دراسة نقدية فنية في لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي

دراسة نقدية فنية او بحث تصويري

في لوحة الموناليزا

للفنان الايطالي ليوناردو دافنشي



ــ  الحلقة الاولى  ــ



(قراءة عامة غير شاملة وغير مستوفى الغرض منها )



(1)



بقلم : جمال السائح



لوحة كان رسمها الفنان الايطالي ليوناردو دافنشي لفتاة ايطالية ابنة احد التجار الايطاليين ...

سنحاول ان نطوف ونتجول في وحيها المرسوم عبر التركيز على شيء ما او اشياء وبالضرورة مما يتناسب وطبيعة القراءة النفسية والفنية لمثل هذه اللوحات الفنية

الرسم عموما يحاول تصوير تلك الصورة المطبوعة في ذهن الرسام نفسه وقت تحريكه لريشته القلمية وطالما كان يوحي بشيء من الوعي بكافة ملابسات المنظر او الطبيعة او الشخصية او القطعة التي يحاول ومن خلالها بلوغ وعيه مطالب شتى حول تقنية البرهنة على وجود مثل هذه الصورة في ذهنه الكبير ليعود يلقيها فوق اللوحة البيضاء بعدما يحاول ان يستقطب مفردة مفردة منها ثم ينقلها بايحائه الخاص او طبق قدرته البالغة في المكنية وفق مساعيه المبذولة وقتئذ من اجل السيطرة على عملية النقل المجزوءة .. نقول مجزوءة لانه لا يمكن تحريك عصب الحياة في اللوحة وباطلاقة واحدة كن فيكون وكل عمل ينبغي ان يمر بجملة مراحل بدائية ومن ثم متقدمة ومن ثم جملة في التركيز ليحوز العمل على التفنن في القدرة والمستطاع في بلوغ الهيئة الاخيرة من المنجز التجربي ..

اعود لاصادر على مثل هذا بطبيعة الحقائق البديهية والتي تفترض بالانسان قبول مراحل العمل وفق تعاطي المقطعية في سبك الوحي العملي في كل مشاركة او عمل او مشروع

لا بد ان يقتضي من المبدع اسقاط جزئيات معينة لها ان تتوارد في مراحل من الزمن ، لها كذلك ان تتشاكل وتتجانس وفق المقاطع المترافدة على نمطية العمل ومقتضياته الواقعية التي كان اتاحت للمبدع القيام بمثل ذلك المنجز

فلو اراد النجار صنع سرير ما كان له ان ينجزه بنفس السرعة التي ينجز فيها عصا ..  مجرد عصا .. صناعة العصا .. لا تستلزم كل ذلك الوقت الذي ينفقه النجار لصناعة سرير وفق مواصفات خاصة

ولكن ربما لوحة صغيرة وفق تخطيط بقلم الفحم او الرصاص وغيره ربما لا تحتاج الا الى وقت قصير .. مجرد وقت قصير

لكن من الممكن ان نقع على فنانين او قصاصين او كتابا وشعراء لهم ان ينجزوا مقالاتهم ونصوصهم باسرع مما يتصوره المرء

كذلك الرسامين هذا ديدنهم وليس جميعا

ولا نقول انهم ينهضون باعمالهم وفق حوليات يتناوبون على امتطاء ظهور ازمانها بكافة ازماتها للوصول الى انتاجهم المشروع والخاضع بعدئذ لتقييم المفكرين من حولهم كما حصل مع اصحاب الحوليات من فحول شعراء العرب في ايام الجاهلية بما في ذلك ما ينسحب على معلقاتهم السبعة والمعدودة ربما باكثر من هذا الرقم او غيرها ممن لم تدخل في مثل هذه الاخبار او هذه السمعة وهذا الصيت او لنقل كلية تحت مثل هذا العنوان او الاصطلاح او حتى التسمية ..

نظرة سريعة في لوحة الموناليزا

1 ــ

فتاة شابة نضرة للغاية

ما سنلمحه فيها

ونرصده في ملامحها

هل صنعه نفس دافنشي

ام انها هي نفسها في الحقيقة والرسم هكذا

لها ان تتنسم صبغة خاصة

يمكن ان تعكس وجهات نظر خاصة تتعلق بها

سنستعرض شيئا من هذا

ولنا عود كثير على مثله

لانه محور حديثنا

او انه سيكون كذلك ..

