الكلب

Folder: 
قصص قصيرة



1- الوليمة:

اقترب منها، هز ذيله، لوى رأسه يمنة ويسرة بفرح، قال لها: - اشتقت لك كثيرا

تأملها بهدوء، قال:-وضعك لا يعجبني، ما هذا؟!

تساءلت بدهشة:- ماذا تعني؟!

أجاب:- لن تفهمي قصدي أبدا، اسكتي، لا يحق لك أن تتكلمي، أرني لسانك

مدت لسانها، التهمه بشغف، قال متبجحا:- أرحتك من هذا اللسان اللعين

تطلع إلى أنفها، لمسه بيده، قالت:- أشم رائحة كريهة

قال:- أنت لا تشمين إلا الروائح الكريهة، سأريحك من هذه المشكلة

التهم أنفها بسرعة، نظرت إليه مستهجنة، أرادت أن تصرخ احتجاجا، تذكرت أنه أكل لسانها، أزعجته نظراتها، قال:

-أنت ترين كثيرا من الأشياء التي لا ينبغي رؤيتها

أكل عينيها، كسر جمجمتها، أكل المخ وهو يتلمظ، ويحرك لسانه، قال:- أرحتك من التفكير لأنه يتعب دماغك

استمر في التهامها، اليدان، الرجلان، فصفص العظام بشهية، رماها قرب حاوية قمامة كبيرة، بصق عليها، جمعها ثانية، شكلها هيكلا عظميا، نبح بضراوة، صاح بها: أغربي عن وجهي

لم تتحرك، ضربها بشراسة: - هيا اذهبي، ولكن احذري الكلاب المتوحشة في الشارع، إنها تنبح وتعض

مشت متثاقلة، وهي تئن وتتطلع إلى هيكلها العظمي، وتتساءل:

- هل أبقى هذا الكلب مني شيئا للكلاب الأخرى ؟!



2- قبل الوليمة:

التقاها في الطريق، هز ذيله، كشر عن أنيابه بشبح ابتسامة، نبح وهو يقترب منها، ابتعدت عن طريقه خائفة، توقف عن النباح، بدأ يتكلم بلطف ووداعة، أخفى ذيله، غير ملامحه، صار يشبه الرجل، قال لها:

- لم تخافين ؟! أنا رجل لطيف

- تساءلت مستغربة: - هل أنت رجل حقا ؟! ظننتك كلبا !

ضحك، أخرج بطاقته الشخصية من جيبه، قربها من عينيها، قرأت:  الاسم: فلان       الجنس: ذكر

ذكر يعني رجل ! ...... كيف حسبته كلبا ؟!

استعاد بطاقته الشخصية منها، مسد على شاربيه متباهيا:

- هل صدقت أنني رجل ؟! هذه الشوارب لرجل هو سيد الرجال

حدثها عن عدد النساء الهائل اللواتي وقعن في شباكه، عن بطولاته في السرير، المعارك الغرامية التي خاضها وانتصر فيها، النساء اللواتي أسرهن بحنكته وقدراته الحربية، استغرق في أحاديثه الكثيرة وهي تستمع بتعب وذهول، فقدت ذاكرتها ووعيها، داهمتها الغيبوبة، فوجد الفرصة سانحة لالتهامها



3- بعد الوليمة:

مشى الكلب في الشارع وهو يتطلع حوله وينبح، كان يفتش عن فريسة أخرى، لأنه شعر بالجوع رغم الوليمة العامرة، فجوعه أبدي، اقتربت منه فتاة جميلة في الخامسة عشرة من عمرها، نظر إليها بحنان مفتعل، وقد أسبل عينيه

- كيف تمشين وحدك يا طفلتي ؟! الشارع خطر والكلاب كثيرة، سأحرسك.. هيا..لا أسمح لك أن تذهبي وحيدة، بعد قليل ستعم الظلمة.

- اطمأنت الفتاة، مشت قربه تحتمي به، وكان طوال الطريق يحذرها من الكلاب كي يلتهمها وحده، دون أن يشاركه أي كلب آخر صيده الثمين.

-

View nada's Full Portfolio