الفصل الخامس

 


 

 

الفصل الخامس



استيقظ الكاتب مفزوعاً ليلة أمس ، يلهث كمطارد في وحشة غابة، بعد أن استُنفِذت طاقته في كتابة الفصل الخامس من فصول روايته حصرم الألم .

تملكه رعب قاتل، حسب معه خشخشة أوراق الشجر خارجاً، قعقعة أسلحة و أن بابه سيخلع بين لحظة و أخرى.. من قبل الحُماة. 

أمسك الورق بيد مرتجفة، و محا السطور التي تدينه،  فيما لو طبعت روايته أو تسرّبت كمنشورات سرّية. 

و حين أعاد قراءة الفصول بصيغتها الجديدة، بدت كمسوخ ، أو كسيناريوهات أبدع باختزالها مقصّ الرقابة.. فصارت بلا طعم ولا لون ولا رائحة. 

أحس بحموضة الألم الذي يكتب عنه عالقة في حلقه.. و عبثا راح يتجرع الماء للخلاص منها. 

على الكرسي المقابل أطل وجه أليف يعرفه، ابتسم في وجهه مشفقا ومطّ الحروف كأنها نزع روح وهو يهمس له :

أهون ألف مرة ان تمزقني من أن تقوّلني مالم أقل. 

- كذلك عزيز علي أن أفعل ، فست أنا من كنت أكتب بل انت. 

أنت الفاعل بي و أنا المفعول، ومتى كان للأديب حرية أن ينطق على هواه؟!

- قل لهم إذا الحقيقة

قل لهم أن الكاتب لسان حال الجميع

هو الجلاد و الضحية

هو القدّيس و الخاطئ

هو الشعب و الحاكم

- قلتها ألف مرة ولم يصدقوني، يقتطعون أقوالا لأبطالي و يضعون اسمي تحتها كنوع من التكريم. 

- ادفع إذا ضريبة استعباد الكلمة الحرة لك.. و دعني أكون بطلا حقا لا كومبارس على بياض صفحاتك. 

للحبر أن يضيء آن تحرر مارد الخوف من قمقمه. 

أو قم و احرق أقوالي لثلاث ليال و ليبق الحصرم حصرما إلى الأبد.



View thana-darwish's Full Portfolio