1

Folder: 
رسائل




أراه حولي يحيطني بحنان جارف تظهره عيناه فقط

حنان صامت و لكنه عاصفٌ كليلة مجنونة في شتاء زمهريري و ذراعاه كمدفئة حطب تصهرني و تذيبني في لحظات.

أراه وقوراً حكيماً قادراً أن يحتوي عبثي و لغطي وطفولتي.

و أراه أحياناً كطفلٍ صغيرٍ يجد في حضني ملاذاً و دفئاً و يمسك يدي ليضعها على رأسه موحياً إليّ أن أمسد شعره الناعم الأسود كالليل فتغفو عيناه سالمتين عند سماع ترنيماتي الهادئة.

ألتقيه كما تلتقي خيوط الفجر سواد الليل.. فهو السائد و العائم.. و من ثم آتي لأنير المكان و يستقبلني بكل شجون و سعادة..

بحثت عنه طويلاً.. كنت أنتظر قدومه مع كل وجه جديد..

كنت أشكّ أنه يلبس وجهاً قديماً عرفته و لكنه لم يكن كذلك..

أعلم أنه سيأتي.. و سأعرفه من أول لقاء يصل نظراتنا..

فيتشبث الشعاع الواصل بين عينيّ و عينيه ليصير محور الكون و نكون نحن أقطابه..

لا أدري أيّ لغة يتكلم و لا أيّ دين يعتنق.. فكل ما أعلم أنه ينطق اللغة التي أفهم و يؤمن بما أؤمن به..

عندما رأيته أول مرة علمت أنه قطع السبع بحور و مر بسبع قارات ليستقر بين ذراعيّ..

كنت أحاول دائماً أن أقاوم فكرة القدر.. و لكن عندما رأيت عينيه و علمت ما جال في أركان المكان و الزمان.. آمنت بالقدر..

في لحظة لقيا عينيه دارت أبعاد المكان الثلاثة و تلخبطت و أنا واقفة مكاني.. و وقف الوقت عند لحظة واحدة و كأن عقارب الساعة توقفت.. فنسيت كل قوانين الفيزياء و الرياضيات التي تعلمت لأنه لم يبقَ لها مكان في تلك اللحظة..

لم أعلم كيف أن العلم لم يقدر أن يفسر هذه الظاهرة.. و كيف أنه تجاهل بُعد الشعور و الإحساس..

أعلم أنه من خلقه الله لأجلي و خلقني لأجله..

أعلم أنه لا شكّ في ما كان و فيما سيكون..

بعد أن عرفته أكثر .. علمت أنه لا عجب في أنني لم أجد من أحب قبلاً.. علمت لماذا بقيت وحيدة كل ذاك الوقت..

و كيف لم يهتف قلبي لأحد و لم تطمئن روحي لأحد..

لم أعلم أن تحت قبة السماء رجلاً قادراً أن يقرأ ما بداخلي دون أن أتفوه بكل ثرثراتي..

و أنه يعلم من أكون دون أن أروي قصص انتصاراتي و انهزاماتي..

في عينيه شعاع من الحنان و الثقة يبثهما في قلبي ليمنحني طاقة الاستمرار.. يمنحني القوة و يدفعني إلى الأمام..

و يبعد عن قلبي كل الخوف و القلق..

لا أدري ماذا أقول عنه..

لا بل أدري و أدري.. فهو كل الحياة و الحياة كله..

إنه يحبني و يظهر ذلك في كل فعل يقوم به..

لا يريد أن يقول الكثير و لكن شعلة حبه و لكن شعلة حبه دائماً متقدة تضفي المكان دفئاً و نوراً..

أعلم أنه لا ينتظر مني شيئاً و لا يتوقع أن أبادله بكل هذا العطاء..

القصة كلها ليست أخذ و عطاء.. فمعه و فقط معه أشعر أني مع نفسي.. لا أريد أن أفكر فيما له و فيما لي.. فكل ما لنا هو لنا..

ليس هناك حق و واجب و ليس هناك أنت و أنا..

و تناهى الفردان ليكونا واحداً.. و هذا هو الحب و ليس شيء آخر..

لم أعلم أن كل من حولي سيشعرون بدفء حبنا و سيستنيرون بشعاعه كلما ضلوا أو حتى أنهم سيأخذون قليلاً من وهجه لينيروا به حياتهم..

لم أعلم أن هذه الطاقة الخفية التي جمعتنا.. هي معجزة من إله لا يعرف المستحيل.. من إله عالم متبصر قادرٍ على كل شيء..

لم أعلم كيف أن الحياة يمكن أن تصل إلى اللامنتهى.. و كيف أن السعادة لا حدود لها.. و الحب هو سيد الأزمان و موطن المكان..

ليس هناك أجمل من أن يجد المرء ما يريد..

أعلم أنه بعد رؤيا عينيك لا دموع تذرف.. و لا حرقة قلب تولع.. و لا جرح ينزف.. و لا خوف يرجف..

فها أنت لي الأمان و السكينة.. الحنان و الطمأنينة.. الدفء و الوطن..أنت لي الحب و الحياة..

فدعني أكتب عنك كلما فاض بي الحب و طاف مني الحنان..



يارا محمد

05/12/2008

06:10 AM

London

View yaramo's Full Portfolio