شرح عوالم ماجدولين الرفاعي ـ الحلقة الحادية عشرة

الحلقة الحادية عشرة من شرح قصة (تباَ لك ايها الموت)

للسيدة المبدعة ماجدولين رفاعي

المنشورة على هذا الرابط في جريدة الاهالي



http://www.ahali-iraq.com/viewarticle.php?id=3534&pg=index&art=mp



...................................................................................................



بقلم جمال السائح



...................................................................................................

...................................................................................................



تقول ماجدولين :



هدايا كثيرة حولي..



لكنها لا تستأخذها

لان اعظم هداياها كان القدر استلها

ومن بين يديها

لم تفكر انها هي الاخرى

كانت تعكس صورة ما تراه من هدايا

لانها هي الاخرى ما كانت

الا هدية القدر لمن حولها

ارجعها اليهم بعد طول لأي وانتظار

ولماذا تفكر بالهدايا

ولماذا لها ان ترى الهدايا في مثل هذا الظرف

الذي ينسى فيه المرء كل هدية واخرى

لكن  الامر كان يعكس نورها الاخاذ

وما كان لها ان تجرء على ان تغمض عينيها عن التحديق في ضوئه

لانها هدية

ونورها ينعكس

ليصور لها الهدايا

لانها كانت امة في امرأة

هي هدية

وحولها هدايا

اذن هي كانت تمثل امة بحالها

وهي شخص واحد

الم نسمع امة في رجل

لكننا هنا امام امة في امرأة

حار بها كل من تفقدها

وانتظر عودتها الى الحياة

بعد مفارقة مؤكدة

فكان للجميع ان يعبر عن فرحته

ويؤكدها لها

بان يبحث لها عن هدية

يشتمل بها امامها

ليعبر عن مودته لها

فاصبحت هدايا

تعبر عن لغة المجموع الودية

لكن اثبت الموت عزته

انه لو اجتمعت البشرية جمعاء

على ان تعيد احدا الى الحياة

ما اعادته الا بكلمة سر مودعة فيه

ومن قبل الاله صاحب الموت وخالقه

لانه لم يفدها كل جمعهم

وتواطئهم ضد الموت

وان اجتمعت كل فلولهم

اذن قدرة الحب تتغلب على القدرات كافة

وقدرة الحب تقهر كل القدرات المجموعة

لانها تمثل عنوانا لها جميعا

ان الخليقة كلها تجتمع في حب

او في الحب !

يعني فلسفة الاقدار وعنوان الخليقة

ما كانت تجتمع جميعها الا في عنوان الحب

وملحميته

وانه ليس فقط مشاعر واحاسيس

والفاظ ومفردات

انما عمل واثبات وبرهنة

وطاقة وتفعيل

وانارة وايثار

وتضحية وتنسيق !



...................................................................................................



تقول ماجدولين :



وكلمات هنا وهناك: كل عام وأنت بخير!



