الحكي الهمسي

سعيد بن هدالج والحكي الهمسي

كرم الاعرجي

الاستغراق في الحلم الكتابي الذي ينتاب القاص ( فارس الغلب ) في تصوير مراياه في الفعل القصصي الذي أنشأه على صفحات ــ رماله الصحراوية , جاء مكتظا بمزايا الصحراء وماتحمله من موروثات حكائية مقرونة بحياة الطبيعة والانسجام الغائم بين شخوصه ,

هنالك (مونودراما) حكائية ممسرحة داخل الحكي الهمسي على مستوى ابلاغ خيبات (الأنا) للداخل (الأنا) وهذه إمكانية خلق علاقة تتلائم مع صورة اللغة الذي نسجها (الأنا) مؤنبا ( الداخل ) بتصوير ينسجم مع مفاتن عقله , فعندما إبتدأ القاص (هو ) عمله ( خربشات سعيد بن هدالج ) بمدخل يقرن مفردة بأخرى بحيث تشكلت أمامنا صورة ماض يصوره بغيظا قد عاشه القاص (هو ) الناظر على نفسه (الأنا) وداخله المنتظر , ليتحاكما على أساس العقل الباث من (هو ) .. وكل أطراف هذه القصة واحد , وهو القاص ليقول (مزق مسوداتك ) هذا لأن عناده ضد التصحر الفكري في مدار فلكه الدائر في الطبيعة التي هي سببا في الانطلاق الى   ا لمفاهيم ا لا كثر إنسجاما مع عصرنة مايريد أن يألفه ( هو ) ...

وبما أنه محاط بالمفاهيم والتقاليد الآسرة والتي حددت حركة حياته وجعلته يجهش كثيرا باحثاعن مناص وهو الرافض ابدا للمفاهيم الدخيلة  وفي كل لحظة من لحظات تفكيره كان يسأل ويستر أسئلته بمبررات , ثم يعود مشدوها بحكاياه , القديمة التي ورثها ( مذ وجدوا العرب يروون الحكايات ) يستطر كثيرا ليحدد المفردة التي يروم زرعها على شكل سؤال يستفز الداخل في مناظرة يمسخ بها الادب ( الغربي ) ليقول ( الغرب ؟ ) كما أنه يتعارض مع من تأثر بالعلاقة الحميمية مع ذائقة الغرب بكل أنواع التأثر , حتى أنه يسخر منهم بجدية المعرفة كما رواها في تحديد العلاقات المكانية (هنا ) و(هنالك ) ( نقاد درسوا أقليم   ا لتاندرا ) و ( يمتطون الزلاجا ت ) وهؤلاء المتأثرون ( لا يجيدون ركوب الخيل ) تناقض , والحديث فورة ألم في المحاكاة بتلوين مزاياه بين ( الأنا والداخل الأنا ) يكره إستباحة أصالته , وتهميش حياة البداوة ليقول ( أي ذل ) .. ولكنه يبحث عن هدفه ومايرافق عقله من وعي والحوار مفتوح عند القاريء , وكل هذا الدخول , هو سرد نسقي مرتب غارق بالتفاصيل وخارج عن سرية الدخول في وجعه القصصي , إلا أنه في المقطع ( اسمع هذي الحكاية ) كان أكثر إنسجاما مع القراءة في التلويح المنبه للدخول الى عالمه , استهلال يرضي المتلقي , وبالرغم من استخدامه  لمفردات هي أصلا لغة عربية فصحى ولكنها تبدو غريبة في البعض من قصصه لانها تحمل اكثر من معنى وضعها في شغل مناسب هو يراها قد غلقت منافذ الايحاء الواحد . مثلا , الوقش , تنوش , شرواك , حذفي , وهذا لايعني إستخدامها ضرورة والقصد في داخله , فهو مثقف قرأ تاريخه وما ورد من حضارات أخرى , وبما أنه مسكون بالمقارنة والمحاولة في خلق المقاربة في التكثيف الفني الذي هو حقيقة , كان بارعا في تصوير متاعه القرائي الذي كونه من بضع مفردات وضعها بدقة في مكانها الصحيح ليقول في بعده الحزين للماضي القرائي ( ورمى بورقته المنغزة في صناديق ريبتهم ) وهذه الجملة تفسر قراءاته لعلمية الروح بكل مافيها من سماء الصدق والخرافة , وهو مستمر في وصف مساراته عبر زمن عاشه منسوجا بألغام بيئته وانفجار الينابيع بهذا المحور الذي بداخله هو العقل ولا خلل ( تهيؤات تنهش عقولنا ) كما أنه يصف الاحتلالات وتكنلوجيا المعرفة بحيث أنه في العقل يعرف , ولكنه في ( الأنا ) يخاف ( الغول , الدبابة ) وغيرها من آليات لم يألفها المكان , وهنا كانت المقارنة بين ماهية الكرامات عند الأولياء , والصناعة المريبة<الغول الذي جرح الصحراء>ورهافة الحرير بأقدام السعالي , وهذا فارق روحي خارج مايضمره الواقع , ويبقى يصف ويقارن , يلوم داخله وهكذا دواليك حتى أنه كان مصعوقا بصورة لمن ( يلصقون آذانهم على الرمل ) وهم يتحسسون أصوات البلاء ,  لكنه ربطهم فكريا بعوالم أخرى كعالم الجن الذي لانجهله ,

دوخان , دوخان بين أصالة الداخل . والأنا الخارجي المتأثر برفض متواتر , وهنا يطمع بطبيعته عقلنة الصحراء بما يراه معاصرا , وهكذا أصابنا القاص ( فارس الغلب ) من جهة القلب ...


View karam's Full Portfolio