القسم الثالث من دراسة نقد السينما للفلم الامريكي : المم

القسم الثالث من الدراسة النقدية للفلم السينمائي الامريكي : الممرضة بيتي

...................................................

صور التقمص في حالات من اللاوعي عبر تحليل للفلم الامريكي : الممرضة بيتي

الفلم من انتاج عام 2000

................

فلم سينمائي بعنوان الممرضة بيتي

انتاج شركة جراميرسي  للتصوير بالتعاون مع باسفيك فلم للتوزيع

لعام 2000

اخراج جين يويس ايسكوفاير

......

المنتج المنفذ

فيليب استيوير ـــ  استيفين بيونير

انتاج

جيل موتروكس ــ  واستيف جولن

......

والفلم عن قصة للكاتب جون سي ريتشارد

......

الفلم من بطولة :

ريني زيلويجير بدور الفتاة الشقراء العاملة في مطعم والتي تعيش احلام اليقظة

مورجان فريمان بدور الرجل الاسود الكهل المتعقل للامور

كريس روك بدور الفتى الاسود المتهور والمغرور ويسلي وهو ابن الرجل الاسود

جريج كنيار بدور الممثل الذي يؤدي دور دكتور ديفيد راويل في المسلسل المشهور في داخل مشاهد الفلم والذي كان تحت عنوان الداعي الى الحب

.....

بالاشتراك مع

آرون ايكخارت

كريسبن جلوفر

اليسون جايني

برويت تايلور فينسي

...............

تتخلل الفلم 16 اغنية مختلفة طبقا لتداعيات المشهد

..............



القسم الثالث

.................

( 28 )



بيتي !

تلك الشخصية المتأرجحة

والمعلقة ما بين الخيال والحقيقة

ما بين الامال بزوج يمثل حسها العاطفي

ورصيدها المستقبلي واملها الوافد

وبين حياتها المشبعة بالالام والجهد

والتعب والاعياء ..

مع كل ما تعكسه من متناقضات

لا تشي بظروفها الصعبة

والوان حياتها القهرية

حيث تعيش مع رجل لا يمثل تطلعاتها

لكنها لا تكف عن الابتسام له

والتحبب اليه

وخدمته

وطهي الطعام له في البيت



( 29 )



هذه النقطة فريدة

لانها تعد الطعام لزوجها في البيت

حسبما قالت لصديقتها التي مرت عليها حين عودتها اليه

وحسبما اثاره لنا مشهد تناولها الطعام مع زوجها

كل هذا يشي بحس عجيب

تتمتع به ظواهر الحضارة الامريكية

وعصور الحياة الجديدة



( 30 )



ثم تعود الى المطبخ داخل المطعم

ليفاجئها العمال والعاملات هناك

ويهدونها صورة كبيرة جدا بطول نفس بيتي

منحوتة فوق الكارتون

لنفس بطل المسلسل الذي أسرها وهو الطبيب ديفيد



( 31 )



ثم تتسلسل مشاهد الفلم لتعبر لنا عن سوء العلاقة

بين بيتي وزوجها الذي كان يختلف في تفكيرها عنها

ويتشاكل معها في وجهات النظر

سيما تجاه المسلسل واغراضه الحياتية والاجتماعية

مع انه ابيض

وهي بيضاء

هو اشقر

وهي شقراء

لكنهما لم يتفقا

ولم يخلصا الى نتيجة تفاهم في وجهات النظر

او حتى احترام لرأي الاخر

سيما رأيها المعجون بعشق الرومانسية

وحب بطل المسلسل حدا متهالكا

ومن ثم تقمص وحي حبيبته

وشخصية عشيقته

ومن دون ان تشعر

وبفضل قوة عزم خاصة وراسخة

في وعيها الخارجي

وفي كافة صور اللا وعي

المستترة في داخلها  



( 32 )



وهي ما تزال غارقة في مشاهدة المسلسل المفضل لديها

حتى حينما تكون في البيت

قبلها تمر على صديقتها

وتتداول معها على وجه السرعة

في خلال حديثهما ماذا سيحل في احداث المسلسل

وهل للدكتور ان ينتظر خطيبته الاولى وهي الممرضة

ثم تهنئها صديقتها بمناسبة عيد ميلادها

جرى مثل هذا حين استعادت من صديقتها شريط المسلسل الذي كانت سجلته

تركتها على امل ان تعود الى البيت لتجهز العشاء



( 33 )



ثم تنتقل بنا المشاهد الى البيت

مع زوجها غير المتفهم لها  

وهو يخبرها عن قدوم مشتريين جديدين هذا اليوم

ظاهره كان يعمل في التجارة

لكنه كان يبدي نقده من المسلسل انها تظهر حياة مزورة

بينما تقول له انها ما تحبه فيهم يعني حياتهم المزورة

تتلقى من ابويها معايدة تبريك بمناسبة عيد ميلادها

لكنها لا تتلقى اي مباركة من زوجها



( 34 )



ثم ينتقل بنا المشهد الى المساء والليل

حيث يستقبل زوجها اثنين من الشركاء في تجارة

لا يكون من ظاهرها الا تجارة عادية

وما كانا هذين الا نفس الكهل الاسود وابنه

اللذين كانت تخدمهما بيتي في المطعم

في نفس نهار ذلك اليوم !



