قصيدة نثرية : تلك هي الايام

قصيدتي النثرية



تلك هي الايام !



( 1 )



ها هو العام الجديد يقترب

وهاهي ايامه تحل علينا قريبا

وكل شيء فيه يسلم على راحلة العام المنصرم

وها نحن كلما صرنا على اعتاب موسم جديد

نصير نودع وبشغف وحنين ..

ايامنا تلك ..

تلك التي كنا خلفناها من ورائنا



( 2 )



هاهي الاطيار تغذو وتطير

هي نفسها ..

ونفس تلك العصافير التي كنا رأيناها ..

في العام المنصرم

وها نحن بدورنا ..

نتطلع اليها ومن جديد

فنرى اليها ..

كما لو كنا نراها لاول وهلة



( 3 )



احبتي

هذه فرصة جديدة ..

سانحة ..

ولكل الحب !

هي فرصة متاحة

كي نتبصر بما كنا عليه

ونستيقن بما صرنا اليه

ونعيد قراءة كل اوراقنا

ونراجع كل احلامنا

ونستعيد صور احبتنا ومن جديد

ونفتش عن اولئك الذين لم نرهم منذ زمن

وعن احبة لنا معهم خصومة

كي نلقي اليهم بتحية الحب والوئام

ونرجع لنقول لهم

كل الحب يعود

ولكل الحزن ان يهاجر

ونقول لهم ان عجلة الحياة ..

وان حثت خطاها بين الفينة والاخرى

الا ان ما كان لاحد سوانا

ان يفهم لغة الحب وان كانت عجلى



( 4 )



احبتي

لا تنسوا رفات من رحلوا

هم الاخرون ينتظرون منا سلاما

ويحنون الى لقيانا

ونحن نحن الى لقياهم

حينما نعيا في العثور عليهم

بعد ان نجد في البحث عنهم

ولكن ما منهم يعود

سوى صدى قديم

يتناءى بنا في البعد

لكننا بتنا نشعر بخطوهم

وهي تكاد تتعثر بخطانا

عندها سيشرق محيانا ..

بكل المعرفة والخشوع

للخوالي من تلك الايام ..

التي قضيناها معهم

فنعود نستذكر حكاياهم ونوادرهم

بل نسترجع احلامهم واوطانهم

وكم كنا نجادل ونرجع في القول اليهم

ونعيد ونتصارح ونتسابق ..

ثانية واخرى ثالثة

ولكن رسومهم ما تزال ..

مركومة بين الحقيقة والخيال

لان صورنا ..

ما تزال تعتاش على رجعها

كلما حن حنين وأذن المؤذن

وكلما دقت الاجراس

وازدهت وردة في البستان

حتى افاق الكل على يومه

بصيح يشهر بوجهه ..

كل تراتيل الامس

وان القيظ والصقيع ..

كما الموت والحياة

كما الاموات والاحياء

بوسعهما ان يجتمعا في العام الواحد

كما الفاكهة الصيفية والشتوية المتنافسة

لها ان تجيء معا و في العام الواحد

كما الصيف والشتاء

يجتمعان تحت خيمة حب واحدة

ما كانت لتسمى الا عاما واحدا !



( 5 )



هي تلك

وحدة الزمن وهجيع الازمنة

حركة التأريخ ورقاد الاوجاع

ويقظة الايام وسهاد الالام

رحيل عام وقدوم اخر

ليس موت ملك وحياة وصي

او رحيل زعيم وعيش آخر

وربما اجتمع بين هذا وذاك

لكن اعوامنا

ما كانت الا قواسمنا المشتركة

هي آلاء الرحمن تزدهي بين شآبيب رحمته

لان كل البشر ..

تنضوي ايامهم تحت نفس العام

وجميعنا نشتمل على نفس السنة

ونفس التأريخ

ارقام نسجلها في كل مفكراتنا

ومذكراتنا لتحمل عين الديجيتالية التي تحتوي



( 6 )



انا وانت

احببنا وعشنا في نفس العام

اكلنا وشربنا

وضحكنا وفرحنا

ووزعنا ابتساماتنا على الغير

في نفس الايام من نفس السنة

هل تريدون دليلا اكبر من هذا

يجمع بين البشر بلغة الارقام السمحاء

2005

اجتمع فيها كل البشر

قاسم مشترك لجميع البرية



( 7 )



هذا احلى ما اذكره

لغة الارقام الحرة

فليس بوسع احد ان يعبث بها

وليس بميسور اخر ان يحتكرها لنفسه

وليس بمقدور ثالث ان يدخرها لمن يعيل وحسب

هه !

كواسطة تبعث على وحدة الانسان باخيه الانسان

كمعبر يقنادنا نحو التعايش وبكل وضوح

كجسر يشدنا الى كل الضفاف

كطير يرسل بابصارنا كلها ..

