تراب



أفكار              أفكار             أفكار







لائذة بحضنها الفياح كطفلة .. لا تبتغي سوى دفء الهجوع

وحيناً .. جاثية على ركبتي في محرابها .. أبتهل إليها في خشوع :

أماه .. علميني

هجرت المدارس وأهلها .. وعفت رجال الفكر والدين

جئتك فارغة ..  إلا من أميتي ورغبتي في المعرفة

فهل تردين من يطرق بابك سائلاً ..  وأنت للجود والكرم باب مشرع

وكانت منها إشارة خفية إلى فمي وأذني :

" لفمك مزلاج جيد هو الشفتان ..  بينما ليس للأذن رتاج "

وما أعظمه ذلك الدرس الأول

أدركت عبره أنني فقط .. عندما أتوقف عن الثرثرة وأصغي

يصلني همس الأشياء من حولي

بينما يضيع بوحها الحميم .. حين يعلو صوتي .. مع ضجيج البشر *



للنملة بوح كما لحبة الرمل

لورقة الشجر أسرارها ..

كذلك الريح والبحر والغيم والمطر

كل ما أحتاجه أن أكون حاضرة  .. جامعة حواسي في نقطة مركزية

وكيف لمن لا يحس أن يعرف *



وضعت أذن الروح على فم التراب

ألصقت خد التواضع بوجهه  ..   وعانقته بلهفة

فسمعت منه حكايا لا تقال إلا من فم لأذن

هذا التراب بحبيباته التي لا تعد ولا تحصى

هو أحد الأمهات الأربع للطبيعة

فكيف لا نكون أبراراً بأمهاتنا

هذا التراب أجساد من قضوا قبلنا

فكيف لا نقدس كل حبة فيه

ونمشي الهوينى عليه

أجسادهم تدخل في تكويننا عبر دورة الحياة

من نبات لحيوان لإنسان

فمن نحن إذاً؟ ؟

هذا التراب تصفية

نهاية دورة وبدء أخرى

فهل نستطيع أن نقارب حقيقة دعاء الكافر يوم القيامة :

" ليتني كنت تراباً "

أو نعرف يا مولاي .. لم دعيت -  أبا تراب - *



" واسجد واقترب "

هي لحظة تلتصق كل الجوارح فيها بالتراب

لحظة مشرقة .. يكون العبد أقرب ما يكون إلى الله

ودورة متواصلة  للطاقة الكونية في جسده  .. بين شحن وتفريغ

لا مجرد حركات لا معنى لها

ويوم نعي أبعاد الصلاة بكل ما فيها

سنكف عن اعتبارها قهراً وقسراً من إله يلذ له تعذيبنا *




    * هديّة الفنان علي سليمان *

*ثناء درويش*








View thana-darwish's Full Portfolio