلماذا كان يبعدني عن أي حبيب آخر
و لماذا كان يتسارع عند لقائي بمن يطرق قلبي له
و يتخبط و يتأرجح بجنون في عقلي
و يوسوس لي
و يحثني على العجلة
حتى إذا حدث ما أراد
و أفشل أي محاولة لوجود أحدهم في قلبي
عاد إلى مكانه السابق
من الثقة و الطمأنينة
و أخذ مجاله و أكثر في التمدد
و التململ
و عدم الاكتراث لي
و العبث بكل ما أَحتوي و ما أُحتوى
***
لا أدري ما كان علي فعله مع هذا الوقت
إنه يتلاعب بي كما يشاء
و لهذه اللحظة أجده منتصراً
و أجد نفسي مهزومة أمامه
أعلم في قرارة نفسي كيف أتعامل معه
أعلم كيف أدعه يمر بسرعة دون لقائي به
و ذلك عندما أدمن النوم هرباً منه
و لكنه عنيد جداً و له أصدقاء كثر
من القلق و الأرق
فبكل مرة أهرب منه
أراه يطاردني بالاتفاق مع أصدقائه
فيعود لسابق عهده
***
مشكلتي معه أنني لا أدركه أحياناً
و أنني أفقد السيطرة عليه
بسبق الإصرار و الترصد منه
لأجد نفسي مقيدة به
بدل أن يكون مقيداً بي
***
لا بد لي من أن أهزمه
لا بد لي من حليف
بحثت في قائمة الأصدقاء
في جميع وسائل الاتصال
عساي أجد حليفاً يساعدني لأهزم الوقت
فكرت في خياراتي المتاحة
و كذلك حاولت أن أضع استراتيجية محكمة
و كان لا بد لنصري من حليف
قادر على مناورة الوقت و التغلب عليه
يجب أن يكون قادر على قراءة أفكاره
و توقع خطواته
و كذلك يفهم لغته
و كان لا بد من أن يكون متفوقاً عليه في القدرة على حسم المواقف
لذلك لم أجد سوى أن أتحالف مع الزمن
***
علاقتي وطيدة مع الزمن
فثقتي به تفوق الحدود
كنت أراقبه دائماً كيف يدور
و يناور
و من ثم يحسم المواقف
و كيف يسطر التاريخ انجازاته
كنت أراه دائماً كيف يسيطر على المكان
و كيف يجعل الأشياء ذات معنى و مضمون
و قد ساعدني سابقاً في عدة مواقف
فأهديته بعض التذكارات
التي كنت من دون قصد أرى توقيع الوقت عليها
***
كانت أفدح خساراتي
عندما رأيت الوقت ينهش ما تبقى لي من أمل
عندما يكون الأمل المفقود كل ما تملك
فيصبح الفراغ هو البديل الوحيد لكل مفقود
***
بعثت برسائلي إلى الزمن
و أخبرته ما يجول بداخلي
و قد وعدني وعد القوي
أنه سيقف بجانبي
و أنه سيجعل من الوقت خادمي
و سيسخره لأجلي
ليكون شاهداً على نصرة الزمن لي
***

يارا محمد
02\11\2012
01:55 AM

View yaramo's Full Portfolio