مجتمعة الى حيث السماء

الى حيث الله يتعالى بكل علو قدر

حتى على السنين والدهر

لنذكر بعدها من نكون

والى اين سنكون

عندها سنجلو عنا كل الهموم

ونتغاضى عن سائر السموم

فنعيش على باقي الرسوم



( 8 )



هو عصر التأريخ ..

يتجدد

وهو زهو الحب

كالماء الزلال يترقرق

لانه عصر الضمير الاوحد

واتصال الضمير المشبع بكل خلاف ..

في ضمير المجموع

لانها احداثية جمعية

ولغة جماعية

وممارسات اجتماعية واحدة

وان اختلفنا في كل الاشياء

ولم نجتمع الا في قليلها

ولكن ..

ما زال الكل يحيا في نفس العام

احببنا ومارسنا الحب

وضاجعنا من نحب

وغردنا وازددنا مرحا

وانهمكنا في اعمالنا وطموحاتنا

والكل ثمت في نفس العام

ربما استاء وشعر بحزن

وربما اغتم واهتم

واستشعر الحزن وعاش امضه كذلك !

لكن مَن منا لم يفعل



( 9 )



لذا ..

كلنا كنا نشاطر البعض

ويواسي احدنا الاخر

ومن دون ان يشعر

فان كنت اليوم فرحانا

وصاحبي كان يختال بحزنه

فلقد اعتراني الهم في الغد

وابتهج ثغر صاحبي ببسمته..

في نفس الغد !

فما كان كل هذا بربكم ؟ !

الم يكن تأسيا وتضامنا

ومن دون تصنع او مداهنات

لكنها الاقدار

تلك التي استاقت ايامنا

لوحدة لم نكن نشعر بها الا لماما

وها هي تعتاد على ضروبنا

وما كنا نعتاد نحن على ضروبها!



( 10 )



ولكن

بلغة بشرية ..

لا تفصح عن مكنونها الا لذوي الالباب

ولا تصرح بنفسها الا هنيهات

هي ذي لغة الديجيتالية المعاصرة

فلتحيا ابجديتها المنضوية تحت نمبرها

وبكل مواصفاتها

وخصائص تواريخها

تلك التي لم نتعرف اليها ..

الا بعد اجتياز المصاعب الجمة

ولنحيي التأريخ

لانه اهدى الينا سلسلة من الدروس والعبر

ذلك انه اشتمل على قواسمنا المشتركة التي ..

بتنا نحيا في خضمها معا

ونعيش بين اكنافها سوية



( 11 )



واذن !

ما علينا الا ان نتقاسم رغيف الحب

كي تظل صباحاتنا ألقة

وصيحاتنا مؤتلقة

وكل اورادنا مشتعلة بالجمال والعبير

ولتزداد الشموع بسمة بفرحتنا

وكلما ازدادت شعلتها توهجا

كنا نحس بتضامنها معنا اكثر

ذلك.. هو الزمن

والتأريخ ما كان ..

الا قصة الحب

بكل حزنها وفرحها

وبكل بسمتها وارتعاشة طيفها

ولون كحلها

وحرارة عبرتها



( 12 )



تلك هي الايام

التي كان عاشها نفس الزمان

وعاد يعتاش عليها

كما في الامس

وبكل بحور الشعر فيها

والتي ما كانت الا نفوسا بشرية

تملأ كل الفيافي والجبال والهضاب

بكل تراجيديتها وملهاتها

وبكل كوميدياتها الانسانية !



( 13 )





تلك هي الايام

فلنعيدها وكما نشاء

ولنسترجعها كما نريد

لا كما تشاء الدهور

وتريدها الاقدار

لاننا استوعبنا لغتها كافة

فلنعيدها كما نشاء

لا كما تشاء الاعراف والتقاليد

لاننا استوعبنا لغتها كافة

وفهمنا جميع ايديولوجياتها

وما علينا الا ان نحيا ثانية

كي نعيدها

اذ انها ستعتاد علينا

قليلا قليلا

ومن بعد ذلك

سيكون لها ان تعشق

كل احد فينا

وكل ملمح فينا

وقتها

سنقول للايام

ارجعي

تلك التي ذهبت ولم تعد

لانه في حينها

سيكون بوسعنا

استرجاع ما ذهب

لانه وعندما سيكون لنا ان ..

نستعيد انفسنا

سيكون علينا من السهل المستسهل

ان نسترجع ايامنا

وعندها ..

سنعبر وبانفسنا

عن نفس تلك الايام

لاننا كنا عشنا وحي سعادتها

فاشتاقت لنا

واشتقنا لها

والا ما كان بوسعنا

ان نعيشها والى الابد !



.....

انتهت

.....



جمال السائح

28 ــ 12 ــ 2005

View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: