الفصل العاشر

 

 

 


شهادة صاحب المتجر


كنت قد استغنيت لتوّي عن محاسب ظلّ لسنوات يسرقني، و أنا أكذّب بحسن الظنّ ظنّي.

وحين أخبرني صديقي عن هذه الفتاة، وجدتني أتعاطف ضمناً مع قصتها، رغم التشويش عليها من قبله بآرائه و اعتراضاته. 

ثم أنه صديقي الطيّب الذي لم يخذلني يوماً منذ كنا صبيين في المدرسة، فكيف لا أقدم له خدمة صغيرة كهذه ما دام في موسوعي ذلك. 

صحيح أن الحياة باينت بين ميولنا و مشاربنا ، فقد أحببت الحياة العملية و التجارة ، بينما كان هو فأر كتب، إلا أن ذاك لم يزعزع تلك المشاعر الصافية بيننا حتى بعد الزواج. 


لم يسبق لي أن عيّنت امرأة في هكذا عمل، ليس لعدم ثقتي بصلاحية النساء للمحاسبة ، ولكن لأن طبيعة المتجر الذي أهتم به بالأنتيكا و الموزاييك..  جعل أغلب العاملين فيه من الرجال. 

وهي سهّلت عليّ الأمر في قبولها.. حين قالت لي بابتسامتها الحيية : 

"جرّبني لفترة يا عمّ و إن لم أعجبك الرزق على الله"

تبارك الله فيما خلق ما أدمثها وما أرقّها، و رغم أن ملامحها لو فصّلتها عادية، لكن هناك جمال ما تستشعره ولا تدري كيف. 

هل كان تعاطفي معها سببه حنيني لابنتي لورا في كندا، و أبوّتي التي تستصرخها للعودة.. و بنفس الوقت تدعو لها و لأولادها بحياة رحبة كريمة حيثما حلّت.  

أم ما مرّ أمامي من صور مفجعة في الحياة أقسمت معها أن أكون نصيرا لكل مظلوم مقهور. 


من يوم دخلت جهينة المتجر..  و أرباحه في ازدياد..  

كأنها ملاك الرحمة الأمين على كل قرش.

لذلك .. سعيت بعد فترة لتسجيلها في الشؤون الاجتماعية .. و حرصت على خدمتها و تأمين سكن لها بجوارنا، و قد أحبتها زوجتي و اعتبرتها كابنة لها.


إية إرادة في هذه الصبية.. 

كم كانت دهشتي كبيرة حين طلبت إذني  لتسجل في الجامعة تعليما مفتوحا في فرع اللغة الانجليزية قسم الترجمة.. 

و ما كنت أعرف يومها لماذا اللغة الإنجليزية تحديدا

أما اليوم.......

فأبتسم في سري و أقول :

هذه المرأة المشرقة عملت يوما عندي.


 

View thana-darwish's Full Portfolio