القوة الروحية للمادة

Folder: 
قراءات



  قراءات                قراءات                قراءات






بيير تلار ده شاردان





ما أروع هذا النص الذي تقرأه قلوبنا قبل عيوننا



وروعته في ذلك الالتباس الذي ربما نقع فيه



حين لا نفهم من دعوته للانغماس في المادة إلا متعاً حسية وقتية



يا له من إنسان فهم تماماً جدلية المادة والروح



وعرف كيف تتناهى المادة في الشفافية لتغدو روحاً



وكيف تتكثف الروح لتصبح مادة



كيف تنتهي الحياة بالموت.. ثم كيف تكون صحوة الموت لحياة جديدة



علاقة غريبة معقدة متداخلة بين المادة والروح



حين ندرك معناها حقيقة نقدس المادة حاملة الروح



وهنا نفهم الدعوة لأن نحيا المادة ونغوص في أعماقها بمحبة ودون إحساس

بالإثم والخطيئة



ونحب هذا الرحم الحنون الذي يهيئنا إلى رحم أرحب



كيف للإنسان أن يفهم ذاته إلا من خلال حواسه بدءاً



ثم ربط ما تقدمه الحواس عن طريق العقل



ثم استفتاء القلب بها



كيف نتذوق الجمال ونتلمس الروح فيه دون مظهر متجسد



لكنني أقف قليلاً وأتأمل :



ليس العيب في المادة المقدسة كالروح



إنما في ذلك الإنسان الذي هو الميزان



لهث وراء المادة وظن أن لها حال يدوم ..



قدسها وأقام أصناماً لها .. كان لها ركوعه وسجوده



حتى نسي الروح المبثوثة في كل جزء من المادة



أزلق حواسه مزالق وضيعة



أعقبته الندامة والحسرة



ولم تكن دعوة الأديان يوماً للتنكر للمادة



بل لتحقيق توازن ترغب معه الروح أن تخلع قميصها وتلتحق بأصلها



مخلفة إياه لأصله أيضاً



دعوة لرؤية الخالق في الخلق بأبهى صورة



وهل أجمل من إنهاء الكاتب لبوحه قائلاً :



إنما

الطهر في حبِّ الجوهر الواحد، الذي لا يحيط به شيء، الذي يشيع في جميع

الأشياء ويعمل فيها، من الداخل، – أبعد من المنطقة الفانية، حيث مُضطَّربُ

الأشخاص والأعداد. – إنما الطُّهر في الوصال العفيف مع ما هو "نفسه في الكل".

يا ألله، ما أجمل الروح الصاعدة، التي ازَّيَنَتْ بكلِّ ثراء الأرض!



*ثناء درويش*










View thana-darwish's Full Portfolio