أسامة الخواض : المشاء الأعظم بروح أيوبية

             هكذا كان " مصطفى سيدأحمد"  المشـّاء الأعظم .. مشى بين الناس  بالغناء  فى  الأندية  والمعاهد  والجامعات ودور التحالف ... ومشى  وسط  حقول الكلام  يلتقط  فى  فرح  ما طاب  من  بنفسجها وسوسنها وفلها .



         ومشى فى  قلب هموم الناس العاديين  يلتقط بؤسها  وأشواقها للحرية وللعشق .. وكان فى المشائين  من  فئة  المتفائلين .....  يبشر " بالبنت الحديقة " والإنسجام  وأن نكون " أهل البلد بالجد " ... كان أمة وحده وسط فوضى الواقع المهترىء .



       وحين أصبح  الوطن طارداً  لمصطفى العذب  ، حمل صوته وأمراضه  وحقيبة  معاناته ،  وهرول   فى  إتجــاه  صوت  الوطن العمودى .



        ما مر بأرض  إلاّ  وبكت  شوقاً  لصوته الممزوج بنكهة الألم والعذوبة ... كانــت  " طرابلس  والقاهــرة   والدوحــة " تهتف فى جلال : " مصطفى سيدأحمد مرّ من هنا " .



        كان يكتم عذابات مرضه العضال ، ويصر على الغناء .. كان حين  ينهــض  مــن  غيبوبة  غسيـل  الكلى  الممض ــ  كمـا  يروى مــلازموه ــ  يحتضــن  عوده  ويغنى  مسابقاً الموت ... كان  يتشح دائماً وفى أقصى حالات الوجع .. بروح أيوب .



    وفى موته كان ــ أيضاً ــ مشاءً عظيماً ... إستقل صندوقه المعقم ، ومشى   وحوله  المشــاؤون  العـظام  إلى  بيـتـه  الأثير  لديه " معهد الموسيقى والمسرح " ...



  وحتى حين سكن جسده " ود سلفاب " مسقط رأسه ،  لم يركن إلى الراحة الأبدية ، ولكنه  بدأ مشيه  الحثيث الطويل فى مسارب الخلود والأسطورة كأعظم المشائين فى ذاكرة الشعب السودانى .







ـــــــــــــ

Author's Notes/Comments: 

المشاء الأعظم بروح أيوبيةمن كتابه "خطاب المشـّاء ـ نصوص النسيان "/ صادر من مركز الدراسات السودانية ـ القاهرة .

View sudan's Full Portfolio