( 35 )



ما ابدع الصدف

هي تقر في غرفتها تتفرج على نفس مسلسلها المفضل

وزوجها مع الاب والابن يتحاور

لكنهم لا يتوصلون الى اي اتفاق

وواضح ان الاثنين الغرباء كانا يعدان العدة لمحاكمة زوجها

مع اننا سنعلم ان الاب الاسود كان يحاول اخافة زوجها دون قتله

لكن ولده يسارع في الاجرام والتعذيب

حتى يضطر الزوج الى الهرب

مما يستدعي تدخل الاب الكهل

لاجل حسم الامر بعد تطوره

بسبب من حماقة الابن غير المسئولة

من دون فهم لما يصنع

ومن ثم سيتذرع لابيه بانه هو السبب غير المباشر

في صنع مثل هذه الجريمة

حتى يجيبه الاب انه ما كان يفعل الا لاخافة الرجل

لكن تهور الابن

هو الذي قاد بالاحداث الى مثل هذا التطور الفجيع !



( 36 )



سيضعنا المخرج امام هذه الحقيقة

وبشكل فاعل محزن مثير للريب والاشمئزار معا

حيث ان الابن يلقي باللائمة على الاب

اذن الجيل الخلف يلقي بطائلة الازمة على الجيل السلف

وانه لا يفهم لغته

ولا يستطيع جيل الامس ان يتمثل لغة

تناسب لغة جيل اليوم ..

والذي ما عاد يستوعب مفردات هذا الجيل الابوي السابق

والتي باتت عصية على الفهم



( 37 )



فما عاد يمتلك ادوات يفهم بها لغة الاسلاف

ولا عاد بوسعه ان يعبر عن ابجديته

تجاه سلفه الغاضب وبكظم لكل تحرشاته

الا بلغة الموت والقوة والرهبة

التي علموه اياه هم انفسهم

الذين بدورهم كانوا سقطوا

تحت وبال تاثير التيارات الحضارية

وطائلة تلك الصراعات العرقية

التي حفلت بها المدنية الحديثة

والتي كان لها ان تفرز معضلات شتى

الى جانب تفعيلها لنفس معضلتهم اللونية المتوارثة

ابا عن جد !



( 38 )



وليس من وسيلة لفهمها واستيعاب محتواها

الا بلغة القتل والاجرام والانتهاك

والخروج على القانون

اذ ان هذه اللغة تعني ان حل الازمات

لا يتم في مثل هذا العالم الرأسمالي

المليء بالخيانات والحماقات

لا يتم الا عن طريق اخذ الحق بالقوة

او استمكان الوضع عبر زرع الجريمة ..

في ساحة الحياة وميادينها الاجتماعية بيومياتها



( 39 )



بينما ظاهر الحياة البيضاء لا تتمثل كذلك

لانها لا تشتمل على ازمات تنتهك يومياتها

بمثل ما تنتهك يوميات السود

وبكل صراحة بشعة

غير مستترة في الفلم

بائنة وبشكل جلي غير زائف !



( 40 )



هذا في نفس الوقت الذي كان المشهد

يتوتر عند الزوج مع عميلين خائنين

كان المشهد يتأزم في داخل المسلسل التلفزيوني

والمفضل عند زوجته بيتي في الغرفة المجاورة

التي كانت مغلقة الباب

فما كانت وفي خضم انشغالها



( 41 )



بمتابعة المسلسل ان تعلم ما يدور بينهم

حتى يتم شد وثاقه ومن ثم قتله

وهي لا تدري ما الذي يحدث لزوجها

لانها كانت منشغلة ومأخوذة ...

بنفس المسلسل التلفزيوني المفضل لديها

كانت تتقمص حالة الحبيبة مع الدكتور ديفيد

كانت تعيش معاناتها وحبها بكل مشاعر الالم

وكانت تغرق في تقمص مثل هذه الحالة

وبشكل يعزلها تماما عما يحدث لزوجها



( 42 )



لكنها تتنبه الى صوت زوجها المعذب

فتنهض تراقب الحدث من الباب الموارب

في ظل هذا الحدث الذي تسبب به الابن ..

في تخويف زوجها بسلاح حاد

عن تهور في نفس الوقت الذي كان فيه الكهل ابوه

يعمل ومن خلاله على اخافة الرجل

لحمله على الاعتراف

واقناعه بضرورة الكلام  

حتى تدخل الاب

بعد ان وجد الزوج يهرب من تعذيب الابن بسكينه

عبر اطلاق الرصاص باتجاه زوجها

النازع الى الهرب من يديهما

واردائه قتيلا



..............................

انتهى القسم الثالث ويليه القسم الرابع من الدراسة

..........................



جمال السائح

Almawed2003@yahoo.com

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh

View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: