بئر معطّلة وقصر مشيد





أفكار              أفكار             أفكار










البارحة ... كانت النفس مثقلة بأحزانها وهمومها .. فقلت أروّح عنها بالتجوّل في المدينة



زرت قصرك ووقفت طويلاً أتأمل أبراجه العالية .. وهندسته العجيبة .. وتصميمه الرائع



دخلته تلبية لدعوتك .. وتجولت في ردهاته .. فوجدت في فنائه – بئراً – مهجوراً .. مغطىً بالتراب .. حتى



كادت معالمه تختفي . ولما سألتك عنه .. قلت أنك لا تعرف عنه شيئاً ... فأسرعت أغادر قصرك وأنا أبكي بئره



المعطّلة .

&     &     &



قلت سأقصد المساجد .. فراحة النفس واطمئنانها في الصلاة .. وقرّة العين فيها .. والله مع الجماعة ..



فلم لا أكون أنا معها.



كان المسجد فارغاً .. إلا من .. السجّاد العجمي ..  والثريّا المعلقة .. والزخارف الإسلامية البديعة



وتذكرت مزاراً قديماً كنت آتيه في صباي  .. وأستشعر الخشية والخشوع وأنا أحني هامتي لأدخل من بوابته



الصغيرة .. أو أصلي على التراب .. وأحس الله حاضراً في بيته البدائي البسيط .



&       &       &



ولما ضاقت بي الدنيا .. زرت المقابر .. وقلت وحدها ستشعرني بتفاهة أحزاني ..وسخافة أية معاناة ..



وستذكرني بمقري الأخير



واختلط علي الأمر .. حين رأيت قطع الرخام ..على اختلاف أنواعها وحجومها.. وقد علتها الزهور



بينما الوحشة تلف المكان ..فالوقت ليس عيد .



وسمعت قهقهات الموتى تقول : نسيتمونا أحياءً ... وتكرّمونا أمواتاً . تضعون الزهور على رفاتنا وتنسون



الترحّم علينا .. أو التصدّق عن أرواحنا.



&       &        &



أخيراً أتيت اليك ..  فأنت أنا .. وهمّك همّي  .. وقد تعلمت أنك مرآة لي – يا أخي الإنسان -  ومن غيرك يستطيع



فهم معاناتي .فوجدتك ملهيّ بجسدك . وقد نظّفته .. وألبسته غالي الثياب .. جمّلته .. وزيّنته ..  ورحت تعاين



مظهري وترى في صمتي حسدا لك. بينما رائحة العفن تفوح من داخلك .. والظلمة تهيمن على روحك .



غادرتك .. مشفقاً لحالك .. وقد اكتشفت أنك من تحتاج للسكينة .. وليس أنا .



&         &         &



عدت إلى نفسي .. صديقتي .. وتصالحت معها .. وتابعت مشوار الجهاد بحكمة أكبر. وأنا أردد الآية الكريمة :



( وبئرٌ معطّلة وقصر مشيد ).





*ثناء درويش*










View thana-darwish's Full Portfolio