
| علي حدِّ السنا أمهيتُ سيفي |
| فرقَّتْ شفرتاه كما ابتغيتُ |
| وودعتُ القرى الأولى وشيكاً |
| وما استصحبتُ إلا ما انتويتُ |
| فها أناذا يُعادي بي مِراحاً |
| بشطِّ الغيبِ مِرِّيحٌ كُمُيتُ |
| رصائعهُ مصابيحُ سهاري |
| لهنَّ خواطرُ الحُذَّاقِ زيتُ |
| فطاف بعبقرٍ ليلاً فهرَّتْ |
| كلابُ الجنِّ: عِرفيتُ وشيتُ |
| وطار فصاهلَ الشِعرَى فماجتْ |
| عرائشُ من بشائرها جنيتُ |
| ومجَّ لجامُهُ ألقَ الثُّريا |
| جُذىً مما تغوصُ له الكويتُ |
| وعاد السيفُ ينبوعاً فمالي |
| سوى قوسِ الغمامِ إذا ادّريتُ |
| وقد عرضتْ ليَ الأبراجُ شتَّى |
| عِراضاتٍ ولكنّي أبيتُ |
| ونصَّتْ لي معارجَ من دخانٍ |
| منوَّهةً ولكني انتحيتُ |
| فلو كانت جناحاً من عقيقٍ |
| له لمعُ البوارقِ لارتقيتُ |
| وحِرتُ فدلَّني نجمٌ لموحٌ |
| علي مسرى قوافلِهِ سريتُ |
| ولاحت لي نوافذُ باهراتٍ |
| فجُزتُ من النوافذِ وامّحيتُ |
| وأوفي بي على زبدٍ موشىً |
| على فقَّاعِهِ طرباً مشيتُ |
| وناداني من المجهول صوتٌ: |
| بدأتَ وكنتُ أحسبُني انتهيتُ |
| وصيَّرني الحنينُ إليه معنىً |
| بلا مبنىً فغبتُ وما اختفيتُ |
| ومدّ الرَّغو قُدامي طريقاً |
| مموهةً ولكني قضيتُ |
| وصرَّح منهُ عن بحرٍ ذخورٍ |
| فلما راقني عجباً هويتُ |
| فودّعتُ الظنونَ ورافقتني |
| مآذنُ أثبتت ما قد نفيتُ |
| كأن خُوات أمّ الرعدِ فوقي |
| هماهِمُ ما استمعتُ وما ارتأيتُ |
| رأيتُ اللجَّةَ الزرقاءَ ناراً |
| من الياقوتِ فيما قد رأيتُ |
| فجاشت ثم فاضت ثم ساحت |
| جداولُ مايحتني فارتويتُ |
| ولم أعِ ما أفيضَ عليَّ منها |
| ولمّا لم أعِ الفحوي وعيتُ |
| وحسبي أنني جمَّعتُ منها |
| أصول فرائدٍ مما انتقيتُ |
| فنضدتُ الخفايا في سِلالي |
| ونشَّرتُ الشراع اللذ طويتُ |
| وعدتُ وليتني ما عدتُ دهري |
| وهل تأسو عليل الحظ ليتُ |
| ولما زاحمَ الآفاقَ مني |
| جناحا جبرائيل وما اهتديتُ |
| سمعتُ سهام آفِلُّونَ حولي |
| مُزفْزِفةً وآفِلُّونَ ميتُ |
| ومرَّت من أماميَ جيلبوتٌ |
| علي أكتافِها فذٌّ صُليتُ |
| هبطتُ وأجنُحي أدغالٌ نخلٍ |
| إذا غنَّتْ عصافرُها انتشيتُ |
| وحامت صادحاتُ النيل حولي |
| تغلِّفها المواسمُ فاحتفيتُ |
| وأعلم أنها جاءت عجالاً |
| تُقاضي رحلتي وأياً وأيت |
| فقالت لي نراكَ نضيرَ حقلٍ |
| ترِفُّ ندىً فقلتُ لها ارتويتُ |
| فحطتْ ثم طارت ثم قالت: |
| تُرى ما جدَّ؟ قلتُ لها:اقتنيتُ |
| وشيتُ لها وأعماقي صحاحٌ |
| بأسقامِ الصبابةِ إذ وشيتُ |
| فلما أمَّلتْ نقرَتْ رَبابي |
| فهازجَها من الأوتارِ بيتُ |
