الظل الخامس / خالد

Folder: 
ظلال

 

 

الظل الخامس

خالد


لأكون صادقة معكم و مع نفسي.. أعترف أني كنت ألومه في سري، و مرات أبدي في لطف اعتراضي، و أدعوه ليحيا معنا بهجة اللحظات التي اختلسناها من الزمن بكل أمديتها و مدارات انعتاقها، و أن يترك آلة التصوير جانبا، فلحظات الصفو لا تعوض.

لكنه لم يكن يلق بالا لاعتراضي، مشغولا عنا بنا، يرصد كعادته أبسط حركاتنا، و يوثق تفاصيل مشوارنا.

بعضنا كان يرقص و هو يحسب أنه يضاهي شاكيرا في ليونة التثني، و الآخر رفع عقيرته بالغناء غير آبه للنشاز بالصوت و اللحن، فيما يضيع نداء من يقف قرب موقد شوي اللحم يهوي على الجمر طالبا من يريحه قليلا.

الأطفال في شغل شاغل ، ضاعوا كبراعم في المرج الأخضر، و فرحهم الأكبر أنهم في شغل شاغل عن تنبيهات الأمهات التي لا تنقطع .. بين لا ناهية كالمطرقة على الرأس، و فعل أمر يغل كل منهم كقماط وليد.

كانت أمي بركتنا كيفما و أينما كنا، و كنت أتأمل انفراج أساريرها و التجاعيد التي خفت بنسبة النصف ، و نسيانها وجع المفاصل، فأحمد الله على نعمة أنها معنا، فكل فرح ناقص إن غابت.

وهو متنقل بيننا يختار الزاوية الأنسب و الإضاءة الأوضح في ابتسامة لم تحجبها الآلة السوداء عن قلبي.

كانت آلة التصوير حلم عمره، و كان عذابي الأكبر أني أعجز من أن أحقق له حلمه ، و يزداد عذابي حين أرى نظرات الرغبة و الحسد بعينيه كلما رأى واحدة متنقلة في يد أو معروضة على واجهة محل.

صراحة أنا لا أؤمن بقانون الجذب كثيرا، و كل ما حققته كان بإرادة التغيير بي و صبري القوي.. لكني اليوم أقول لنفسي.. من أنت لتقطعي بأمر .. لتؤمني أو لا تؤمني.. فهاهو  صديق افتراضي لا تعرفي عنه إلا طيبته .. يقرأ عرضا جملة عابرة تفضح حسرتك، فيرسل لك آلة تصوير كهدية بلا مقابل مادي أو معنوي.

اليوم .. و أنا أقلب الصور

أبحث عنك في كل ما التقطته لنا

تتناوب الفصول على وجهي

لم يكن يومها ما يدعى "سيلفي"

و لا أجد أثرا منك إلا بعض الصور القديمة بالأبيض و الأسود.

أرسل صورا لك حديثة من هناك...

أم أنك الآن تتذكر دعوتي بأن تحيا اللحظة.

 

View thana-darwish's Full Portfolio