ترى ماذا يريدون بذلك

هنا تساؤل ضمني

انها لا تعدد او تحصي لحبيبها

كي تعده بحياة جذلى ان هو عاد اليها

وانه هو الاخر سيكون بانتظاره مثل ما انتظرها الان

لا بالطبع

لكنها تشرح له ظروف وضعها العصيبة

مع ما تحفل به نفسيتها من هضم وانفعال

لكن الاجواء الخارجية من حولها تملأ عليها نفسها

بما يتصورون انهم يقحمونه في غرضياتها

كي يعوضونها الان عن حرمانها

وبشكل آني مؤقت

ليعقبه فيما بعد كل خير

لكنها ولحد الان لا تعرب عن شيء

انها فقط تتساءل

وتستعرض الحال لحبيبها

كمن عاد يسجل مذكرات له

او يحسب اياما له في مفكرته

او ترك حبيبه شماعة يعلق عليها افكاره

ويناجيه

كالاله

كلما فقد القدرة على الكلام

مع من حوله

ربما للبطلة ان تتقمص حال الكثيرين

من الاحياء

الذين تتقطع بينهم وبين الناس كل الصلات

فلا يعود لديهم حبيب يكاشفونه السر

خوفهم عليها من الافشاء من قبل الاخرين

كمن يصير لا يطمئن الى احد

فلا يكاتم سره احدا

ولا يجد من يفهمه

لكن بطلة ماجدولين

كانت وجدت في حبيبها

شخصا يفهمها

حتى ولو لم يعد

لكنه اصبح شخصا يعيش في داخلها

يمكنها ان تصارحه بما يثقل عليها ان تبادر الاخرين به

او يثقل على هؤلاء تقبله مثلا منها

اذن هو شخص المهمات

والقابل للثقة

والموعود المعتمد

لانها غالبا ما تجده امامها

من دون ان تراه

لكن خياله لا بد وان يتجسد امامها !

هكذا تفعل بها الايام

وتلك التي تغيّبها من دون علمها

او بالرغم منها

اذن هو الاخر

الزمان

كان له دور مع الدهر

ان يتلاويا كي يشدا عليها

لكن الحبيب

وذكراه

كانا ولما يزالا يعيشا في دخيلتها

لذا هي تحاول التغلب

وبمعاونة الحقيقة الماثلة امام عينيها

الان

هذه الاخرى

تسجل حصيلة وسجل لارقام بيانية حقيقية

لها ان تشهدها بفكرها وحواسها واعضائها كافة

وهنا يجتالها الخير

وكل عام

اذ ان السنوات هنا لا بد ان تمر جزيئاتها

وبصورة فكرية تامة

ووفق مد حياتي معاش

اذن لحبيبها ان يعيش معها في كل عام

وهي اذن لتبشره بخير عامر

لان ما تناله لا بد ان يناله حبيبها

هكذا لها ان تفكر

والا فانها اثبتت انها من النوع الذي لا يطيق

ان يعتمر لون لذة ما

او يستمتع بشذى عطر ما

او بندى خصلة من حياة

من دون ان يكون الحبيب الى جانبها

او ان ينال من مثلها الشيء الاوفى

او حتى اليسير منه

اذن هي ليست انانية

وكل عام وانت بخير

لا تمر عليها لوحدها

هي الاخرى تطالب حبيبها

ان يهنئها كما يهنئها من حولها

كي تستجيب لهم

لانها تعتقد ان سلامتها ايضا

هي امر يهم نفس حبيبها

والا فكيف له ان يكون حبيبها اذن ؟ !

فيجب ان يشاطرها حبهم لها

وحبه لها عربون لا يحتمل نهائية

لا في الدنيا ولا في الاخرة

فاذن

هي حينما تحاكيه كل هذه المحاكاة

تطالبه ان يكون الى جانبها

كي يشهد عرس عودتها الى الحياة

وبالشكل الكامل

لذا هي تستبطن وعيا دافقا

كي تمد بجسور الحس

ما بين العالمين

عالم الشهود وعالم الغيب

واذن هي انسانة غيبية

لكن بثياب شاهدة

لمجمل الاحداث وبكافة التصورات !



...................................................................................................



تقول ماجدولين :



انه يوم ميلادكِ..



هنا الموقف الجميل

يوم ميلادك

يعني انك ولدت من جديد

بعودتك الى الحياة

وخلاصك من شر اكيد

يمثل عمرا جديدا

منحه الله لأمته

الوفية

لمن حولها

باعتبارهم انهم يرونها قد حنت اليهم

ولم تقبل ان تتركهم في محطات الالم يسترسلون

فعادت كي تعيد مياه حياتهم الى مجاريها

تلك الحياة التي آلت الى جحيم بسببها

اقصد حياتهم

لانهم اغلب الوقت حولها

وهذا يعني انهم تركوا اشغالهم

واعمالهم وحيواتهم الشخصية

واصبحوا يتحلقون حولها

يتفقدونها بين الفينة والاخرى

كي يطمئنوا اليها

ويتحسسوا نبضها كالمعتاد

واذن هي شاطرتهم الالام

وعوضتهم عن حرمانهم منها

بان عادت اليهم

وهذا يمثل عودة للميلاد

ولهم ايضا

لانهم هم الاخرون كانوا يعيشون الامرّين

وباشد منها

لانها في غيبوبة

وهم في حاضرة الامر

وشتان ما بين الذي تبلغ به المعاناة اوجها

وما بين يعيش حالة السببية لخلق المعاناة للاخرين

نعم

ربما يكون الاخير اشد ايلاما لشخصه

باعتباره هو المتسبب

مثلما يقود احدهم سيارة

ويصطدم

وبسببه تتلف السيارة

او تزهق روح احد الركاب الذين كانوا معه

فمع حالته الخطرة

وعودته الى الحياة بعدها

لكنه حين يستذكر انه السبب في كل هذا

فان عذاب الوجدان سوف لا يمهله

لكن هنا

الامر يتوحد في بطلتنا

لا نجدها مكترثة بمصيبتهم بها

كل هذا لانهم لا يتفجعون على حبيبها ربما

او لا يفهمون حبها له

او لا يفهمون لغة العصر التي تعيش فيه

او لغة زمانها ولغة الحب

التي تكتنف كل مشاعرها وشعورها الخاص

او انهم بعيدون عنها

رغم قربهم منها

بعيدون عن افكارها ونهجها وطريقة عيشها

قريبون منها نسبيا او صداقتيا او معرفتيا

كثير هم الناس الذين نتعايش معهم

لكننا حين نحتاج الى احدهم

لا نجد اي منهم حولنا

وكثير هم الناس الذين نتعامل معهم كل يوم

ويحبوننا ونحبهم

لكننا حين نختلف معهم في مبادئ يسلمون لها

تجدهم لا يتكاتفون معنا

ان لم نقل انهم سيودعون صداقتنا

وان لم نقل ايضا ربما قلبوها نكدا وغما موجعا

هنا الصورة تتشابه

لكنها غير مفعّلة ولحد الان

مشوبة باعراف وحزن وفرح

وتقاليد تعارفت عليها الاكثرية

والتي ان تطع غالبيتها يضلون المرء عن سبيل الله

لكن هذه ايضا بشرطها وشروطها

فضلا عن ان الاقلية ايضا تفصح عن مسائل

لانه ما آمن معه الا قليل

هذه الاخرى ايضا تدلل على نفسها

وفق شرطها وشروطها المتعامل بها



...................................................................................................



تقول ماجدولين :



ميلادي !!!!!



هنا التساؤل غير المدهش

سؤال طبيعي

يطرحه القارئ قبل البطلة

لكن فرق عظيم ما بين الاثنين

ربما لا يتعدى سؤال القارئ

ان الامر طبيعي

لكن لنتجاوز هذه البدهية

غير ان البطلة

تستعيض عن نفسها بنفس اخرى

ايتها النفس الاخرى

كيف لك ان تعيشي ميلادا اخر

وحبيبك قد اغلق صفحة ميلاده الاول واليتيم

هذا التساؤل له ان يطفح بمثل هذه الاجابة

لان ما سيعقب كلامها

له ان يؤدي مؤدّاه

وله ان يقحم الانا غير المستوفية حقوقها

في كل القضايا من حولها

انها تفكر في نفسها

ولتعلم كم اصبحت متعبة

بثقل نفسها والامها

والام الحبيب

وحبها

ومشكلات الاخرين من حولها

هي الاخرى لها معاناتها ايضا

لكن معاناتها مع حبيبها غطت على الجميع

غير ان كليات مكابداتها لها ان تستفيق وبشكل اخر

ان تجتمع في مشكلتها مع فقدان الحبيب

لتشكل وخامة وزنية اكبر

تتراتب عليها كعبئية متخمة بالقيض غير المسلّي

هذا ما كانت تحسه

لذا ارادت ان تتنفس قليلا

عبر اثاراتها لكلمات الاعجاب

من كل هذه الافراح حولها

وليس من عيد ميلادها

لانه بدهية مسلّمة ليس الا

لكنها ارادت ان تشارك الجمع من حولها افراحهم

شريطة ان لا تنسى حبيبها واتراحها معه

وان تستعذر من الحبيب

وتطالبه ان يسمح لها بان تفرح معهم قليلا

وان يصفح لها ان هي فعلت

لان الظرف حولها يطالبها بمثله

ولان وجوههم التي تكتنف وجودها هي الاخرى

تسائلها ان تشاطرهم فرحتهم بعودتها

والا فلا معنى لان يهلك الانسان نفسه

وهو لما يزل يعيش في حياته

يفنى وهو يعيش

امران متناقضان

حري بصاحبهما ان يهلك هلاكا موجعا

ومن دون ان يمسه طائف الموت

ولا زائر الكونيات المغيّب !

هنا تبكيت خاص

وتسريع في عملية التوليف الحياتي

كي لا تغامر في اشباع انفاسها بكل الاثام

اقصد ما تتصوره كذلك

تحاول  ان تتكيف

فلا تفرح كل الفرح

خوف ان تندلق من افواه من حولها كل كلمات السؤال

انظروا

اليها

كنا نتأذى بسببها

انظروا الى فرحتها

لقد آذتنا حقا

وهي الان تفرح بكل بساطة

انظري الى ما حل بنا بسببك ايتها ....

والان تضحكين بكل بساطة

ربما تعلو مثل هذه التساؤلات والمؤاخذات الآثمة

من بعض الانفس الجاهلة

لكنها تتحرص كل الحرص ان تكون اهلا لمثل هذه المواضع

وتكون عند حسن ظن حبيبها

وعند حسن ظن من حولها

فيجب ان تشاطرهم هم ايضا

شيئا من مأساتهم

ولا تفرح كل الفرح

وان تتصنع شيئا من الهم

والالم

وشيئا من اثار الجرح النفسي والشخصي

تتركها علانية في سحنتها وملامحها

كي لا يشعر من حولها

انها كانت قد غررت بهم

وبالتالي

ربما تذوب صورة حبيبها من آفاق اعينهم

وبذلك من المحتمل ان تتلاشى او تضعف قيمة الحبيب لديهم

وربما يضعون حبها تحت السؤال

ونصب الامتحان

هل لمثل هذه ان تشعر بعذاب الحب

هي تحاول التكيف تدريجيا

كي تعود الى الحياة

لانها كانت آمنت بانها لا محالة لها من العيش

عليها ان تواصل العيش

ربما من اجل ذكرى الحبيب

ومن اجل نفسها

لانها ما زالت على قيد الحياة

لكنها لا تود ان تفجر مثل هذه الفرحة ايضا

رغم فقدانها الحبيب

لان لها ان تنثر عطر قصتها بين الاكناف

وبين الاحضان

وبين القلوب وفي كل الصدور

فلحبيبها ان يعيش في كل القلوب

وان يتوزع القه في صفحات كل الوجوه

وليس وجهها وحده

وبذلك تكون قد آمنت بحبه

ووجوده العفوي

وحبه لها وحبها له

وتكون قد وفت له

وقد أدّت كل ما عليها ازاءه

وكل ما تقدر !

من دون اشعار باي خطر يكاد يهددها

او يهدد ذكراه في القلوب

او حتى الطعن على شخصيتها

ونفسيتها

ومقدار ولائها للعواطف

خوف ان يتربص بها الاخرون

ويسجلوا عليها مؤاخذاتهم

لم تبرح ذكرى حبيبها اليوم

وهي الان تضحك وتبتسم

بالامس تخلت عنه عنوة

واليوم تتخلى عنه ببسمتها

ومن تلقاء نفسها

وفي ضمن خياراتها الشخصية !

.......................

هذه التساؤلات عادية من الجميع

فهي الان تهيء نفسها لمثل هذه الشكوك

والنظرات المؤلمة

عليها ان تعيش المرّ

وتعايش بصورة أمرّ

حقا ان بطلة ماجدولين تحيا ازمة كوارثية

لكنها تحاول الخروج منها تباعا

ومن دون اي تورية

لكنها مستجيبة

لنداء الواقع

بمعية الحب الوارف

الذي له ان يظلله

او ان يتماشى معه

قدم بقدم وشبر بشبر ..



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تمت الحلقة الحادية عشرة وتليها الحلقة الثانية عشرة باذن الله

مع تحيات جمال السائح

2006-3

Almawed2003@yahoo.com

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh




View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: