اشياء نفعلها كما لو كنا نفعلها ونحن صغار

اشياء نفعلها كما لو كنا نفعلها ونحن صغار



جمال السائح





( 1 )



خرجت الى الشارع ابحث عن فتى امارس معه الحب لكن الامانة المودعة في جسدي خانتني ، فخافت مني ولم تشجعني جوارحي على التحرك خارج حدود افكاري ومشاريعي الحقيقية والمثقلة بوعي كاد وللحين ان يستنزف كل طاقتي الجسمية ليس لسبب خاص إلا لأنني كنت يوما احب نفسي اكثر من الحد المعقول والى مبلغ ربما بتُّ لا اكترث في خلاله انني سأتسبب بصدمة لا تُغتفَر لها لو اني طاوعت امكاناتي الداخلية ، او استجبتُ لنوازعي الغريزية ورغباتي الحيوية ، من دون ان احتكم الى العقل والذكاء .



( 2 )



عندما التقيتُ به لأول مرة كان يحاكي جرأة غير عادية ، لكني حين امتحنته جنسيا وجدت قدراته طاعنة في السن ، ليس بوسعها منازلة ما عندي من طاقات ، غير اني وجدته بحاجة الى شحذ لمهارات واستعدادات جسدية هي متوافرة في بنيته ونفسيته لكنها غائبة عن الفعل كما لو كنت اراها بالقوة مغيبة عن وجودها الفعلي الخارجي .



( 3 )



مضت سنون عدة وايام كثيرة تلك التي أنفقتها من عمري ، أقضيها معه ، لقد اشتد عوده واصبح لا يكترث حيال تقويماتي .. الا انه غالبا ما كان يقف امام نزاهتي موقا مشرفا ، لانها هي الاخرى ما كانت لتعدم الذكاء ، او لتجاوز قواعدها المرموقة .

كنا حينها في عامنا التاسع ، اقصد اننا كنا نحيا حياتنا معا لتسع سنوات مضين ، وما زلنا نمارس الحب بشكل منوع ومختلف عن كل ممارساتنا السابقة ، وان ترادف فهو من المقترنات اللازمة لهوية العملية نفسها او لخارطة الفعل بحد ذاته .. لكنّ كلا منا كان يهوى ويحترف ممارسته وعلى الدوام كما لو كان احدنا يرغب في منافسة الاخر ، وابداء براعته أبدا ، واظهار شجاعته وبأسه ، فضلا عن باعه الطويل والمتمرس في لعبة الجسد .



( 4 )



غير انه ذات يوم دخل علي وبعد مضي وقت غير عجول شعرت بنظراته غير الطبيعية تحوم حولي ، وتطوف بين أوطار جسدي المنضوية تحت ثياب ناعمة ..

ابتدرني بنظرة أحنّ وقال :

ـ  أراك اليوم اصغر من كل يوم اراك فيه ، اقصد جسدك كما لو كان اليوم مختزلا بعض الشيء . حتى صرت اشفق عليك .. كما لو نحلت او اجتمع لحم جسدك الى بعض البعض ، فعاد لا يبرز قواه او ملامحه الحقيقية ..

ابتسمت ولم احر جوابا !

غير اني ليلتها تركته يدوخ في الحب حتى تأكد لديه ان جسمي الذي اخذ بالنحول هو نفسه الذي كان بالامس مكتنزاً ، فلم اترك اجفانه تهدأ حتى كنت قد اجهزت على كل ما لديه من وعي في فعل الحب !



( 5 )



انجبنا ولدا وبنتا

كبر الولد والبنت

كنت اعلمهما كيف يكون الحب

وكان هو يشرف على ترجمتي

فلو تلكأت في الكلام .. كان له ان يسعفني

وكنا نحذرهما من مخاطره

كما نحبب اليهما اسبابه !



( 6 )



ذات مرة ضبطتنا البنت متلبسين بفعل الحب

تلاها الولد

اعتادا ان يريانا

لكنا كنا نتحشم كي لا يفقد الحب كل نكهته



( 7 )



وفي ذات يوم

قالت لي البنت

ــ  ماما اود ممارسة الحب

لاعبر عن ولعي

وافيد من تجربته ..

قبلها كان ولدي يفتش عن جسد

يدفن فيه اوجاعه

ليعبر عن فرحه



( 8 )



فكرت كثيرا بالولد والبنت

وفكر معي حبيبي

واخيرا

كنا ازمعنا على حل وشيك الاجابة

قلنا لهما :

ــ  حيث يكون الكلأ يكون الناس

ولا يشدون الرحال الا حيث يتوافر

مرات الحب يأتي كالمطر

ومرات يفتش عنه الناس كما الكلأ



( 9 )

بعد مضي سنة

وجدت ولدي مولع ببنت

وابنتي مولعة بولد

ومرة اخرى

وجدتهما يفتشان عن حب اخر

بعد تجارب عدة



( 10 )



قبل ايام كنت في الحمام

استحم مع حبيبي

هكذا اعتدنا دائما

ان ندخل الحمام سوية

لكني فجأة

وجدت شخصا يشبه ولدي

يدخل علينا الحمام

نظر الينا

ومن دون ان نصرح بشيء

ثم خرج !

ثم دخلت علينا فتاة تشبه ابنتي

نظرت الينا

ومن دون ان تخبر عن شيء

ثم خرجت !



( 11 )



قررت اليوم ان اغسل سيارتنا

تركتها امام المرآب

قرب الطريق ..

كان الجو حارا

مرت دقائق

شعرت بان جسمي كان يعرق كثيرا

فوجدتني عارية تماما الا من سروال الجينز

وكان نهداي يتلاوحان حين اشتغالي

والعرق ينز منهما ومن صفحاتهما اللامعة

بعدها ..

اعتدت الامر

وتركت نفسي على رسلها

واعتاده كل من حولي

سيما اسرتي الصغيرة



( 12 )



بعد اشهر

وصل حبيبي الى البيت قبلي

لكنه فوجئ بولدي وابنتي

يمارسان الحب معا

لم يغضب

لكنه منعهما

وناشدهما ان يثبتا موهبتهما خارج البيت

لان مثل هذا يعد اذلالا للشخصية

وانها ما عادت تقوى على العثور على جديد

من يومها

كنت فخورة اكثر بحبيبي

لانه وقتها كان يعدني ببيت جديد

ننتقل اليه



( 13 )



في البيت الجديد

ضبطت ابنتي تمارس الحب

ولكن هذه المرة

مع صديقة لها

نظرت اليهما

ثم اوصيتهما ان يهتما بدرسهما

بدل تضييع الوقت

من يومها

اجتهدت ابنتي في التحصيل

ولأكثر من اي وقت مضى



( 14 )



مر عام

ولحقه اخر

وجاء يوم نكرر الاحتفال به كل عام

انه يوم عرسنا

اقصد ذكراه السنوية

يومها

لا ادري كيف اقدمت على امر

لم اخطط له من قبل

في لحظة اجتمع فيها الاقارب والاباعد

هتفت في الجميع

من يود الاحتفال بعيد زواجي من حبيبي

فليحتفل به

ولكن

من دون ثياب

وقتها انسحب قليل

ليترك الاكثرية تمارس وعيها

ثم وجدنا اولئك الذين تركونا

يعودون يشاركوننا المهرجان



( 15 )



في مرة اخرى

حدث هذا بعد اسبوعين او اكثر

قررنا الاستحمام معا

انا وافراد اسرتي جميعا

يومها

كان يوما مشهودا

احسست ان شيئا ما في داخلنا

كان يحترم فينا صبرنا وتفانينا

غير اني وقتها

كنت اشعر ان بنات وفتيان

يشاركوننا الحمام

ما كنت اعرفهم

لكن ابني وابنتي العاريين

اشارا لي انا وحبيبي

بانهما يعرفانهم !



( 16 )



حينما احتفلنا بعقد قران ابنتنا

كان ولدنا الاخر يحتفل بعقد قرانه

وللحظة كنت انظر اليهما

يقبل احدهما الاخر

ويبارك لها وتبارك له

كما لو كانا زوجين

وقتها التفت الي زوجي قائلا

ــ  لا زلت تعتقدين انهما ما زالا صغيرين

لحظتها ابتسمت

وانا انظر اليهما

كان كل منهما

يعود الى احضان صاحبه

هي الى صاحبها

وهو الى صاحبته

وانا الى صاحبي

الذي اصر على ان يقبلني قبلة طويلة

امام جمع المحتفلين والمحتفلات

كانت دامت لمدة نصف ساعة

لم يبق على قطرة رضاب في حلقي

الا وكان امتصها

وهكذا كنت فعلت انا الاخرى معه



( 17 )



ليلتها

فكرت بولدي

وفكرت بنفسي

وبحبيبي

الذي كان يغط في نومه

لكني

لا انسى اني ليلتها

مارستُ معه الحب وهو نائم

ومارس معي الحب هو الاخر

لكن كما لو كنا صغيرين

بعمر ولدنا وابنتنا !

بل ربما اصغر بكثير

حتى تراءى لي في وقتها

ذلك الفعل من الحب

اننا كنا نفعله

كما لو كنا نفعله

ونحن صغار !



تمت الرواية القصيرة باذن الله تعالى

جمال السائح

Almawed2003@yahoo.com

www.postpoems.com/members/jamalalsaieh










View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: