سر الحقيبة في الرأي العام

إضاءات / طارق البكري: يجب علينا التركيز على أدب الجيل الجديد من خلال قيمنا



صدرت رواية جديدة للناشئة والشباب هي احدث اصدارات المؤلف الدكتور طارق البكري، حملت عنوان «سر الحقيبة»، وتأتي بعد عشرات القصص والروايات المنتشرة في العالم العربي، والصادرة في بيروت وسورية ومصر والكويت.

الرواية الجديدة صدرت في بيروت قبل أيام قليلة، عن دار الرقي اللبناني، وهي من القطع المتوسط، ومكونة من 160 صفحة.

تتكون الرواية من سبعة عشر مشهدا، على شكل فصول متصلة، يرتبط كل مشهد بالذي يليه ارتباطا شديدا، يشعر القارئ بمدى التلاحم بين مشاهد الرواية التي تبدو مثل فيلم سينمائي متسارع الوتيرة، وكثير الحركة.

وهذا الكتاب مكثف بالاسلوب التخيلي القريب الى الواقع، كي يحرص المؤلف على تضمين المشاهد صورا لا معقولة بمنهج منطقي لا يقفز على الاحداث دون ان يتمكن من اقناع القارئ وتمكينه من الامساك بكل فصول الرواية بشكل يجعله واحدا من شخوصها، فلا يترك احداثها دون ان يتمها حتى النهاية.

فكرة الرواية - وإن كنا نجد لها مثيلا في الروايات القديمة، مثل «أليس في بلاد العجائب» - يعطيها المؤلف نكهة عربية اصيلة، ولوحات تشكيلية اسلوبية فريدة، ورؤى تخيلية عالية الدقة بأوصاف تدل على تمكن المؤلف من ادواته، وقدرته على التشكيل الفني، وتحويل الخيال الى واقع.

مشاهد القصة تصلح بلا شك لتكون فيلما متكاملا خاصا بالاطفال والناشئة، وان كانت لغة الرواية ومضمونها يقصد بهما الناشئة والشباب.

ويقول المؤلف ان الايمان بحاجة الطفل العربي والناشئ العربي لقصص هادفة بناءه، دون الاخلال بالفن السردي القصصي، يجعل عملية الكتابة حالة مضنية، خاصة مع الاهمال المتعمد الذي يلقاه الكاتب المتخصص في أدب الاطفال.

ويؤكد البكري الذي حصل أخيرا على درجة ماجستير ثانية من جامعة الكويت في ادب الاطفال وعنوانها «كامل كيلاني وأدب الطفل دراسة في التشكيل والتشخيص الاسلوبي»، ان الصراع الشديد ما بين ما نريده نحن لاجيال المستقبل، وما تفرضه علينا الوسائط الاتصالية المعاصرة بمختلف اشكالها، تجعل مهمة اديب الاطفال منقوصة وتكاد تكون فاشلة لولا بعض المساندة التي توفرها وسائط التربية التقليدية، رغم ما تواجهه هذه الوسائط ايضا من تحديات مهلكة تكاد تطيح بها.

ويصف المؤلف كتابه الجديد بانه تجربة حية لخيال حاضر محبب لقلوب الابناء، يحاول من خلاله بث افكار وقيم اخلاقية، بدلا من وضع اسقاطات فاسدة اعتدنا قراءتها في بعض القصص المستوردة.

ويوضح ان التأليف في مجال الطفل وقراءاته، عمل يستوجب الالمام بحاجات الطفل النفسية والاخلاقية، فضلا عن المتطلبات العلمية ومستويات اللغة، لافتا الى ندرة الدراسات العلمية المتخصصة في هذا المجال الذي اتسع مداه في الآونة الاخيرة وأضحى مطلباً مهماً لكثير من الاسباب، وابرزها ايجاد نماذج قصصية بنائية هادفة، ووضع اسس علمية لهذا النمط من الادب، معتبرا ان الاهتمام يزداد ويتسع يوما بعد يوم، رغم تجاهل الاعلام الى حد كبير لهذا الواقع وحاجة المجتمع إلى أدب خاص بالطفل عصري ومناسب ينبع من بيئة عربية خالصة بدلا من سيول البرامج الوافدة التي «تدبلج» وتقدم لابنائنا بكل ما فيها من مضامين قد لا يتفق بعضها مع قيمنا وعاداتنا.

وأوضح البكري ان تجربة الكتابة للناشئة والشباب في عالمنا العربي لا تلقى التشجيع والاهتمام المطلوبين، رغم حاجتنا القصوى لمثل هذه التجربة التي تصطدم باصدارات الغرب، وسعي كثير من دور النشر الى الربح السريع بغض النظر عما تحتويه القصص من مثل اجتماعية وتربوية هادفاً, وقال: «يكفي ان نذكر ان روايات هاري بوتر الشهيرة تنشر في العالم بالملايين، وتحقق مع افلامها مليارات الدولارات، وباتت مؤلفتها من اغنى اغنياء العالم، واغنى من ملكة بريطانيا نفسها، بينما الكاتب المتخصص للطفل في العالم العربي لا يلقى الدعم الاعلامي المطلوب رغم مهمته الخطيرة في بناء الاجيال وتشكيل عقول المستقبل، وذلك لاعراض كثير من الصفحات الثقافية العربية في الصحف والمجلات عن الاهتمام بهذا الجانب».

انها تجربة جديرة بالاهتمام والتشجيع، لتنمو وتستمر، ومن حق كتاب الطفل ان يعتنوا بمؤلفاتهم لتزهر وخاصة عندما تكون بهذا المستوى في اللغة والاسلوب والاهداف التربوية.

وانها دعوة للحصول على هذا الكتاب الذي يحوي كثيرا من المفاهيم التربوية النابعة من اصولنا الفكرية والدينية والاجتماعية، باسلوب حديث مليء بالدهشة والمغامرات,,, والاهم من كل ذلك اننا نستطيع تقديمه لابنائنا دون خوف من تسرب المفاهيم الخاطئة الى عقولهم وقلوبهم.

ويرى طارق البكري ان دور الكتاب بالنسبة للطفل ليس ترفا، او لمجرد التسلية وتضييع الوقت، بل هو حاجة اساسية مثل حاجته للماء وللهواء، وأكد ان الكتاب الخاص بالطفل لا يزال يعامل كاكسسوار وليس كضرورة ملحة، فالانسان في مطلع نشأته يحتاج الى كمية كبيرة من الثقافة والوعي والادراك لواقعه، مبينا ان حسن اختيار الكتاب يعني بالتالي حسن استيعاب المعلومات.

واشاد البكري بما تقدمه الكويت من اهتمام رسمي وشعبي بثقافة الطفل، وهي اهتمامات لا تقتصر على الجانب المحلي بل تتعداه الى سائر الوطن العربي، حيث نلحظ انتشار مجلات الاطفال الكويتية مثل «العربي الصغير» و«براعم الايمان» و«سعد» و«سدرة» وغيرها، وباسعار زهيدة، فضلا عن قصص الاطفال وبرامجهم المتنوعة.

ولكن ذلك برأيه ليس كافيا، كي يطالب البكري بانشاء جامعة متكاملة، تهتم بادب الطفولة، واعلام الطفل، وثقافته وتقنياته وبرمجياته، وكل ما يمس الطفولة نفسيا وتربويا واجتماعيا وعلميا.

وقال: «ان ذلك ليس بالامر الصعب، فانشاء جامعة بهذا الشكل ليس بتكاليف محطة اخبارية فضائية مثلا، ولكنها بالتأكيد ذات تأثير بالغ في المجتمع».

وأكد البكري انه وجد من خلال دراسته بجامعة الكويت، ومن خلال تدريسه بالجامعة العربية المفتوحة، اهتماما من المسؤولين والطلاب بهذا الامر، ودعا لتبني مثل هذا المشروع من جهة كويتية عليا، لتكون مبادرة سباقة على مستوى العالم العربي وربما على مستوى العالم، لان المستقبل هو للتخصص الدقيق، والكويت كانت ولا تزال سباقة الى مثل هذه الاعمال، داعيا الى انشاء وزارة للطفولة (خارج وزارة التربية)، فالطفولة العربية رغم ما تلقاه من اهتمام، لا تزال في وضع اقل بكثير من الاهتمام الذي تستحقه.

وقال: «ان الامير السعودي طلال بن عبدالعزيز اهتم ولا يزال بالطفولة العربية، وربما من المناسب لو قام عدد من المهتمين بعرض انشاء جامعة (للأطفال)، اي جامعة تهتم بكل ما يتعلق بالطفولة، وبكل شؤونها، فسيكون ذلك، ربما في مجال دعمه واهتماماته».

ومضى الى القول: «لقد آن الاوان لجمع شمل الادباء والكتاب المتخصصين في أدب الأطفال»، لافتا الى المعاناة التي يلقاها المتخصص في هذا المجال، من اهمال واضح من وسائل الإعلام، فيما ينال كتاب الاطفال في الغرب اهتماما واسعا في الصحافة، مشيرا الى كتاب «هاري بوتر» الذي وزع في طبعته الاخيرة وخلال يوم واحد فقط ما يفوق سبعة ملايين نسخة.

يذكر ان الزميل طارق البكري يعمل منذ منتصف التسعينات في الصحافة الكويتية، ولديه مئات القصص والابحاث والكتب الخاصة بالاطفال منشورة في كثير من الدول العربية.







اللقاء عبر الرأي العام رابط



http://www.alraialaam.com/28-08-200...amforyou.htm#03

  

View bakri's Full Portfolio