شابة مشبعة بالفضول

نظراتها اقصد

لكنها جامدة في ولعها بالوقوف امام رسام

صامتة بكل ما فيها من معاني

لا تكاد الفتاة ان توحي بان لرجل يمكنه ان يغالبها

نظرتها المرسومة فيها مكر مشاع

ليس لوقفتها اي تداع سوى سكوت لا بد ان يُخشى منه

ولا يخشى عليه

فيها من النقائض الكثير

لو لم يقل لنا احد من قبل ان دافنشي هو الذي اسقط ظلالها فوق لوحته بوقع ريشته لكان لنا ان نقسم انها صورة فوتوغرافية قديمة كانت التقطت في اوائل تلك الايام التي تم فيها اختراع آلة التصوير !

لكنها باردة وساخنة في نفس الوقت

بامكانها ان تنفجر في نفس المتلقي الذي يتطلع اليها

تكاد تحاكيك للحظة الاولى التي يمكنك ان تتطلع اليها فيها

تكاد تغزوك بكل جرأتها الصامتة

تكاد تخيفها بان بامكانها ان تصرخ في وجهك امام ملاء وبكامله

هذا ما توحيه لي الصورة برسمها والوانها وحتى بفرشاتها غير المرئية ..

سعادة المرء ان يرى تلك الفرشاة التي رسم بها دافنشي مثل هذه اللوحة او كم فرشاة استبدل لكي يصل باللوحة كل هذه العظمة الفنية او كم من الساعات والايام كان صرفها وانفقها لاجل هذه اللوحة

اعود لاتساوق مع وقع اللوحة بكل تشوفاتها التي تعنيني حين اطالة النظر اليها والامعان في كل مبانيها المتوزعة على معظم اديمها لانه ولو كان لمجملها ان يختلط في جملة من التناغمات الرسمية المتجانسة والمتشاكلة مع بعضها البعض لكن وجه الموناليزا يكاد يطغى على كل شيء

وصدرها

وثدييها المحبوسين خلف ثوبها المتصابي في القدم

حتى انفاسها اكاد اشعر بها

وهي تشعر بي

والجميل ان كل الفنانين كانوا وثقوا ان الموناليزا تنظر اليك طالما كان لك ان تغير من مواقع النظر وزوايا الملاحظة

وهذا ما اكتشفه فيما بعد حتى الاناس العاديين في كل اللوحات المرسومة او الصور الفوتوغرافية الملتقطة والتي لها ان تنظر الى المصور في زاوية تعني بالامر كل من يحاول التربص لها بالنظر والتركيز على صبغة من الوانها المتوزعة او عدمها حين تمايزها وفق الاسود والابيض ان لم يكن فيها من الانحراف ما له ان يميز تساقط ظلالها الاشعاعية التي لها ان ترمز للناظر اليه بوسع المقلة التي تشن وطرها في الاطراد البصري !

في الموناليزا اشياء عدة

يمكنها ان تخبرنا عن وهج الجنس في عينيها

مرات حينما انظر اليها اتميز فيها شهوة ليس لها نظير

لكنها في نفس الوقت لا تمنح مسوغاتها لاي كان

في نظراتها حرمان

ومكر مزمن

وحقد

وبغضاء

وحب

وابتذال

وسخف

وتطاول

وعظمة

وكبرياء

وصنعة وفن

وحذقة وتملق

وارتكاب للخطيئة

وامتهان لكل الاعراف

واستكانة الى العرف

والاصغاء الى وقع السكك المالية

والانصراف عن اللهو وقت العمل

والاذعان للحبيب وقتما تشاء هي لا هو

ومرات هي تتصاغر بكل هذه النظرات

لترسم في اعيننا وهجا متطايرا من الحسد

حسد او غبطة تتملك المستوعب لمنطلقات وجهها

وهي انها تشتمل على كل ازمنة المجتمع

ووقع تصوراتهم النظرية والعملية

بكل ما تحتويه رنة الاشتمال ..

الذي يتطاير من حدقتيها

او مجمل مآقيها

بما في ذلك زاوية النظر التي ..

ترسل عبرها كل اشعتها الخلابة

من الوقع الحاد في اعين كل من حولها

كمن اصبح يشع من دون اشعاع

ومن دون اية واسطة

تحاول نقل البرهنة المشعة

من والى كل ما ينوء بثقل مثل تلك التصورات ..

الحقيقية والواهمة ..

المتخيلة وغير المبرهنة بصدق

ومن دون مواربة

او شحة في التصور العقلي والمنطقي

وصولا الى تشوفات التصديق في المبالغة

حين التحديق في جماليات هذه اللوحة

ثم انها توحي ابدا

بتلك النظرة التي تتصاغر امام الفنان نفسه

ذلك الذي اوحى لها بضرورة التعنت

وقت انطلاقة مثل تلك العينة من النظرات التي ..

كان لها ان ترسلها

...................................................................

تمت الحلقة الاولى

من دراسة نقدية فنية في لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي

وتليها الحلقة الثانية انشاء الله

2006-02-20  




View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: