الغش في المدارس

Folder: 
مقالات

الغش في المدارس



قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من غشنا فليس منا "

الغش مرض عضال والغش في المدارس أحبتنا قد أصبح ظاهرة استشرت في بلادنا العربية وقد أتت على كل شيء فبات المجتمع منهارا من الداخل يجب بناءه من جديد ..



أحبتي من الميدان وبكل شجاعة أقول إن ظاهرة الغش أصبحت ظاهرة متفشية في مجتمعاتنا العربية وأتحدث بكل أمانة من الميدان فقد عملت في أكثر من دولة عربية وأقولها صراحة إن نظام التعليم في الدول العربية أصبح منهارا بكل ما تعنيه الكلمة إلا بعض جهود متناثرة هنا وهناك لمعالجة هذا الانهيار ولكنها مازالت في بداية الطريق وتحتاج لجهد جهيد وتعاون الجميع ..



أخي القارئ لنخرج من عنجهية الأنا ونقف أمام مرآة أنفسنا بوضوح وشجاعة ولا نزيف أو نجمل قبحنا التعليمي بل يجب أن نعيد البناء ونضع السياسات التعليمية السليمة ..

لقد أصبح الغش بالمدارس وكأنه حق مكتسب من قبل الطالب وانتشرت مكبرات الصوت لتذيع الأجوبة من فوق الأسطح والمباني ويظل مسلسل التجهيل مستمرا ومسلسل الانهيار متجها للهاوية ..

قديما كان الغش ربما كلمة من معلم له مصلحة ما وتقوم الدنيا ولا تقعد لذلك إلا أننا اليوم أمام ظاهرة بكل معنى الكلمة المعلم الذي يتمسك بمبادئه ونقاء عمله وضميره أصبح هو الشاذ في مجتمعات منهاره تاهت بين موجات المادة والأهواء ..

أسرد لك بكل شجاعة ما حدث معي من الميدان :

في منتصف الثمانينات كنت بإحدى الدول العربية وكان الغش موجودا ولكن بصورة نادرة لدرجة أننا أمسكنا طالبة بالمرحلة الثانوية تغش وكانت حالة مزعجة في ذلك الوقت ..

في أوائل التسعينيات لاحظت على أخي الصغير بقاعة امتحانية وذلك يعتبر خطأ إداري أن ألاحظ على أخي أو أحد أقاربي ولكنه حدث وكانت اللجنة الوحيدة التي لم يخرج منها أي طالب حتى قبيل انتهاء الوقت بربع ساعة والجميع قد أنهوا الامتحان كالمعتاد سريعا سريعا فجاؤوا يكتشفون الأمر فوجدوني باللجنة فهموا أنها لجنة منضبطة برغم وجود أخي الصغير بها ووجدت عجبا البعض يستعطف ارحموا من في الأرض .. كن رحيما بهم ... إلى غير ذلك من العبارات .. هذا يدلل بوضوح على الظاهرة

وفي التسعينيات كنت بإحدى دول الخليج وجدت بعض الطلاب  وكأن الغش لهم حق مكتسب وأقول البعض وتستمر المسيرة حتى أصل هذا العام لمصر فوجدت عجبا ..

حيث كنت مراقبا على بعض القاعات وعادتي أكون حازما في غير تشنج ولكني فوجئت وكأنني قادم من كوكب آخر حتى وصل الأمر أن جاءني كلام بالتهديد من الأهالي وكنت دائما أبصر وأوضح بهدوء ورفق لهؤلاء الأهالي أننا نبني لهم مدرسة وعهدا جديدا بعيدا عن الغش والدمار وأحمد الله تعالى أن الجميع اقتنع بكلامي لهم  ..

وبعدها راقبت في إحدى الشهادات فوجدت عجبا  مكبرات الصوت تجيب على الامتحانات بصوت يسمعه الجميع  ورئيس اللجان لم يحرك ساكنا وكأن هذا الأمر أصبح نظاما معمولا به فلا غرابة  وقلت لنفسي كيف وصلت لهم ورقة الأسئلة ولكنني كنت أصحو من ذهول على آخر كيف والأمن يسمع ويتبلد ولا يحرك ساكنا ومن ذهول لتساؤل أين أنا وماذا حدث لهذا البلد ما العمل وكيف ننجو من هذا الدمار

وسرحت بفكري فوجت الغش ليس ظاهرة مدرسية فقط فقد أصبح ظاهرة على كافة المستويات ولكن بمسميات أخرى مثل " الواسطة والكوسه ونظام شيلني وأشيلك وأنت حتصلح الكون ومعلهش لك واسطه تاكل باسطة كل شيء بالفلوس يمشي .. "

عبارات وعبارات وبالتأمل أيضا أصبحت ظاهرة الغش عالمية فقد أصبحت السياسة لعبة قذرة وأصبح الساسة يوهمون الشعوب بأشياء وأشياء ووعود ووعود ويغسلون الأدمغة بربيع وورود وما تحت الابتسام تنتظر الهاوية تكشر عن أنيابها

لقد أصبحت ظاهرة الغش ظاهرة متفشية في كل شيء فهل من شفاء من هذا المرض

إن تقدم أي دولة لن يتم إلا بعد القضاء على هذه الظاهرة البغيضة وقد سئل المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ هل المؤمن يكذب قال لا .. فيما معناه فالمؤمن لا يكذب والغش كذب بين الطالب والملاحظ والدولة ..

والله والله لو تركنا هذه الظاهرة تستشري كما هي فلن نحصد إلا مزيدا من الدمار ومزيدا من الانهيار أليس هذا ما نحصده  اليوم إننا بكل أمانة لو قضينا على هذه الظاهرة لتقدمنا أكثر من خمسين بالمئة في طريق الحياة الصحيحة

فهذه الظاهرة تدمر كل شيء فلا نستطيع أن نميز بين الطالب الممتاز والطالب الغبي ولا بين المعلم المحترف والمعلم الذي لا يستحق أن يدخل من باب مدرسة وبين الإداري الناجح وبين الإداري الوصولي

لو لم نعالج هذا الأمر سنظل هكذا بلا هوية تطحننا أنياب الضياع حينا وحينا تضيع جميع الخرائط ..



ابن خاطر

View eslam's Full Portfolio