خفوت الضوء

" خفوت الضوء  حريق الداخل"

كرم الاعرجي

التضاد الفني في اللغة بالاضافة الى تضاد الشخصية داخل متون هذه النصوص / مدخل الى تقنية الابداع الحرفي في تكوين الصورة الشعرية / وعبر هذا الخلق الشعري يتمحور الصراع الذي لايخلو من بعض المطبات الاّ انها مدهشة في زمن كتابتها التي تمتد ما بين عام 1978 – 1982 والصادرة ضمن سلسلة ثقافة..

نفضت حزنها عبر اثنتين وثلاثين قصيدة وبمقطعاتها القصيرة .. اجتازت مرحلة الاحتراق الذاتي واسست لمخاضاتها حضورا متميزا .. وان مجموعة (موسيقى لردم الحزن) الشعرية هي بمثابة حالة حاصلة تشظت مكامنها على صفحات المجلات والصحف العراقية والعربية / للشاعر (هشام عبد الكريم) اعتمد الحوارية في انقسام شخصيته الى ضدين يتحاوران عبر مراحل وجوده .. هذا الحريق الروحي المتسائل في ذات واحدة يحرص على تجويد معانيه من اجل اختيار صفحة نبلاء عصره ذوي الاشارات النافلة في الدلالة .. الصمت اشارة لحوارية الداخل حين يبث من سكاته (الحالة اليومية) ..

(كنت تدري،  بانك اولهم حين يلبس اصفاده ، السيد المستباح ..) انه يمزج الاضداد / الباطن الحائر / الواعي مخذول / الباطن سيد الجسد والواعي هو المستباح عكس ما خلفته القراءة .. ان الشرود الذي يقهر الانتماء يحاول الانتماء .. فالضياع واضح غير مستور (وانت رهين .. حزين ، تقايض ليلا بليل ، لكي تسترد النهار ..) .

وبعد كل هذا التمني يقول (انها لعبة ، قاسية) فينحر نفسه بسكين الهباء .. ولن يقدر على ذلك ما الجدوى ؟ انها احتمالات ينسجها هو من خيالاته ليعفر في الريح ويهزم دموعنا بدموعه وكل هذا الجلاء يبنى على الحرفة الادبية / لان الشعرية لا تأتي منسابة كما يريد أي متلق يحاول التقمص لما يخفيه الشاعر .. انني ادين شاعري المقروء وحجتي هذا الحديث الشريف (الحياة خضرة نظرة) الام يكون الشاعر سوداويا لا يبحث عن الجمال لتنسلخ ابعاده عبر مساعيه في الحياة والتأمل .. (لك الحظ شاء ، استويت على قصعة فلتبارك اذن ساعة يولد المرء فيها ، ليعلن ان الزمان ابتدأ) الشاعر مرتاحا لما اشارت له أحدا قه (هو البحر ، قد ناداك  ==== أشار اتخذني خليلا ..) .

وهكذا حبذ شاعري ان يخوض الحياة بطوفانها ..

(وها انت ، وحدك ، دون الجميع ، تؤانسك الوحشة .. ) وهنا يشهر سيفه بوجه الحيتان الذين يتحينون فرص تدميره ..



أما خطاب (اخوة يوسف للمرة الالف) وهي قصيدة يختصرها الشاعر بـ

(لم نكون ، لن نكون ) فوران عتاب واضح بالرفض داخل خطابه لانه عجز امام هول الخالق .. الذي خلق (علم الروح ، إن الدروب ، اذا اشتبكت ، ستظل مسافاتها غامضة) فينقلنا الى مقطعات لم يحسن ترتيبها بالعناوين ولو حاول لكان الابهار اكثر بهاء / من

ص 25 قصائد تنتمي الى قصيدته (أتعاب الفتى الكبير)حتى قصيدته الموسومة بإشارات ص48 لذا فسأختار بعضها كي توضح ما ينبجس منها ..

(بلقيس) القصيدة وهديلها الذي هو مفتاح ابواب حياته المقفلة لا يبوح لها بسره وذلك لاثبات رجولته كتكوين فحولي لا يهتز امام انثاه وهذا ما نجح فيه حين اعلن (تهتف ان أجئ ، لكني اخاف ان اسكنها ، فتعلن العصيان ، وهذا يشير الى الضد الداخل / الواعي الباطن يريدها انثى / الواعي الظاهر يريدها مسار .. ويبقى منشغلا بشطريه (ولم يحصد غير الخيبة) كما يقول ..

لهشام عبد الكريم صحاب كثيرون واهداءاته تسوقها حرارة صادقة فيميط اللثام عن شاعريته ليسمو في مقطعه الذي يتجلى بحرف دلالته النهر الى يباس وهذه مزايا تاملية  لحالم مثلما خلته نازع لممالك لا تنتمي ، مورق ، وحواليه ينساب نهر يابس ، ماذا ستجني من النخل والبلح الحلو قد حاصرته الرياح .. ) انه محاصر بالهم ..

منتمي ولا منتمي .. مرعوب وبطل .. مستمر .. ولكنه سرعان ما يصل الى نقطة الانطلاق يصرخ به الداخل لتخفت موسيقاه وينهض الحزن .. فتتوقف آلة الردم.

View karam's Full Portfolio