المتسولون يتأثرون بالوضع الامني ايضا

Folder: 
تقارير







الموصل / نوزت شمدين



اسومة امرأة عاشت مدة 60 سنة ممتهنة التسول وعند وفاتها متاثرة بطلق ناري اصابها اثناء العمل تركت امولا غير منقولة قدرتها مصادر في المحكمة الشرعية بـ650 مليون دينار .

قديما كان المتسول شخصاً عديم الفائدة أجبره العجز وربما تقلبات الزمن على طلب الإحسان بيد مرتعشة ، أو طاعناً في السن تقطعت به السبل وأوصدت الأبواب بوجهه فتاه على الأرصفة . ومع اتساع دائرة هذه الظاهرة ألمبتذله الا انها بقيت في اذهان الناس ممارسة ضيقة لفئة قليلة رضيت لنفسها المكوث الذليل في قعر المجتمع .

خبير في الشؤون الاجتماعية عمل في برنامج لمكافحة التسول يقول : فنون التسول كبيرة وواسعة وهي مبتكرة وتصدر عن عقل منظم وتشترط توفر قدرة على التقمص وهي ليست بريئة كما يتصورها الناس ويتم فيها استغلال الاطفال والعجزة على نطاق واسع. والمعروف ان المتسولين هم اكثر الناس اسرافا وانفاقا ويتنقلون من مكان الى اخر ومن مدينة الى اخرى ويقومون بتغيير اشكالهم ومناطق سكناهم .

اليوم وبعد الضربات الموجعة التي تلقاها الواقع الحياتي في العراق ابتداء من الحروب المزمنة مروراً بحصارات القرن الماضي وانتهاء بالبطالة لم يعد التسول يمارس في حدود تلبية الحاجة إلى المأكل والمأوى فحسب ، بل صار للكثيرين وظيفةً يومية بمواعيد صارمة وتحت اقسى الظروف وبالاخص الظرف الامني .

قريب لي يعمل شرطي مرور ذكر بأن الإشارات الضوئية أصبحت مقسمة بين المتسولين بما يشبه معاهدة سرية أبرمت بهذا الخصوص ، فبالقرب من احداها أعتاد الناس على المظهر اليومي لشاب في العشرين من عمره وهو يزحف بين السيارات مدعياً إصابته بشلل في ساقيه ، لكنه ومع كل مساء يختفي بين الشجيرات في الجزرة الوسطية ليخرج بعد دقائق بصورة جديدة وهو يسير على قدميه بكل حيوية ونشاط واناقة .

ويتابع الشرطي نفسه : اعرف شخصا يوزع كل يوم مجموعة من الاطفال على نقاط محددة لا يتجاوزونها مطلقاً حتى يأتي فيما بعد ليجمعهم وكثيراً ما نشاهده وهو يفتش جيوب الاطفال ثم ينهال عليهم شتما وضرباً .

صاحب متجر بالقرب من مقتربات الجسر الرابع في مدينة الموصل يقول عن تأثيرات الوضع الامني : كثيرا ما تقع انفجارات ومواجهات في المكان وعندما يحدث ذلك يختفي المتسولون ليوم او يومين . في السابق كنا نرى الوجوه نفسها تمارس التسول يوميا اما اليوم فهم يتغيرون دائما بسبب الخوف من المواجهات المسلحة والالغام المزروعة هنا وهناك .

المتسولون يتكتمون كثيرا على مهنتهم وهم يدعون العوز والفاقة ويصرون على العجز ؛

فتراهم يتشاجرون على الأمكنة في الطرقات والأسواق وعلى الجسور وأمام المساجد والمستشفيات والمطاعم وأخذ أصحابها يمارسون أدواراً تمثيلية مستعينين بمشاهد كارثية ، أو يختلقون مواقف مسرحية بادعاءات تثير عطف الناس وتحتال على جيوبهم .

سالم جميل وهو سائق سيارة أجرة قال بأنه وقع ضحية لمكيدة صغيرة أوقعه بها طفل رآه ذات يوم وهو يبكي أمام كومة حلوى سقطت من طبق كان في يديه . وبعد أن عوضه ثمنها استكمالاً لحسنات يومه فوجيء في اليوم التالي وفي مكان آخر بمنظر مشابه فأدرك عندها المقلب الذي وقع فيه .

المحامي حامد كريم ضحك وهو يتذكر دعوى نفقة كاد أن يتوكل فيها عن امرأة طالبته بأن يحصل من طليقها على نصف مليون دينار شهرياً لأنه رئيس عصابة من المتسولين قوامها عشرة أطفال .

المتسولون تعرضوا الى ضربة موجعة بسبب تدهور الوضع الامني ففي احصائية ظهرت نهاية العام الماضي اصدرتها قيادة شرطة نينوى تبين ان 20 متسولا قتلو اثر انفجارات وقعت في تقاطعات الشوارع في عام 2005 . اما متسولو المنازل فقد تعرضوا لنكسة اخرى جراء الاجواء الامنية الصعبة ففي افادة لمتسول ظريف جاء فيها ان المتسولين لا يطرقون الان ابواب البيوت جزافا فهم يزجرون ويبعدون بقسوة لخشية الناس من مظهر المتسول المريب وانهم باتوا يختارون أياماً بعينها في العام كالمناسبات الدينية وخصوصاً ما بعد اليوم الأول من عيد الأضحى حيث الأضحيات التي تكشفها في الغالب ساقية المجاري المليئة بالدم أو وشاية من متسول كشاف تحيل الطابور الطويل أمام باب البيت إلى مظاهرة لحم غاضبة .



  

View nawzat's Full Portfolio
tags: