الفصل الثاني













الفصـــــل الثــــــانـــي



إعلام الطفل المسلم في الكويت



الوســــائل والأهــــــداف



محتويات الفصل



[1] الإعلام في اللغة

[2] الإعلام في الاصطلاح

[3] تطور وسائل الإعلام

[4] أهمية الإعلام الموجه للطفل

[5] وسائل إعلام الطفل

[6] تقسيم وسائل إعلام الطفل من حيث الشكل :

أولاً : الوسائل البصرية :

أ ) الكتاب

 كتب الأطفال في الكويت

 مكتبات الأطفال

 مكتبات الأطفال في الكويت

ب) الصحافة

ج) النشرات المختلفة

ثانياً : الوسائل السمعية :

أ ) المذياع

 البرامج الإذاعية في الكويت

ب ) المسجل والشريط









ثالثاً : الوسائل السمعية البصرية :

أ ) الرائي ( التلفاز )

 برامج الأطفال التلفازية في الكويت

ب) القمر الصناعي

 الستلايت في الكويت

ج ) الفيديو

د ) الخيالة ( السينما )

 واقع سينما الأطفال في الكويت

هـ) المسرح

 مسرح الطفل في الكويت

و ) الحاسوب ( الكمبيوتر )

[7] الإعلام المدرسي

[8] السمات العامة لإعلام الطفل

[9] إعلام الطفل المسلم



الفصل الثاني

إعلام الطفل المسلم في الكويت

الوســـائل والأهــــداف



إنّ عملية بناء وتربية الطفل تسلك عدداً من السبل والطرق ، تنشئ الطفل وتدربه وترافقه إلى الصبا والشباب ، حيث يصبح بمقدوره الاعتماد على قدراته ، وتطويرها بمعرفته . فالإنسان في الصغر (( لا ينمو اجتماعياً ونفسياً وثقافياً من تلقاء نفسه ، بل يجب أن نوفر له في الوسط الذي يعيش فيه ، عوامل التربية ومقوماتها ، التي تساعد على تشكيله وتعديله والارتقاء به ))( ). فالنمو الإنساني لا ينشأ من فراغ ، فلابد من التربة والماء والهـواء ، وكلما خصبت التربة وصفا الماء ورق الهواء ، أنتجت الأرض ثماراً يانعة ، وقطوفاً دانية ، ومروجاً خضراء .

فالإنسان كما يرى كثير من التربويين (( لا ينمو ولا ينضج عقلياً ونفسياً ومهارياً ..، إلاّ إذا كان هناك أناس يعلمونه ويكسبونه بطريق مباشر أو غير مباشر ، كيف يكون إنساناً يتحمل مسؤوليته على سطح المعمورة ، وهو نتاج مجموعة من المدخلات البيئية والبيولوجية والجغرافية والأسرية والتربوية والإعلامية ، وهذه كلها تحدد صورته في حياته المقبلة ))( ).

ولعل أبرز هذه المدخلات ما تفرزه وسائل الإعلام السمعية والبصرية ، والسمعية البصرية ، التي تعتبر من الركائز الأساسية التي تقوم بدور كبير في تنمية ثقافة الطفل وتربيته ، (( ونظراً لسهولة هذه الوسائط وانتشارها السريع في البيوت ورياض الأطفال والمدارس ، والكليات والجامعات ، فإنها دخلت في إطار الوسائل التعليمية التي تساعد في تعزيز المناهج الدراسيّة ، بالإضافة إلى وظائفها في التثقيف الإخباري والفكري والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والديني ، بحيث صار لها ارتباط ومساس مباشر بجوانب كثيرة من حياة الإنسان في العصر الحاضر ، لذلك كله أخذت تسهم في تربية الطفل ، وتثقيفه ، وإكسابه المهارات اللغوية من قراءة وكتابة ، والعمل على توجيهه ، وإرشاده سلوكياً واجتماعياً وبهذا فقد قدمت العون والمساعدة للأسر والمربين والمربيات والمعلمين والمعلمات ، كل في موقعه ودوره في التعامل مع الأطفال ))( ).

وهذا الدور الخطير الذي تؤديه وسائل الإعلام ، قد يصبح دوراً ضاراً إذا أسئ استغلال الوسـائل لمصلحة معينة بعيداً عن مصلحة الطفل والمجتمع ، خصوصاً أن الطفل ، نظراً لطبيعته الاجتماعية وحاجته الدائمة للتعرف على كل جديد ، يراقب باهتمام شديد كل الأشياء التي يراها أمامه ، وهو يتقبل الكثير مما يقدم إليه دون مناقشة ، نظراً لمحدودية خبرته وعلمه في الحياة .

ولما كانت وسائل الإعلام ضيفاً دائماً في كل بيت ، على مائدة الطعام ، وفي غرف النوم والجلوس ، وحتى في المطابخ ، أصبحت وسائل الإعلام المختلفة ، شريكاً فاعلاً للأسرة والمجتمع والمدرسة في تربية الأبناء ،منذ لحظة ولادتهم ،بل وقبل ولادتهم أحياناً ، لما تحدثه هذه الوسائل من تأثير على نفسية الوالدين في أسلوب الحياة ، وقد يدمن الطفل على وسائل الإعلام ، والتلفاز تحديداً ، لانتشاره الواسع وسهولة متابعة برامجه ، فيألف صور ووجوه المذيعين والمذيعات ، والممثلين والممثلات أكثر مما يألف صور وجوه الناس من حــوله ، وبذلك ينشأ متأثراً بالإعلام ، وبشكل خاص التلفاز ، بكل ما فيه من فوائد وأضـرار .. ومحاسن ومساوئ .

وقد نتفق تماماً ومع كثير من الاتهامات التي تساق إلى قطاع واسع من وسائل الإعلام ، لما لها من اليد الطولى في بناء الثقافة أو هدمها ، وربما كان الهدم مصاحباً في الفترة الأخيرة لمعظم وسائل الإعلام ، وخصوصاً الوسائل السمعية البصرية ، لذا فإننا نذهب مع القائلين بأن الإعلام أضحى (( بإمكانياته الحديثة والمتطورة يؤثر بفاعلية كبيرة في حياة المجتمع بطريقة مذهـلة ، لأنه أصبح مدرسة ثانية ، يقدم أفكاراً وقيماً ومعايير وأنماط سلوك ، واتجاهات ومواقف في الحياة ))( ) . ولعل تجاهل الــدور الخطير الذي يـــؤديّه الإعلام في حياة الطفل سلباً أو إيجاباً ، جهل بالواقع ، وربما يؤدي ذلك إلى إيجاد نماذج بشرية مشوّهة .

وقد فطن كثير من الباحثين إلى أنّ الإعلام بات يشكل (( جزءاً هاماً وأساسياً من بيئة الطفل ، بل ويشارك في العديد من العمليات التربوية داخل مؤسسات الرعاية والتنشئة الاجتماعية للأطفال ))( ) . وتنبه هؤلاء إلى الخطر الكامن من وراء سوء استخدام أجهزة الإعلام ، بالبث أو بالاستقبال ، وشعروا بخطورة ما يواجه أطفال المسلمين من محاولات التغريب ، وإبعادهم عن دينهم أمتهم وميراثهم التاريخي ، وأدركوا اتساع دائرة الخطر في المرحلة الأخيرة ، لأنّ الطفل أضحى أحد أهم أهداف وسائل الأعلام ، لأنه أكثرها وهنا واستعداداً لاستقبال ما يعرض عليه .

لذا كان الخطر المستقبلي كامناً وراء تلك الوسائل ، التي قد ترمي إلى زرع بزور الشقة بين العبد وربه ، منذ الصغر ، فتولد في الأنفس الضعيفة اعتقادات باطلة تخالف العقيدة ،وهم أبناء الإسلام ، وفي ذلك خطر يصعب علاجه إذا بلغ القلوب والعقول .

ومن هنا تأتي أهميّة الـدور المطلوب من وسائل الإعلام الموجهة للطفل المسلم ، كوسيط أساسي وبناء في توجيه الطفل ، وتطعيمه ضد الجراثيم الواردة من هنا وهناك ، وتثقيفه ثقافة إسـلامية شاملة ، فالطفل هو أثمن ما تستثمر الأمة ، بل (( هو الثروة الأساسية والحقيقية للأمة ، ومن ثمّ فإنّ تنمية القدرة الخلاّقة ( ) والمبدعة ، تصبح هي الهدف الأسمى لأي تثقيف ، إذا ما أردنا للمجتمع أن يرقى وينهض ، وإذا ما قصدنا للأمّة نماء اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً ))( ).

[1] الإعلام في اللغة

الإعـلام لفظة مشتقة من الفعل الربـاعي (( أعـلم )) ، وأصــل الفعل علم ، وهو (( أصل صحيح واحـد يـدل على أثر بالشيء ، يتميز به عن غيره ، ومن ذلك العلامة ، وهي معروفة ، يقال : علمت الشيء علامة ، ويقال : أَعْلم الفارس إذا كانت له علامة في الحرب ))( ) .

وفي اللسان : (( يجوز أن تقول علمت الشيء ، بمعنى عرفته وخبرته ))( ) وفي المصباح :(( العلم اليقين ، يقال : علم ، يعلم ، إذا تيقن ، وجاء بمعنى المعرفة أيضاً ، كما جاءت بمعناه ضمن كل واحد معنى لآخر ، لاشتراكهما في كون كل واحد مسبوقاً بالجهل ، لأن العلم إن حصل عن كسب ، فذلك الكسب مسبوق بالجهل ، وفي التنزيل : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ) ( ) . أي علموا ، وقال تعالى : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم  وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) ( ) . أي لا تعـــرفـونهم الله يعرفهم .. [ ويقال ] أعلمته الخبر وأعلمته به ، وعلّمته الفاتحة والصنعة وغير ذلك تعليمـــاً ، فتعلم تعلماً ))( ) . و(( استعلمه الخبر : استخبره إياه ))( ) . و (( العلم نقيض الجـهـل ))( ) . و (( علم : فعل بمعنى اليقين وقد يأتي بمعنى الظن ))( ). وجاء في الوسيط (( أعلم نفسه وفرسه : جعل له أولها علامة في الحرب ، وأعلم الثوب : جعـل له علماً من طراز وغيره ، وأعلم فلاناً الخبر وبه : أخبره به ))( ).

ومن خـلال هذه التعريفـات ، نلاحظ أنّ كلمة إعلام تدور حول الاطلاع على الشيء والإخبار أو الاستخبار والتعـلم أو التعليم والعلامة ، وهي بمجملها تعني معنى واحداً ـ ، يشير إلى نقل معلومة أو حملها أو إعلامها لشخص أو لمجموعة أشخاص . وبذلك يتضح أن الإعـلام في اللغة يحتاج إلى حامل المادة ، أي المُعْلم ، والمادة ، أي الخبر ، والمُعْلَمَ ، أي المتلقي للخبر . وهو ما يوضح لنا أن لفظه الإعلام في اللغة كانت معروفـة في الماضي ، كما هي معروفة في العصر الحديث ، إلا أن الأدوات تغيرت وتطورت .

[2] الإعلام في الاصطلاح

يرى أحد الباحثين أن مـادة علم (( تدور حول العلامة والمعرفة والشعور ، فإذا عديت ، تضمنت معنى التعليم أو الإخبار ، فإذا أضيفت إليها الألف والسين والتاء ، فهي طلب العلم أو الخبر ، وتعريف الناس وتعليمهم أو إخبارهم بالأخبار ، كلها من وظائف الإعلام ، وإذا كان بمعنى تـرك العلامة ، فإنّ الإعلام يترك علامة معنوية ، هي تأثر الناس بما يعلمهم به ، وإمـالة قلوبهم إلى ما يدعَوْن إليه ، ولعل هذا يشير إلى أنّ لكل اتجاه إعــلامه الذي يؤثر في الناس به))( ) . وهذا التقريب إلى فهم الحـالات المستخدمة لمادة (( علم )) ، أوضح معاني الكلمة مع إضافتها ، لكنه لم يتح إمكانية وضع تصور ذهني وموضوعي يشرح ، دون لبس معنى كلمة إعلام في صفتها المتداولة والتي تستخدم حديثاً

وإذا أردنا استقصاء ما كتب في تعريف (( الإعلام )) ، من المستحسن أنّ نشير إلى أن كثيراً من الباحثين يميزون بين الإعلام والاتصال باعتبار أن لفظة اتصال أكثر شمولاً ودلالة ، لأن الاتصال (( قد يكون بين الإنسان وأخيه الإنسان ، أو بينه وبين الحيوانات والجمادات ، وقد يكون بين هذه الأصناف الثلاثة ))( ) . وقد يكون هذا التفريق بين الكلمتين صائباً إلى حد كبير ، ولا ننسى أنّ الإعلام يقوم بالأصل على عملية الاتصال ، التي عرفّها بعضهم بأنها (( العملية التي يتم من خلالها نقل الأفكار والمعلومات والمعتقدات والمواقف والاتجاهات من وإلى الآخرين ، والاتصال أسلوب اكتسبه الإنسان منذ وجوده ، ولا يستطيع العيش بدونه ، لحاجته الماسة إلى التفاعل مع الآخرين والتعايش معهم ، ويشبع الإنسـان من خلال عملية الاتصال بالآخرين حاجات نفسية واجتماعية ، كالحاجة إلى الإحساس بالأمن والرغبة في الانتماء ))( ).

ويرى بعـض الباحثين أن الإعلام (( هو إطلاع الجمهور بإيصال المعلومات إليهم ، عن طريق وسائل متخصصة بذلك ، فينقل كل ما يتصل بهم من أخبار ومعلومات تهمهم ، وذلك بهدف توعية الناس وتعريفهم وخدمتهم بأمور الحياة ))( ) .

وعرفه آخرون بأنه (( جمع وتخزين ومعالجة ونشر الأنباء والبيانات والصور والحقائق والرسائل ، والآراء والتعليقات المطلوبة ، من أجل فهم الظروف الشخصية والبيئية والقومية ، والتصرف تجاهها عن علم ومعرفة والوصول إلى وضع يمكن من اتخاذ القرارات السليمة ))( ) . كما أنّه (( يزود الناس بالمعلومات والحقـائق التي تكفل توسيع آفاقهم ))( ) .

ومن خلال ما تقدم من تعريفات متعددة لـ (( الإعلام )) كمصطلح حديث ، نلاحظ أن هناك تشابهاً في المضمون مع اختلاف في الألفاظ ، وأن البحث عن تعريف آخر جديد قد يكون عمـلاً متكلفاً ، إذا دار في الفلك نفسه ، وقد يؤتي به لمجرد المخالفة ، بينما يبدو أن التعـريفات السابقة تؤدي المعنى ، ويكمل بعضها الآخر .

ويمكن استخلاص عبــارة مختصرة تـــوصلنا إلى تحديد المعنى المتوخى باختصار ، وهي : الإعلام في الاصطلاح هو إيصال معلومة إلى الغير بواسطة .

ومن خلال هذا التعريف المختصر نجد أن أركان الإعلام تتكون من ثلاثة بنود أساسية :

أولاً : إيصال معلومة : فيتحدد هنا الهدف من الإعلام بإيصال معلومة معينة سواء أكانت حقاً ، أم باطلاً ، وسواء كانت مما اتفق عليه أو مما اختلف فيه ، وسواء أكانت سياسية أم دينية أم اقتصادية أم اجتماعية أم علمية أم فنية أم ثقافية أم ترفيهية .

ثانياً : للغير : وبذلك يتحدد المستقبل للمعلومة ، سواء أكان فرداً أم جماعة ، ذكراً أم أنثى ، كبيراً أم صغيراً .

ثالثاً : بواسطة : وهي متعددة ومتغيرة ومتدرجة ، بحسب تطور المجتمعات علمياً وثقافياً وتقنياً ، وفنون الإعلام المختلفة تبدأ بالاتصال المباشر بين البشر ، وتنتهي بكل وسيلة حديثة ممكن استخدامها في مجال الإعلام والإخبار ، فمن المعلوم أنّ الاتصال حاجة مجتمعية إنسانية ضرورية ، حيث إنّ الإعلام بدأ في الماضي على (( هيئة ممارسات اتصالية بطريقة تلقائية ، استجابة للحاجات الآتية التي يكتسبها البعض بالتقليد الفطري ، ثم ظهرت أشكال من الممارسات تحتاج إلى مهارات خاصة ، يتطلب اكتسابها تدريباً خاصاً ، ومن هنا كان التخصص في دراستها واكتسابها ، والتخطيط لها وتنفيذها ))( ) . وذلك من أجل تحقيق أعلى مستوى من الأداء ، يسهم في تحقيق الغايات المنشودة والأهداف المتوقعة .  

















الشكل رقم ( 3 )





  أركــان الإعـلام





للغـــيــــر



إيصال معلومة بواسطة

حق باطل

الجمهور



سمعية بصرية بصرية سمعية



دينية تربوية

سياسية تاريخية

اقتصادية تعليمية

اجتماعية فلسفية

علمية فكرية

ترفيهية   إعلانية

ثقافية   ...

فنية   ...





[3] تطور وسائل الإعلام

الإعلام ليس مذهباً جديداً ابتدعته المدنية الحديثة دون غيرها ، فقد (( شهد العالم منذ فجر التاريخ كماً هائلاً ، وأنواعاً مختلفة من وسائل الاتصالات ، البدائية والمتطورة ، فاستخدم طرق المواصلات المائية والحديدية والجوية والبرية ، وشكلت هذه الوسائل معنى واقعياً لكلمة اتصال .. ثم صارت تعني المحادثات الهاتفية والبرقية والتسجيلات .. وفي العصر الحاضر أصبحت تعني التقنيات المتطورة التي تنفّذ الاتصال بين الناس ، بواسطة الأجهزة والآليات الحديثة ))( ) . فالإعلام بجميع صوره احتل مكانة مرموقة في جميع العصور ، (( فعرفت البشرية الإعلام في أبسط صورة ، من خلال دق الطبول والنداء من أعالي المرتفعات والحـفر على الحجارة ))( ) ، فكانت الممارسات الإعلامية بدائية ، حسب مقتضيات العصر ، وكانت تستجيب لحاجات الناس ومتطلباتهم .  

والإعلام (( لم يكن وليد عصر من العصور أو حضارة من الحضارات ، فلا يوجد مجتمع من المجتمعات ، مهما تفـاوتت درجة تقدمه أو تخلفه ،كما لا يوجد زمن من الأزمنة ، قديماً أو حديثاً أو وسيطاً ، إلا واحتل الإعلام مكانة فيه ، لأنّ الإنسان بطبيعته لا يستطيع الاكتفاء بأخباره الشخصيّة فقط ، أو أخبار المجتمع المحدود الذي يحيا بداخله ، مثل مجتمع القرية أو القبيلة أو الأسرة ، ذلك أنّه من الصعب أن تسير الحياة دون أن يتصل الناس ببعضهم ))( ) ، لأن الحياة تفاعل دائم ومستمر بين أفراد المجتمع الواحد ، وبين المجتمعات فيما بينها .

وقد عرف أحد الباحثين الغربيين الإعلام بأنه (( التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في الوقت نفسه ، والمقصود بموضوعية الإعلام أنه ليس تعبيراً ذاتياً من رجل الإعلام ، فدوره في المجال الإعلامي يختلف عن دور الأديب أو الفنان ، إذ يعتمد التعبير الموضوعي على الحقائق والأرقام والإحصائيات . وينبغي أن تكون الحقائق التي يُبنى عليها الإعلام السليم ، معبرة تعبيراً صادقاً عن عقلية الجماهير وميولها واتجاهاتها ، وإذا كان الأدب أو الفن يجد متسعاً وترحيباً في وسائل الإعلام ، وإذا كانت هذه الوسائل تتزين بالفنون الجميلة وبأساليبها عندما تقدم للقراء والمستمعين والمشاهدين فإنّ ذلك لا يغيّر من مفهوم الإعلام بأنه تعبير موضوعي عن عقلية الجماهير وميولها ، وإنما يؤكد العلاقة الوثيقة بين العلم والفن ، في حقول الدراسات الإنسانية وتطبيقاتها ))( ) .

فالإعلام بمعناه السليم كما يقول بعض الباحثين : (( هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات الصحيحة والحقائق الثابتة ، التي تساعد الناس على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات ، فإذا خلت هذه العملية الإعلامية من الصدق ، لم تصبح إعلاماً بالمعنى الصحيح ، بل هي نـوع آخـر ، تكون تضليلاً للجمهور أو مؤامرة سوداء ضد الجمهور ، ونحو ذلك ))( ) .

ورغــم اتفاقنا مع الرأي الأخير بضرورة التزام الإعلام بتقديم الحقائق فقط ، دون تدليس أو تمييع ، فإننا لا نتفق على إخراج الرسائل الإعلامية غير الصادقة من مجال الإعلام ، فنحن نتعامل مع الإعلام كمهنة أو حرفة ، مهما حوت الرسالة من صدق أو تدليس ، فالإعلام ، من حيث الظاهر هو إعلام ، سواء أكان باطلاً أم حقاً . لأنه (( جملة من الأساليب التي يلجأ إليها الإنسان للتعامل مع غيره من الناس والتأثير فيهم ))( ) . وهو بطبيعة الحال يسخّر لتحقيق أغراض المسيطر على الوسيلة الإعلامية ، وهو بذلك (( وسيلة التعبير والتوجيه والصعود بالناس إلى أعلى أو الهبوط بهم إلى القاع ))( ) .

ويصف بعض الباحثين الإعلام بأنّه (( علم الاتصال بالجماهير ))( ) ، وهو (( العلم الذي يدرس اتصال الناس اتصالاً واسعاً بأبناء جنسهم ، اتصال وعي وإدراك وما يترتب على عملية الاتصال هذه من أثر ورد فعل ، وما يرتبط بهذا الاتصال من ظروف زمانية ومكانية وكميّة ونوعية ، وما شابه ذلك ))( ) .

وتفسّر العملية الإعلامية بأنها ، (( نقل الأفكار والمعلومات من المرسل إلى الملتقط ، بهدف تبليغ وتوصيل رسالة معينة ، إلا أن العمليّة الإعـلامية ليست أمراً جامداً ، باعتبار أن الإعلام مرتبط ومتأثر بشكل أو بآخر بالنظم الاجتماعية والسياسات الثقافية التي ينتمي إليها ، وحتى في حالة عدم الرضـوخ مطلقاً فالتكامل معها يصبح أمراً لا مهرب ولا مفر منه ))( ) .

من هنا ، نستنتج الدور الكبير الذي يقوم به الإعلام في توجيه الرأي العام وتوضيح الحقائق أو تشويهها ، وإذا ما تمت العملية الإعلامية بالأسلوب السليم فإنها (( تقوم بفاعليتها في الحياة البشرية ،وتكون قد حققت أهدافها في خدمة الناس بعضهم بعضاً ، في نقل ألوان المعارف وأنواع العلوم والثقافة ، ونقل التجارب والمشاهدات والخبرات الفردية والجماعية ،وربط الحياة التعليمية بين المعلم والمتعلم ، والعمل على إثراء المتلقين من الناس بخبرات وسلوكيات ومهارات الآخرين من المرسلين ، الذين يعتبرون من المصادر الجيدة للاتصال ، فالاتصال يقوم بدور المثقف والمعلم ، والناقل والمرسل لأنواع الحضارة البشرية المتطورة من وإلى الناس في كافـــة مواقعهم وأزمانهم ، وذلك بواسطة التقنيات المتطورة التي تعتمدها ، وسائل الاتصال العصرية ))( ).

ويرى أحد الباحثين أن الإعلام قديم كل القدم فقد (( مارسه جميع البشر منذ وجدوا على ظهر الأرض ومنذ احتاج بعضهم إلى الاتصال ببعض ))( ) . فالنواة الإعلامية ممتدة في جذور الإنسانية ، فالإنسان البدائي مارس الإعلام لكن على طريقته( ) ، فقد كان يحدث أسرته عن أخبار مغامراته في المطاردة والصيد وقسوة الطبيعة ، فيعلمهم طبائع الحيوانات وطــريقة التغلب عليها وكيفية الاستفادة منها ، وهي بالطبع حصيلة تجارية الفردية فينقلها بإخلاص إلى أولاده .. وبتطور الحياة تطور أسلوب الإعلام ، بالنفس على حوائط الكهوف أو جذوع الأشجار ، فكان الآخرون يرونها ويتعلمون منها ، وأخذت وسيلة الإعلام تتطور مع رواية أخبار القبيلة وغزواتها وحكاياتها ، كما عرفنا في العصر الجاهلي العربي دور الشاعر الإعلامي الذي كان يدافع عن قبيلته ، ويدب الحماسة والشجاعة في نفوس أفرادها ، وكثيراً ما كانت الأسواق بمثابة الوسيلة الإعلامية .. وعندما جاء الإسلام ، استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم وسائل إعلامية متعددة ، مثل الرسائل ، والخطب والصلاة ، والأذان .. وظلت وسائل الإعلام تتطور وكثر النساخون الذين ينسخون الكتب ، وكذلك الرواة والحفاظ ).. ولما تم اختراع الطباعة في ألمانيا عام 1338 على يد الألماني جوتنبرغ أخذت المطبوعات تنتشر ، وتطورت وتقدمت ، فانتشرت وسائل الإعلام المعروفة في عصرنا الحديث من صحافة وكتب ومجلات .. ثم دخل العالم الإنساني في عصر الصناعات الكهربائية والإلكترونية ، وأخذت وسائل الإعلام تأخذ دورها التقني السريع في الذيوع والانتشار والمخاطبة ، حيث ظهرت الإذاعة والتلفاز والخيالة والمسرح والصور الإلكترونية المنقولة فضائياً ، وانتشرت الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية ، وأصبح العالم قرية صغيرة ، تتداخل فيه المعطيات الإعلامية بشكل فائق وملحوظ  ))( ) .

لقد تطورت وسائل الإعلام في عصرنا الحديث بشكل هائل ، فما من شئ في عصرنا إلا وقد تأثر بالإعلام ، لأنه أضحى محركاً هاماً وفعّالاً لكثير من النشاطات الإنسانية ، من سياسية واقتصادية وعلمية وفنية .. فقد ذابت كل المعوقات والسدود التي كــانت تشكل حاجزاً في وجه انتقال العقائد والأفكار فضلاً عن الأحداث والأخبار ، وأصبح الحدث ينقل من الكـون الخـارجي إلى الأرض في ثـوان ، كما رأيـنا في تحّـرك المـركبة الفـضـائية ( باثفايندر )( ) التي نزلت على سطح المريخ قبل أشهر قليلة ، حيث كانت تبث تحركاتها إلى الأرض ، فتنقلها المحطات الفضائية في لحظات فيراها العالم أجمع .

إن الإعلام لم يعد ترفاً ، أو شيئاً تتبناه الدول أو الشعوب لمجرد الإحساس بالرفاهية أو بالسير ، فما من دولـة في العالم المعاصر إلا وباتت تنظر إلى الإعلام على أنه حاجة أساسية ، لابراز صورة الدولة في الخارج ، وقد تهتم الدول بمظهرها الإعلامي الخارجي أكثر من الداخلي ، نظراً لما أحدثه التقــدم التقني في مجال الإعلام ، حيث انطلقت الأقمار الصناعية لتنتشر في مختلف أنحاء العالم ، وباتت صحون الالتقاط الفضائية منتشرة في كل مـكان ، وأصبح العالم كله في متناول الأيدي ، وبإمكان الإنسان أن ينتقل من مكان إلى مكان ، ومن شرق الأرض إلى مغربها ، ومن شمالها إلى جنوبها وهو جالس أمام التلفاز يراقب المحطات الفضائية العالمية ، التي بات أمر التقاطها أمراً ميسراً وميسوراً لقطاع واسع من الناس . ولا ندري بعد اليوم إلى أين سيصل الإعلام في ظل الانفجارات المعرفية المتلاحقة ، حيث تتوالى الاكتشافات والاختراعات بشكل كبير لم يسبق له مثيل في التاريخ ، حتى إن بعض الباحثين يطلقون على العصر الحديث بأنه (( عصر الإعلام ))( ) ، تقلصت فيه الكرة الأرضية وتقزّم العالم إلى (( غرفة واحدة ، أو قرية واحدة .. وبات النفاذ إلى عقول الآخرين وغزوهم فكرياً ، أسهل وأيسر من أي غزو آخر ))( ) .

ولذلك فإن الإعلام يعد مهنة سهلة الاحتراف ، طيعة لينة ، تعطي يدها لكل طالب علم ، وتنصاع لكل راغب ، فقد أضحى للإعلام أصول ، ومناهج ومدارس ، حتى بات بالفعل وكأنه صناعة ثقيلة ، نظراً لتشعباته الكثيرة وأنفاقه المتعددة .

ويرى أصحاب الاختصاص أنّ الإعلام أصبح (( مجموعة خبرات وتخصصات في فهم الإنسان : عقيدته دوافعه ورغائبه ومؤثراته ، ومداخل شخصيته وعمره الثقافي ، إضافة إلى مجموعة خبرات تقنية في أدوات التوصيل من أشكال وألوان وأصوات وألبسة ، وإيحاءات وإيقاعات وتخطيط .. ومن ثم تقويم للأداء ، واكتشاف مواطن الخطأ ، ووضع التصور لاستدراكها في التخطيط المستقبلي ، إلى حد القول : بأن علوم الاتصالات والمعلومات والاكتشافات العملية والتكنولوجية ، تحولت جميعها لتصب في خدمة الإعلام الذي أصبح محيطاً بالإنسان ، كائناً ما كان ، ومهما كانت اهتماماته ولم يعد الإعلام يقتصر على إشباع الاهتمامات وغرس المعلومات ، وإنما تحول إلى صناعة الاهتمامات وإعادة التشكيل الثقافي للإنسان من خلال الأوعية الإعلامية المختلفة والتقنيات المتطورة بشكل تصعب ملاحقته ))( ) .

وقد يكون بالفعل للإعلام تشعبات كثيرة وكبيرة ، وعلى من يود الولوج فيها أن يتسلح بأدوات الإعلام وأساليبه وطرقه ومناهجه ، بعد أن أصبح علماً مستقلاً ، له كلياته ودراساته ، ومن أراد أن يحلق عالياً في فضاء الإعلام ، عليه أن يعي أن الموهبة في الكتابة أو الأداء وحدها لا تكفي ، فإنّ الإعلام أيضاً لا يصل إلى أهدافه إلا بتحصيل أقصى درجات التحصيل البحثي والتدريبي والعملي ، وبطبيعة الحال فإنّ الإبداع الذاتي ضرورة لنجاح وانطلاق أي عمل ونشاط ، ولمّا كان الإعلام موجهاً لقطاع واسع من الناس ، وبإمكان كل إنسان أن يطلع على رسالة الإعلامي أصبح مرسل الرسالة بحكم ذلك مراقباً من جمهـــــور عريض ، مما يجعله على حذر دائم ، فيسعى لتقديم أفضل ما عنده ، خصوصاً وأنه يعلم أن ساحة الإعلام لا تدع مكاناً لغير الأكفاء ، فلابد من العمل الدائب المستمر ، حتى لا يصاب بالفشل ، ويضطر للانسحاب والتراجع بعد حين .  

[4] أهمية الإعلام الموجه للطفل :

تنبع أهمية الإعلام الموجه للطفل من أهمية الطفل نفسه ، فالطفل أولى ثروات الدولة وأكثرها أهمية ، فلا مستقبل لأمة تبنى بعيداً عن أطفالها ، كذلك لا مستقبل لطفل لم نهيئ له السبل اللازمة لينخرط في الحياة بأسلوب علمي واع ، بعيداً عن الفوضى والجهل ، فالاهتمام بالطفولة (( تعبير عن الاهتمام بالواقع والمستقبل ))( ) .

والطفل ليس بنسيج مفرد يقوم بذاته ، بمعزل عن المجتمع ، بل هو في احتكاك دائم ومتواصل مع التفاعلات على أضيق نطاق داخل الأسرة ، وعلى أوسع ما يمكن من خلال مؤسسات المجتمع المختلفة .. ولا شك أنّ الطفولة تحتل صدارة اهتمامات المجتمعات المتمسكة برقيها وحضارتها ، وكلما كان الاهتمام بالأطفال شديداً وجدنا حضارات متقدمة وشعوباً مثقفة ومجتمعات متقدمة ، لأن الطفل هو انعكاس لميراث مجتمعه وصورة لأفكار حضارته ، فالنشاط المشترك بين الطفل والمجتمع يولد في نفسه قيماً ومثاليات ، ويؤسس في نفسه قواعد بنائية تكون بمثابة الأسس الصلبة التي ينطلق من خلالها إلى الآفاق ، والتربية السليمة (( ترغب في أن تصنع الطفل على عينيها ، أي إنها لا تريده نسخة مطابقة للمجتـمع ، فيحدث عندنا أنماط متكررة جامدة ، وإنما تريده إنساناً مستقلاً ، يمتص أفضـل مــا في المجتمع ، وينبذ السيئات ، ويتحلى بالمهارات والقدرات اللازمة لبناء مستقبل يختلف عن الحاضر ، في سلوكه الفردي والجمعي ، مواءمة مع تطـور العصر ، كما يلتقيه أي المجـتمع ، في قيمة وأصالته وثقافته ))( ) .

ولا شك في أن التكامل بين مؤسسات المجتمع العينة بالطفل ، أفضل بكثير من أنْ يعمل كل منها دون تكامل أو تنسيق أو تفاهم ، ولو حتى بشكل ضمني ، لأن ذلك يساهم بشكل فاعل في بناء الطفل من مختلف الجوانب ، فلا تكون كل واحدة منها مغلقة على نفسها ، غير متصلة بالمؤسسات المحيطة بها ، فلابد من تعاون وتآزر ، لأنّ الطفل ثروة لا يجب التفريط بها ، مهما كانت الذرائع .

ومن المؤسسات ذات الأهمية الخاصة بالمجتمع ، وسائل الإعـلام على أنواعها ، فهي تقوم بدور مهم في حياة الأمم والشعوب ، (( ولا تكاد تخلو أمة مـن أمم الأرض ، أو شعب من شعوبها من تأثيرها سلباً أو إيجاباً ، وإن اختلفت سبل وطرق هذا التأثير .. فالإعلام المعاصر بتقنياته المتطورة ووسائله المختلفة ، رمز من رموز التحضر ، ومعلم من معالم التقدم بين الأمم ، فبه تستطيع الأمة ، أية أمة ، أن تضاهي الآخرين بمبادئها وقيمها ومنجزاتها ، وعن طريقه تفتح نوافذ المعرفة وسبل الاتصال ورسائل التعارف بينها وبين شعوب الأرض ))( ) .

والطفل بطبيعة الحال ، وبسبب قلة خبـرته ، وهشاشة بنائه الذي لم يصلب بعد ، يبقى شديد التأثر ، لأنه لا يملك أن يميز كلّ ما يعرض عليه ، وقد لا يرفض الكثير مما يقدم له ، وإن رفض ، فإن هذا الرفض يكون غالباً لأسباب مزاجية ، لا تأخذ طابعاً قيمياً محدداً ، لأنّ شخصيته ومبادئه ومعتقداته تكون في طور التشكل ، مما يسهّل اختراقها واقتحامها دون عناء ، وربما بوسائل بسيطة وميسرة ، ومن هنا تقع مسؤولية تشكيل الطفل على ولي أمره المباشر أولاً ، من أسرة مدرسة ، ثم وسائل البناء في المجتمع ، ويأتي على رأسها وسائل الإعلام ، لما أثبتت من قدرات هائلة في التأثير ، حتى لا ينساق الطفل دون وعي منه إلى فضاءات نائية عن أرضه ، فيحلق عالياً ، ثم يسقط محدثاً دوياً مجلجلاً .

وقد أدركت المنظمات الدولية فداحة الخطر الذي تثيره بعض وسائل الإعلام ، فأصدرت منظمة اليونسكو تقريراً عن استطلاع بياني عن وسـائل الإعلام في بداية الثمانينات ، أفاد (( أن فيض المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام ، يعطل القدرات التأملية لدى الأطفال ، وأوضح التقرير أنّ الأطفال كانوا ضحية لبرامج التلفاز والمجلات الهزلية ، وذكر الآباء والمدرسون الذين شملهم الاستطلاع أن وسائل الإعلام أشد ضرراً بالنسبة للأطفال ، وبخاصة البرامج الساقطة ، والمجلات الهزلية التي ترد إليهم ))( ) .

ونحن وإن كنا نتفق إلى حد ما مع هذا التقرير( ) ، إلا أننا لا نعتقد أن فيض المعلومات هو وحده الذي يحد من خيال الطفل وقدراته ، ولكن سوء التعامل مع هذه المعلومات ، أو إساءة استخدام الأساليب التي تقدم من خلالها المعلومات ، أو أن تكون المعلومات هي نفسها سيئة ، وإن هذا كله قد يكون من الأسباب الأساسية التي تشوّه إحساس الطفل الابتكاري والمعلوماتي .. فالطفـــل كما أشرنا سابقاً هو نتاج مجتمعه ، وثمرة ما يقدم إليه ، فإذا أحسنّا التقديم حققنا ما نصبو إليه ، وإلا نخسر كثيراً من أبناء المستقبل .

ويزيدنا هذا التقرير إيماناً بأهمية ودور الإعلام في حياة الطفل المعاصر ، ونعجب عندما لا يكون إدراك أولياء الأمور ، من آباء ومدرسين لخطورة ما يقدم ، حافزاً لهم على مراقبة وسائل الإعلام ذاتياً ، وخصوصاً إذا كان مصدرها مؤسسات مشبوهة ، أو تهدف إلى الربـــح المادي فقط دون أي اعتبار للأخلاق أو للقيم ..

وإذا كانت منظمات الدول قد توصلت مؤخراً إلى إدراك الخطورة التي تنمو في نفس الطفل إذا غرست فيها أفكار وقيم تناقض قيم المجتمعات الأساسية العامة ، فلا شك أن الإسلام سبقهم بقرون طويلة ، وفهم طبيعة الإنسان الصغير ، ورعاه خير رعاية ، ونشّأة وربّـاه على القيم البناءة ، التي تستطيع قيادة العـالم إلى الخير والفـلاح في الدنيا والآخرة ))( ).

وللإعلام المعاصر دور مهم وحيوي ، ويدخل في إطار الوسائل التربوية والتثقيفية والترويحية ، وبتنا اليوم نلاحظ انتشاراً واسعاً لوسائل الإعلام الخاصة بالطفل ، وفي مختلف المجتمعات والطبقات ، حتى أضحت هذه الوسائل ، من أساسيات الحياة ، لا مجرد رفاهية يمكن الاستغناء عنها .

فإن (( توفير المعلومات الحديثة والفورية عن كل شؤون الحياة ، بأسلوب جذاب ووسيلة واسعة الانتشار ، أضحى هماً يومياً ، وواحداً من أكبر التحديات الإعلامية للسنوات الأخيرة من القرن العشرين ، وفي العقدين الماضيين ، حولت البلدان النامية والمتقدمة جلّ طاقتها لتعزيز سبل تطوير وسائل الإعلام ))( ) . وكان للطفل مكانة خاصة ضمن هذه الوسائل ، وكان له نصيبه الكبير ، (( وكان للسياسات التي تبنتها تلك الدول دور كبير ومهم في بناء الطفل ، فوضعت أهدافاً تتناسب مع نموه البدني والعقلي والاجتماعي ، وتراعي موروثاته الثقافية والاجتماعية ، وسعت تلك الأهداف إلى تنشئة جيل سليم خال من الأمراض النفسية والبدنية ، وتربي فيه القيم السامية ، على ضوء المعتقدات التي يؤمنون بها ، وتنمية حب الوطن والاعتزاز بتراثه ، كما تربي فيه أيضاً حب العلم والمعرفة والاستفادة القصوى مما قدمه العلم ، من أجل حياة أفضل له ولمجتمعه .. وإنّ التعامل مع الطفل من أجل الوصول إلى جيل مترابط الجوانب : الثقافية والصحية والاجتماعية والدينية .. مازال موضوع دراسة علماء الاجتماع والتربية والإعلام وغيرهم ، وتنص معظم تلك الدراسات على أهمية البيئة الثقافية والعلمية والتقنية ودورها الفاعل في بلورة شخصية الطفل ، وبنائه بناء حضارياً ))( ) .

ويرى بعض الباحثين (( أن أهمية وسائل الإعلام ـ إلى جـانب وسائل التربية الأخرى ـ تتأتى من خلال قيامها بتهيئة الجو الفكري الصالح الذي يساعد الطفل على تكوين مفاهيمه تكويناً واضحاً منتظماً فعالاً ومـؤثراً ، يؤدي به إلى تطوير إمكاناته ، وفكرة ، ومواهبه ، ويشدد الخبراء التربويون وعلماء النفس ، في هذه الجزئية ، على ضرورة رعاية النمو العقلي للطفل ، بتربيته تربية تنحو به إلى تكوين المفاهيم والمعاني الصحيحة ، وإلى معرفة طرق التفكير وأساليبه وخطواته ، وإلى تهذيب أسئلته واجاباته ، وإلى تشجيعه على نقده لمسالكه الفكرية ، وتحليله لمواقفه العقلية ، وتنظيمه للحقـائق التي يلمسها ويراها ، وتوجيه نمو تفكيره بحيث تمهد له الجو العقلي الصالح لتطوره ، وبحيث تحول بينه وبين مجرد جمع المعلومات وحشدها في عقله ، بطريقة آلية تعوق نموه الفكري الراهن ، وقد تنعكس آثارها السيئة على حياته المقبلة ، وبهذا تسهم وسائل الإعلام بتنمية قدرات التفكير لدى الأطفال وتوجههم نحو الأخلاق السامية ، وتنمي ملكاتهم الفردية وتبني مداركهم ))( ) .

وإلى مثل هذا يذهب أحد الباحثين ، فيؤكد أهمية (( الدور التربوي الذي يمكن أن تسهم به وسائل الأعلام في تنمية قدرات التفكير لدى الأطفال والنشء ، وتوجيههم نحو الطرق السليمة للتفكير ، وفي تهيئة الجو الفكري الملائم لتنمية مفاهيم الفرد وملكاته وقدراته الفكرية والنقدية ، وتوسيع مداركه وتصوراته ، وذلك من خلال ما تبثه من معلومات ومفاهيم وحقائق وتفسيرات ، وما تقدمه من نماذج ، وما تطـرحه من أفكار ، وقضايا ومشكلات ، سواء في البرامج المباشرة أو من خلال الأشكال الدرامية المختلفة ))( ).

وإن وسائل الإعلام تستطيع أن تكمل الدور التربوي المحدود ، بدور تربوي أكثر شـمولاً وعمومية في الوقت نفسه ، بحيث يصل إلى جميع أفراد المجتمع في مختلف الأوقـات ، لا لـوقت محدود ، فيكون عملها بنائياً وشاملاً ومتواصلاً . وبذلك يكون الإعلام (( أقوى وسيط تربوي فعال ، يؤثر على كل من الصغار والكبار في مجال بث القيم ، وتغيير الاتجاهات ، بما ينعكس سلبياً أو إيجابياً على الأنماط السلوكية السائدة في المجتمع ))( ) .

ويذهب أحد الباحثين إلى التأكيد أن (( التربية والإعلام يلتقيان في عملية الاتصال بمفهومها الشامل ، وقد اشتد التلاقي بينهما التحاماً مع الانتقال من مرحلة الاتصال المباشر إلى عصر الإعلام الجماهيري ، والاتصال عبر الأقمار الصناعية ، والاتصال الحضاري والثقافي ،وهكذا أصبح ضرورياً تعميق البحث بين التربية والإعلام وتأثيرهما المشترك من جهة ، ومدى حاجة كل منهما إلى الآخر من جهة ثانية ، ودراسة العلاقة بينهما وتحديد أبعادها ومستواها ، ولابد أن يتم هذا النوع من البحث والتقصي في إطار المفهـوم الشـامل لحضارة العصر ، المتسمة بالشـمول والتنوع والأتساع والتغير المتسارع ))( ) .

[5] وسائل إعلام الطفل :

يرى بعض الباحثين أن (( وسائل الإعلام في ذاتها نوعان : نوع قديم وآخر حديث ، والنوع الأول منهما فطري من صنع البشر ، كالخطابة والشعر والندوة والسوق .. ، والنوع الثاني منهما صناعي من اختراع العلم كالصحف والراديـو والتلفزيون ووكالات الأنباء والسينما ، ونحو ذلك ،( ) . وكل وسيلة من هذه الوسائل الحديثة من وحي العلم ، ووليدة الاختراع ، ولا ندري ماذا تحدث منها فيما بعد ))( ) .

ونحن بدورنا لن نتناول النوع القديم ، وإن كنا لا نتفق مع هذه التسمية وهذا التصنيف ، فالوسـائل الحديثة عرفها الإنسان المعاصر بفضل التطورات التقنية الكبيرة ، فتماشى معها وتفاعل ،ولكن الإنسان بالعصور القديمة عرف الصحافة والإذاعة والمسرح وقدمها بأسلوبه ، فقد كان الشاعر إذاعة القبيلة ، كما كان الـرواة والحفاظ ناقلين ،فكانوا بمثابة الصحافيين ، لكن بمقياس العصر الذي عاشوا فيه .. لكنّ الذي تغير هو التقنيات ، وكما أن وسائل الإعلام المتطورة استطاعت اقتحام كل مؤسسات المجتمع ،فإنها ساهمت في نقل الخطب والأشعار والندوات .. وهذه الوسائل لم تفقد بريقها ، بل على العكس تماماً ، ازداد وهجها ، وقد تكون من أبرز وسائل الاتصال بين البشر في عصرنا الحديث ، حتى إنها طوّعت الوسائل الحديثة لخدمتها ، ولذلك ، يبدو لنا أن اعتماد الأساليب الماضية كان على (( الراوية )) ، بحيث يدخر ما يسمعه في ذاكرته ، ثم يبثه بين الناس أينما حل وارتحل ، وربما قصده الآخرون للسماع منه ، وهو فرد من القبيلة أو المجتمع ، مشهور بالحفظ ، ولا ينقص هذا من قدر المروي ، وهذا لا يقاس حتماً بإمكانات عصرنا وقدراته .. فلكل عصر وسائله وكلما أتى عصر تفوق على العصور السابقة ، لا لأنـــه ابتكر جديداً ، بل لأنه استطاع استثمار ما لديه من إنتاج سابقيه ، واستفاد مما توصلوا إليه ، وراح يطوّر ويحسن ويجدد .. ولكل زمان أدواته وابتكاراته .

وقد تميز الزمان الذي نعيش فيه (( بتغير مستمر وسريع ، يشمل جميع نواحي الحياة التي يعيشها ، نتيجة للتقدم العلمي الهائل ، ولتفجر المعلومات الذي نشهده كل يوم وعبر شتى الوسـائل والطرق ، وما أطباق الاستقبال إلا دليل على ذلك التغيير ومداه المذهل ، وصار من الصعب بل من المستحيل على المتخصص أن يلمّ بكل ما يستجد في تخصصه ، وذلك لتســارع المعلومات وحجمها وتغيّرها بين آونة وأخرى ، وكان لاكتشاف الحاسبات الآلية دور كبير أيضاً في ذلك التغيير والتغير على الرغم من أن تلك الحاسبات قد قدمت وما زالت تقدم لنا العون في اكتساب وحفظ واسترجاع تلك المعلومات العلمية والتكنولوجيا المتجددة والمتضاعفة دوماً ))( ) .

ومع التطورات الحديثة و(( التقدم التقني الكبير خلال السنوات الأخيرة ، ومع ظهور الأقمار الصناعية وانتشارها بشكل مذهل ، ازداد الاهتمام بإمكان استخدام وسائل الإعلام المتطورة في بناء الإنسان ،وتقديم خدمات تربوية وتعليمية ، وتثقيفية وترفيهية ، بما يساعد الطفل وينمي إمكاناته ويزيد من معارفه ومعلوماته ))( ) ، وليس ذلك فحسب إذ يتسع دور وسائل الإعلام لبناء (( مهارات الطفل وقدراته الفردية من خلال ما تنشره أو تبثه من برامج ومواد إعلامية مختلفة ))( ) . إن وسائل إعلام الطفل (( السمعية والبصرية ، والسمعية البصرية ، من إذاعة وتلفاز وصحافة وسينما وفيديو ومسرح وكتاب ومحاضرات وندوات .. تعتبر من الركائز الأساسية في نقل أدب الأطفال ، إلى قطاع عريض من الأطفال المستمعين أو المشاهدين أو القارئين ،ونظراً لسهولة هذه الوسائل وانتشارها ، فإنها دخلت في دائرة التعليم لتعزّز المناهج الدراسية ، بالإضافة إلى وظائفها في التثقيف الإخباري والفكري والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والديني ، وبذلك أمكن لوسائل الإعلام ان تكون وسائط ناجحة في خدمة الأطفال وأدبهم وثقــافتهم وتربيتهم ، وحق لها أن تحتل مكانة بارزة بين وسائل التربية ))( ) .

ومن خلال  الآراء السابقة نتبين أن وسائل الأعلام الموجهة للطفل ، هي نفسها وسـائل الأعـلام الموجهة للكبار مع اختـلاف المضمون ، فهي لا يمكن أن تخرج عن ثلاث : السمعية والبصرية ،والسمعية البصرية . و(( الإعلام لا يمكن أن يكون باللمس إلا أن ندخل في حسابنا طريقة برايل للمكفوفين ))( ) ، وهذا الأمر وإن كان ممكناً ، إلا أنه لم نشهد له سابقة ، كإصدار صحيفة يومية أو دورية أسبوعية للمكفوفين وإن كان قد صدر عدد كبير من الكتب والمطبوعات الخاصة بالمكفوفين ، إلا أن هذا الأسلوب أو الوسيلة التي قد تصح بأن تكون ضمن وسائل الإعلام ، إلا أنها محدودة جداً ، لن نتطرق إليها في سياق تصنيف وسائل الإعلام الآتي ذكرها في الصفحات التالية . ولعل الدور الثاني الذي تضطلع به وسائل الإعلام الموجهة للطــــفل المسلم ، يؤهلها لاحتلال الصدارة في عملية بناء المستقبل ،لذا فقد كان من المتوقع أن تتمكن هذه الوسائل من القيام بدور كبير في عملية البناء لا الهدم ، وخصوصاً في البلاد الإسلامية ، فقد كان منتظراً أن تنهض بالطفل دينياً وتربوياً ، مما يقوده إلى سلوكيات طبعيّة متأصّلة ، تكون بمثابة طعوم تدرأ عنه كل الجراثيم الفتاكة ، وتحصنه ضد جميع الجراثيم الفتاكة وضد جميع الأخطار ، فتمنع السموم من التسرب إلى أحشاء الأمة ،فينشأ جيل خـال من العيوب ، يتصدى ببسالة لكل مخططات الهدم ، ويقود الأمة من جديد إلى المجد والسؤدد . ولا نضيف جديداً عندما نقول إن وسائل إعلام الطفل هي واحدة من حيث الشكل شرقاً وغرباً ، ولكن المضمون يختلف ، تبعاً لاختلاف المعتقدات والقيم والسلوكيات والأهداف ، فالوسائل بطبيعتها محايدة ، تسخّر لخدمة أصحابها .

ويبدو للباحث أن المسلمين لم يتمكنوا حتى الآن ، من استثمار وسائل إعلام الطفل الحديثة بالشكل المطلوب ،من حيث الشكل والمضمون ، ولعلّ أكثر ما يلفت في وسائل الإعلام في بـلاد المسلمين ، استعارتها لثوب الغرب ، وإن قدم بهيئة عربية ، كترجمته مثلاً ، أو بأن تكون أدواته عربية إسلامية ، فنشعر أن الغرض ربما يكون فقط لاشغال مساحات وقتية أو ورقية ، هذا إذا لم نصدر الاتهامات ، ولو كانت النية صافية ، فلا يجب أن نكون بوقاً يردد ما يريده الآخرون .

[6] تقسيم وسائل إعلام الطفل من حيث الشكل :

تبيّن لنا في الصفحات السابقة أنّ وسائل الإعلام تنقسم إلى ثلاثة أقسام أساسية هي :

أولاً : الوسائل البصرية .

ثانياً : الوسائل السمعية .

ثالثاً : الوسائل السمعية البصرية .

وتعتبر الأبحاث والدراسات الغربية ، أنّ (( لكل وسيلة من هذه الوسائل مقدرة خاصة على الإقناع ، تزيد أو تقل عن غيرها من الوسائل الأخرى ، بحسب الظروف والملابسات التي تحكم نشاط كل واحدة من هذه الوسائل ، بمعنى أن القدرات ( الإبداعية ) لمختلف الوسائل ، تختلف بشكل واضح من وسيلة إلى أخرى ، وفقاً للموضوع الذي تعالجه ، والجمهور الذي تتوجه إليه ،والبيئة الاجتماعية والثقافية ، إلا أنّ الجمع بين أكثر من وسيلة يحقق تأثيراً فاعلاً ، ويضاعف عدد المزايا ، ويمكن عملية الاتصال من تحقيق أهدافها ))( ) .



الشكل رقم ( 4 )





وسائل إعلام الطفل



الوسائل البصرية الوسائل السمعية الوسائل السمعية البصرية





المحطات الفضائية

الرائي ( التلفاز )

المســــرح

الخيالة ( السينما )

المـــذيــاع الفـيديــو

الشريط والمسجل       الحاسوب والإنترنت



الكتاب الصحافة النشرات والملصقات





ملاحظـــة : الشكل السابق لا يحصر كل وسائل إعلام الطفل ، فهناك أيضا المحاضرات والندوات ، والحوارات والنوادي ، والرحلات ، والدروس المدرسية والمواعظ الدينية ، ومنبر المسجد .. وغير ذلك كثير ، لكن الشكل الســابق أبـــرز أهم وســائل إعلام الطفل كما يراها الباحث ، والمنتشرة في عصرنا الحديث ، ولم نشر إلى الإعلام المدرسي هنا ، لأننا سنتناوله في صفحات مقبلة ، إن شاء الله .







أولاً : الوسائل البصرية :

لعلّ هذه الوسائل هي أقدم وسائل الإعلام ، وقد (( سميت بهذه التسمية لاعتمادها على حاسة البصر ، فهي وسيط إعلامي يرتبط بهذه الحاسة الهامة في حياة الإنسان ، حيث أن المشاهدة العينية للشيء ، تضيف قوة في الإثبات والمعرفة لهذا الشيء المشاهد ، لذلك فالوسيلة الإعلامية البصرية تلاقي قبولاً لدى المشاهـــدين أكثر من سواها ، والإنسان كما هو معلوم ، يشاهد ما يقع عليه بصره ، فيتعرف إليه ، ويستطيع أن يدركه ويفهمه ويعلمه ، أي يعرف ما يرى ، وإن التفاصيل المشاهدة أحياناً للشيء تعين على معرفته أكثر من سماع وصف له ، أو تسمية مجردة ، ولا يكون الوصف أصلاً إلا عند غياب المشاهدة ، وتدخل القراءة والمشاهدة في بـاب الوسائل البصرية ، كالكتاب والصحيفة والمجلة والمطبوعات الأخرى ، كذلك النشرات والخرائط والصور والرسومات ))( ) .

وســوف نتناول ثلاث وسائل بصرية أساسية ، وهي الكتاب والصحافة والنشرات المتعلقة بالطفل ، وما يتعلق بها من تفاصيل ، وذلك على الشكل التالي :

أ ) الكتــــــاب :

يعد الكتاب من (( أهم دعامات تنشئة الطفل تنشئة سليمة ))( ) ، لأنه (( غذاء ثقافي وعلمي ، ينمي الطفل ويجعله يعيش حياة سعيدة ،ويسهم في تنشئته نشأة صالحة سوية ، فهو النبع الدائم للمعرفة ، ورغم منافسة الوسائل الأخرى التي برزت في العصر الحديث ، إلا أنه يظلّ سيّد مصادر المعرفة ، لأنه يمتاز بطواعيه لا تتوفر في الوسائل الأخرى ))( ) .

ولا شك بأنّ الكتاب (( مظهر حضاري نقدمه للطفل ، ليعكس له صورة المجتمع الذي يعيش فيه ، فبالإضافة إلى المحتوى المعرفي الذي من خلاله يكتشف الطفل نوعية المعارف التي يرغب المجتمع أن يعرّفها لأطفاله ، فإنّه من خلال هذا المحتوى وأسلوب عرضه ، ومن خلال شكل الكتاب وأسلوب إخراجه ، يكتسب الطفل ما يريده له المجتمع من قيم جمالية واتجاهات وميول وجدانية ))( ) .

وينبغي لكتب الأطفال أن تحتل مكانتها وتأخذ (( دورها في عمليات الإثراء الثقافي للأطفال ، وأن تكون لذلك وعاء غنياً متنوعاً ، يشمل بعض القصص والكتب الدينية ، والتاريخ والتراجم والعلوم الاجتماعية والتراث الشعبي والأناشيد والمسرحيات والتمثيليات والفنون الرفيعة ، والعلوم والصناعة والتكنولوجيا والجغرافيا والرحلات ، وكتب المراجع والمعلومات وكتب الأساطير والخيال ))( ) ، على أن يقدم كل ذلك بأسلوب ممتع جذاب .

ولا يزال الكتاب يحتلّ مكانة عالية مرموقة بين وسائل ثقافة الطفل وإعلامه ، بالرغم مما يوحيه بعض الباحثين ، بأن (( تقدم الوسائل التقنية الإعلامية الأخرى ، أضعف من تأثير الكتاب ، مما يعطي مؤشراً عن موت الطباعة ووسائلها ))( ) . ويؤكد مكانه الكتاب العالية ، تهافت دور النشر على إصدار كميات هائلة من كتب الأطفال ، لأن (( شعبية الكتاب وتوفره وسهولة التعامل معه تجعله الأكثر انتشاراً ، وهو يحتفظ بمكانته ، ومازال يحفظ تراث الإنسانية ، ومن أجل هذا الدور الطليعي الذي يقوم به الكتاب ، وجب علينا أن نغرس حبه في أطفالنا لينشأوا على تقديره ، وهذا معناه أن تصبح القراءة نشاطاً أساسياً في حياتهم ))( ) . وبذلك تنأى الكلمة المطبوعة عن أي منافسة ، وتظل (( تحتفظ بقوة تأثيرها على الرغم من تنوع وسائل التثقيف وتعدد أجهزته في العصر الحديث ))( ) ، و(( تزايد كميات المعلومات المعروضة في أوعية لا ورقية أو غير مطبوعة ولذلك فإن الكتاب يبقى وسيلة من وسائل الاتصال لا تفوقها أي وسيلة أخرى ، وليس من شك في أن الكتب سوف تستمر كأداة هامة في نشر المعرفة والحضارة في المستقبل ))( ).

وتسجل كافية رمضان مجموعة من أهداف كتب الأطفال ، وهي (( الإمتاع والتسلية المساعدة في تكوين الضمير ، تعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو القيم الإنسانية الأصيلة الاستمتاع بمرح الطفولة وانطلاقها ، تنمية معلومات الطفل عن الطبيعة والعالم الخارجي ، تنمية ثقـة الطفل بنفسه ، تعزيز الإيمان بالحرية وبالتشاور وباحترام الرأي الآخر ، تعزيز الاتجاهات الإيجابية نحو التعاون والمشاركة في نشاط الجماعة ، تنمية الاعتزاز بالوطن والقيام بخدمته ، تنمية ذوق الطفل وحسه الفني ، تعويد الطفل الدقة في التفكير ، إثراء لغة الطفل بتزويده بالمفردات والتراكيب والعبارات الجديدة ، مساعدة الطفل على فهم وتفسير سلوك الإنسـان ، إشباع الميل نحو الشعور بالأمن والحماية ، إشباع ميل الطفل إلى المغامرة ، تنمية القيم والمعلومات الدينية ، تشجيع الطفل على الاعتماد على جهده مع تقدير جهود الآخرين تقديم أمثلة لحسن التصرف والشجاعة ، تنمية العلاقات الاجتماعية الجيدة ، تنمية قدرة الطفل على النقد والتقويم ، المساهمة في تكوين اتجاهات سليمة ضد التعصب بأنواعه ، المساهمة في تكوين اتجاهات سلبية ضد الخداع والجريمة وما يتصل بهما ، تنمية معلومات الطفل عن وطنه ومجتمعه ))( ) .

ولعل الأهداف السابقة ـ رغم أهميتها ـ قد تكون عامة ، ويمكن تعميمها على سائر وسائط الثقافة الموجهة للطفل ، كما أن تحقيق هذه الأهداف لا يتم بسهولة ، أو من خلال كتاب واحد ، أو حتى مجموعة كتب ، كما أنّ الأهداف يجب أن تكون تصاعدية ، بما يلائم الطفل عمرياً وبيئياً وثقافياً وتعليمياً وفنياً وتربوياً ، حيث تصل مجتمعه بالطفل إلى ما تسعى إليه هذه الأهداف في نهاية المطاف .

وتقترب كافية رمضان من توضيح الأهداف بشكل أكثر دقة ، حينما تعتبر أنّ (( كثيراً من أهداف التعليم لا تتحقق إلا عن طريق المادة المقروءة ، منذ المراحل الأولى لتعامل الطفل مع هذه الوسيلة المعرفية ، إذ يجد إفادة عظمى ، فهو يكتسب القدرة على التمييز والاكتشاف والتذكر والتخيّل ، لمّا يستطيع الربط بين الصورة والكلمة ، كخطوة أولى نحو تعلم القراءة ، وتنمية القدرة على التعبير اللغوي وإثراء الحصيلة اللغوية ، كما يمدّه الكتاب بعدئذ بكثير من المعلومات والمعارف ، ويرقى بحسه الفني ، ويثري خياله ، وينمي قدرته على الإبداع والابتكار كما يساعده على النضج ، وعلى فهم النفس البشرية ، وعلى تقبل الحياة كما هي ، ويساعده على اشتقاق معان جديدة للحياة ، وعلى تحسين حياته وتجميلها، كما يساعد الأطفال على تنمية ميولهم ، وتكوين ميول جديدة ، كما يساعدهم في تكوين القدرة على النقد والتقويم ، ويعرفهم بتراثهم الأدبي والفكري ويربطهم بجذور الثقافة ، كلّ ذلك من خلال المتعة والتسلية التي يجدها الطفل في القراءة ، إذا وجد السبل التي تهيئ له علاقة جيدة بالمادة المكتوبة ( ) .

وباختصار شديد ، فإنّ (( الكتاب في حياة الطفل ، يعتبر الأداة التي تساعده على التعامل والاتصال بالمجتمع الذي يحيط به ، ويتمكن من خلالها من معرفة وفهم الأحداث الجارية التي تشكل الحياة من حوله ))( ) .

إنّ الكتاب ـ بحق ـ نعم الصديق المؤنس ، والمتحدث اللبق ، يثري خيال الطفل وينميّ معارفه ، ويزيد من خصب التفكير واتساعه ، ولكن ، هل يستطيع الكتاب أن يظل متمتعاً بكل ميزاته ، ويظل على عرشه دون أن يتطور ليرافق التطور الإعلامي العام .. فلقد تطور الكتاب بالفعل ، ولم يعد مجرد صفحات مكدسة بالمعلومات ، حيث (( شهدت العقود الأخيرة من هذا القرن تحولات كبيرة في مفهوم التربية الفنية والجمالية عند الأطفال ، وفي وسائل تحقيق هذا المفهوم ،وأكدت مؤتمرات التربية الفنية المتعاقبة على ضرورة تطوير الاتجاهات والمناهج وتوجيهها صوب هدف استخدام الصورة والكلمة ، استخداماً يكفل غرس الإحساس بالجمال ، وتربية حاسة الرؤية ، لتكوين جيل متذوق للقيم الجمالية ، وهذا المفهوم انعكس على كتاب الطفل محتوى وإخراجا وتصويراً ، واحتشدت جهود التربويين والمفكرين وكبار الفنانين في إعداد الكتاب الذي يستنهض الإحساس بالجمال ، ويشيع النور في وجدان الطفل ، ولم يعد الكتاب مجرد كلمة وصورة ، بل أضف إليه الصوت ، غناء وموسيقى ، لتستكمل ثقافة الرؤية بثقافة السمع ))( ) .

كتب الأطفال الصادرة في الكويت :

تذكر موسوعة الثقافة في الكويت أنه (( على رأس كتب الأطفال الصادرة في الكويت كتب القصص ،وقد دأبت الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ( )على إصدار سلسلة أدبيات الأطفال منذ عام 1987م ، ومما تضمنته هذه السلسلة :

 أرنوب .. الأرنب المحبوب : وهو كتاب في الأبجديات ، للأعمار 5-7 سنوات .

 كبكوب الصوف : وهو كتاب عن شقاوة الأطفال ، للأعمار 3-5 سنوات .

 ريم والحمار : وهو كتاب مسل يستخدم الكلمات المتناغمة ، للأعمار 3-5 سنوات .

 أبو حدبة بالغابة : وهو كتاب جميل عن أهل القرية ، للأعمار 5-7 سنوات .

 عنترة الصغير : وهو كتاب عن التراث بأسلوب مبسط ومشوق ، للأعمار 5-7 سنوات .

كما قامت الجمعية بإنشاء مشروع لنشر مكتبة متكاملة للأطفال والناشئة تتكون من ستين كتاباً ، ومن المنشور منها حتى الآن : مذكرات فطوطة الكويتية الصغيرة ، وهي قصة عن الاحتلال العراقي للكويت ،وجدي صالح وأيام الغوص ، وعفاريت من صنع البشـر ، وسفينة نوح ، وحديث الزهور وغيرها ( ) كما قامت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ( ) منذ عام 1395هـ 1985م بإصدار إعداد متوالية من موسوعة الكويت العلمية للأطفال ،وقد صدر منها حتى الآن ثمانية مجلدات ، ومن المقرر أن تصدر تباعاً كل سنة ، ومن أهدافها : تيسير حصول الطفل العربي على إجابـات لتساؤلاته الطبيعية ، واثراء مصادر الثقافة العلمية للطفل العربي ، وتوفير فـــرص التعليم الذاتي وتنمية قدرة الطفل على البحث والاستقصاء ، ومساعدة الطفل على معرفة تراثه الأصيل ، وتقوية الروابط بين أرجاء الوطن العربي عبر جسور الثقافة والوحدة الفكرية ))( ) .

وتؤكد كافية رمضان ( ) أن الطفل الكويتي يعتمد اعتماداً يكاد يكون كلياً على الكتب العربية الصادرة في دول عربية أخرى تقف على رأسها الكتب الصادرة في مصر ويليها لبنان أما الكتب التي تتوجه للطفل الكويتي فهي إما كتب صادرة في الكويت لمؤلفين كويتيين أو غير كويتيين ، وإما كتب صادرة في بلدان عربية أو أجنبية لكنها منوعة ومتعددة ، فمنها القصص وكتب الشعر والمسرحيات والموسوعات والمعلومات . وتلاحظ الباحثة نفسها أن كتاب الطفل في الكويت ينم عن جهد فردي في الغالب ولذا تخضع جودة الكتاب من حيث الشكل لإمكانات الكاتب المادية ،وإن كتاب الطفل في الكويت يشكو من عدم الاهتمام بتحديد المرحلة العمرية للجمهور المستهدف ، وإن الذي لجئوا إلى الترجمة ، كرروا ما هو موجود ومتوافر وإن اختلف العنوان والأسلوب .

وتلفت كافية رمضان إلى ظاهرة ومهمة ، وهي سيادة الكتاب الديني بشكل ظاهر على مجمل أنواع الموضوعات الأخرى التي تعالجها كتب الأطفال ، في الشعر أو في مجال التعريف بالعبادات أو في مجال قصص الأنبياء أو القصص القرآني أو ما يدور حول السيرة النبوية أو الشخصيات التي ظهرت في صدر الإسلام .

مكتبات الأطفال  :

يقودنا الحديث عن كتب الأطفال إلى مكتبات الأطفال ، لأنّ (( التربية الحديثة تركز على التعلم المستمر ، الذي يستمد من مؤسسات تربوية عديدة ، ومن مصادر متنوعة ، يأتي في مقدمتها المكتبات ومراكز الثقافة والمعلومات الموجهة للأطفال ، فالمكتبات العامة تعد من المؤسسات التربوية المهمة التي يمكن أن تسـهم في تعليم الأطفال وتربيتهم وتثقيفهم ، وتعويدهم على حب القراءة والاطلاع من خلال ما تقدمه لجمهور الأطفال من خدمات وبرامج تنشيطية ، وما تحتويه من وسائل شاملة ، مقروءة ومسموعة ومرئية ، ويعد مفهوم التربية المستمرة والتعليم الذاتي ، المنطلق الأساسي للتعليم المعاصر المتحرر من الطرق التقليدية ، التي تعتمد على التلقين والحـفظ ، والمتعد على الجهود الفردية للمتعلم ، للحصول على المعرفة في شتى مظانها ، ومن بينها المكتبة العامة ، التي تخدم الطفل خارج أوقات الدراسة ))( ) .

ويوافق كثير من الباحثين على الرأي السابق ، حيث (( تؤكد الاتجاهات التعليمية الحديثة ، في كثير من دول العالم ، أنّ الطرق التقليدية للتعليم والتعلم ، التي تعتمد على التلقين والحفظ لا تحقق الأهداف المنشودة للعملية التعليمية والتربوية ، وأنه يجب الأخذ بطرق وأساليب التعليم الحديثة ، التي تركز على إكساب الطلاب مهارات التعلّم الذاتي والتعليم المستمر ، والحصول على المعلومات من مصادر متعددة ، لأي غرض من الأغراض ، ومن هنا تأتي أهمية المكتبة ، وأهمية دورها في طرق التعلم الحديثة ، التي تركز على فعالية وإيجابية المتعلم أكثر من تعليم المعلم ))( ) .

وبذلك تكسب المكتبات (( موقعاً متميزاً في النظم التعليمية المعاصرة ، إذ عن طريق مصادرها المتنوعة وخدماتها المتعددة ، وأنشطتها المتميزة يمكن تحقيق غالبية الأهداف التعليمية والتربوية ، والإسهام بالخطط التربوية الحديثة ، التي تدور في الغالب حول كيفية تزويد الطالب بالمهارات والخبرات التي تمكنه من التعلّم الذاتي ، ومن ثم التعليم المستمر طوال حياته ))( ) .

وتتيح المكتبات العامة للطفل إمكانية متابعة كل جديد في عالم الكتب ، وقراءة أكبر عدد منها ، وتشجيعه لاقتناء مكتبة منزلية ، وترغبه بالاطلاع على أكبر قدر من الكتب ، مما يوفر له قاعدة معرفية عريضة ، تهيئ له السبل للخوص في تفاصيل كثير من الموضوعات كلما تقدم به العمر ، وكلما ازداد تحصيله العلمي وإدراكه الفكري .

ويؤكد التربويون على دور المكتبة الفعال في بناء وتربية الطفل ، ثقافياً وعلمياً واجتماعيا وفكرياً .. وذلك من خلال أهداف تسعى إلى تحقيقها وهي باختصار : (( تعليمه الطفل كيف يعلم ويثقف نفسه ، اكتساب الطفل للمهارات التي تمكنه من استمراره في تعلمه وتثقيفه لنفسه ليكون التعلم والتثقيف خبرة مستمرة متجددة مدى الحياة ، إشباع حاجة الطفل إلى الاستكشاف والاستطلاع والبحث ، استثارة دافعية الأطفال إلى القراءة بهدف الحصول على المتعة والاستزادة من المعرفة ، تنمية الألفة بالكتاب ، وتنمية الأسـلوب المعرفي البناء عند الطفل ، تكوين نظرة شاملة نحو الحياة ، وتنمية بعض المهــارات الاجتماعية ، وتعلم النقاش والحوار ، وتنمية ملكة التعبير ، وحسن إصدار الأحكام ، وتنمية الذوق والمهارات الفنية واللغوية ))( ) .

(( ولا شك في أنّ (( لمكتبات الأطفال دوراً لا ينكر في تعـزيز التنمية الثقافية للناشئة ، ذلك أن المكتبة بوصفها مؤسسة تربوية تثقيفية تعليمية ، تعدّ دعامة أساسية للتربية والتعليم ونشر العلم ، وتعزيز الفكر ، فضلاً عن دورها في غرس عادة القراءة والتعويد على المطالعة ، وإيجاد صلة وثيقة بين الطفل والكتاب منذ نعومة أظفاره ، ومساعدته على التعلم اللامنهجي وتثقيف نفسه في حياته المستقبلية ))( ) .

ويـؤكـد كثير من التربويين أهمية الـدور الذي تضطلع به مكتبات الأطفال ، على صعيد العملية البنائية التربوية والتثقيفية ، في جميع مراحل الحياة ، ويحدد هؤلاء مجموعة من الأهداف تسعى لتحقيقها مكتبة الطفل ، منها (( تعويد الطفل على أن يعلم نفسه ، وإكسابه المهارات التي تمكنه من الاستمرار في بناء معارفه وإشباع حاجته المتجددة للاطلاع ، واستثارة دافعيته إلى القراءة بهدف الحصول على المتعة والمعرفة ، وكذلك تنمية الصداقة مع الكتاب ، وتشجيعه على نيل المعرفة من مصادرها ، دون حاجة إلى مساعدة من أحد ، تنمية مهاراته الاجتماعية ، من خلال الالتزام بقوانين المكتبة ، التدريب على فن المحاوره ، والتعبير ، وتنمية المقدرات الشخصية والمفاهيم الاجتماعية))( ).

ولا يقتصر دور المكتبة على تقديم الكتاب فقط ، فهي تسعى لتقديم أفضل الخدمات للأطفال ، و(( لكي تقوم بدورها الإيجابي ، ولكي تتمكن من تحقيق أهدافها وتعمل على كسب أكبر عدد من الرواد ، فلابد من القيام بالخدمات والنشاطات ، التي تسهم في تنمية ثقافة الأطفال وقدراتهم القرائية ، وترغبهم في الاطلاع على المعارف ، والعلوم ، ذلك أنّ المصادر والتجهيزات المتوافرة في المكتبة لا قيمة لها ، ما لم تعمل المكتبة على استغلالها على الوجه الأمثل ، والمجموعات الجيدة والموظفون الأكفاء لا قيمة لهم ، ما لم تعمل المكتبة على استغلالهم على الوجه الصحيح . وتتنوع نشاطات مكتبات الأطفال ما بين ثقافية وتربوية وفنية ، وتقدّم عادة لتوسيع نطاق الإفادة من خدمات المكتبة وإكساب الأطفال خبرات متنوعة  ، ومن أمثلة تلك النشاطات : ساعة القصة ، المسرحيات ، المحاضرات والندوات ، المسابقات ، النشاطات الأولية والصحفية ، ومعارض النشاط المكتبي ))( ) .

مكتبات الأطفال في الكويت :

ارتبطت نشأة المكتبات في الكويت بنظام التعليم ،(( وقد كان لموقع الكويت الجغرافي أكبر الأثر في هذا التعليم ، إذ كان لنشأة هذه الامارة على ساحل الخليج العربي ، ولوقوعها في ممر القوافل ، أن حددت للكويتيين طريقة معيشتهم ، فسلكوا البحر متخذين منه مورداً لرزقهم ، فعملوا في التجارة واشتغلوا بالغوص ، وقد يسر لهم ذلك السفر إلى البلدان المختلفة ، كما يسر لهم في الوقت نفسه وسيلة للاطلاع على ألوان الحياة الثقافية في هذه البلدان ، وعلى ذلك ، شعر الكويتيون بحاجتهم إلى العلم بحافز من الحاجة ودافع من الـــرغبة ))( ) . وأول مكتبة في الكويت تأسست عام 1341هـ 1924م  ، تحت اسم المكتبة الأهلية ))( ) . ويلاحظ حالياً ، أنه رغم التقدم الكبير الذي تشهده الكويت فإن المكتبات الخاصة بالطفل نادرة ، حيث إنّ هناك مكتبة واحدة مركزية تابعة لوزارة التربية ( ) بالرغم من وجود 25 مكتبة عامة ( ) للكبار وبعضها يحتوي على ركن للأطفال ، لكنّ وزارة التربية تبدي اهتماماً ملحوظاً بالمكتبات المدرسية ( ) .

ونشير هنا ، إلى أنّ أهميّة مكتبات الأطفال عموماً¬ ظهر من خلال ما توفر له من كتب منوعة ومتنوعة ، ليس بإمكان الأطفال أن يمتلكوها في مكتباتهم المنزلية ، لأسباب عديدة ،منها الأسباب المادية ، أو عدم إحاطتهم بكل ما يصدر عن كتب أو عدم توافر مساحة لاستيعاب كل هذه الكتب .

ونلاحظ أيضاً ، أنّ المكتبات لم تعد تحوي كتباً فقط ، بل أصبح للدوريات فيها مكان رحب ، كما أن التطور التقني ساهم في إيجاد مكتبات صوتية ومرئية ، بأساليب مبتكرة ومشوقة .

ب ) الصحـــــافــة :

توصف الصحافة بأنها (( مطبوع دوري ، ينشر الأخبار السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية والتاريخية ، ويشرحها ويعلق عليها ))( ) ، وبأنها (( مجمل المنشورات المطبوعة التي تظهر بشكل دوري : يومي أو أســبوعي أو نصف شهري أو شهري ، وتكون : إما صحافة رأي ، أو صحافة إعلام أو صحافة متخصصة ( ) أو أن تكون كل ذلك معاً ، مع التشديد على غاية أساسية من هذه الغايات ))( ) .

وقيل : إنّ (( الصّحافة مهنة من يجمع الأخبار والآراء ، وينشرها في صحيفة أو مجلة ، والنسبة إليها صحفي ، والصحفي من يزاول حرفه الصحافة ، والصحيفة مجموعة من الصفحات تصدر يومياً ، أو في مواعيد منتظمة ، بأخبار السياسة والاجتماع والاقتصاد ، وما يتصل بذلك ))( ) . ووصف بعضهم الصّحافة بأنها (( نقل المعلومات من هنا وهنا إلى هناك ، بدقة وتبصر وسرعة ، وبطريقة تخدم الحقيقة ، وتجعل الصواب يبرز ببطء حتى لو لم يبرز فوراً ))( )  .

وأوضح بعض الباحثين أن الصحيفة ( NEWS Paper ) (( مجموعة من الأوراق ،  تدوّن فيها دورياً ،وفي العادة يومياً أو أسبوعياً غالباً ، الأحداث الخارجية والمحلية التي تهم الجمهور ، وقد تشتمل الصحيفة على بعض المقالات في الموضوعات العامة ، أو المشـاكل الاجتمـاعية ، كما تحــوي رسائل القراء ، في مسائل مهمة ، والإعلانات التجارية ، التي تعتبر في أغلب الأحيان أهم مورد مالي لها ))( ) .

واعتبر آخرون أنّ (( للصحافة وظائف شتى ، يصعب فصل بعضها عن بعض ، لأنها تعمل بشكل متشابك ، فنحن نقرأ الصحيفة لنطلع على الأخبار ، ولنحاول الاندماج في البيئة الاجتماعية ، ونحقق قدراً من التسلية في وقت واحد ، فأولى وظـائف الصحافة الإعلام ، أي نقل الأخبار ،وشرحها والتعليق عليها ، وكذلك نقل المعلومات مع إثارة اهتمام القارئ بها ، من هنا جاءت تعريفات الصّحافة مركزة على هذا الجانب ))( ) .

ويرى عدد كبير من الباحثين أنّ الصحافة هي (( إحدى أهم وسائط الإعلام ، وتتميز عن التلفاز والمذياع بأنها إعلام مقروء ، وأن هذا الإعلام يمكن متابعته دون تقيد بوقت أو مكان ،ويمكن إعادة الاطلاع عليه عندما تدعو الحاجة ، وبسهولة ))( ) .

وليست الصحافة هي فقط مهنة رصد المعلومات ، أو مجرد تقديم الأخبار ، رغم تأكيد كثير من الباحثين على أهمية هذه المهمة ، فالصّحافة كما يطلق عليها ( السلطة  الرابعة ) ، وهي بالتأكيد تؤثر في مسيرة الحياة البشرية على مختلف الأصعدة ، كما أن بإمكانهـــا تغيير الوقائع وتزوير الحقائق ، وتبديل أمزجة الناس ، وتشويه الصور ، إذا أسئ استخدامها .

أما صحافة الأطفال فهي (( الدوريات التي تتوجه أساساً للأطفال ، وإن اختلفت الكتابات في تحديد سنوات العمر التي تمتد خلالها مرحلة الطفولة ، وهي وإن كانت متوجهة إلى الأطفال ، إلا أنه يحررها الكبار ))( ) .

ويؤكد أحد الباحثين أنه (( إذا كانت صحافة الكبار من الأدوات الفاعلة في تكوين الرأي العام ، فإن صحافة الأطفال هي أداة من أدوات تشكيل الطفولة وتهيئتها لتكون طاقة (خّلاقة)( ) في حاضرها ومستقبلها ، ولصحافة الأطفال خصائص تميزها عن بقية وسائط مخاطبة الطفولة ، منها : كـونها فناً بصرياً ، يعتمد على الكلمة المطبوعة والصورة واللون ، وهذه العناصر تتميز بالثبات ، حيث يستطيع الطفل أن يقرأها أو يتمعن فيها ، أو يستمتع بها مرة بعد مرة ، في أي وقت يناسبه وحسب ذوقه ، كما أن الانتظام الدوري ذو أهمية في صحف الأطفال ، لأنه يميزها عن الكتابة المتقطعة المتباعدة . ولصحافة الأطفال ظروفها الخاصة ، وهذه الظروف تفرض ـ بين ما تفرض ـ أسلوباً خاصاً بها ، يشعر الطفل بخــفته وسهولته وجماله ، وتوحي له الكلمة المطبوعة بالفكرة الماتعة المؤثرة ، وتهذب الصورة ذوقه ، وتتيح لخياله أن ينطلق ، وتغري الألوان بصره ، وعند هذا تكون الصحيفة رفيقة حبيبة للطفل ، تقدم له الحقيقة والفكرة دون أن تتعبه أو ترهقه ، وصحف الأطفال تستعين بمختلف الفنون الأدبية والتشكيلية لتبدو أمام الطفل مشوقة مغرية يسيرة .

ولصحافة الأطفال دورها البالغ في تنمية الطفولة عقلياً وعاطفياً واجتماعياً وأدبياً ، لأنّها أداة توجيه وإعلام وإمتاع وتنمية للـذوق الفني وتكوين عادات ، ونقل قيم ، ومعلومات وأفكار وحقائق وإجابة لأسـئلة الأطفال ، وإشباع لخيالاتهم ،وتنمية ميولهم القرائية ، وهي بهذا تؤلف أبرز أدوات تشكيل ثقافة الطفل ، في وقت أصبحت الثقافة فيه ، أبرز الخصائص التي تميز هذا الفرد عن ذاك وهذا الشعب عن ذاك ))( ) .

وتنقسم الصحافة إلى جرائد ومجلات ، لكن لا يوجد اليوم في العالم العربي أو الإسلامي ، جريدة يومية مخصصة للأطفال ، بل توجد أركان أو زوايا في بعض الصحف اليومية ، كما نــلاحظ أن جريدة الانباء الكويتية تصدر يومياً نصف صفحة للأطفال ،ويوم الخميس من كل أسبوع صفحة كاملة ، كما نجد في جريدة القبس الكويتية صفحة كاملة يوم الخميس من كل أسبوع ، وكذلك في ملحق الوطن الإسلامي الذي يصدر صباح الجمعة عن جريدة الوطن الكويتية حيث تتضمن ركناً للأطفال ، فضلاً عن بعض صحف العالم العربي مثل البيان الإماراتية التي تصدر ركناً للأطفال بشكل غير ثابت ولكنه شبه يومي ركناً خاصاً في إحدى صفحاتها موجهاً للطفل ، وهذا ما نجده أحياناً أيضاً في جريدة الأهرام القاهرية ، وبعض الصحف السورية ، وغيرها من الصحف اليومية العربية .

ويلاحظ الباحثون أن (( مجال الصحافة المتخصصة للأطفال ، يختلف في كثير من جوانبه ، عن مجال الصحافة العامة المخصصة لغيرهم من البالغين الراشدين ، المتنوعين في تخصصاتهم وأعمالهم المتباينة في احتياجاتهم الفكرية والثقافية ، ومتعاتهم العامة وأساليب تسليتهم ، وتناولاتهم العامة لمختلف جوانب الحياة ))( ) .

ويرى الباحثون أنّ المادة الصحفية المقدمة للأطفال (( يجب أن تكون مرتبطة بخبراتهم في الحياة الاجتماعية والبيئة التي يعيشون فيها ، مثل البيت والروضة والمدرسة والمجتمع ، وأن تراعي ميولهم ورغباتهم ، وأن تلبي حاجاتهم وقدراتهم ، وكذلك مواهبهم وإبداعاتهم ، وأن تراعي خصائص مراحل الطفولة ،ومراحل النمو في كل منها ، ومتطلبات هذه الخصائص وما فيها من اهتمامات خاصة للأطفال ))( ) .

إن للصحافة دورها البالغ في تنمية الأطفال وتربيتهم ، فهي تشجعهم على القراءة وتنمي معارفهم ، تغرس في نفوسهم حب المعرفة والاطلاع ،وتنشر فيما بينهم عادات حسنه ومحمودة ،وتعوّدهم على التفكير والبحث والنظر والتدقيق في الأمور المعروضة عليهم ، وللصحافة  أشكال متعددة ، منها المجلة والجريدة وركن الطفل بالدوريات المختلفة ،وهناك أيضاً الصحافة المدرسية ، وهي جزء من الإعلام المدرسي( )  ، ولكل منها دوره الفعال والمؤثر في تنشئة الطفل ، وترغيبه بالبحث والكتابة والمتابعة وتنمي ثقافته ومهاراته الخفية .

ج ) النشرات المختلفة :

إنّ الوسائل السابقة والتي تدخل في إطار الإعلام المقروء ، وإن كانت الأكثر شهرة وانتشاراً ، إلا أننا نلاحظ وجود بعض النشرات التي قد تكون على هيئة أوراق صغيرة ، أو ملحق ، أو صورة ، أو مفكـرة ، تلفت جمهور الأطفال إلى أمر معين بأسلوب بسيط مختصر ، وذلك بأن توزع المدرسة مثلاً صوراً تبين مجموعة من الصغار وهم يجمعون القمامة ، وتكتب تحـت الصـور تعليق (( النظافة من الإيمان )) ويكون ذلك ضمن حملة منظمّة ، لتربية الطفل ، وفي هذا أمثلة كبيرة وتجارب واقعية رائجة .

ويدخل ضمن هذا الإطار (( المفكرات التي تخصص لكل يوم من أيام السنة صفحة واحدة ، تحمل في أعلاها تاريخ ذلك اليوم بتقويم واحد أو أكثر ، وتخصص مساحة مناسبة على الصفحة لقصة قصيرة أو فكرة موحية ، أو معلومة لها ارتباط بذلك التاريخ ، إلى جانب رسوم معبرة ، وتخصص المساحة الباقية من الصفحة للطفل ، ليسجل فيها مواعيده أو برنامج عمله أو ذكرياته ، وتكون هذه المفكرات مقسمة حسب مراحل نمو الأطفال ، حيث يستخدم الطفل في السنة السابعة مثلاً ، غير المفكرة التي يستخدمها طفل في الثامنة ، وهكذا ))( ) .

كما أنّ بعض شركات لعب الأطفال ، ترفق اللعبة ، بنشرة تعريفية ، تعلم الطفل كيف يحافظ على لعبته وكيف يستفيد منها ، فيضطر الطفل للاطلاع على محتوى هذه النشرة ، لمزيد من الاطلاع على اللعبة التي يملكها . ولعل بعض النصائح البسيطة ،والأشعار الحكيمة البليغة ، والأمثـال التـراثية ، على سبيل المثال ، والتي تدون على ظهر اليوميات ( الروزنامة ) ، قد تكون فوائدها كبيرة على نفسيه الطفل وسلوكياته ، وربما تكون أقرب إلى الطفل من المواعظ والارشادات التي يتلقى منها يومياً الكثير من الأهل أو المدرسين .

ونلاحظ أن كثيراً من المواد الاستهلاكية البسيطة الخاصة بالطفل ، كالسكريات والحلويات مثلاً ، تحوي أحياناً إرشادات أو طرائف أو معلومات أو ملاحظات معينة ، كلها تثري ثقافة الطفل بالرغم من بساطتها وسطحيتها غالباً ، فمن المعلوم أن المؤثرات الثقافية للطفل كثيرة ومتنوعة ، وأن ثقافته هي نتاج هذه المؤثرات مجتمعة ، ولا يمكن التقليل من وزن أي منها ، بالرغم من تقديم بعضها على البعض الآخر ، حسب مقتضيات المقام .

وقد نجد في أماكن تجمعات الأطفال كالملابس والنوادي ، ملصقات تصويرية ، أو كلمات كبيرة ومختصرة ، ترشد الطفل إلى الشمائل الأخلاقية ، أو تساعده على اكتشاف خريطـة المكان الذي هو فيه ، أو قوانينه ، أو تقدم له معلومات عن وطنه أو أمته أو تاريخه .. وغير ذلك من الملصقات التي نراها في أماكن تجمع الأطفال . ويحصل من ذلك فوائد كثيرة ، أولها نشر المعلومة على أكبر عدد من الأطفال ، وترسيخها بالذهن لأنها ستبقى ماثلة أمام ناظريه ،وسيراها الطفل مراراً وربما يومياً ، إذا كانت داخل الفصل أوفي ملعب المدرسة ، فتثبت الرسالة في نفسه ، وتشيع القيم المقصودة بشكل جميل ومثير في آن واحد .

ثانياً : الوسائل السمعية :

تعتمد هذه الوسائل على حاسة السمع عند المتلقي ، وهي (( من أكثر الوسائل شيوعاً في حياة الإنسان ، حيث كان الرواة قديماً من الحفظة ،يقومون بهذا الدور ورواية ما يحفظون ، فيستمع إليهم الناس ،ويطلعون على ما يقولوه ، فيعلمون هذا المحفوظ من الرواة ويصبحون على علم به ،كما أنّ الأسرة كانت تقوم بهذا الدور في تعريف أبنائها وتوجيههم وإرشادهم وتربيتهم ، كذلك عامة الناس في الشارع والحي ، والجماعات المختلفة في المجتمع ، وبتطـور الحياة الإنسانية ، دخل هذه الوسائل السمعية وسائل أخرى ، مثل الندوات والمحاضرات والمواد المسجلة والمقابلات والإذاعة ، وهذه الأخيرة تعتبر من أهم الوسائل السمعية المعاصرة ، التي تقوم بوظيفتها كوسيط إعلامي واسع الانتشار ، لما تحمله من صفات التكنولوجيا العلمية المتطورة ))( ) . وكل هذه الوسائل (( لها جاذبيتها واستثارتها للأطفـال ، الذين يتـأثرون بما ينتقل إليهم عبرها من خبرات ومعلومات ))( ) ، وتكون بعد ذلك (( من العوامل الأساسية التي تنشط حاسة السمع ، وهي من أساسيات المعرفة الحسية التي تعمل بمعونة الرسائل ،على الإثراء المعرفي والحسي عند الأطفال ))( ) .

وسوف نتناول هنا المذياع والشريط والمسجل ، ونرجئ الحديث عن الإذاعة المدرسية وإن كانت من الوسائل التي تعتمد على حاسة السمع :

أ ) المــذيــــــــــــــــــاع

المذياع هو (( الترجمة العربية لجهاز الراديو ، وأصله من ذاع الشيء ))( ) ، وجاء في التنزيل : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به )( ) أي (( أفشوه وأظهروه وتحـدثوا به ))( ) . والمذياع (( أسبق اكتشافاً من التلفــاز ))( ) ولكنه بالرغم من مزاياه الكثيرة ، يظل أقل من التلفاز تأثيراً في حياة الطفل ، غير أنّ بعض الباحثين يرون أنّ الكلمة المذاعة لها تأثير يفوق تأثير الكلمة المكتوبة ، (( فالصوت البشري له من التأثير في نفس السـامع ما ليس للكلمة المكتوبة ، لأنّ الصوت يعبر عن نفسية صاحبه وعواطفه وشخصيته ، ولذلك نلاحظ تفوق بعض المذيعين على غيرهم في هذا الجانب ، مما يكسبهم محبة الناس وحسن استماعهم ، رغم أنهم يشتركون مع زملائهم في تقديم المواد نفسها ، ويظهر أثر الصوت الإنساني جلياً في المواقف الخطابية والقاء الشعر ،لأن الخطيب يعبر بلهجته كما يعبر بكلماته ))( ) .

ويرى أحد الباحثين أن لإذاعة الطفل (( أثرها الكبير في إكسابه الكثير من القيم والاتجاهات المرغوبة ، وما يصاحبها من تعديل في السلوك ، وذلك عن طريق عملية التقمص التي تحدث أثناء تجاوب الطفل المستمع مع الأحداث والأبطال ، لاسيما عندما يجد أنه يشارك الأبطال في قيمهم ومثلهم ومطامحهم ، أو عندما يكتشف أن الانحراف يكون وخيم العواقب ، وأنّ العمل الصالح والشهامة ونكران الذات ، وغير ذلك ، من الفضائل ، يؤدي إلى أفضل النتائج .. ، وإن إذاعة الطفل تعتبر من أجود المصادر الثقافية الموجهة إلى عالم الطفولة ، ببرامجها الناجحة التي تسهم إسهاماً فعالاً في تربية النشء ، وتوجيههم التوجيه الصحيح السليم نحو مستقبل أفضل ))( ) .

ويشير أحد الباحثين إلى أن الإذاعة (( تجتذب جمهوراً أكبر من أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلام ، ففي العشرين سنة الماضية ازداد عدد أجهزة ( الراديو ) في دول العالم النامي ستة أضعاف ، ليصل إلى 600 مليون جهاز ، فالراديو رخيص الثمن ، وسهل الوصول إلى الجماهير غير المتعلمة ، وتستطيع الرسائل المذاعة بالراديو الوصول إلى ملايين المستمعين في وقت واحد ، ويمكن أن تعاد إذاعتها بتكاليف قليلة ، كما أنّ الرسائل المذاعة بالراديو أكثر مرونة من لغة التلفاز ووسائل الاتصال المطبوعة ))( ) .

ورغم الفوائد العظيمة التي يمكن أن تتحقق بواسطة المذياع ، إلا أننا لم نسمع حتى الآن بقيام إذاعة للأطفال في العالم العربي ، اللهم باستثناء تلك البرامج المخصصة للأطفال والتي تُقدم عبر الإذاعات العامة وفي فترات معينة ، وهي منتشرة في مختلف بلاد العالم العربي والدول الإسلامية .

 البرامج الإذاعية في الكويت :

منذ إنشاء إذاعة الكويت رسمياً مع بداية الاستقلال عام 1961م ( ) (( تأسس قسم خاص ببرامج الأطفال ، للعناية بشؤون الطفل والأسرة من مختلف جوانبها ، ومن أول برامج الأطفال في إذاعة الكويت ، برنامج (( للصغار فقط )) ، الذي أذيع عام 1972م ، وكان برنامجاً يومياً ، وبرنامج (( دنيا الصغار )) في عامي 1973م ـ 1974م ، ثم توالت بعد ذلك عدة برامج في هذا السياق ، منها برنامج (( ساعة مع الصغار )) وبرنامج (( ركن الأطفال )) وبرنامج (( حبابة )) وبرنامج (( حزاوي الشرقاوي )) كما ظهرت برامج أخرى منها برنامج (( الوقفة التربوية )) وبرنامج (( عيال الديرة )) وبرنامج (( قصص التراث الإسلامي )) ، وبرنامج (( جوارجه بدارجة )) وبرنامج (( رسائل صغيرة )) وبرنامج (( الكويت في قلوب أبنائها )) وبرنامج (( نادي الزهور )) ، وقد بلغ إجمالي عدد برامج الأطفال في إذاعة الكويت حالياً (6 برامج ) ويستغرق وقت ارسالها (6.7 في المائة ) من إجمالي ساعات البث الإذاعي ، وتعتمد برامج الأطفال الإذاعية على الأغاني الوطنية والشعبية والقصص والتمثيليات المحلية الهادفة ))( ) .

ب ) المسجل والشريط :

الشريط ، أو ما يعرف (بالكاسيت) ، أسلوب ناجح وفعال في إيصال الفكرة بالوسائل والمؤثرات الصوتية السائدة ، حيث يمكن لهذا النمط الإعلامي ، أن يحقق الغاية من الرسالة إذا توفر الاستغلال السديد ، والمادة المناسبة والصناعة الصائبة .

إن حكايات الجدة عندما تروى على آذان الصغار ، تترك أصداء تفوق كثيراً ما تخلفه الكلمة المكتوبة أو المشاهد المرئية ، حيث يسبح الطفل في خياله ، فينمو هذا الخيال ويخصب وينتج . وهذه الحكايات التي أراها نموذجاً مبسطاً ، تنصاع لرغبات الأطفال في التلقي ورسم الشخصيات في المخيلة ، مما يرسّخ المعاني الجميلة ،ويضفي على حياة الأطفال مزيداً من الادراك والوعي ، من خلال السرد القصصي المقدّم بأسلوب مطلوب مرغوب ، ومن هنا ـ أحسب ـ أنّ أهمية المسجل والشريط تأتي من خلال قدرتها على تلبية احتياجات الأطفال للاستماع والتصوّر المبني على ملكة الخيال ، الموجودة في عقول الصغار وقلوبهم ، مما يستدعي أيلاء هذا النوع من الإعلام كبير الاهتمام ، فمن جنباته تفوح ثمرات العلم والمعرفة ، وتنثر المعاني الدينية والإنسانية ، وتزهر شخصية الأطفال .

والاستماع بحد ذاته فن ومهارة ، ينبغي أن يدرب عليها الأطفال ، لا أن نعتبرها كما رأى أحد الباحثين وسيلة ثانوية ))( ) فالاستماع إلى الشرائط أمر يخلو من الأضرار في حالة الاستماع الصحي والمادة الجيدة ، وبالإمكان تلخيص الجوانب الإيجابية للشريط في مجموعة من النقاط وهي :

[1] الاستماع إلى الشريط ينمي مهارة الاستماع الجاد والخيال والمعرفة .

[2] لا يؤثر على حياة الطفل العادية وواجباته المدرسية لأن مغناطيسيته ضعيفة نسبياً .

[3] زهيد الثمن ولا يقلق الأسرة اقتصادياً .

[4] قابل للاستنساخ بسهولة .

[5] خفيف الوزن سهل الحمل والتخزين .

[6] متاح للجميع في أي وقت ومكان .

[7] لا يلزم الطفل بانتظار ساعة البث ـ كالإذاعة مثلاً ، كما يمكن إيقافه وتكرار سماعه عند الرغبة .

[8] ليس خطراً على صحة الأطفال ، وخصوصاً الأجهزة التي تعمل بالبطارية ، حيث بإمكانه أن يأخذها معه حيثما يشاء ودوون مراقبة .

[9] لا يرهق الطفل ، حيث يستخدم حاسة السمع وحدها وهو مغلق العينين ومستلق على السرير ، أو وهو يتناول الطعام .

[10] لا يزعج أحداً ، وبالإمكان استخدام سماعات خاصة فلا يشعر أحد بما يستمع إليه الطفل .

[11] يمكن لولي الأمر أن يتحكم  بمضمون الشريط بسهولة .

[12] يناسب الطفل القارئ وغير القارئ .

وبالإمكان استخراج ميزات أخرى ، فيما النواحي السلبية بالإمكان حصرها في نقطتين :

الأولى : لا يمكن للطفل أن يستخدم الشريط دون مسجل ، والمسجل قد لا يتوفر للأطفال الفقراء ،وليس كل طفل لديه مسجل خاص به .

الثانية : قد يحدث الاستماع المتواصل بواسطة السماعات على الأذنين أو رفع صوت المكبرات ، ضغطاً على حاسّة السمع وقد يؤدي ذلك إلى ضعفها ، لذا على ولي الأمر أن ينبه طفله ويراقبه ويرشده إلى الاستخدام القويم ، حتى تتحقق الفائدة ولا تصحبها أضرار جسدية ، الطفل ووالداه في غنى عنها .

ثالثاً : الوسائل السمعية البصرية :

يرى الباحثون أن هذه التسمية جاءت (( لاعتمادها على حاستيّ السمع والبصر في وقت واحد ، وهذه الوسائل هي الأكثر تأثيراً وأبلغها وضوحاً في الإعلام ، فقد ثبت علمياً بأن اشتراك أكثر من حاسة في الاطلاع على الشيء يكون معرفة وعلماً به أكثر من سواه ، فالمعروف أن لحواس الإنسان قدرات متكاملة ، وكلّ حاسّة لديها قدرة ذاتية متخصصة ، فإذا ما اجتمعت أكثر من حاسة ، فإنّ ذلك يعني اجتماع أكثر من قدرة متخصصة يتم التنسيق بينها ، لتعطي مفعولاً أكبر من الأفراد بحاسة واحدة ذات قدرة منفردة ، لذلك كان أثر الوسائل الإعلامية السمعية والبصرية أكبر من غيرها ، كوسائط يعتمد عليها الإعلام في نقل مفهـومه إلى جمهوره ، من المشاهدين والمستمعين في آن واحد ، وتشمل هذه الوسائل : التلفاز والخيالة ( السينما ) والمسرح ،والأفلام التسجيلية والوثائقية ))( ) .

وهذه الوسائل تخاطب العين في المقام الأول ، حيث (( تقدم للأطفال الصور الحية ، والمقترنة بصوتها الطبيعي الذي يخاطب الأذن ، كما يضفي عليها المزيد من الواقعية ، بالإضـافة إلى الحركة واللون ، والتي تزيد من قوة تأثيرها ، لما تثيره من اهتمام الطفل بها ، وتعتبر أقوى تأثيراً من المكتوبة أو المطبوعة ، أو حتى المسموعة ، لاستخدام أكثر من حاسة في تلقيها ، ولأنها تحيل المعلومات المجرّدة إلى تجارب وخبرات حية ، مما يجعلها قابلة للفهم والإدراك من قبل الطفل ، فالصورة لغة عالمية تفهمها غالبية الشعوب ، ويصعب تزييفها أو تعتبر من أحسن الوسائل وأكثرها إقناعا ، ولعل حاسة البصر هي أرقى الحواس وأدقها كشفاً لليقين في الحياة ، وأوثقها صلة بين الإنسان والعالم المحيط به ))( ) .

أ ) الرائي ( التلفاز )

يقول باحث أميركي : (( إن التلفاز جهاز ذو إغراء غير محدود ، كما أنه مجّاني ومتاح للجميع دون استثناء ، وعوامل جاذبيته وإغرائه كثيرة جداً وغير محدودة ، لا بالإقليم ولا بالسن ، ولا بالمستوى الاقتصادي أو الاجتماعي ، إنّه متاح لأصغر أطفالنا أعمـــاراً ، وهو كذلك بالنسبة لأكبر مواطنينا سناً ، متاح للأصم والأعمى على السواء (؟) بـل إنّ الأفراد القلائل في مجتمعنا الأميركي الذين لا يشاهدون التلفاز ـ وهذا أمر مدهش ـ يعرفون الكثير عنه ، ومن هنا فليس هناك فرد لم يتأثر به أو يمكن أن يكون غير واع به وبما يمثله ))( ) .

ويرى أحد الباحثين ، أن التلفاز (( وسيلة عظيمة جداً ، تستخدم بنجاح في إحداث كثير من التغيرات الاجتمـاعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ، حتى أنه يصح أن يقال فيه : بأنه لم يعد هناك حاجة لإرسال الجيوش إلى الدول الأخرى بل إلى إرسال برامج تلفزيونية إلى محطات تلك الدول ، لتعرّفها على مواطنها أو تبث إليها البرامج عبر الأقمار الصناعية( ) فيحصل التغيير الذي تريده الدول المستعمرة ))( ).

والطفل يجد عـادة (( جاذبية في التلفاز ، منذ الوقت الذي يستطيع فيه إدراك ما حوله ، فيستمتع بما يشاهد من حركة ولون ونغم ، حتى قبل أن يدرك ما تعبر عنه تلك الحركة ، أو ما تحمله تلك الأغنية من مفاهيم ..، والتلفاز أصبح منتشراً في البلدان العربية بنسبة 90% ما عدا الصومال وموريتانيا ، والأطفال هم الجمهور الأساسي للتلفاز ، وهذا الجمهور لا يملك في الغالب الحس النقــدي الذي يوجهه لاختيار المفيد ، بل يشاهد ما يبثه ويقع تحت سيطرته وتأثيره ))( ) .

ويلاحظ في هذا الشأن (( أن تأثير التلفاز في الأطفال أبلغ وأعمق من الكبار ، وذلك لطبيعة النمو ذاتها ، فالطفل يتقبّل كل ما يقدّم له دون مناقشة ، فهو أكثر قدرة على امتصاص كل ما يراه ، فكيف إذا كان ما يقدم إليه من خلال شاشة التلفاز التي تحوي درجة عالية من الإثارة والتأثير ، تحفز الأطفال إلى مشاهدة كل ما يعرض على شاشته ، فكثيراً ما يتراءى للطفل أنّه يسهم فيما يجري أمامه من أحداث ووقائع ويتوحد معها ، كما أنّ التلفاز ينميّ آفاق الأطفال المعرفية ، ويضيف إلى معارفهم أو يصححها ، ويمهد لتكوين رأي عام ناجح بينهم حيال موضوعات معينة ، وتقرر نتائج دراسات معهد بحوث الاتصال بجامعة ستانفورد بأميركا في عام 1982م ، أن البرامج التلفزيونية الجيدة من حيث التخطيط والإعداد يمكن أن (تخلق) ( ) حالة من الدافعية في حياة الأطفال ، توجّه وتشحذ القوة القرائية عندهم ، بتزويدهم بخلفية عريضة وإيضاحات متعددة ، وتشجّع على التعلّم الاستقلالي ،وتثير الشغف والاهتمام والحماسة ، وتنمي المزيد من البصيرة المتجددة والميل الدائم إلى الاستكشاف ))( ) .

ولا يعني ذلك أن التلفاز ليس له مضاره ، فالباحثون يعتبرون أنُه أكثر وسائل الإعلام تأثيراً ، وأشدها خطراً ، حيث يؤدي (( دوراً خطيراً في حياتنا اليوم وبصورة أخص في حياة الطفل ، وخصوصاً من الناحية النفسية والعقلية ، فالتلفاز سلاح له قيمته ، ويمكـن أن نستغله حسب تصوراتنا وتطلعاتنا ، وبه تتشكل حياة أطفالنا ، وتأثيره يكون كبيراً وسريعاً حسب البرنامج المرسوم ، والطفل يفضل التلفزة على القراءة ، حيث تحلّق به برامج التلفاز في عوالم متعددة ، وتقدم له ما يظنه الحياة على حقيقتها ، بلغة سهلة ، أقــرب إلى لغة التخـاطــب ، وإلى اللغة التي يسمعها في محيطه ))( ) .

وقد يكون التلفاز بالفعل ، أبرز وسائل الإعلام تأثيراً ، و قدرة على اجتذاب الطفل ، وشل قدراته الذهنية ، في عملية مغناطيسية ساحرة ، يمضي الطفل أمامها ساعات ، منصرفاً عن محيطه وواقعه ، ليعيش تفاصيل ما يراه على الشاشة  السحرية وقد يتــرك واجبات المدرسـة ( ) ، ويقلل من اهتماماته باللعب والمرح ( ) ، ويتأخر عن النوم ( ) . ويصاب الطفل بسبب التلفاز بأضرار بدنية متعددة ( ) إذا أساء الاستفادة منه ، وقد يؤدي إلى التشوهات القواميّة ( ) ويؤثر على الدفاغ ( ) والتفكير والإبـداع ( ) وربما يؤدي إلى تبلد قوى التخيل ( ) ، إلى جانب تأثيره الأكيد على البصر ( ) ، في حال الجلوس الطويل أمامه وإرهاق العينين .. وغير ذلك من المضار .

ولا يعبأ الطفل عادة بكل ذلك ،و يقلص من رغباته العادية ، طمعاً بوقت أكبر ، يقضيه مع أبطال البرامج المعروضة من خلال هذا الصندوق الباهر ، الذي ينقل العالم إلى غرفته الصغيرة ،ويظل مشدوداً بعينيه ومشاعره وأفكاره ، كأنه واحد من الممثلين المشاركين ، أو على الأقل من المتفاعلين معهم .

وبالرغم من كل ما يقال عن التلفاز ، فإنه بالتأكيد ليس كله خطراً ، ففيه من البرامج والرسائل ما هو هادف وبناء ، (( فمن خلال ما يعرض على شاشة التلفاز ، ومن النماذج الطيبة التي يمكن أن تقـدم ، نستطيع استثارة دوافع الأطفال من خلال تلك النمـاذج ))( ) وكثير من كوامن الخير والفضيلة ، وإبهار مناحي الجمال في نفسه ، وقيادته نحو الفلاح في الدنيا والآخرة ومساعدته على القيام بدوره في المجتمع بتنمية وإذكاء روح العلم والمعرفة في نفسه . لكن أحد الباحثين حذر مما أسماه بالتلوث التلفزيوني ، لأن التلفاز أصبح (( شريكاً منافساً للأسرة والمدرسة في تربية الأطفال ، حيث إن الطفل العادي في العديد من البلدان ، قبل أن يلتحق في المدرسة الابتدائية ، يكون قد قضى نحو4000 ساعة أمام الشاشة الصغيرة ، واكتسب معلومات كثيرة ، وعندما يحين وقت دخول الطفل دار الحضانة ، يكون قد قضى فعلاً ساعات عديدة ، يتعلم عن العالم أمام جهاز التلفاز ، أكثر مما سيقضي في قاعة المحاضرات بالكلية للحصول على الشهادة الجامعية أو درجة الماجستير ، لذا فإن بعض البرامج في هذا الجهاز تلعب دوراً كبيراً في التربية المتناقضة لأطفالنا ))( ) .

وإن الخطر الذي حذر الباحـثون في بلاد الشرق منه ، كان أشدّ التماساً عند الغربيين ، فقد نددت عالمة نفــس أميركية ( ) ، في سيـاق ملف علمي ( ) أعدّ لهذه الغاية ، بما رأته خطراً كبيراً يتعلق بملكة التخيل عند الأطفال ، لأن التلفاز عندما يقتحم أوقات الفراغ وأحلام اليقظة ، فإنه يحدث خللاً في نمو الخيال عند الطفل ، فالطفل الذي يلعب ، يستعين بتصوراته الذهنية الخاصة به ، وعندما ترتبط ألعابه ببرامج التلفاز ، فإن الطفل لا يعود مبدع أفكاره ، بل يصبح مجسداً لأفكار الآخرين ، حتى إن الحدود بين الخيال والحقيقة ، راحت تتلاشى شيئاً فشيئاً ، وبات يخشى أن يتطور عقل الطفل إلى عالم اللامعقول .

ويؤكد الملف العلمي نفسه ، أن الأطفال يمضون خلال العام أمام الشاشة الصغيرة ، وقتاً معادلاً للوقت الذي يمضونه على مقاعد الدراسة ، وأنّ التلفاز يولد بعد اندماجه في حياة الأسرة ، حالة من الاعتياد ،وبالأخص بالنسبة إلى الأطفال ، وعندئذ يصبح العنف الذي ينقله التلفاز أمراً لا مفر منه ، مهما يكن الوقـــت ، وأياً كانت القناة ، بما في ذلك البرامج المنتجة خصيصاً للأطفال . وتقرر الدراسة نفسها ، أن التلفاز سارق للوقت ، فعندما يشاهد الأطفال البرامج التلفازية لمدة أربع ساعات يومياً ، فإنهم لن يفعلوا أياً من الأشياء العديدة الأخرى ، التي قد تكون في نهاية المطاف أكثر أهمية من زاوية نموهم ، وقد يؤثر التلفاز بعمق في مواقف الأطفال ومعتقداتهم وتصرفاتهم ، مما يستدعي ضرورة الحذر الشديد من البرامج المقدمة على الشاشة الصغيرة ، وهذا يتطلب دوراً أكبر من المدرسة والأسـرة للحد من تأثير التلفاز . ولعـل هذه الدراسة الغربية ، واحدة من الإشارات الساطعة ، التي تلفت الانتباه إلى أهمية التعامل بحذر مع هذا الضيف الساكن في كل منزل ، وخصوصاً فيما يتعلق بالأطفال ، حتى لا يتركوا وحدهم يتنقلون من محطة تلفزيونية إلى أخرى ، دون رقابة ممن هو أرشد منهم .

برامج الأطفال التلفازية في الكويت :

تقول المصادر الكويتية ( ) إن الكويت كانت سباقة في الإفادة من التلفاز في نشر الثقافة الموجهة للطفل ، إذ بدأ نشاط التلفاز التعليمي يظهر عندما جاء خبيران أميركيان إلى الكويت عام 1964م ، للقيام بدراسة ميدانية لحساب وزارة التربية والتعليم ، وفي عام 1970م أنشئت أول محطة كاملة لبث البرامج التعليمية تحت إشراف ومتابعة وإدارة وزارة التربية .

ويعتبر برنامج (( افتح يا سمسم )) أوّل برنامج تلفازي من إنتاج مؤسسة الإنتـــاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي ( ) للأطفال ، من ( 3-6) سنوات ، أنتج في عام 1977م ، وهو أول برنامج عربي مشترك للأطفال ، وبلغ عدد حلقاته (130) حلقة ، مـدة كل منها حوالي (30) دقيقة ، وكان يعرض على شاشة التلفاز في الكويت في موسم الشتاء ، ما بين الساعة السادسة والسابعة مساء ، في حين كان يعرض ظهراً في أيام الصيف .

وتقول نشرة تعريفية بالبرنامج :(( إنّ كل الأساليب الفنية التلفازية سخّرت له كأفلام الرسوم المتحركة والدمى ، والمشـــاهد التمثيلية والأفلام السينمائية ، التي تصور الناس والمناطق الجميلة في البلدان العربية ، وكذلك الحيوانات التي سيحبها الأطفال ، وسيستمعون إلى أغان حلوة فيرددونها مع الذين يؤدونها ، وسيشاهدون كثيراً من الألعاب والحوادث الطريفة . وقد صممت الألعاب والرسوم المتحركة والأغاني ، بشكل يؤدي إلى تعليم الطفل بعض المفهومات والمعلومات الأولية ))( ) .

وبعد حرب تحرير الكويت من القوات العراقية ( ) ، ارتأى المسؤولون في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية ، تغيير برنامج (( افتح يا سمسم )) إلى برنامج افتح يا وطني أبوابك " ، وهو برنامج ترفيهي تربوي موجّه إلى أطفال ما قبل مرحلة الدراسة الابتدائية (3-6سنوات ) ، وهو يعرّف الأطفال بالمعلومات العامة المتعلقة ببيئة الخليج ، التي ينتمي إليها أطفال المنطقة ، وبدأ التحضير لهذا البرنامج في 1/1/1994م ، وتم تصوير (90) حلقة منه ، مدة كل حلقة (30) دقيقة وتم عرض أولى حلقاته على شاشة تلفاز الكويت في 1/1/1995م .

كما قدم التلفاز الكويتي كثيراً من البرامج ، منها برنامج (( جنة الأطفال )) وهو أوّل برنامج للأطفال بدأ بثه في 29/1/1961م ، ثم سمي البرنامج لاحقاً باسم (( ماما أنيسة والصغار )) ، وكان من أبرز أهدافه (( غرس القيم الدينية والأخلاقية والوطنية ، وإشاعة روح المحبة والخير في نفوس الصغار )) .

وتفيد التقارير والأبحاث الصادرة عن وزارة الإعلام الكويتية ، أنّ التلفاز في الكويت التزم ولا يــزال (( بتقديم عدد من برامج الأطفال ، التي تتوزع على الأنواع التالية :

[1] مسلسلات تمثيلية : تعنى بمعالجة القيم والعادات وأنماط السلوك المقبولة من المجتمع .

[2] برامج تربوية : تعنى بصورة مباشرة بتعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة والحساب .

[3] برامج فنية : تعنى بتنمية المواهب الفنيّة عند الأطفال ، وتشجيعهم على إظهار طاقاتهم الفنية الكامنة عن طريق عرض رسوماتهم ونشاطاتهم الأخرى .

[4] أفلام الرسوم المتحركة والمسلسلات الكرتونية : التي تعنى بإثارة الخيال ، كما تثير لديهم حب الاستطلاع ، حول الإنجازات العلمية والتكنولوجية .

[5] برامج منوّعة : تشتمل على فقـرات تتناول مختلف اهتمامات الأطفال وميولهم ، وتعالج العلاقات السويّة التي ينبغي أن تربطهم بأعضاء الأسرة والمدرسة وشلة اللعب .

[6] البرامج الأسرية : التي تعرض للقضايا التربوية ، وبخاصة ما يتصل منها برعاية الأطفال وتنشئتهم وتوجيههم .

[7] البرامج الثقافية والتعليمية والعلمية : التي من شأنها أنْ تزيد معارف الأطفال ، وتطلعهم على أكبر قدر من المعلومات التي تتصل ببيئتهم وعالم الفضاء ))( ).

ويتضح من هـذه البرامج مدى اهتمام التلفاز في الكـويت بالطفل وتحقيق رغباته النافعة له في حياته .

وتأتي برامج التلفاز الكويتي لتحقق بشكل عام السياسة العامة للدولة ، لذا حددت القرارات الصادرة عن وزارة الإعلام عام 1393هـ ـ1973م ( ) مسؤولية التلفاز ، بثماني نقاط أساسية هي :

[1] ينطوي تثقيف الأطفال على إعطائهم إحساسا بالانتماء إلى العالم الذي يعيشون فيه ، ولا يكفي أن تكون تلك البرامج المخصصة لمشاهدة الأطفال مناسبة للصغار وغير الراشدين فقط ، بل بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ تلك البرامج التي ينتظر منها أن تستقطب انتباه الأطفال ، والتي تذاع في أوقات يشكل فيها الأطفال عادة جزءاً كبيراً من جمهور المشـاهدين ، يجب تقديمها بشكل يراعى فيه تأثيرها الحسن على الأطفال .

[2] إنّ المواضيع الأخرى ، مثل مواضيع العنف والجنس ، يجب تقديمها بدون توكيد لا مبرر له ، بل حسب ما تتطلبه الحبكة القصصية أو تحديد الشخصية فقط ، ويجب أن لا تقدم الجريمة على أنها شيء جذاب ، أو حل للمشكلات الإنسانية ، كما يجـب أن يقرن ذلك بوضوح بالنتائج السيئة التي لابد أن تنجم عن تلك الجريمة .

[3] وعلى المسؤولين في التلفاز أن يهيئوا الفرص لتنمية الثقافة والتسلية البريئة.

[4] وعليهم أن يطوروا البرامج الكفيلة بتبني ودعم القيم الأخلاقية ، المقبولة ، وتنمية المثل العليا الاجتماعية والأخلاقية ، التي تمتاز بها الحياة الكويتية .

[5] ويجب أن تعكس البرامج أهمية احترام الوالدين ، والسلوك السليم واحترام السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، والمبادئ الدستورية في المجتمع الكويتي .

[6] يجب بذل اهتمام خاص فيما يتعلق بعمليات الاختطاف أو التهديد باختطاف الأطفال ، وذلك بهدف تجنب بث الرعب في قلوبهم .

[7] وكذلك ، فإن المواد التي تنطوي على عنف زائد أوشك أو خوف بالنسبة للأطفال يجب تجنبها .

[8] ويجب وضع قيود خاصة على عرض أفلام الجريمة أو القصص الغامضة ذات الآثار السلبية على الأطفال .

ب ) القمر الصناعي ( الستلايت ) :

ترى بعض المصادر أن (( جهـاز الستلايت هو إحدى وسائل الاتصال العالمية الحديثة ، ويعود الفضل إلى الأقمار الصناعية ، التي قربت المسافات بين الأمم وجمعت الثقافات والأفكار المختلفة ، وجعلت العالم بمثابة قرية صغيرة ، أما القمر الصناعي فهو عبارة عن محطة استقبال وإرسال في الوقت نفسه ، فهو يستقبل المسار العلوي الصادر عن المحطة الأرضية ويرد بإشارة مسار الهبوط التي تحتوي على البرامج إلى المستقبل ، أما نظام الاستقبال الذي يتمثل في الأطباق ، أي (الستلايت) فهو يقوم باستقبال إشارات مسار الهبوط ، التي تحتوي على البرامج من القمر الصناعي وتكبيرها وتهيئتها لنقلها إلى جهاز التلفاز))( ) .

ومع انتشار أجهزة (الستلايت) كالوباء ، (( مع بدء الاستخدام المكثف للأقمار الصناعية ، حاول المجتمع الدولي وضع ضوابط لمنع الاستخدام غير الرشيد للتوابع الصناعية ، إلا أن الاستخدام الفوضوي للفضاء الخارجي ما يزال مستمراً ، مما يزيد من هيمنة الدول المتقدمة على وسائل الاتصال الدولية ، ومراكز المعلومات ووكالات الأنباء وأجهزة صناعة الفكر في العالم . ومن الطبيعي أن تؤثر البرامج الفضائية في نفسية الجماهير ـ ومنهم الأطفال ـ من خلال انتشار المفاهيم والسلوكيات ، التي قد تناسب مجتمعاً ولا تناسب آخر ، وإن هذا التأثير سيكون كبيراً على الأطفال والصبية في مراحل الطفولة الأولى ، لأنّ تعرّض أطفالنا إلى سـيل لا ينقطع من مشاهد العنف والجريمة والجنس ، إضافة إلى العقائد الفاسدة والأفكار المنحرفة ، التي قد تحملها رسائل البث المباشر ، سوف يترك بصماته على سلوك الأبناء ، سواء رضوا بذلك أو لم يرضوا به ، وقد يدفعهم ذلك  إلى التصرفات غير المسؤولة والأعمال العدوانية بفعل غريزة التقليد والمحاكاة ))( ) لذا فإنّ كثيراً من الباحثين يدعون إلى (( تلافي هذا الوضع حتى لا نبقى مجرد مستهلكين ، نأخذ ما عند الغرب ، غثه وسمينه ، مع عدم قدرتنا على تعريف الآخرين بحضارتنا ))( ) .

الستلايت في دولة الكويت ( ) :

تقول المصادر : إن جهاز الستلايت بدأ بالظهور في دولة الكويت بشكل محدود ، وذلك في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي ، وكان يتحتم على الأفراد الحصول على موافقة وزارة الإعلام ، ثم أصبح اقتناء الجهاز متاحا دون أي شرط ، فانتشر بشكل كبير جداً ، لدرجة أنّ المنزل الذي لا يوجد على سطحه طبق الستلايت ،  أصبح يمثّل نشازاً في الحي أو المنطقة .

وقد لوحظ ارتفاع نسبة الاقبال على شراء الستلايت في دولة الكويت ، وخاصة في السنوات الأخيرة ، مما أثر بشكل كبير على الأطفال والناشئة ، لأنه يمثل ملامح ثقافات غربية ، أصحابها يتفننون في بث كل ما يتنافى مع ثقافة المجتمع الكويتي الإسلامية ، بقصد جذب المشاهدين والتأثير عليهم فكرياً وأخلاقياً ، فالأطفال يعيشون تلك الثقافات من خلال جهاز الستلايت ، ويكتسبون منه سلوك الآخرين ، بعيداً عن مراقبة الآباء والأمهات ، مما يجعل الستلايت أكثر خطراً على سلوك الأبناء ، وأدى هذا إلى ظهور أنمـــاط سلوكية غير مألوفة في المجتمع الكويتي ، وخصوصاً بين الناشئة ، حيث إن هناك نسبة غير قليلة يرتدون ثياباً ويتصرفون بأعمال تعبر عن مدى التأثير السلبي للستلايت ، والبرامج التي تعرض من خلاله ، على سلوك الأبناء ومن أشكال هذه الأنماط السلوكية التي تشيع الآن في أوساط الشباب الكويتي :

[1] الاضطراب في العلاقات الأسرية .

[2] انخفاض مستوى التحصيل الدراسي .

[3] شيوع السلوك العدواني .

[4] الابتعاد عن الدين .

[5] الميل إلى اتباع العادات والتقاليد الغربية .

وتظهر الأبحاث الميدانية أن 99.6% من أفراد العينة يمتلكون أجهزة ستلايت وأن 9.4% منهم أشاروا إلى وجود أجهزة استقبال في غرف الأبناء ، فيما أفاد 10.9% من إجمالي عينة الآباء والأمهات بأن أبناءهم يعانون مشكلات دراسية في حين أكد 33 % أن لبرامج الستلايت تأثيراً سلبياً على التحصيل الأكاديمي .

وأوضحت نتائج الأبحاث زيادة ملحوظة في السلوك العدواني عند الأبناء مثل ارتفاع الصراعات بين الإخـوة الصغار ، وزيادة مرات المشاجرة مع الجيران والتلاميذ في المدرسة .

ويعتقد 23.8 % من الآباء والأمهات بأن الأبناء اكتسبوا عدداً كبيراً من العادات السيئة بسبب برامج الستلايت ، بينما يعتقد 49% من الآباء والأمهات بأن البرامج تكسب الأبناء بعض العادات التي لا تتفق مع القيم والعادات في المجتمع ، وذكر 29.1% من الآباء والأمهات أنهم يشعرون بأن الأبناء بدأوا بمحاكاة وتقليد أحد الممثلين الذين يظهرون في برامج الستلايت .

وتلاحظ الأبحاث الميدانية أنه ومع انتشار الستلايت في الكويت ظهرت مشكلة عدم قدرة القائمين على التربية في المجتمع من أولياء أمور أو عاملين في وزارة التربية على السـيطرة على ما قد يشاهده الأطفال والتحكم في التأثير المحتمل لهذه البرامج على سلوكهم . ويرجع العجز إلى العدد الكبير من القنوات التي تتسابق في عرض ما هو مثير وجذاب ، والمتضمن عادة قدراً كبيراً من العنف . وكشفت الأبحاث عن أن أقل عدد من القنوات هذه يصل إلى (10) ويمتد تصاعدياً حتى يصل إلى مئة ، وأن المتوسط العام يصل إلى (30) قناة تقريباً . ويرتفع هذا التأثير بوجود جهاز خاص للأبناء في غرفهم الخاصة ، إلا أن قلة من العينة البحثية أفادت بامتلاك جهاز ستلايت خاص بالأبناء في غرفهم .

ج ) الفيديو ( )

الفيديو لفظة أجنبية ، وهو جهــــاز حديث نسبياً ، انتشر في معظم البيوت ، حيث يتيح الفرصة لصاحبه لأن يسجل البرنامج التلفزيوني وفي الوقت ذاته الذي يشاهده فيه ،وذلك بهدف إعادة مشاهدته ، وقد يتم التسجيل حسب البرمجة الخاصة للجهاز في غياب صاحبه ، مما يسمح له بمشاهدته بعد أن يتم تسجيله للبرنامج المعين ، كما أن شرائط الفيديو الجاهزة متوافرة بشكل كبير . ويعتمد جهاز الفيديو على عرض الأفلام والبرامج المختلفة بواسطة الصوت والصورة . ومن خصائصه :

[1] إمكان إعادة المشهد المطلوب ، أو توقيف الصورة وتثبيتها على الشاشة .

[2] حرية اختيار مكان المشاهدة وزمانها .

[3] التسجيل عن التلفاز وإعادة التسجيل مرات متعددة حسب الرغبة .

[4] إتاحة الفرصة للطفل لمشاهدة برامج لا يقوم التلفاز ببثها ضمن برامجه ، سواء أكانت هذه البرامج علمية أم ثقافية أم اجتماعية ، حيث تكون مسجلة على أشرطة فيديو خاصة .

[5] سهل الحمل والنقل والفك والتركيب .

[6] يتيح للأطفال فائدة في مجال التعليم ، لعرضه الأفلام التعليمية والتربوية الهادفة ، وكذلك يعرف الأطفال إلى العالم ، فهو وسيط جيد لنقل الثقافة والمعرفة والعلوم إلى الأطفال ، سواء أكانوا في البيت أم في المدرسة أم في الروضة .

[7] تعد الصورة التي يعتمد عليها الفيلم في الفيديو من البدائل الناجحة للخبرة المباشرة وبخاصة إذا كانت ملونة ومتحركة ، ومصحوبة بما يناسبها من التأثيرات الصوتية .

[8] برامج الفيديو تجذب اهتمام الأطفال وانتباههم وتركيزهم ، مما يؤثر على تفاعلهم واستجاباتهم مع أحداثها ومادتها .

وبالرغم من كل الفوائد التي يذكرها الباحثون ، فإن للفيديو أخطاراً صحية ونفسية هي نفسها الأضرار التي تحدثنا عنها أثناء الحديث عن التلفاز ، لأن هناك تشابهاً بين التلفاز والفيديو إذ يعرض الفيديو برامجه بواسطة التلفاز ، ولكن المادة المعروضة هي فقط التي قد تختلف .

ويحذر أحد الباحثين من أخطار الفيديو ، فيقول : (( لقد كثرت الأخطار والنوافذ السلبية المفتوحة على أمتنا العربية الإسلامية ، واستخدم بعضهم وسائل الإعلام في طريق الشر وضمن أهداف حددها أصحاب هذا الشر ، وكان منها الفيديو ، هذا الجهاز الصغير الذي إن استمر انتشاره واستعماله بهذا الشكل فإنه سيكون له آثار مدمرة ، وسيجر الويلات الرهيبة ))( ) .

ومن الأخطار التي تحدث عنها الباحث نفسه مسألة الأفلام الجنسية (( التي يتداولها مستخدمو الفيديو ، والتي تجعل من مشاهدها حيواناً بصورة إنسان ))( ) . وقد تنطبق الأخطار التي أشرنا إليها في سياق تناولنا موضوع التلفاز على الفيديو ، إذ إنه يعد (( أحد التطورات التكنولوجية التي لحقت بوسيلة التلفاز ، فهو عبارة عن نظام لتسجيل الصوت والصورة من خلال شريط مغناطيسي يسمح بعرض ما يتم تسجيله على الفور ، ويمكن مسح الشريط ، وإعادة التسجيل عليه عدة مرات ، فأتاح التحكم في طبيعة المواد ، وأوقات العرض ، كما غير من طريقة قضاء وقت الفراغ لدى الكثير من الأسر ، وغير من أنماط المشاهدة التي كانت سائدة قبل ظهوره ))( ) .

د ) الخيالة ( السينما )

تذكر المصادر المعجمية الحديثة أن (( السينما لفظ أجنبي ، ويقابله بالعربية الخيالة بالتحريك ، من الخيال ، لأنها قائمة على الصور المتحركة ، وهي نوع من الخيال وليست بحقيقة . وقد عرفت الخيالة بأنها دار لعرض الأفلام والصور المتحركة ، أو فن إنتاج الأفلام والصور المتحركة ))( ). ويؤكد كثير من الباحثيـن أن السينما (( أصبحت أحد الملامح الرئيسية للقرن العشرين ))( ) بل أكثر من ذلك ، إذ يعتبرونها (( أهم الفنـون ))( ) الإعلامية في العصر الحديث . وتظهر الدراسات الغربية (( أن الغالبية العظمى من رواد السينما تقل أعمارهم عن الثلاثين وأن أكثر من نصفهم دون العشرين ، وأن ثلثهم تقريباً دون الخامسة عشرة ))( ) . وفي دراسة ميدانية على ألف أسرة في الكويت استجاب منها 374 أسرة بالرد على صحيفة الاستقصاء الخاصة بالدراسة تبين أن 4% من الأطفال من أفراد العينة يذهبون إلى دور السينما لمشاهدة الأفلام ))( ). ويظهر من بعض الأبحاث ( ) أن أغلب رواد السينما هم من الأطفال والمراهقين والشباب ، وربما يحضرون أفلاماً أنتجت لجمهور الشباب والراشدين . ولعل ذلك يلقي على السينما أهمية لاتساع جمهورها ولتمكنها من إيصال الغرض المقصود من وراء الإنتاج ، بسبب المؤثرات السينمائية الكبيرة وقدرتها على التشكيل الثقافي .

ويرى الباحثون( )  أن السينما تتمتع بمجموعة من الخصائص المميزة لهذه الوسيلة الإعلامية ، منها أنها تجذب المشاهدين رغم منافسة التلفاز لها ،وأنها تتيح للمشاهد رؤية الأمور البسيطة بسبب ظروفها التقنية في التصوير والعرض . ويعتبر الباحثون أن السينما من الوسائط الإعلامية الجيدة الموجهة للطفل ، حيث تمتاز بإمكانيات كثيرة ، مما يتيح للفيلم  السينمائي القدرة على تقديم معلومات ومعارف في إطار إبداعي يثير الأطفال ويشدهم إلى المشاهدة والاستماع .

والأفلام السينمائية على اختلاف أنواعها ، التوثيقية أو التسجيلية أو الروائية أو التي يمثل فيها الأطفال أو الكبار أو الدمى أو الكرتون ، يمكن أن تخدم أهدافاً تعليمية وتربوية وثقافية وترفيهية وسلوكية واجتماعية وانفعالية كثيرة . ويمكنها أيضاً تزويد الأطفال بالمعلومات التثقيفية ، التي ترتبط بالمواد المنهجية أو الثقافية العامة ، وكذلك بالمجالات التربوية والأخلاقية والقيم والاتجاهات والمثل والعادات والتقاليد ، وتعلمهم الانضباطية والنظام ، وحسن الاستماع والترويح عن النفس إضافة إلى تقديم السرور والبهجة إليهم ، وتعرفهم إلى التجارب والاختراعات والاكتشافات والصناعات وألوان المعارف والعلوم والثقافة المختلفة ، مما يؤثر في توسيع مداركهم العقلية وإعطائهم القدرة على فهم الناس ، والحياة وتعويدهم التخيل والتفكير المبدع المستقل .

ويؤكد أحد الباحثين أن السينما لم تعد (( مجرد وسـيلة للترفيه وشغل أوقـات الفراغ ، ولكنها أصبحت وسيلة إعلامية لا تقل في أهميتها عن أقـوى الوسائل الإعـلامية الحديثة ))( ) .

واقع سينما الأطفال في الكويت

لا يوجد في الكويت سينما متخصصة للأطفال ، ولكن توجد سينما صغيرة واحدة للصـغار ذات أهداف تجارية ، ومقرها في مجمع الفنار بمنطقة السالمية القريبة من العاصمة ، وقد فتحت السينما قبل مدة قصيرة وهدفها تجاري بحت وليس لها أي أهداف تربوية . وحاول الباحث لقاء أحد المسؤولين عن السينما فلم يفلح ، نظراً لأن السينما هذه تسعى إلى تحقيق الربح فقط ، والأفلام التي تعرضها هي أفلام أجنبية للصغار . وقد قال أحد العاملين بالسينما ـ رفض الإفصاح عن اسمه ـ إن السينما تختار ما يناسب الطفل في الكويت ، لأن هناك مراقبة من وزارة الإعلام الكويتية ، وليس للسينما هذه أي أهداف تربوية محددة .

وفي الدراسة الميدانية التي ذكرناها سابقاً ، والتي أجريت على ألف أسرة في الكويت واستجاب منها 374 أسرة ، كانت أبرز النتائج ما يلي :

[1] يذهـب الطفل في الكويت إلى دور السينما لمشاهدة الأفلام بنسبة 4% من أفراد العينة .

[2] لا يقبل أطفال مرحلة الطفولة المبكرة على مشاهدة أفلام السينما .

[3] يقبل أطفال مرحلة الطفولة المتوسطة على مشاهدة أفلام السينما لكن من خلال أجهزة الفيديو بنسبة 23% و 68 % في مرحلة الطفولة المتأخرة .

وانتهت الدراسة إلى أهمية السينما كوكالة من وكالات تثقيف الطفل ، لكنها بينت أن الطفل في الكويت محروم من إنتاج سينمائي يتوجه إليه على وجه الخصوص ، كطفل عربي مسلم ، وأن الأفلام التي تعرض له لا تتوافر فيها شروط الجودة لأنها لا تنتج خصيصاً له ، إما لأنها أفلام للكبار أو لأنها منتجة لطفل أجنبي ، كما أنه يشاهد في الغالب الأفلام العربية المنتجة للكبار ))( ) .

هـ) المســـــــــــرح

يعتبر المسرح (( إحدى الوسائل التعليمية والتربوية التي تدخل في نطاق التربية الجمالية والتربية الخلقية ، فضلاً عن مساهمته في التنمية العقلية إلى جانب اهتمامه بالتعليم الفني للنشء ،منذ مراحل تكوينهم الأولى ، داخل وخارج المدرسة ))( ) .

وجوهر فن المسرح بشكل عام لا يختلف (( من عمل مسرحي إلى آخر ، سواء كانت المسرحيات مقدمة للكبار أو للصغار ))( ) . ومن المعروف (( أن مسرح الطفل من الأدوات والوسائل الفنية والدرامية الممتعة والمثيرة في مجال ترسيخ المضامين الإنسانية في وجدان الأطفال وفكرهم منذ مرحلة مبكرة في حياتهم ))( ) ، لأن المسرح عبارة عن تفاعل حي ومباشر بين جمهور الأطفال والممثلين ( أو اللعب في مسرح العرائس ) . فعندما يرى الطفل عن قرب حركات الممثل وسكناته ، يشعر غالباً أنه أحد الممثلين على الخشبة ، فيتــأثر ، ويبدو التأثر واضحاً على قسماته ، وقد يتحدث ، وينادي الممثل ،ويحذره من خطر ، أو يكشف له ما يتوهم أنه سر يعرفه وحده ، كما يستشعر الطفل حالة الممثل ، ويتقبل ما يلقى عليه بسهولة ، نظراً لانعدام الحواجز بين المرسل والمستقبل ، حيث يصبح المرسل هو نفسه وسيلة التوصيل ، وقد يحقق المرسل هدفه بوقت أسرع وعلى جمهور أكبر ، إذا كان للنص أهداف معينة .

ويوغل بعض الباحثين في تسييد مسرح الطفل ، حتى إن شريحة كبيرة من التربويين يعتبرونه (( أستاذ الأخلاقيات والمثل العليا ، بل خير معلم اهتدت إليه عبقرية الإنسان ، لأن دروسه لا تلقن عن طريق الكتب المدرسية والمدرسة بشكل ممل ، مرهق ، بل بالحركة التي تشاهد فتبعث الحماس ، وتصل إلى أفئدة الأطفال ))( ) . وإن إمكانيات تأثير المسرح ، إذا توافرت له التقنية المناسبة ، والنص الجيد والممثلون ذوو الأداء المتقن ، تجعله وسيطاً باهــراً ومن أهم وسائط الثقافة والإعلام ، فهو يحتوي على (( الحوار والحركة والألوان والموسيقى ، وفيه الجمال والحقيقة .. وهو بهذا كله من أكثر الوسائط الثقافية تأثيراً ، فإذا كان الطفل هو أشد المخلوقات تأثراً وانفعالاً ، وإذا كان له عالمه الخاص المليء بالنشاط وبالحركة ، فهو الوسيط المتوافق مع مزاج الطفل وطبيعته ))( ) . لذا فإن مسرح الطفل (( إذا أحسن تأليفه وإخراجه وتمثيله فإنه لا شك ينجح في تحقيق ما تعجز عنه أنواع أخرى من الأعمال الفنية المقصود تقديمها إلى الطــــفل ))( ). وفي حـين أن السرور يعد جانباً مهما في مسرح الطفل ، إلا أنه يعتبر جانباً واحــــداً من جوانب متعددة مثل : الإخلاص ، والأمانة ، والبطولة ، والشجاعة ، والصدق ، والوفاء ، والمحبة ، وهذه الجوانب يحبها الأطفال ويقبلون عليها بشغف . ويجب أن نعرف أيضاً أن أهمية مسرح الأطفال تكمن في إعطاء التجارب الجديدة للأطفال إلى جانب توسيع مداركهم وإعطائهم القدرة على فهم الناس ))( ) .

ويرى أحد الباحثين ( ) أن مسرح الطفل يساعد على انطلاق الخيال والأحاسيس لأنه في حقيقته منهج للعب التخيلي الذي يشبع حاجات الطفل الابتكارية ولأن النص المسرحي المعروض لا يعتمد على الإرسال فقط بل يمكن أن يتفاعل من خلال الاستقبال ، وهذا من شأنه إشعار الطفل أنه ذاهب إلى ممارسة مثيرة ، هو عضو إيجابي فيها ، وليس مجرد مشاهد سلبي يتلقى التعليمات . ويرى الباحث نفسه أن تجربة حضور العرض المسرحي عند الأطفال هي في حقيقتها تجـربة تساعده على أن يتحرر من الإحساس بالذنب والقهر والخوف ، وترسيخ إحساسه بالانتماء واحترام الذات من خلال تعميق وعيه بوجوده داخل مجتمع يدرك ملامحه بالتدريج . كما أن العرض المسرحي لا ينتهي بإسدال الستارة ، لأن المشاهد المتتابعة تخلف آثارها النفسية والسلوكية ، مما يقتضي مناقشة الفصول والحوارات بين الأطفال أنفسهم ، وبينهم وبين المربين . فالتجربة المسرحية تزود الطفل بالمعلومات والخبرات ، دون أن يفرضها الكبار عليه ، وهذا يحتاج إلى قدرة عالية في التقديم والأداء والإنتاج .

ويرى باحث غربي أن مسـرح الطفل (( يتميز عن سواه بنوعية الجمهور الذي يرتاده ، من جميع الشرائح الاجتماعية المتمازجة ، دون اعتبار أية فروق ، سواء أكانت اقتصادية أم عرقية أم جنسية أم دينية أم قومية . ويشيع هذا المسرح البهجة بين مشاهديه ويساعدهم على أن يكونوا أفضل الناس ))( ) . ولقد أصبح مسرح الطفل يشكل جزء من تاريخ أية حركة مسرحية في أي بلد كان . وقد قامت العديد من الدول بتخصيص ميزانيات ضخمة لدعم هذا النوع من المسرح ، إيماناً منها بأن عالم الطفل ، وفي مراحل التكوين الأولى من عمره  ، عالم خصب يمكن تطويره وتوجيهه ليؤثر إيجابياً في رحلة التكوين الحضاري للنشء . وبالرغم من أهمية هذه المرحلة وخطورتها ، لم يحظ مسرح الطفل في عالمنا العربي بالرعاية الكافية ، وتراوحت النصوص المقدمة بين المد والجزر ، نجاحاً هنا وإخفاقا هناك ، نصاً متكاملاً هنا وآخر يفتقر إلى أبسط المقومات الدرامية هناك ))( ).

ويبدو للباحث أن مسرح الطفل ، رغم أهميته ، لم ينل المكانة المرموقة التي يستحقها والسبب ـ كما نظن ـ لا يعود إلى إعراض من الطفل نفسه ، بقدر ما يتحمل مسؤولية عدم حمل الطفل على حضور المسرحيات ولي الأمر نفسه ، مما يصرف نظر المنتجين عن إقامة عروض مسرحية باهظة التكاليف ، دون الحصول على مردود مجز ، وربما لا يغطي حتى قيمة التجهيزات الفنية وإيجار المسرح ، فضلاً عن أجور الممثلين والمؤلف والفنيين .. وبذلك ينظر إليها كمشاريع فاشلة . أما القول بندرة النصوص الممتازة فهو قول مردود ، ففي تراثنا العربي والإسلامي كنوز لا تنضب ،ومنابع لا تجف . ولا أحسب أن أمة يمتد تاريخها لمئات السنين وتحتل مساحة شاسعة من العالم ، وتملك مقومات بشرية ومادية ضخمة ليست بقادرة على الإبداع والابتكار والتجديد كلما أرادت ذلك .

مسرح الطفل في الكويت

تقول عواطف البدر ، رائدة مسرح الطفل في الكويت ، كما يصفها مؤرخو المسرح الكويتي ( ) إنها في بداية السبعينات كانت (( تقوم بدراسة عدة مشاريع لإنشاء وتأسيس مسرح الطفل بالكويت ، ولم تكن المسألة سهلة ويسيرة كما يعتقد البعض ، فقد كانت العثرات ، والمعوقات كثيرة ، وبجهود فردية وضعت ـ أي عواطف البدر ـ في عام 1974م ، الخطوات الأولى لهذا المسرح ، غير أن إمكانية الحصول على شهادة ميلاد شرعية له تسمح بتقديم عروضه داخل الكويت ،حالت دون إعلان هذه الولادة ، فتأخر الأمر بعض الشيء . غير أن الإعداد والتجهيز ظل يتواصل ويتواصل رغبة في وضع البذور الأولى في التربة المحلية ، ومع السماح بإنشاء الفرق الخاصة كان (( مسرح البدر )) أول فرقة مسرحية متخصصة تعلن ميلاد مسرح الطفل في الكويت ومنطقة الخليج العربي وذلك في عام 1978م ))( ) .

وإذا تلمسنا واقع مسرح الطفل في الكويت ( ) وجدنا أن هذا الواقع بدأ منذ اهتمام مدارس الكويت بالمسرح المدرسي ، (( يشير أحد الباحثين إلى أن أول مسرح للطفل تم تدشينه في إحدى مدارس الكويت في عام 1924م ))( ) . وتواصلت بعد ذلك الجهود التي تعد بمثابة إرهاصات لظهور مسرح الطفل في الكويت ، فيما تعد جهود عواطف البدر البدايات العملية لهذا المسرح ، وقدمت بواسطة (( مؤسسة البدر للإنتاج الفني (( عشرات المسرحيات واستقطبت عدداً من الكتاب المحليين والعرب علاوة على الممثلين والفنيين من أجل خدمة عروضها المسرحية على المستوى التقني والفني والأدائي التمثيلي . وعواطف البدر السيدة المربية التي اتخذت من خشبة المسرح فصلاً دراسياً تقدم من خلال عروضها المسرحية فيه التدريس بالدراما ، هذه الرائدة قد شغفها حباً ما يقال عن مسرح الطفل وتتلهف على متابعة ما يدور عن أحاديث حول تجربتها وحول مسرح الطفل كتجربة فنية عامة احتضنها حركة المسرح في الكويت في عصر متقدم من عمرها الفني ، باحثة عن إمكانية تشكيل قوام هذه الحركة فنياً وفكرياً وثقافياً ، وبذلك تظل عواطف البدر علامة فارقة في مسرح الطفل في الكويت .

وتسجل إحدى الدراسات الميدانية التي أجرتها كافية رمضان في عام 1989م مجموعة من الإيجابيات والسلبيات لمسرح الطفل ، بعد تقويم مجموعة من المسرحيات الخاصة بالطفل وعددها 20 مسرحية . وتتحدد الإيجابيات بست نقاط ، والسلبيات بسبع نقاط على الشكل التالي :( ) .

أولاً : الإيجابيات :  

[1] الاهتمام بمسرح الطفل في الكويت يعبر عن العناية بهذا الفن ، الذي يشكل دعامة رئيسية من دعامات ثقافة الطفل ، حيث تم تقديم أكثر من 60 مسرحية للأطفال في فترة زمنية محدودة نسبياً ، من نهاية عام 1976م إلى 1989م .

[2] تحمل النهاية في المسرحيات قيماً إيجابية إذ تنتهي بغلبة الخير على الشر .

[3] تحتوي معظم المسرحيات التي قدمت للطفل في الكويت على نماذج مختلفة من الشخصيات تزيد من خبرة الطفل بأنماط مختلفة .

[4] تتضح قدرة الممثلين على تجسيد الشخصيات التي يؤدونها .

[5] تحتوي معظم المسرحيات على قيم جيدة يراد للطفل تشربها والتأثر بها .

[6] يغلب المرح على الجو العام لكثير من مسرحيات الطفل .

ثانياً : السلبيات :

[1] لم تحدد أية مسرحية الجمهور الذي تتوجه إليه على وجه الدقة .

[2] معظم المسرحيات تدور حول فكرة الزواج والعلاقة بين الجنسين .

[3] لغة معظم المسرحيات التي قدمت للأطفال في الكويت تعتمد على اللهجة العامية وقلة نادرة فيها اعتمدت العربية الفصحى (3% ) .

[4] إذا كان المرح يسود معظم المسرحيات إلا أن الدراسات التحليلية بينت أن نسبة كبيرة من ذلك المرح مرتبطة بالتهريج وافتعال مواقف الضحك .

[5] يعتبر فقر الجوانب الفنية والتقنية من العوامل السلبية التي تظهر بشكل حاد في المسرح الموجه للأطفال في الكويت .

[6] معظم المسرحيات تتداخل فيها السلبيات والإيجابيات ( 97.3% ) ، وهناك ما يدل على الارتجال وأسلوب المحاولة والخطأ وعدم اعتماد أسس علمية .

[7] اتضح طغيان الجانب التجاري على الجانب التربوي فيما .

وتلاحظ دراسة عملية متخصصة ( ) أن من إيجابيات مسرح الطفل حالياً إيجاد جماليات فنية ستكون فعالة الأثر لو استغلت بشكل جاد . ومن مميزات مسرح الطفل الكويتي الاهتمام بالأغنية الدرامية والموسيقى المسرحية . وتقول الدراسة : إذا كان الاهتمام فنياً بمسرح الطفل قد بدأ يأخذ شكله العام كظاهرة واضحة وفعالة في تاريخ الحركة المسرحية في الكويت ، فإن هذا الاهتمام ينم عن التصاق الطفل بالمسرح والفن ، وإن الحركة المسرحية في الكويت تتجه إلى الطفل نظراً لأهمية النشء مستقبلاً .

ولعل ظهور المسرح الخاص بالطفل في الكويت في وقت مبكر ، دليل علمي واضح على الاهتمام بهذا النمط الإعلامي الموجه للطفل . وما يقال عن عدم وجود صالات مسرحية خاصة بالطفل وافتقار المسرح إلى أدوات تقنية تناسب سن الطفل ورغباته ، وغير ذلك من سهام النقد ، لا ينقص من أهمية ما قــدم من عروض ، ولا يقلل من قيمة الأشخاص الذين جهـدوا لخـدمة الطفل في الكويت ، لاسيما أن (( المسـرح في الكويت كانت نشأته تربوية ))( ) . ومن هذه النشأة نستدل على مدى اهتمام التربويين بإيصال الهدف التربوي إلى الطفل بشتى السبل المتاحة ، فكانت المسرحية إحدى هذه السبل ، بالرغم من انعدام التجربة في السابق ، وندرة المتخصصين . فإن قيل عن أشياء تشوب مسيرة مسرح الطفل الكويتي في بداياته ، فالإيجابيات بالتأكيد أوسع حظاً من السلبيات وهذا العمل دليل على مدى الاهتمام الذي حظي به الطفل الكويتي سابقاً ولاحقاً ، (( فمسرح الأطفال في أبسط صورة مشروع ضخم ))( ) ، ولا يمكن التقليل من الجهود السابقة ولو كانت بسيطة  ، لأنها أصلاً كانت غير مدربـة ولا تملك خبرات كافية ، بل إنها قامت بجهودها الفردية ، بأعمال مسرحية ، تعثرت ونجحت ، ووفقت أو لم توفق بالكامل ، إلا أنها جميعاً تجارب تحكي واقعاً كان سائداً في فترة من فترات الفن المسرحي في الكويت وهو أمر يسجل في خانة البناء التربـــوي المقصود لذاته ، حيث ينبع من حرص أبناء الكويت على صغارهم وتشجيعهم بشـتى السبل والميادين المتاحة لتكوين ثقافات وخبرات وأفكار ، وزيادة معلوماتهم المختلفة ، وهذا الأمر استثمار حقيقي للمستقبل ، لا يعود بالنفع فقط  على جيل واحد ، بل يتعدى هذا الجيل إلى أجيال لاحقة ، ويؤدي بالتالي إلى سيادة القيم الدينية والإنسـانية وإشاعة مساحة من العلم والإيمان .

و ) الحاسوب ( الكمبيوتر ) :

الحاسوب أو الكمبيوتر (( آلة إلكترونية مصممة بطريقة تسمح باستقبال البيانات واختزانها ومعالجتها ، بحيث يمكن إجراء جميع العمليات البسيطة والمعقدة بسرعة ، والحصول على نتائج هذه العمليات بطريقة آلية ))( ) . ولهذا الجهاز قدرة فائقة على استقبال البيانات ومعالجتها بواسطة برنامج من التعليمات وتخزينها واسترجاعها بثوان معدودة .

ويعتبر الحاسوب (( من أفضل الوسائل الثقافية المعاصرة ، حيث يمكن استخدامه لنشر المعلومات والمعارف وتخـــــزينها ، وبخاصة بعد ظهور الإنترنت ، الوسيلة الخارقة في تقديم المعلومات والحصول عليها ،وبعد ربط أكثر من حاسوب عن طريق الكوابل والموجات اللاسلكية والأقمار الصناعية ، وهذا يؤكد على الدور المهم للحاسوب في حياة الأفراد والمجتمع ))( ) .

ويقول أحد الباحثين إن كثيراً من الدراسات والأبحاث التي أجريت حول التعلم بواسطة الكمبيوتر أو بمساعدته أثبتت ((  أن هذا النوع من التعلم يفوق التعليم بالطرق التقليدية الأخرى ))( ) .

ويشير باحث آخر إلى عدد من الخصائص يمتاز بها الكمبيوتر منها (( أنه آلة تعين العقل البشري ، لما تخزن من معلومات ضخمة مع ميزة استدعاء المعلومة المطلوبة فور طلبها ))( ) .

ولا يقتصر الحاسوب على المعلومات المخزنة فحسب ، حيث يقدم برامج عديدة للألعاب . وترى إحدى الباحثات الأوربيات أنه (( رغم أن القيمة التعليمية لكثير من الألعاب لم تتأكد بعد ،فقد ظهر أن استخدام البعض منها يمكن أن يطور القدرات المتصلة بتداول المعطيات والمناقشة ،والبحث ، والتخطيط ، والتحليل ، والإبداع ، والتحقق من صحة الفرضيات ، والتنبؤ ، والاستثمار ، والاكتشاف ، والمراقبة ، والتنظيم . وتجمع بعض الألعاب بدقة بين التعليم والتسلية ، وتجعـل منها عملاً رائعاً . وتعتبر ألعاب أخرى ألعاب لهو صرف ، وقيمتها تعليمية خفيفة ، وتكاد تكون معدومة ))( ) .

ولا ضرورة لتأكيد الدور الذي يمكن أن يؤديه الحاسوب في تنمية المعلومات لدى الطفل ، الأمر الذي يجعله أبرز وسائل الإعلام الموجهة للطفل ، نظراً لانتشاره الكبير ، إذ تشير الأبحاث إلى أن نسبة أجهزة الحاسوب المتوافرة في أيدي أطفال معظم دول الخليج العربية أعضاء مجلس التعاون الخليجي ( السعودية و الكويت والبحرين وقطر والإمارات ) تبلغ 57% من العائلات ( ) ، وهي نسبة عالية تزيد على نظيرتها لدى الدول الغربية ، إذ أن (( عائلة فرنسية واحدة من أصل عشرة تمتلك حاسوباً ( أي 10 % ) ، وفي الولايات المتحدة عائلة واحدة من أصل أربع عائلات ( 22.5 % ) ))( ) .

وتشير المصادر إلى أن الكمبيوتر غزا البيوت في الكويت (( شأنه شأن التلفاز والفيديو وخصوصاً بعد انتشار الإنترنت ))( ) ، كما أن هناك (( مئات الأسر مشتركة بالإنترنت ))( ) ، فضلاً عن انتشار ظاهرة مقاهي الإنترنت التي تقدم خدماتها للرواد مقابل تكلفة بسيطة . وتهدف المقاهي الخاصة بالإنترنت إلى (( تقديم خدمة الإنترنت بطريقة سهلة ورخيصة ، حيث إنه من الصعب على الجميع توفير خدمة الإنترنت بالمنزل ))( ) لأسباب مادية تحديداً .



الصندوق رقم ( 1 )





الآثار السلبية والإيجابية لاستخدام

أجهزة الكمبيوتر بالنسبة للأطفال ( )

الناحية الإيجابية : رفـــع مسـتوى الطفـل في : القراءة والكتابة والتعبير الشفوي ، والاستماع والتــــركيز ، وتعلم الرياضيات واللغات والعلوم العامة ، وتنمية الثقافة والتربية الفنية ، والقدرة على التفكير السليم ، والمقدرة على حل المشكلات ، وعلى التوافق الاجتماعي والتكييف النفسي ، وتطوير المهارات والهوايات والمواهب واستغلال وقت الفراغ ، وممارسة الأنشـطة المختلفة والمساهمة في بناء الشخصية واكتساب معلومات جديدة ...

الآثار السلبية :    يمكن أن تؤدي إلى تدني مستوى الطفل في : القدرة على ممارسة النشاط الاجتماعي ، وممارسة التمارين البدنية ، وعلى الواجبات المدرسية ، واستيعاب المواد الدراسية . كما تؤدي إلى : الإصابة بالكسل والخمول والســمنة لقلة الحركة ، تدهور الصحة العامة للطفل ، والإضرار بعيني الطفل .





[7] الإعلام المدرسي :

تؤكد الآراء العلمية المختلفة أهمية الدور التربوي الذي يمكن أن تسهم به وسائل الإعلام بشكل عام ـ والإعلام المدرسي بشكل خاص ـ في (( تنمية قدرات التفكير لدى الأطفال والنشء ، وتوجيههم نحو الطرق السليمة للتفكير ، وفي تهيئة الجـو الفكري الملائم لتنمية مفاهيم الفرد وملكاته وقدراته الفكرية والتحليلية والنقدية ، وتوسيع مداركه وتصوراته ، وذلك من خلال ما تبثه من معلومات وآراء ومفاهيم وحقائق وتفسيرات ، وما تقدمه من نماذج ، وما تطرحه من أفكار وقضايا ومشكلات ، سواء في البرامج المباشرة أو من خلال الأشكال الدرامية المختلفة ))( ) .

وهنا يجب علينا التمييز بين الإعلام العام والإعلام المدرسي ، فهناك (( فرق جوهري بين وسائل الإعلام الجماهيرية والوسائل المناظرة لها داخل المدارس . إن المتلقي في الأولى يكون حراً في الاختيار فيما يعرض عليه من وسائل ، وله أن ينتقي ما يتناسب مع اهتماماته واتجاهاته ، كذلك يستطيع التعامل معها بصورة فردية في أي وقت يشاء ، وهذا ما يعرفه علماء الاتصال بالتعرض الانتقائي . أما المتلقي في الثانية فلا يكون حراً في الاختيار إذا ما عرضت عليه رسالة عبر هذه الوسائل ، ومادامت تتم في ظل تعليمات وقيود نظامية ، فهي ( ) باعتقاد بعض الباحثين غير مؤثرة ، وكثيراً ما ينصرف عنها التلاميذ ، أضف إلى ذلك أنها تأخذ في الغالب طابع الجد والرقابة والتكرار والنمطية ))( ) .

ويعطي أحد البـاحثين تحديداً لمفهوم الإعلام المدرسي ويقول إنه (( العملية المخططة ، التي يتم من خلالها إعداد رسالة تنقلها وسائل الإعلام المناظرة داخل المدارس بحيث تقوم هذه الرسالة على الترفيه والتسلية والتثقيف والدعوة والتوجيه والإعلان ، جمهورها المتلقي هم تلاميذ المدارس وبعض فئات المجتمع المحيط بالمدرسة ، بما في ذلك أولياء الأمور ، وذلك بهدف تحقيق اتصال جيد يقوم على أساس تنمية الوعي والإدراك وإكساب المتلقي مهارات النقد والتحليل والانتقاء والتفاعل بصورة فعالة مع البيئة المدرسية بعناصرها المختلفة والبيئة المجتمعية بمؤسسـاتها ووسائلها المتنوعة ))( ) .

وتؤدي وسائل الإعلام المدرسي دوراً كبيراً إلى جانب العملية التعليمية التي تقوم بها المدرسة ، (( بل كثيراً ما تدفع الأنشطة الإعلامية المختلفة داخل المدرسة إلى تطــور العملية التعليمية نفسها والنزول بمناهجها ودروسها إلى حيز التطبيق العملي ، وهي لا تتعارض مع المنهج الدراسي بحال من الأحوال ، بل إنها تشكل رافداً مهماً في مجـال بناء وتربية التلاميذ . وربما تكون وسائل الإعلام مدرسة داخل مدرسة ، أو مدرسة صغرى ، أو وحدة تعليمية ، يمكنها أن توجه وترشد التلاميذ عن كيفية الاستذكار مثلاً ، والاستعداد للامتحانات وطرق الإجابة ووسائل تحصيل الدرجات وجميعها لها جانبها التعليمي . كما أن بإمكانها التعريف بنشاط التلاميذ ، وأخبار المدرسة وإبراز الموهبة ، وتقديم شروح لبعض الدروس ، وحل بعض المشكلات التعليمية التي يـواجهها التلاميذ ، وعرض الدروس بطريقة غير تقليدية سهلة ومبسطة ))( ) . وتشير بعض الدراسات إلى أن الإعلام المدرسي بشكل عام (( يسهم في تكوين شخصية التلاميذ ويلفت النظر إلى المبرزين منهم ، ويدعم المنهج الدراسي ، ويشجع على ظهور المواهب الكتابية والفنية والخطابية ، وبروز الرأي العام الطلابي المستنير ، كما يؤكد مشاعر الانتماء إلى المدرسة والمجتمع المحلي والوطن ، في مجموعه ، من خلال تناوله لكل ما يتصل بهذه المجالات في مجموعها ))( ) .

ويدخل الإعلام المدرسي في إطار ما يسمى عند التربويين بالنشاط المدرسي بما يكمل العملية التعليمية ويحقق وظيفة المدرسة . وهذا النشاط (( اتجاه حديث يدخل في العملية التعليمية بكل أشكالها ، وإذا كان نشاط التلميذ في منهج المواد الدراسية تستدعيه مطالب محدودة في أثناء عرض المادة ، أي إنه جزء من طريقة التدريس ، فإن النشاط المدرسي يأتي ابتداء  ويستمر إلى نهاية العملية التعليمية أو الموقف التعليمي . ففي إطار النشاط المدرسي ، يشترك المتعلم في اختيار الموضوع والتخطيط له وتنفيذه وتقويمه ،ويأتي دور المدرسة والمعلم ليوجه هذا النشاط في تحقيق الوظيفة الموضوعية للمدرسة التي تلبي مطالب نمو المتعلم أولاً وتحقق بها غاية ومطلباً اجتماعياً ثانياً ))( ) .

وتحدد المصادر مفهوم النشاط المدرسي بتلك (( البرامج والأنشطة التي تهتم بالمتعلم وتعنى بما يبذله من جهد عقلي أو بدني في ممارسة أنواع النشاط التي تتناسب مع قدراته وميوله واهتماماته داخل المدرسة وخارجها ، بحيث يساعد ذلك على إثراء الخبرة واكتساب مهارات معينة واتجاهات مرغوبة ، تؤدي إلى تنمية شخصية المتعلم من جميع جوانبها بما يخدم مطالب النمو ومتطلبات تقدم المجتمع ورقيه ))( ) .

ويستمد النشاط المدرسي أهدافه في دولة الكويت ( ) من أهداف التربية نفسها ويعتمد على المصادر التي اشتقت منها هذه الأهداف ، وهي طبيعة المجتمع الكويتي وعقيدته الإسلامية وفلسفته وتراثه الثقافي مع تناسبها مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه ، ومراعاة مطالب نمو المتعلمين وخصائصهم ، ووضع هذه الأهداف على هدى من الاتجاهات التربوية المعاصرة ، وتسعى في النهاية إلى الإسهام في تحقيق الهدف الشامل للتربية في دولة الكويت الذي يدعو إلى تهيئة الفرص المناسبة لمساعدة الأفراد على النمو المتكامل روحياً وخلقياً وفكرياً واجتماعياً وجسمياً إلى أقصى ما تسمح به استعداداتهم وإمكاناتهم في ضوء المجتمع الكويتي وآماله ،وفي ضوء مبادئ الإسلام والتراث العربي والثقافة المعاصرة بما يكفل التوازن بين تحقيق الأفراد لذواتهم وإعدادهم للمشاركة البناءة في تقدم المجتمع الكويتي بخاصة ، والمجتمع العربي والعالمي بعامة . وفي سبيل تحقيق الهدف الشامل ، وضعت وزارة التربية الكويتية إطاراً عاماً يستوعب أنشطة التلاميذ داخل المدرسة وخارجها من خلال برامج معدة لتحقيق أهداف عامة ، وأبرزها وسائل الإعلام داخل المدرسة .











الصندوق رقم ( 2 )



الأهداف العامة للنشاطات المدرسية

في المراحل المختلفة لمدارس الكويت ( )

[1]    تنشئة المتعلم على القيم الدينية .

[2]    تأهيل مبادئ الديمقراطية واحترام الرأي الآخر .

[3]    توفير فرص التدريب على التفكير والابتكار .

[4]    تعميق الانتماء إلى الوطن والإسلام والعروبة واحترام المبادئ الدولية.

[5]    التدريب على العمل التعاوني .

[6]   اكتساب المتعلم مهارات التعلم الذاتي .

[7]   تنمية تقدير العمل اليدوي .

[8]   الانتفاع بأوقات الفراغ .

[9]   تنمية القدرات العقلية والبدنية .

[10] الاهتمام بتنمية المواهب .

[11] تنمية الإحساس بالجمال .

[12] تدريب المتعلم على مواجهة المشكلات المختلفة .

[13] ربط المتعلم ببيئته .

[14] تنويع الأنشطة لتحقيق النمو الشامل المتكامل للمتعلم .

[15] تحقيق وظائف تشخيصية ووقائية وعلاجية لمشكلات المتعلمين .





الشكل رقم ( 5 )





وسائل الإعلام المدرسي



الوسائل البصرية الوسائل السمعية البصرية



الوسائل السمعية

الإذاعة المدرسية *

الشرائط التعليمية



مسجد المدرسة أو المصلى

الصحافة المدرسية المســــرح

لوحة الحائط الســــينما

المكتبة المدرسية التلفاز والفيديو

النشرات المختلفة طابور الصباح

الملصقات الكمبيـــوتر

الخرائط والمصورات الإنتــــرنت

الكتاب المدرسي النــدوات والمحـاضرات



* وضعنا الإذاعة المدرسية ضمن الوسائل السمعية لاعتبارات منها اعتمادها على سمع التلاميذ بشكل أساسي ، لكنها وسيلة بصرية سمعية من جانب آخر لأن برامج الإذاعة تتم في الغالب على مرأى ومسمع التلاميذ ويشاهدون المتحدث ، لكن الإذاعة تستخدم أحياناً في بث الأناشيد والقـرآن الكريم وتوجيه التعليمات من خلالها س، وقد تخاطب التلاميذ وهم داخل صفوفهم .



تقسيم وسائل الإعلام المدرسي من حيث الشكل

وسائل الإعلام داخل المدرسة ما هي إلا (( وسائل إعلام مناظرة لوسائل الإعلام الجماهيرية ، يتم من خلالها نقل رسالة إعلامية تختلف من حيث شكلها ومحتواها ومضمونها عن ما يتم نقله عبر تلك الوسائل الجماهيرية ))( ) .

وكنا قد أشرنا سابقاً إلى وسائل إعلام الطفل وأقسامها ، وهي تتشابه بطبيعة الحال مع وسائل الإعلام المدرسي ، مع الأخـذ بعين الاعتبار طبيعـة المجتمع المدرسي ومحدوديته .

ويرى أحد الباحثين ( ) ، أن الإعلام المدرسي يتوجه إلى جمهورين : الأول مباشر وهو تلاميذ المدرسة والمدرسون والمدرسات ، والثاني غير مباشر وهو أولياء الأمور وكل من له علاقة بالمدرسة . وهذا يقتضي وجود أنماط مختلفة من الإعلام . ويشير البــاحث نفسه إلى أن الإعلام المسموع هو من أبسط وسائل الإعلام المدرسي ، إذ يقوم مسؤول من المدرسة أو أحد الطلاب بإلقاء الأخبار والتعليمات شفهياً على الطلاب في طابور الصباح ، أو يدعوهم إلى اجتماع من أجل غرض ما أو غير ذلك ، أو يمر على الصفوف لإبلاغهم أمراً ما . وهذه الوسيلة ما لبثت أن تطورت وسار التطور في اتجاهين . وهو تطور هذه الوسيلة إلى جريدة ، أو ما نسمية مجلة الحائط ، ثم تطور كذلك إلى الجريدة المطبوعة . أما الاتجاه الثاني فقد كان الجريدة المسموعة أو ما يسمى بالإذاعة المدرسية . ومن الوسائل أيضاً مجلة الحائط أو لوحة الإعلانات أو الجريدة المعلقة . وهناك أيضاً جريدة المدرسة أو مجلتها ، أو مجلة الفصل ومجلة الفرقة ،ومجلة جماعات النشاط المدرسي وما إلى ذلك كالندوات والمحاضرات والمعارض المدرسية .

وتحدث الباحث عما وصفه بالجريدة الشفهية التي تستخدم مكبرات الصوت الحديثة بما يسمى الإذاعة المدرسية ، حيث تطورت الوسيلة الشفهية وأصبحت تشكل إعلاناً مباشراً على قدر كبير من الأهمية ، إذ تمتلك هذه الوسيلة قدرة بالغة على نقل الرســــالة الإعلامية دون عناء ، بحيث يصل الصوت إلى عدد كبير من المستمعين . وتستخدم هذه الوسيلة غالباً في طابور الصباح أو بالفرص بين الحصص اليومية . وهي ذات أهمية بالغة فهي تنشر الخبر وتفسره ،وهي أيضاً مجال للترفيه وإبراز المواهب ، والتعاطي الجماعي ، وأهميتها تأتي أولاً من قدرتها على جذب اهتمام التلاميذ .

ومن الوسائل البصرية المكتبة المدرسية ، وهي (( عبارة عن نظام موحد لمواد أو أوعية متعددة تهدف أساساً لتقديم مصادر وخدمات أساسية لتعزيز وتطوير عملية التعليم والتعلم ))( ) . والمكتبة المدرسية (( تعد دعامة أساسية للتربية والتعليم ونشر العلم وتعزيز الفكر فضلاً عن دورها في غرس عادة القراءة والتعويد على المطالعة واكتساب مهارات البحـث والتنقيب عن المعرفة في مصادرها المتعددة ، وإيجاد صلة وثيقة بين الطفل والكتاب منذ نعومة أظفاره ، ومساعدته على التعلم اللامنهجي وتثقيف نفسه في حياته المستقبلية ))( ). ومن الضروري هنا التفريق بين المكتبة والمدرسة لأن (( المكتبة وسيلة للتثقيف الذاتي الدائم ،وكلمة ذاتي تؤكد التمييز الفارق ما بين المكتبة والمدرسة حيث يتلقى التلاميذ العمل على يد المعلم ، وكلمة دائم تؤكد فرقاً آخر ما بين المكتبة والمدرسة التي ينحصر فيها المنهاج المدرسي ببضع سنوات دراسية ، فالمدرسة تترك الشباب في مرحلة المراهقة لا يكادون يعرفون شيئاً ))( ) .

أما رسالة المكتبات المدرسية فتتلخص (( بدعم ومساندة العملية التعليمية ببرامجها المختلفة عن طريق تجميع واقتناء وتوفير المعلومات بأوعيتها المختلفة وذلك بهدف إحلال الإبداع والابتكار محل أسلوب الحفظ والتلقين وباتجاه إكساب المهارات الأساسية للتعلم الذاتي والمستمر ))( ). وللمكتبة المدرسية دور فعال في تغذية وتنمية المجال المعرفي لدى المعلم والمتعلم . وتبرز أهمية المكتبة المدرسية ودورها في هذا المجال بما تقدمه من مصادر متعددة ، من كتب ومراجع ودوريات ومواد سمعية وبصرية ، إضافة إلى برامج التدريب على المهارات المكتبية ، وكيفية الوصول إلى هذه المصادر وكيفية استخدامها ، والحصول على المعلومات منها بأيسر الطرق ))( ) .

ونظراً لما توليه وزارة التربية في الكويت من اهتمام في مجال المكتبات المدرسية فإنها أنشأت مكتبات للطلبة في كل المدارس الحكومية ( ) وسنت مجموعة من الأهداف العامة هي : ( ) .

[1] مساندة المناهج وتدعيم المقررات الدراسية .

[2] تنمية الميول القرائية وتشجيع الطلاب على القراءة الحرة والاطلاع والبحث .

[3] إكساب المتعلمين مهارات مكتبية ، ومهارات التعلم الذاتي ، وتدريبهم على الاستخدام الصحيح للمكتبة المدرسية .

[4] ترسيخ القيم وتنمية الاتجاهات ،وصقل المواهب ، وتقدير العمل الجماعي ، وإنماء روح التعاون ،وتحمل المسؤولية ،واحترام الملكية العامة ، وحقوق الآخرين وآداب السلوك في استخدام المكتبة ومصادرها .

[5] تلبية احتياجات المتعلمين المعرفية والوجدانية والاجتماعية ، من خلال تنويع مصادر المعرفة ،وتجنب الاعتماد الكلي على الكتاب المدرسي ، كمصدر وحيد للمعرفة ، وتدعيم النشاطات الصفية واللاصفية .

[6] إثراء معلومات المعلمين ، وتنمية مهاراتهم المهنية ، من خلال ما توفره المكتبة من مصادر تخدم مجالات تخصصهم .

[7] تيسير المعلومات التربوية والثقافية للمجتمع المدرسي ككل ،من خلال تجميعها وتنظيمها ، والإعلام عنها .

وتجدر الإشارة هنا إلى الأهمية الكبرى للكتاب المدرسي باعتباره أساس العملية التعليمية ، وبالتالي فهو أهم وسيلة إعلامية مدرسية (( إذ إنه المرجع الأساسي الذي يستعمله التلميذ لإكتساب المعلومات والتعرف على الحقائق أكثر من اعتماده على غيره من مصادر المعرفة ، ويمتاز بأنه :

[1] يقدم إطاراً عاماً للمنهج الدراسي ، ويحدد المعلومات من حيث الكم والكيف .

[2] يقدم قدراً مشتركاً من الحقائق والمعلومات لجميع التلاميذ .

[3] يتيح التدريب على مهارات القراءة .

[4] ينشر ثقافة موحدة بين النشء ومراقبة من قبل الأجهزة المختصة ))( ) .

ويبرز دور الصحافة المدرسية (( باعتبارها أهم الأنشطة الثقافية التي يمارسها التلاميذ ، وهي تهدف إلى تحقيق الاهتمام الصحفي لدى التلاميذ ، وتوجيه ميول الطلبة الراغبين في النشاط الصحفي الوجهة التي تتفق والأسس التربوية ، والتدريب على جمع المعلـومات من مصادرها . وأنواع الصحف المدرسية ثلاثة : المسموعة والمقروءة والمجلة .

وتقدم الصحيفة المسموعة بواسطة الإذاعة المدرسية ، وتقوم بنشر أخبار الطلاب ونشاطاتهم .

أما الصحيفة المقروءة فهي ستة أنواع

[1] سبورة الأخبار المدرسية : ويخصص أحد أركانها لحكمة اليوم والباقي لأخبار المجتمع المدرسي .

[2] الصحيفة المصورة : وتعتمد إلى حد كبير على الصور المنشورة بالصحف والمجلات وعلى رسومات التلاميذ أنفسهم ،وهي تناسب المرحلة الابتدائية .

[3] صحيفة الفصل : وهي صحيفة محدودة الصفحات ، تصدرها الفصول حيث يتنافس كل فصل على المركز الأول .

[4] صحيفة الجماعة : وهي التي تعبر عن نشاط إحدى جماعات العمل أو النشاط المدرسي ، كجماعة المكتبة أو المسرح أو الفن أو الإذاعة .

[5] صحيفة المناسبات : وتصدر في مناسبات معينة دينية أو وطنية .

[6] صحيفة المدرسة : وهي التي تنشر أخبار المدرسة ويشارك فيها جميع التلاميذ.

أما النوع الثالث من الصحافة المدرسية فهو المجلة ، وهي تختلف عن الصحيفة بأنها تكون مطبوعة خارج المدرسة وفق أساليب طباعية حديثة ، وتتعدد صفحاتها ، وتتنوع مادتها ، ويحتويها غلاف جميل ، وفيها مجـال للألوان والخطوط والترقيم والفهرس ، ويبذل في إخراجها جهد مناسب ، وتراجع جميع مواد المجلة من قبل مشرفين متخصصين ، وتراقب لغوياً وعلمياً ،ويكون أغلبها من إنتاج الطلبة ، فلا تطغى مقالات المدرسين أو المشرفين ، وقد تكون شهرية أو فصلية أو موسمية ، أو قد تصدر في مناسبات معينة ، كالإسراء أو رمضان الكريم ، أو الأعياد المباركة ))( ) .

وقد تأخذ الصحافة المدرسية شكل (( النشرات والمطويات الإعلامية حيث تصدر مواكبة لمناسبة معينة ، كشهر رمضان أو الحج أو الأعياد القومية أو الأسابيع الخاصة بالنشـاط المدرسي الخارجي ، كأسبوع المرور والنظافة والمساجد وأسبوع الكتاب وغير ذلك ، وتضم عدداً من المعلومات المتعلقة بالمناسبة ، إضافة إلى عدد من الرسوم المعبرة مع التوجيه المناسب مرفقاً بالرســم لتوعية التلاميذ صحياً وتربوياً ومرورياً ))( ).

أما بالنسبة إلى الوسائل السمعية البصرية ، فإن المسرح يأتي في مقدمة النشاطات الإعلامية المدرسية ، وقد (( ولج المسرح عالم المدرسة منذ فترة بعيدة وبقوة وثبات ، وفي دروس الأدب والتاريخ ، يحدد المسرح بدقة ، المعارف عن العصور التاريخية ويكشف التناقضات الاجتماعية ، ويقدم إلى الأطفال واقعاً حقيقياً حسياً ، ويعمل على مساعدة المعلم في ربط معارف المادة الفعلية مع استيعابها الانفعالي . وفي الوقت نفسه يصوغ القناعة التي تظهر وترسخ من خلال التعميم المجازي الشعري ـ النص ـ بصدر لوحات المعالم المصورة في المسرحية وفي الحقائق التاريخية بصورة متكافئة ، وإن التوفيق بين الفكرة والشعور يثري التلميذ ويعمل على تطويره الشامل والملتزم ))( ) .

ويثير النص السابق جملة من المسائل المرتبطة بمسرح الطفل المرتبط بالمدرسة ، فهذا المسرح يمتاز بقدرته على التفاعل الحسي مع الطالب أكثر من مسرح الطفل القدم خارج المدرسة ، لأن النص المسرحي المقدم يرافق العملية التعليمية ،بل يكون رفيقاً وشريكاً للكتاب وربما يفوق تأثيره الوسائل الإعلامية الأخرى ، على الممثلين الأطفال وعلى المشاهدين الأطفال ، بما ينعكس إيجابا بشكل كبير ويؤدي دوره إذا استثمر بطريقة مناسبة ، كما أن هذا النوع من الإعلام المدرسي يمتاز عن المسرح الخارجي بأن المشرفين بإمكانهم إخضاع التلاميذ لفحوص تربوية ، من خلال عينات أو من خلال مجتمع التلاميذ ككل ، لمعرفة ردك الفعل ومدى التأثر ، وهذا بالتأكيد لا يتوفر للمسرح الآخر بسهولة ويسر ، خاصة أن مسرح المدرسة لا يهدف إلى الربع فيما تكون أهداف المسرح الطفل تجارية في الغالب ، وربما يكون همها في أحسن الأحوال تغطية التكاليف على الأقل ، " ويعتبر المسرح المدرسي الوسيلة الأفضل لحسن التوجيه ، وهو من أفضل طرق التربية في مخاطبة عقول التلاميذ وعواطفهم ))( ) وقد يلجأ المربون إلى المسرح المدرسي " لنشر معلومة أو لتقديم نظريات أخلاقية ، فإذا كان الطفل يتقمص شخصية بطل القصص التي يسمعها ، فبطريق الإيحاء والاستهواء والتقمص والمشاركة الوجدانية يمكن أن ندعم فيه القدوة الحسنة ))( ) .

وفيما يتعلق بدولة الكويت كنا قد ذكرنا مسبقاً أن مسرح المدرسية مهد الطريق للمسرح الخاص بالأطفال في الكويت ،إذ أن أول مسرح أطفال كان في مدرسة كويتية وذلك في عام 1924م ))( ) ثم تواصل بعد ذلك النشاط المسرحي المدرسي وأولت الدولة اهتمامها بهذا الجانب ))( ) وتذكر المصادر أن الكويت تشهد حالياً (( عمليات نشيطة من البحث والاستقصاء عن الطرق الكفيلة باستكمال نشاط المسرح المدرسي ، فمن جهة تعتبر هذه الخطوة بمثابة توجه نحو دراسة التقاليد الوطنية وخصائص أجناس المسرح الشرقي المحترف ، ومن جهة أخرى يتعاظم باطراد التبادل الثقافي داخلياً وخارجياً ))( ) وتزيد مهارات التلاميذ وقدراتهم وعلومهم المختلفة .

وتشير مصادر وزارة التربية في دولة الكويت ))( ) إلى أن النشاط المسرحي المدرسي يدخل في إطار الأنشطة الفنية المدرسية ، وهي أنشطة (( تتيح للطلبة فرص ممارسة ألوان الفنون الموسيقية من عزف وأداء وأناشيد وغيرها ، والفنون التشكيلية كالرسم والتصوير والحفر والنحت والفن المسرحي بما يتضمنه من تدريب على الإلقاء والتمثيل والإعداد والتنافس .

وتحدد المصادر نفسها أهداف الأنشطة الفنية المدرسية ( ) بالأمور التالية :

[1] تعزيز ارتباط التلميذ بقيم الدين الإسلامي الحنيف ولغة القرآن الكريم وتاريخ الأمة وتراثها .

[2] تأكيد أهمية المسرح والإذاعة والتلفزيون في المجتمع .

[3] التعريف بالمسرح ومحتوياته والإذاعة المدرسية وأجهزتها .

[4] تعويد التلاميذ على آداب المشاهدة في ميدان المسرح وآداب الاستماع من الإذاعة .

[5] الكشف عن ميول التلاميذ ومواهبهم الفنية والعمل على توجيهها ورعايتها .

[6] تعويد التلاميذ على مواجهة الجماهير ومخاطبتهم في غير خوف أو خجل .

[7] إكساب التلاميذ المهارات اللازمة لتحمل المسؤولية .

[8] توطيد العلاقة بين المجتمع المدرسي والحياة العامة .

[9] إكساب التلاميذ المهارات اللغوية والقدرة على التعبير نطقاً وحركة .

[10] إكساب التلاميذ مهارة الربط بين مجموعة من الفنون .

[11] إدراك أهمية التأثير في الرأي العام وملاحظة طبائع الناس وأساليب استجاباتهم في مختلف الظروف .

وقد أقدمت إدارة النشاط المدرسي بدولة الكويت على إنشاء مسرح الطالب في عـام 1412هـ ـ 1992م ، وهـو عبـارة عن فريق مسرحي مـدرسي على مستوى الدولة ، (( يتكون من طلاب مدارس الكويت الذين توحد بينهم الرغبة والموهبة في مجالات الفنون المسرحية المختلفة ، من بين الأعضاء البارزين في جماعات النشاط المسرحي في مدارس الكويت ))( ) مهمته إبراز المواهب ، والمشاركة في عروض خارجية وداخلية ، على أن يكون النص من تأليف أحد التلاميذ ، ويكون غالباً من الفائزين في مسابقة سنوية لإدارة النشاط .

ومن وسائل الإعلام المدرسية المهمة ، التي تدخل في دائرة الوسائل السمعية البصرية ، الحاسوب ( الكمبيوتر ) . ويؤكد أحد الباحثين (( أن الحاسوب قادر ـ إذا استخدم في تكامل أحسن تخطيطه ـ على تحسين العملية التربوية وعلى توفير عدد من المزايا والوظائف المحددة ، مثل :

[1] توفير طيف فسيح من الأنشطة المختلفة ، مثل تقديم المعارف مكتوبة أو مرسومة أو مسموعة ، اختبار مدى استيعاب المعرفة ، متابعة أساليب معالجة المشاكل ، إظهار النتائج بشكل مؤثر .

[2] تقويم مسار الدارس بسرعة ، بدلاً من انتظار قيام المعلم بتصحيح الإجابات ، أو التفكير في مراحل لاحقة .

[3] توجيه الدارس الوجهة الصحيحة عن طريق تصحيح ردود فعله الخاطئة والأخذ بيده حتى يصل إلى الحل السليم .

[4] مزيد من الحفز لقدرات الدارس عن طريق العرض المشوق للموضوع على شاشة العرض ، التعليم اليسير من خلال الألعاب .. ))( ) .

وقــد اهتمت دولة الكويت بتوفير الحاسوب في مدارسها وفي مختلف المراحل ، و نجحت باستثمار الثروة المعلوماتية التي يوفرها الحاسوب في مختلف جوانب الحياة وبخاصة في مجال التعليم . وكانت البداية في عام 1982م ، وبجهود ذاتية من أولياء الأمور ، حيث اشتروا ستة أجهزة حاسوب ، وتحملوا تكاليف مشروع إدخال الحاسوب بالتعليم ، ثم قامت مدرسة صباح السالم الثانوية بإعداد مختبر للحاسوب . وفي 5/7/1986م ، أصدرت وزارة التربية الكويتية قراراً ينص على إنشاء لجنة وطنية تشرف على مسؤولية إدخال الحاسوب في كل المدارس لجميع المراحل ، وتم تطبيق المشروع في 56 مدرسة ثانوية ، وتحولت من مادة تدرس في فتـرة النشـاط إلى مادة اختيارية وأسـاسية . وتشير احصاءات وزارة التربية إلى وجود (10) أجهزة حاسوب في كل مدرسة ، مما يشكل نسبة حاسوب واحد لكل (25) طالباً ))( ) وقد أصبح الحاسوب (( مادة أساسية معممة ( ) في كل من الصفين الأول والثاني الثـانوي وذلك في صورة مقرر " ثقافة حاسوبية .

ودلت متابعة مقرر الحاسوب في المرحلة الثانوية على ضرورة تطوير المقرر بالاتجاه التكاملي لاستخدامه في تدريس بعض وحدات المقررات الدراسية الأخرى ، وقد تطلب ذلك أن تبدأ دراسة الحاسوب في المراحل التعليمية المبكرة . وقد بدأت وزارة التربية الكويتية بالفعل بوضع مشروع لإدخال الحاسوب في المرحلة المتوسطة ابتداء من العام الدراسي 95/1996م ))( ) .

ومن الوسائل السمعية البصرية الأفلام السينمائية ، حيث (( تعتبر مشاهدة الأفلام السينمائية من الخبرات التي تتميز بقدرتها على إثارة حماس الطفل وجذب انتباهه ، وباستطاعة المدرسة إذا أحسنت اختيار الأفلام بأنواعها التسجيلية والتعليمية والرسوم المتحركة ، أن تزود أطفالها بوسائل التثقيف المرتبط بالمواد الدراسية أو الثقافية العامة ، وتزوده بالاتجاهات والقيم وأنماط السلوك ، وهذا يتطلب أن يتم اختيار مادة الفيلم وعرضها بما يتناسب مع خصائص مراحل نمو الطفل ومطالبه وميوله . ومن خلال تأثر الأطفال بمشاهدة الأفلام المختارة يمكن الكشف عن عناصر الإبداع الكامنة في الأطفال ، بمحاولتهم التقليد والتقمص والمحاكاة ، فيكون بذلك الفيلم السينمائي قد عمل بشكل غير مباشــر على إظهار ميول الطفل الإبداعية ومواهبه ))( ) .

ورغم أهمية هذه الوسيلة الإعلامية داخل المدرسة فإن وزارة التربية الكويتية لم تبد اهتماماً بها في مدارسها ، وقد أكد مراقب الأنشطة المدرسية في وزارة التربية الكويتية (( عدم انتشار فكرة السينما في مدارس الكويت لحلول الفيديو مكانها ))( ) .

ويرى كثير من الباحثين أن من أهم وسائل الإعلام الجماعية في المدرسة والتي تدخل ضمن الوسائل السمعية البصرية : الندوات والمحاضرات (( فالمحاضرة يلقيها فرد ، والندوة يشترك فيها شخصيات من تخصصات متعددة ، وتطرح خلال المحاضرات والندوات موضوعات عديدة للإقناع بأهميتها أو مناقشتها أو التوصل إلى رأي موحد حولها ، ويكون رد الفعل في هذه الحالة مباشراً ، مما يمكن المتحدث من التعرف على وجود الاتصال الجيد بينه وبين المتلقي أو عدمه ))( ) .

ومن وسائل الإعلام السمعية البصرية المستخدمة مدرسياً التلفـاز الذي بإمكانه أن (( يؤدي دوراً في تفجير الطاقات الإبداعية في الطفل بشكل أفضل ، فهو يجمع بين الوسيلتين الصوتية والمرئية ، وهذا ما يثير دوافع الأطفال للاستماع والمشاهدة والمشاركة . فالتلفاز في المدرسة يمثل أقرب بديل للخبرة الحقيقية للأطفال ،وله تأثير إيجابي على نضج شخصياتهم وتنوع ميولهم ، حيث يملك التلفاز القدرة على تحويل المجردات إلى محسوسات مما يساعد على سهولة استيعاب وفهم ما يقدم لهم من خبرات . فالتلفاز التربوي يستطيع تقديم برامج تساعد عناصر الإبداع عند الطفل على الظهور من خلال التقليد والتقمص ، ومن خلال ما تثيره هذه البرامج بموضوعاتها المنتقاة ، إلى دوافع الكشف عن هذه الطاقات الإبداعية وتبنيها وتنميتها في برامج تسمح لمواهب الأطفال العملية والفنية بالمشاركة عن طريق الكتابة أو المشاركة العملية ، في تقديم فقرات كالغناء والأناشيد والتمثيل وبرامج المسابقات العلمية والهوايات الفنية ))( ) .

ورغم أهمية التلفاز التربوي عموماً والمدرسي خصوصاً ، فإنه لا يوجد في العالم العربي حتى الآن تلفاز خاص بتربية الطفل ، وكنا قد أشرنا سابقاً ( ) إلى اهتمامات التلفاز الكويتي تجاه الطفل وذكرنا بعض البرامج الخاصة بالطفل .



الصندوق رقم ( 4 )





بعض مميزات الحاسوب في

مجال التعليم في المدرسة ( )

[1]   الكمبيوتر لا يمل ولا يغضب لأخطاء التلاميذ .

[2]   التلميذ يشعر بالارتياح والحرية لأنه لا يحاسب إذا أخطأ .

[3]   يوفر الوقت والجهد .

[4]   تقديم المعلومات في أي وقت يختاره التلميذ .

[5]   تقديم الدروس وأداء بعض المهام الإجرائية التي توفر للمدرس الوقت لإعطاء   الاهتمام الشخصي لكل تلميذ .

[6]   تطوير وسائط التعليم والمساعدة في عملية التعلم .

[7]   تحسين أداء التلميذ للوصول إلى المستوى الأفضل .

[8]   الدقة في إعطاء المعلومات .

[9]   تنمية مهارات التلاميذ بالتعامل مع التكنولوجيا .

[10] تخفيف العبء عن المدرس.

[11] شغل أوقات الفراغ بالنسبة للتلميذ .

[12] مساعدة الطالب على ولوج عوالم جديدة ، والتحكم بجهاز الكمبيوتر الذي يمثل خزاناً ضخماً من المعلومات والألعاب والإمكانات التي لا تتوافر في أي جهاز آخر .. خصوصاً بعد ربطه بالإنترنت .









الصندوق رقم ( 5 )



فلسفة وأهداف إدخال الحاسوب

بالمرحلة المتوسطة لمدارس الكويت ( )

[1]   تعزيز التعلم الفاعل من خلال استخدام الحاسوب والتكنولوجيا المتقدمة لتيسير  تنمية مهارات التفكير العليا لدى التلاميذ .

[2]   مساعدة التلاميذ على اكتشاف وتنمية قدراتهم من خلال تقديم المهارات الحاسوبية في المراحل الدراسية المبكرة .

[3]   إعداد التلاميذ لمواجهة التغيرات التكنولوجية السريعة في المجتمع المعاصر ، والحيلولة دون شعورهم بالاغتراب تجاه التكنولوجيا المتقدمة .

[4]   اتاحة فرص يتعلم فيها التلاميذ بعض عناصر موادهم الدراسية تكاملياً باستخدام برمجيات حاسوبية .

[5]   تنمية الاتجاهات الإيجابية بين التلاميذ نحو التربية الحاسوبية .

[6]   إتاحة الفرصة أمام التلاميذ للقيام بعمل تعاوني في مجموعات ، إضافة إلى تنمية قدراتهم على التعلم الذاتي .











الصندوق رقم ( 3 )





مميزات المعارض المدرسية ( )

[1]   تفجر طاقات التلاميذ الإبداعية بواسطة التخطيط والتنفيذ والإشراف على عمل هذه المعارض .

[2]   عملية مناسبة للكشف عن ميول التلاميذ الإبداعية في الكتابة والرسم والأشغال اليدوية والفنية والعلمية المختلفة .

[3]   تبرز المواهب وتظهر خفايا التلاميذ عملياً بعرضها أمام زملائهم وزوار المعرض .

[4]   تحقق كسباً معنوياً يدعم الطاقات الفردية ويدفعها إلى الظهور والتنشيط .

[5]   تصقل الإبداعات بأشكالها المختلفة وتعدها وتهيئها لتؤكد مكانها في عالم الإبداع الفني والعلمي والثقافي .

[6]   تنمي الروح الجمالية عند التلاميذ ، وتشكل هوية التلميذ وتمهد الطريق لمن يملك الموهبة منهم ليكون رساماً أو فناناً أو مخترعاً أو عالماً …









الصندوق رقم ( 6 )





مميزات الوسائل الآلية السمعية

والبصرية أو البصرية السمعية

المستخدمة مدرسياً ( )

[1]   تعتمد على لغة الحركة والصورة والصوت والرمز واللون .

[2]   تستخدم المواد الشفافة أو الشفافيات في عرض المعلومات بخلاف الـــورق ،

       وقد  تستخدم الوسائل الإيضاحية التي تعتمد على سماكة الورق أو المجسمات  

       أو اللوحات المغناطيسية أو الوبرية أو الفوسفورية .

[3]   توفر أجهزة خاصة للعرض و التشغيل ، وذلك في حالة عرضها للأفـــلام

       والشرائح والأسطوانات والميكروفيلم ، مزودة بكتيبات إرشادية .

[4]   موجهة إلى أكثر من حاسة ،كحاسة البصر والسمع واللمس ، مقارنة بالمواد

       التقليدية التي تخاطب حاسة واحدة وهي البصر .

[5]   موادها حساسة ، بحاجة إلى صيانة فنية ، والمحافظة عليها باســـتمرار ،

       وهي مكلفة في الوقت نفسه .











صندوق رقم ( 7 )





مميزات الندوات والمحاضرات

الموجهة للتلاميذ بالمدارس ( )

[1]   تعلم التلاميذ الكثير من الواجبات والحقوق التي تكسبهم المواطنة الصالحة .

[2]   تؤكد ممارسة الطلاب لأدوارهم الاجتماعية واستيعابهم لوظائف المؤسسات

       الاجتماعية وأثرها في حياتهم وما تتضمنه من قيم ومهارات .

[3]   تؤدي دوراً مهماً في عمليات الضبط الاجتماعي لسلوك التلاميذ وعلاقاتهم ،

       حيث تمكنهم من التعرف أو التحكم في السلوك المتوقع من الفـــرد في

       المواقف المختلفة .

[4]   تعود التلاميذ على كثير من أساليب العمل في الجماعة ، وتلقنهم الكثير من

       المبادئ الخلقية ، كالتعاون واحترام الصالح العام والنظام .

[5]   يمكن ربط التلاميذ بالمجتمع والقضايا العامة فيه .

[6]   تــدرب التلاميذ على الإنصات والتفاعل والمشاركة بالحوار عبر الأسئلة

      والنقاشات المختلفة .





[8] السمات العامة لإعلام الطفل

لكل وسيلة إعلامية موجهة إلى الطفل سمات خاصة تميزها عن غيرها ، وكنا قد أشرنا في الصفحات السابقة إلى كثير من تلك السمات التي قد تتقاطع مع بعضها بعضا ، لكنها تظل مستقلة ؛ نظراً لطبيعة كل وسيلة ،فتوسم بها ، وتمنحها قدراً من اهتمام الطفل ، المتلهف دائماً إلى اكتشاف كل جديد فريد .

مع التأكيد هنا أن الإعلام الموجه إلى الطفل (( يجب أن يقوم على اعتبارات تربوية بنائية ، ذلك أن الإعلام الموجه للطفل خـاصة يتطلب من القيم التربوية ما لا يمكن التضحية به ))( ) في سبيل أي من المعايير الأخرى ، سـواء أكانت أدبية أم فنية أم تجارية أم غير ذلك ، هذا إذا جنحنا بإعلام الطفل تجاه المثالية القصوى ، وهو أمر نادراً ما يكون .

ونقصد بالسمات العامة هنا ما تتميز به وسائل الإعلام مجتمعة ، دون الغوص في السمات التفصيلية التي تمثل مجموعة السمات التي يتصف بها كل نوع من أنواع إعلام الطفل بشكل تفصيلي ومعمق .

فوسائل الإعلام مجتمعة (( من خلال ما تقدمه من خبرات متنوعة وفقرات ترفيهية ، تساعد في غرس وتوجيه الأطفال نحو قيم محددة موجبة ، وتنفرهم من قيم سالبة إذا أحسن استخدامها . فهذه الوسائل المسموعة والمرئية تحتل وقتاً عريضاً من وقت الطفل ، وهي تؤثر في نسق القيم لدى الأفراد من خلال ما تقدمه لهم من القدوة الحسنة والإقناع العقلي والإمتاع العاطفي والخبرات الثرية ))( ) .

ولإعلام الطفل باعتباره وسيلة تخاطب الصغار (( ظروف خاصة ، وهذه الظروف ، تفرض فيما تفرض ، أسلوباً خاصاً ، يشعر الطفل بخفته وسهولته وجماله ، فتوحي له الكلمة والصورة بالفكرة الماتعة المؤثرة وتهذب الفكرة ذوقه ، وتتيح لخياله أن ينطلق ، وتغري الألوان بصره  والمؤثرات الصوتية حسه ،فيكون هذا الإعلام رفيقاً للطفل ، يقدم له الحقيقة والفكرة دون أن يتعبه أو يرهقه . ولوسائل الإعلام مجتمعة دورها البارز في تنمية الطفــــولة عقلياً وعاطفياً واجتماعياً وأدبياً ، لأنها أداة توجيه وإعلام وإمتاع وتنمية للذوق الفني ، وتكوين عادات ، ونقل قيم ومعلـومات وأفكار وحقائق ، وإجابة لأسئلة الأطفال ، وإشباع لخيالاتهم ،وتنمية ميولهم المختلفة ، وهي بذلك تؤلف أبرز أدوات تشكيل ثقافة الطفل في وقت أصبحت الثقافة فيه أهم الخصائص التي تميز هذا الفرد عن ذاك .. وهذا الشعب عن ذاك ))( ) . وبعبارة أخرى ، فإن (( ثقافة الطفل تتحقق بتوافر المناخ الثقافي بوساطة عدد من الوسائط ، منها بل أهمها وسائل الإعلام ممثلة في الهياكل الأساسية المعدة لهذا الغرض ، من مكتبات ودور للسينما والإذاعات المرئية والمسموعة ، وفي الإنتاج الثقافي والفكري والإعلامي من كتب وجرائد ومجلات وقصص ))( )، وإلى غير ذلك من الوسائل الإعلامية التي تحدثنا عنها سابقاً .

ومن هنا ، فإن وسائل إعلام الطفل ، ليست مستودعات للمعرفة ، ولكنها أدوات تعليم وتوجيه وبناء ، وعليها أن تقوم على تخطيط واع وصادق وصريح ، لغة ومضموناً وإخراجاً . وتعد القيم التربوية رأس العمل الإعلامي الموجه إلى الطفل ، حيث تسري هذه القيم في أوصال وسائل الإعلام شكلاً ومحتوى ، لأنها (( بغية الآباء والمعلمين وكافة المؤسسات التربوية داخل المجتمع ، وكلهم يسعى إلى تأكيد النسق القيمي الإيجابي ، وحذف القيم الســالبة ، التي تعوق حركة التنمية ، أو تقيد الطاقات ، ذلك أن القائمين على أمور التربية يبغون صناعة الطفل القادر والمشارك في حركة التنمية داخل المجتمع ))( ) .

وبشكل عام فإن لوسائل الإعلام سمتين رئيستين لا ثالث لهما ، تندرج تحتهما سائر السمات التفصيلية ، وأولى هاتين السمتين الشكل وثانيهما المضمون ، وكلتاهما  تحلق في فضاء واحد ، كجناحي طائر ، إن ضعف أحدهما وهن الآخر ، وإذا فكر واحد منهما أن يطير دون الآخر ، لن يستطيع ، وإن كرر المحاولة مرات ومرات . لأن الشكل والمضمون في إعلام الطفل كالسداة واللحمة ، إذا أغفل الشكل لن تؤتي ثمار المحتوى أو المضمون ، ولو كانت غنية بالغذاء ، وكذلك لو كان الشكل في غاية الروعة والإبهار ، فلن يتمكن من الحفاظ على روعته وإبهاره إذا خلا المضمون مما يتوقعه الطفل ، من رؤى وحوافز تثير في نفسه الرغبة بالمتابعة ، فيغض القارئ أو المستمع أو المشاهد الصغير طرفه وينطلق باحثاً عما يشبع رغباته ، ويملأ وقته بهجة وتشويقاً .

إن إعلام الطفل يعتمد على التحالف الوثيق بين الشكل والمضمون لإيجاد رقعة واسعة من النجاح تستقطب جمهوراً كبيراً ، وإذا كان للإعلام عامة رسالة وصناعة ، فإن لصناعة الإعلام فضلاً عن أهميتها في الجانب الفني دوراً في توصيل مضمون وفكرة الرسالة المقدمة ، وللصناعة دور مواز للرسالة ، ولا يتمثل في مجرد توفير للعناصر الجمالية أو التسويقية . وبعبارة أخرى ، فإن الشكل يمكن استثماره وتكييفه لخدمة المادة الممتازة ، فيكون النجاح أكبر حجماً وأشد وقعاً ، فتحقق الرسالة أهدافها جنباً إلى جنب مع الصناعة .

وفيما يلي نوجــز أهم السمات العامة لإعلام الطفل من حيث الشكل والمضمون ، مع الابتعاد عن السمات التفصيلية .

أولاً : من حيث الشكل

قدمت الشكل على المضمون باعتبار أن أول ما يجذب اهتمام الطفل في أي وسيلة إعــلامية ، جانب الشكل ، أي المظهر أو الهيئة التي تقدم الرسالة أو المضمون ،وكلما كان المظهر لافتاً ، كان الإقبال متزايداً ، على أن لا يكون في الشكل خداع ولا تضليل ، حتى لا يشعر الطفل بأنه كان ضحية غش واحتيال ، وأن تستخدم كل فنون الإخراج ، الصحفي والإذاعي ، والمسرحي والتلفازي وسائر الفنون الإعلامية ، كأن تستغل في الصحافة مثلاً ، وسائل الطباعة الحديثة ، من ألوان ، وغلاف مشوق ،ورسومات ، وتنويع في حجم الحرف والعناوين والخطوط ، بما يراعي جمهور القراء الصغار الذين يملون بســرعة إذا لم يكن التشويق مستمراً ، بالشكل أولاً ، دون إغفال للمحتوى ..

ويؤكد أحد الباحثين أن (( الأطفال في كل أنحاء العالم مغرمون بالشكل الجيد في كل الأشياء ،وهم عندما يقفون عند بائع الصحف أو عند المكتبات أو غيرها ،ينجذبون إلى الكتاب ذي المظهر الجيد بصرف النظر عن محتواه ، حتى ولو كان الطفل لا يقرأ ، وتراه يتصفح الكتاب بشغف ، باحثاً عن الصور الجذابة والألوان البراقة ))( ) .

وهذا الجذب مرغوب أيضاً في الوسائل السمعية البصرية ، وذلك باستخدام المؤثرات الصوتية والمرئية ، من حركات تمثيلية ، وموسيقى تصويرية ونبرات حوارية ، وأشكال إيحائية كالأثاث واللوحات ، لسحر عيون المشاهدين ، وجذب اهتمامهم ،إضافة إلى الملبس والهيئة ، والإيماء ، بما يوظف كل حواس الطفل في خدمة الرسالة المراد توصيلها ، بأي وسيلة كانت ، كما فعلت (( بعض دور النشر الغربية عندما قامت بطبع ، قصص الأطفال على ورق من ( البسكويت) ، مع إضافة الروائح الجملية ، مما جذب الطفل شرائها ، وفي ذلك أيضاً فائدة أخرى لصغار الســن من الأطفال ، حيث إنه لا يوجد على أخطار ولو أكل الطفل ورق الكتاب ))( ) .

وبالرغم من طرافة هذه الفكرة الشكلية فإن الحلوى على قدر كبير من الأهمية ، إذ إن إدخال وسائل الطعام الشهية التي يرغب فيها الطفل ، في دائرة وسائل الإعلام ، أمر لافت ، حيث بالإمكان استغلال كل الأشكال والأدوات التي يتفاعل معها الطفل ، فتكون شكلياً أداة استخدام كفرشاة الأسنان ، ويكون عليها بعض الإرشادات الهامة الخاصة بالأسنان ، بالصورة أو بالكلمة .. وبذلك تسـخر كل الأدوات لخــدمة الطفل وتكون كلها وسائل إعلام ، وإن وضعناها ضمن تصنيف آخر .. كأن نقول مثلاً : وسائل إعلام ثانوية

ويدخل ضمن إطار الشكل أيضاً القالب اللغوي ، حيث نلاحظ بشكل عام أن اللغة المستخدمة في مخاطبة الطفل إعلامياً سهلة ومبسطة ،لأن (( فخامة الألفاظ وضخامتها ، ليست مناسبة في هذا المقام ، وليست دليل مقدرة ،وأن السهل الممتنع هو قمة البـــلاغة ، والبراعة أن نقدم للأطفال ما يستطيعون فهمه في سهولة ويسر ، وأن نقرب إليهم العربية بكل وسيلة ممكنة ، وألا نصر على استعمال ألفاظ عربية معينة ، ما دمنا نجد في اللغة ألفاظاً تؤدي المعنى نفسه ، وتكون أقرب إلى ما يستعمله الأطفال في كلامهم العامي ))( ). ولا يكون التنميق بالألفاظ أو بالرسم ، أو بأي مظهر إعلامي آخر هدفاً في ذاته ولا يكثر منه حتى يقحم في النصوص بشكل غير ملائم ، فيثقل كاهل المرسل كما ينفر المستقبل ، فتضيع الرسالة بين هذا وذاك ، فلا يرجى منها بعد ذلك حصــــاداً ، فيذهب الجهد سدى ، وقد يفقد المرسل ثقة الطفل ، فيخسر جمهوره ولا يتمكن من كسبه مرة أخرى بسهولة .

أما الأســــلوب فيكون بسيطاً رشيقاً ممتعاً ، في لغة عربية سليمة ومبسطة (( فالقصة أو المسرحية أو القصيدة أو الأنشودة .. لا يكفي أن تتضمن موضوعاً خيراً يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها في ثوب خَلِق وألفاظ عسرة وأساليب فجة .. فالقيم الجمالية الفنية المتمثلة في : الأسلوب الشيق ، واللفظة الرشيقة ،و العبارة النظيفة الرقيقة والصورة العذبة القريبة الأنيقة ، كل ذلك مطلوب إلى جانب المناسبة والمــواءمة ، والدخول إلى نفس الطفل ، ومعرفة حاجاته ورغباته ،وما يدور في نفسه ، وما يتفق وميوله ، فيقبل عليه أو يرفضه ،وما يرضاه وما يأباه وما يؤثر في عواطفه وينتقل إلى جوارحه ، وما يدفعه أو يثبطه ، وما ينمي فيه روح البحث والتفكير والعمل ، وما يبني فيه كيانه الصغير ، وما يوجه فيه وجدانه وسلوكه ، وما يعمر قلبه من طمأنينة ومحبة ، وما يربي فيه التذوق للجمال ، والنفور من القبح ، وما ينقي فكره وعقله وقلبه وجسده ))( ) .

ويحبذ الابتعاد عن التعقيد اللفظي أو المعنوي ، فأسلوب الإعلام يختلف عن أسلوب الكتابة العلمية أو المدرسية التي تهيمن عليها الشدة والصرامة ، في حين يحتاج إعلام الطفل إلى التعابير السهلة الأخاذة ، والكلمات الخفيفة الجذابة ، كيلا يمل الطفل فيعرض عن الإعلام الهادف إلى أي وسيلة ترفيهية أخرى .. وقد تكون مخربة .

ومن سمات الإعلام الموجه إلى الطفل أن يبرز دور الصورة والرسمة في إيصال المعلومة إلى القارئ الصغير ، والصورة قد تكون أبلــغ في بعض الأحيان من الكلمة ، إذا كانت تعبر عن أهدافها بوضوح ، فالصغير لا يميل كثيراً إلى قراءة النصوص الجافة ولا حتى الاستماع إليها أو مشاهدتها برتابة ، وقد تحقق الصورة ما تعجز عنه آلاف الكلمات .

ثانياً : من حيث المضمون

المضمون هو (( المحتوى الذي تشتمل عليه الرسالة الإعلامية ،سواء أكان حقائق علمية أم معلومات ومعـارف ، أم مفاهيم واتجاهات ، أم أشكالاً مختلفة للسلوك ، تعرضها الوســيلة الإعلامية بغية التأثير على الطفل ، وقد يكون المضمون مقدماً في لغة مباشرة أو موحى به ))( ).

ويتحدث الباحثون عن نظرية تدعى التأثير المباشر أو قصير المدى ، وترى هذه النظرية (( أن علاقة الفرد بمضمون الوسيلة الإعلامية ، هي علاقة تأثر مباشر وتلقائي ، فالإنسان الذي يتعرض لأية وسيلة إعلامية يتأثر بمضمونها مباشرة وخلال فترة قصيرة ، فمثلاً : إذا ما شاهد الإنسان في التلفاز مشـاهد قتل ، فإنه بالضرورة بناء على هذه النظرية ، سوف يحاكيها ويحاول تطبيقها في واقع حياته ))( ) .

وبغض النظر عن اتفاقنا أو اعتراضنا على الكلام السابق ، إلا أننا نلاحظ تأثير المضمون في تحديد سلوك الأبناء مما ينعكس على تصرفاتهم وتعاملهم مع الآخرين ، لكن القول بالتأثير المباشر لوسائل الإعلام لما يحويه المضمون من رسائل خفية أو بينة (( لم يلق ذلك القبول لدى قطاع عريض من المهتمين في حقل الاتصال الجماهيري ، لأن الإنسان ليس كائناً سلبياً ، يتأثر بكل ما يصادفه ، بمعزل عن تركيبته النفسية وبيئته الاجتماعية وخبراته السابقة ، لكن هذا لا ينفي وجود ذلك التأثير متى توافرت عوامل ومتغيرات أخرى لها علاقة بالإنسان نفسه ، وبالوسيلة الإعلامية ومضمونها ))( ) .

وقد تتفاوت المضامين في تأثيرها ، وربما يحدث التأثير نتيجة التكرار والمغالاة بعرض المضمون . ولكي تستطيع الرسالة تأدية أهدافها من المستحسن أن تستثمر مختلف أساليب العـرض دون الاخلال بالمضمون الذي تسعى إليه الوسيلة ومن وراءها ، وكلما كان المضـمون جـــاداً وهــادفاً ، كان التأثير عميقاً ، والتبليغ مؤثراً ، ولو جاءت الثمار في موسم متأخر .

ولعل التنويع في محتوى أو مضمون الرسالة الإعلامية الموجهة إلى الطفل ، أمر يجعل المستقبل متحفزاً باستمرار لتلقي كل جديد ،كما أن التنويع ضرورة لاستقطاب الأطفال من ميول مختلفة . فالإعلام يجب أن لا تقتصــر مهماته على الترفيه والتسلية ، بل يجب أن يعيش الواقع بتفاصيله ، فلا يكتفي بعرض سير الماضين وبطـولاتهم ، أو حشد القصص والمعلومات دون توفير مساحة من الواقع ، تجعل ما يتلقاه الطفل نظرياً ، أمراً يعيشه ويطبقه ، ويختبره بنفسه ، فتثير اهتمامه ، وتربطه بالعالم المحيط به ،وتشعره بأهمية دوره الذي يمكن أن يؤديه إذا أفسح له المجال بذلك . فمضمون الرسالة لا يبث أو ينشر هكذا دون دراسة أو تقويم ، ليصبح المتلقي أكثر عمقاً ومعرفة وقدرة على التحليل والاستنباط وربط المعلومات والخروج بمعطيات وأفكار جديدة .

وهناك أبــــواب كثيرة تدخل في التبويب العام لإعلام الطفل ، بمقادير معينة ، ومساحات وقتيه أو رقية مناسبة ، بحسب أهمية كل منها ، مع مراعاة تطويع هذه الأبواب وتيسيرها لطاقات المستقبل الصغيرة المحدودة . فهناك فروع الثقافة المختلفة ، وهناك الرياضة والمعلومات العامة والسياحة واللغـة والمخترعات والفكر والأدب والتراث والفــن ..، على أن تقـدم كل هذه المواد بما يتناسب وأعمار الأطفال . فلا تكون غرضاً لوحدها ، ويكون هدفها حشو عقل الطفل بالمعلومات كيفما اتفق ، فتختلط عليه الأمور ، ولا يستطيع بعد ذلك متابعة ما يقـــدم إليه بسهولة دون عناء .

وإن محتوى المادة الإعلامية المقدمة للطفل يجب أن يتكامل لتحقيق هدف هذه المادة بشكل سريع ومباشر ، فكيف نحذر الطفل مثلاً من مخاطر التدخين ، ثم فجأة نقدم له إعلاناً يصور المدخن بطلاً أو فارساً شجاعاً ، سليم البنية . ومن هنا جاءت أهمية إبعاد الصبغة التجارية عن مضامين إعلام الطفل ، وضرورة النظر إلى هذا الإعلام كرسالة سامية بعيدة عن الكسب المادي ، لأنه يبني الإنسان أولاً وأخيراً .

والإعلامي المسلم ، بطبيعة الحال ، عندما يقوم بدوره الإعلامي ، يهدف إلى تحقيق الوعي الديني والفكري ، وهو يشعر بمراقبة الله عز وجل له ، وأنه مسؤول عما يكتب ، وسيحاسب عليه يوم الحساب ، كما أنه معرض للنقد ومراقبة الناس ، الأمر الذي يستدعي منه تقـديم المحتوى الأفضل ، وأن يتجنب النصوص الفاشلة ، وأن يواظب على العمل السديد ، كيلا يخرج من الحلبة سريعاً .



الصندوق رقم ( 8 )





السمات العامة لإعلام

الطفل من حيث المضمون ( )

[1]   قصر المادة المقدمة واستخدام أسلوب التشويق .

[2]   يجب أن تكون الدروس والأهداف واضحة ، مما يسهل على الطفل استخلاصها من دون مساعدة من غيره .

[3]   أن تكون الصور السمعية أو البصرية أو السمعية البصرية مشوقة ومنطقية في تسلسلها ، خالية من التناقضات ، يكتنفها نوع من الغموض الذي يثير عقل الطفل ولا يوقعه في الحيرة .

[4]   تجنب عرض مشاهد العنف والرعب والإجرام والمواقف البشعة ، حتى وإن كانت في قالب الذم ، والبعد عن الخرافة والتهويل والخوارق .

[5]   يفضل أن يكون أبطال النص في سن الطفل المستهدف ، وإن تكون الأحداث ضمن أنشطة الطفل اليومية .

[6]   تجنب الوعظ المباشر والتكلف والمبالغة في المثالية .

[7]   يمكن أن يدور الحوار على لسان الحيوان مع الابتعاد عن الخيالات غير المستحسنة .

[8]   تجنب الاسترسال في المواقف الجانبية والتركيز على الموضوع .

[9]   تطعيم المادة بشيء من الطرافة .

[10] الابتعاد عن التركيب اللفظي المعقد والمعاني المركبة .



ملاحظة : ليس المقصود بهذه النقاط حصر السمات العامة فهي كثيرة ومتعددة ولكننا حاولنا تبيان أهم هذه السمات التي يجب أن لا يخلو منها مضمون أي رسالة إعلامية موجهة إلى الطفل .







الصندوق رقم (9)



السمات العامة لإعلام

الطفل من حيث الشكل

[1]  (( توفر الرسم أو الشكل المناسب الذي يكمل النص بذكاء .

[2]   التوزيع المناسب للنص مع الرسم أو الموسيقى أو الأداء .

[3]   استخدام الآلات الحديثة لتوصيل الرسالة بطرق عالية الجودة .

[4]   استخدام أسلوب الجذب والإثارة الموضوعية ))( ) .

[5] (( التوافق بين الأسلوب والأفكار ؛ لأن الأفكار المختلفة تستلزم تعبيرات مختلفة ، إضافة إلى تواؤم الأسلوب مع قدرات الطفل الأدبية والعقلية والعاطفية .

[6]   الابتعاد عن القوالب الجامدة .

[7]   الإيجاز واستخدام الجمل القصيرة السهلة التركيب والقريبة المعنى ))( ).

[8]   استخدام المؤثرات البصرية والحيل السينمائية وإشاعة الحركة بالمادة المعروضة .

[9]   استخدام الفصحى والابتعاد عن العامية .

[10] أن لا تكون الإثارة على حساب المضمون .

[11] الابتعاد عن الأسلوب الخطابي الوعظي .

[12] أن يتلاءم الشكل مع عمر الطفل الموجهة إليه الرسالة .

[13] التركيز على النواحي الجمالية الفنية .





ملاحظة : لا نقصد بالنقاط السابقة حصر السمات الشكلية العامة ،ولكننا حاولنا تبيان  أهمها .



[9] إعلام الطفل المسلم

الإعلام الإسلامي عموماً صورة ناطقة عن الإسلام ،وكلما اقتربت الإعلام من الإسلام التزم بأوامره ونـواهيه . ولهذا الإعلام تعريفات شتى ، تستقر في مجملها على التأكيد أنه (( يحمل مضامين الوحي الإلهي ، ووقائع الحياة البشرية المحكومة بشرع الله إلى الناس كافة بأساليب تتفق في سموها وحسنها ونقائها وتنوعها ، مع المضامين الحقة التي تعرض من خلالها ، وهو محكوم غاية ووسيلة بمقاصد الشرع الحنيف وأحكامه ))( ) .

وهذا التعريف العام ، يقودنا إلى أربع مسائل أساسية :

أولاً : أنه يحمل ـ أي الإعلام الإسلامي ـ مضامين الوحي الإلهي ، بما تعنيه هذه المضامين من وعي وفهم سليم لوحي السماء ، دون غش أو تزييف ، كما تقتضي المصلحة الخاصة ، حيث يفســـر النص تبعاً للهوى ، فتلوى الحقائق ، وتبدل الأصول ، فإن خلا الإعلام من هذه الصفة لا يعد إسلامياً ، وإن إداره مسلمون .. وأنطقه مسلمون .. ونعتوه بأنه إسلامي ، فالإسلامية هنا قشرة .. والهدف يفرغ المضمون من معناه .

ثانياً : الإعــلام الإسلامي يحمل وقائع البشرية المحكومة بشرع الله ، إلى الناس كافة ، فالإسلام لا يخص فئة أو قبيلة ، بل هو رسالة جامعة ، مما يقتضي أن يكون هذا الإعلام عاماً لكل البشر .

ثالثاً : على الإعلام الإسلامي أن يستثمر كل الوسائط المتاحة ، بما لا يتعارض مع النصوص الشرعية ، حيث إن هذا الإعلام ينطلق من قواعد صلبة راسخة ، لا يخشى معها الانحراف ما دام الإعلام متمسكاً بثوابته وأهدافه .

رابعاً : لما كان الإعلام الإسلامي متحدثاً وناطقاً بلسان ما نسب إليه ، وجب عليه أن يلتزم بجميع مبادئه وأسسه وأهدافه ، وإن تكون وسائطه كلها تتنفس برئة والأحكام والشـريعة ومقاصـدها ، دون شـطط أو انحراف عن الصراط المستقيم ، إلا بغير قصد .

ولعل هذه الأسس الأربعة ،هي العجلات السديدة التي تسير بها عربة الإعلام الإسلامي ، والتي تسير بالهداية الربانية نحو إعلاء راية الحق سبحانه ،وإرشاد الإنسان إلى رسالة السماء (( وتبصره بأمور دينه ودنياه ، وبعث الفكر الإسلامي الأصيل والتماس منابعه من القرآن والسنة ، ونشر الأخلاق الإسلامية ،والتصدي للغزو الفكري ،وبث المعلومات والإخبار الصحيحة ))( ) . والعملية الإعلامية تمضي (( وفق هدف واضح متكامل يشمل الأخبار الصادق والتثقيف والتوجـيه والإرشـاد والتعـليم والتسـلية والإمتاع المفيد الهادف ))( ) . لذا كان من المفترض أن يتحلى القائم عليها (( بخلفية واسعة ومتعمقة في موضوع الرسالة التي يتناولها ،وذلك بغية تكوين رأي عام صائب ، يعي الحقائق الدينية ، ويدركها ويتأثر بها في معتقداته وعباداته ومعاملاته ))( ) .

وإذا نعتنا الإعلام فقلنا إنه إعلام إسلامي ،فلا نعني بذلك إقصاءه عن الوسط الإعلامي العام ، لأن صفة " إسلامي " ليس من الضرورة أن يقصد بها الانغلاق وحبـس النفس عن الآخـرين ، فالإسلام يدعو أتباعه إلى التعارف مع غيرهم من الأمم . يقول تعالى : (  يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعـــــارفوا إن  

    أكرمكم  عند الله أتقاكم )( ) .

والاجتماع الإنساني ، كما يقول ابن خلدون : (( ضروري ، والإنسان مدني بالطبع ، أي لابد له من الاجتماع الذي هو المدنية وهو معنى العمران ))( ) . والاجتماع الإنســاني في عصرنا ليس مجرد التقاء اثنين أو ثلاثة ، بل إن الشعوب بأسرها تتفاعل ، فمن غير المعقول أن نرفض التفاعل ، وأن نظل بمنأى عن الآخرين ، فلابد من التعاطي مع الأمم الأخرى عطاءً واقتباساً ، بما لا يمس جوهر العقيدة ، وبما لا يهدد أصـــولها وذخائرها ونفائسها ، مع الإيمان المطلق بأن الإسلام يغير ولا يتغير ، ويؤثر ولا يتأثر ، والخديعة الحاصلة في عصرنا ، أن على الإسلام أن يطور مساراته أو كثــيراً منها ، ليماشي العصر ، ويواكب الحضارة ،وهذا كلام مردود عليه ، ولا خير فيه . ولولا الوهن الذي أصاب أمتنا ، لما اجترأ أحد على محاولة تقزيم الإسلام ، وحصره في نطاق ضيق ، إلا أن رحابة الصدر الإسلامية أوهنت قبضة الآخرين ، وها نحن اليوم نشاهد بزوغ المؤسسات الإسـلامية على مختلف الأصعدة ، في المال والأعمال والاقتصاد والتربية والثقافة والسياسة .. وفي مقدمها يأتي الإعلام الإسلامي ليشكل رأس حربة باعتباره الصوت الناطق والقلب النابض بدين الإسلام .

فالإعلام الإسلامي يهدف إلى (( هداية الإنسان وتبصيره بأمور دينه ودنياه ، وبعث الفكر الإسلامي الأصيل ، والتماس منابعه من القرآن والسنة ونشر الأخلاق الإسلامية ، والتصدي للغزو الفكري وبث المعلومات والأخبار الصحيحة ))( ) . والغاية الأساسية من وراء ذلك (( إرضاء الخالق عز وجل ، ولو لم يرض به بعض الخلق ، وليس إرضاء بعض الناس بغضب الله عز وجل ))( ) .

ولا نضيف جديداً إذ قلنا إن إعلام الطفل المسلم ، أحد أهم فروع الإعلام الإسلامي ، أو يمكننا اعتباره إعلاماً متخصصاً بشريحة معينة من المسلمين ، وهم الأطفال الذين لم يبلغوا رشدهم بعد ، (( والهدف النهائي من عملية إعلام الطفل هو زرع القيم والمفاهيم الإسلامية في عقول هؤلاء الأطفال ، فيقبلون على ما يوافق عقيدتهم ، ويرفضون ما دون ذلك ، ويستطيعون التمييز بين الخير والشر ، والهدى والضلال .. إذ كيف نحقق للطفل المسلم حق المعرفة والاتصال ، ونتيح له روافد الفكر العالمي ليعرف ما يهمه منها ، وفي الوقت نفسه نحقق له الحماية من آثار ما يراه أو يسمعه من أعمال لا تقرها عقيدته ، وهذا يتطلب تضافر الجهود لزرع الاتجاهات السليمة ، التي تنبثق من الينابيع والأصول الإسلامية الصحيحة ، ذلك لأن وجود هذه الاتجاهات السليمة تجعله يميز الخير من الشر ، لأن التأثير يكون كبيراً إذا تغاضينا عن بناء هذه الاتجاهات الإسلامية لدى الأطفال ))( ) .









الصندوق رقم (10)





الدور المتوقع لوسائل الإعلام

الموجهة للطفل المسلم ( )

[1]   التنشئة الدينية السليمة للطفل منذ الطفولة المبكرة .

[2]   عدم تحميل الأطفال مالا طاقة لهم به من خلال الاعتدال في التربية الدينية ، والابتعاد قدر الإمكان عن القضايا الجدلية والمسائل الخلافية في هذه المرحلة من العمر .

[3]   الإجابة السليمة الواعية عن تساؤلات الأطفال الدينية ، بما يتناسب مع مستوى إدراكهم .

[4]   تنمية بذور الإيمان في نفوس الأطفال حتى يشبوا مؤمنين ومخلصين ومستقيمين في سلوكهم .

[5]   التعامل بحذر مع برامج العنف والجنس والجريمة ، وتوجيه الأطفال لما فيها من مخاطر وسلبيات .

  



الإعلام أخطر وسائل البناء

     وربما يكــون إعلام الطفل المسلم من أخطر وسائل بناء الطفل بناء دينياً محكماً ، وتمتين عـرى الإسلام ومبادئه وقيمه المختلفة في نفسية الطفل وعقله وروحه ؛ لأن الطفل يتعرض لأخطـار عديدة ، ليس أقلها تأثيراً الإعلام المنحرف ، الـذي يصنعه أعـداء الإسلام ، وحتى الذي نصنعه بأيدينا ، ونقدمه كألذ وأطيب شيء يمكن أن يذاق .

وعندما يتناول التربويون قضية معينة ، تخص الطفولة بطرف ، فإنهم يشيرون إلى التربية الإسلامية ، باعتبارها تهدف إلى تربية الإنسان ، وبنائه بناء شاملاً  (( عقلياً ونفسياً واجتماعياً وصحياً ، بواسطة مختلف الوسائل التي تساعد على تحقيق الأهداف))( ) . وإعلام الطفل المسلم في عصرنا يتبوأ قمة هذه الوسائل . وإعلام يسعى إلى بناء الإنسان المسلم ، لابد أن يستقي أهدافه من مشكاة الهداية الإسلامية ، التي سمقت وأنارت للعالمين فنار الأمن والسلامة في الدنيا والآخرة . ووسائل الإعلام المعاصرة ، بإمكانها أن تكون منابر سامية لنقل الفكر الإسلامي السديد ، ولإشاعة المفاهيم الصائبة  وزرع النبت الخالي من العيوب ، ليزهر ويعلو ويثمر ،ويخرج أجيالاً تشيد من جديد أركان البناء الإسلامي ،بعد أن أصابه الوهن لأسباب عديدة ، لعل أبرزها إهمال الطفولة المسلمة ردحاً من الزمن .

إن إعلام الطفل المسلم يهدف إلى بناء براعم الإسلام على أرض صلبة ، متماسكة ، ليس فيها انحراف أو تفريط ، فالطفل يمضي إلى الأمام ، وفي ذاته موروثــات الأمس ، كلما قويت شوكة الإيمان في نفسه ازداد منعة ، وقوة ، وبأساً ، فتزداد الأمة معه منعة وقوة وبأساً واتساعا . ولا شك في أن إعلام الطفل خير وسيط لنقل الأدب إلى الأطفال ( ) و(( أول وسيط بين الأدب وجماهيره من الأطفال الكتاب دون منازع ، وتشبه الكتاب من حيث هو شيء مطبوع، الصحيفة اليومية والمجلة الأسبوعية والدوريات والحوليات .. ، ثم تأتي الإذاعة كوسيط مسموع والتلفاز كوسيط سحري مسموع ومرئي ، له إمكانياته الخلابة في اجتذاب الأطفال وربطهم إلى شاشته الصغيرة ، ومعها يأتي الفيديو ، والمسرح بدوره يمثل وسيطاً من نوع معين ينقل إلى جمهوره ألوان الدراما والعروض المسرحية الشائقة ، والسينما هي أيضاً وسيط ساحر من نوع فريد ))( ) ، إلى مختلف وسائط الإعلام العام أو المدرسي .

وإعلام الطفل المسلم ، لابد أن يكون صورة حية مشرقة ، منتمية قلباً وقالباً إلى الإسلام أمة وعقيدة . ويتحدث أحد الباحثين عن الخصائص العامة للأدب الإســلامي ، والتي بدت لنا مبينة لملامح إعلام الطفل الأساسية ،وذلك على الشكل التالي ( ) .

[1] إنه إعلام غائي وهادف ، ذلك أن الإعلامي الإسلامي لا يجعل الإعلام غاية لـذاته ، وإنما يجعله وسيلة لغاية ، وتتلخص هذه الغاية في ترسيخ الإيمان بالله ، وتأصيل القيم الفاضلة في النفوس ، وتوجيه الطاقات للخير والصلاح .

[2] إنه إعلام ملتزم ، فهو ملتزم بالإسلام وقيمه وتصوراته ، ومتقيد بمبادئه العليا ومثله وغاياته ، ولذلك فالإعلام الإسلامي مسؤولية وريادة في وقت معاً ، المسؤولية أمام الله تعالى ، والريادة في توجيه أطفال المسلمين وغير المسلمين .

[3] إنه إعلام أصيل ، وتتجلى هذه الأصالة في انصباب الإعلامي على الأصل من خصائص أمته ، والنقي الصافي والرفيع الثمين من قيمها ومزاياها .

[4] إنه عمل أدبي متكامل ، ولا يتم هذا التكامل إلا بتآزر المضمون مع الشكل .

[5] إنه مستقل ،لأنه ينبع من الانتماء الإسلامي الأصيل .

[6] إنه فعال ومؤثر ، ولا يتحقق هذا الغرض إلا إذا كان الإعلامي المسلم ممن تفتحت قلوبهم للإسلام ونمت عقولهم بغذائه .

ويرى أحد الباحثين (( أن الرسالة الإعلامية التي توجه إلى الطفل في المنظور الإسلامي ، لا تقتصر على مسائل العبادات والشعائر والمناسك الإسلامية فقط ، إنها رسالة شاملة تتناول قضايا الطفل المختلفة ، وذلك انطلاقا من النظرة الشمولية للرسالة الإسلامية التي جـاءت شـاملة لكل ما يهم الإنسـان المسلم ، ويأتي ذلك مصداقاً لقول الحق جل وعلا : ( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )( ) وهي رسالة تقــوم على الكلمة الطيبة والحكمة البالغة ، فلا تسيء لأحد ، ولا تحمل معاني العنف أو العدوانية ، وهي تخلو من السب أو القذف أو النميمة أو الغيبة ، وهي تتسم بالوضوح في اللفظ ، والبساطة في العرض ، واليسر في الفهم ، لكي تنسجم مع مستوى تفكير هذه الشريحة العمرية ، كما أنها تحترم عقل الطفل ، وتمنحه مساحة من الحرية منعاً للجـمود العقلي والتحجر الفكري الذي يظنه البعض جزءاً من التركيبة الفكرية للإعلام الديني ، وهي رسالة تستند إلى اليقين وترفض الظن ))( ) .

ويسعى الإعلام الإسلامي الموجهه إلى الطفل إلى بلورة وتربية وتهذيب وبناء الطفل المسلم بناء حضارياً متكاملاً ، فهو ـ كأدب الطفل المسلم ـ(( يعين على التعرف على وحدانية الله عز وجل ،وصفاته وعظمته ،وخلق السماوات والأرض .. والتعرف على أسس الإسلام وفرائضه ونواهيه وحلاله وحرامه ، والتعرف على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياته وسنته الكريمة ، وصفاته الحميدة ، وصفات الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين وقصص الصالحين والتعرف على العادات والقيم والآداب الإسلامية والاجتماعية الحميدة ، وحفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه وتمثـل العبرات الموجودة به من قصص وأمثال ، وحث الأطفال على الخلق القويم ، من صدق وبر وعدل ورحمة وحلم وحياء وصبر وشجاعة وعزة وتواضع وشفقة ووفاء وعفة وصلة رحم ورعاية حق الجار ، وعيادة المريض وإغاثه الملهوف ورعاية الفقراء من المحتاجين والمساكين والشهامة والمروءة ، إلى غير ذلك ، بشرط أن يكون مقدماً بصورة مشوقة ))( ) .

وحدد أحد الباحثين أهدافاً أربعة رأى أن أدب الطفل المسلم يجب أن يسعى إلى تحقيقها وهي الأهداف (( العقدية والتربوية والتعليمية والجمالية ))( ) . وهذه الأهداف التي يسعى إليها أدب الطفل المسلم ، يمكن تعميمها على إعلام الطفل المسلم ، مع إضافة الأهداف الترفيهية بحيث تسير هذه الأهداف الخمسة في خطوط متوازية في طريق بناء وتربية الإنسان المسلم بناءً حضارياً متكاملاً ، كما يريد له الإسلام باعتبار أن (( إعلام الطفل وسيلة جيدة لتقديم أدب الأطفال ، لما له من قدرات وآليات فنية في عرض محتوى أدب الطفل ، كما أنه يستغل أكثر من حاسة لنقل المعلـومات إلى الطفل ))( ).

ولا يقصد بتحديد هذه الأهداف عدم وجود أهداف أخرى ، ولكن هذه النقاط الخمس تشمل العديد من الأهداف التي يمكن أن تنبثق عنها ، وهي بحد ذاتها أهداف عامة ، ولا تشكل حصراً ، لكنها نقـــاط ارتأينا اختيارها لمناسبتها مع سياق البحث ، كما أن الخطوات التالية سترتكز في مجموعها على نقاط معينة تعود بالنتيجة إلى هدف من هذه الأهداف الخمسة ، وفيما يلي تفصيلاتها :

أولاً : الأهداف العقدية

الإسـلام يهدف بداية إلى أن ينشئ إنساناً (( مؤمناً بالله حق الإيمان ، وثيق الصلة به ، دائم الذكر له والتوكل عليه ، يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ، ويحس في أعماقه أنه بحاجـة دوماً إلى قوة الله وعـونه وتـأييده ، مهما بذل من جهد ، مهما اتخذ من أسباب ))( ) . وهذه الأهداف تقتضي التركيز على جوانب العقيدة وغرسها في نفس الطفل ، غرساً ثابتاً راسخاً ، باستخدام الوسائل المتاحة ، ومنها وسائل الإعلام ، لتقوم بدورها المطلوب في بناء الإنسان المسلم ، بتلقينه كلمة التوحيد وترسيخ حب الله في نفسه ، وبناء الحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعليم الطفل القرآن الكريم وترغيبه بالتلاوة والحفظ والاعتبار ، وتنمية قدراته ، وتفتيح وعيه لثباته على العقيدة ، واستعداده للتضحية من أجلها ، كذلك تبيان أمور ملحقة بالأهداف الاعتقادية كحقيقة الإنسان ومكانته في هذا الكون ، وعلاقته بربه وبالإنسان والحياة .

ولا شك في أن بناء الإنسان منذ طفولته بناء عقدياً ثابتاً راسخاً ، يجعله قادراً على صد كل ما يواجهه من محن وشوائب تحاول جرح إيمانه بربه ، من أي جهة جاءت ، خصوصاً في هذا العصر الذي بات الإنسان يعيش في منزل لا نوافذ له ولا أبواب ، وحيطانه من زجاج ، يسهل للأفكار أن تنفد إلى الفرد أينما كان ، نظراً لاتساع وسائل الإعلام المعاصرة . وما الأهداف الاعتقادية لوسائل الإعلام الموجهة للطفل المسلم إلا جدار صلب تتحطم عليه أهواء اللاهثين وراء الضلال والسراب . من هنا تأتي أهمية الأهداف الاعتقادية التي يجب أن تكون من أولويات مسائل إعلام الطفل المسلم والتي يجب أن تحرص عليها أيما حرص ، وأن تواكب أي نشاط إعلامي خاص بأطفال المسلمين ، وهنا نشـير إلى أن هذا الجانب المهم يقودنا إلى قضية بالغة الأهمية ، وهي دعوية وسائل الإعلام ، حيث إنها يجـب أن تكون أيضاً وسائل للدعوة إلى دين الله ، وهي أهداف تندرج ضمن الأهداف العقدية ، وذلك سعياً إلى نشر دين الإسلام ، ومحاولة الوصول إلى شرائح من الأطفال غير المسلمين ، وتوضح مفهوم الإسلام لديهم .

ورغم صعوبة وصول الإعلام الإسلامي إلى الأطفال الموجودين في بيئات غير إسلامية ، فإن أن فكرة الدعوة يجب أن لا تغيب عن الإعلاميين العاملين في حقل إعلام الطفل المسلم .

ثانياً : الأهداف التربوية : ( )

يمكن لإعلام الطفل أن يقوم بدور أدب الأطفال كأداة تربوية يناط بها تحقيق العديد من الأهداف التي تعتبر ذات أهمية في بناء النـشء وتنشئته تنشئة سليمة ، وهذه الأهداف تندرج تحت أنواع أربعة : اللغوية التذوقية والمعرفية العقلية والخلقية الاجتماعية والنفسية الوجدانية .

وتسعى الأهداف اللغوية التذوقية إلى تنمية المهارات والثروة اللغوية وإثراء خيال الأطفال ومعرفة الأجناس والأشكال الأدبية وإنماء القدرة التعبيرية والطلاقة والسلاسة .

أما الأهداف المعرفية العقلية فهي تسعى إلى تنمية المعارف والمعلومات والقدرات العقلية المختلفة من إدراك للعلاقات ونقد وتحليل وربط الأسباب بالمسببات ، وتنمية حب الاستطلاع والرغبة في البحث والاستكشاف ، وتنمية ملكة الحفظ ، وتوسيع الوعاء الثقافي للطفل مما يجعله قادراً على الحوار والمجادلة ونقد آراء الآخرين ، واكتشاف ما بها من قوة أو خلل .

وتجتهد الأهداف الخلقية والاجتماعية لإمداد الأطفال بالقيم النافعة وتخليصهم من القيم الضارة وغرس الفضائل في نفوسهم ، وتهذيب السلوك ، وتنمية الوعي الاجتماعي لدى الطفل ، وتوجيهه إلى تبني الاتجاهات المختلفة التي يقبلها المجتمع ويرتضيها كإطار ديني وسياسي وثقافي واقتصادي ، وحماية الفطرة السليمة من الانحراف .

أما الأهــداف النفسية والوجدانية فتسعى إلى تمكين الطفل من التعبير عن نفسه ، وشحذ عواطفه ، وترقيق وجدانه ، وتخفيف التوترات النفسية ، واكتشاف الميول والمواهب الأدبية وتوجيهها وتنميتها ، وتنمية الميل إلى القـراءة وحب الاطلاع ، والوقوف على المادة القرائية الجيدة ، وذلك بتوجيه الأطفال إلى الاستثمار الأمثل لوقت الفراغ في قراءة الأعمال الأدبية الجيدة ، وكل ذلك بأسلوب إسلامي بنائي ، يسعى إلى تربية الطفل تربية شاملة .

ثالثاً : الأهداف التعليمية ( )

من طبيعة التعليم أن يتخذ له وسيطاً بين مادته العلمية وبين من يتلقونها . وبما أن وسائل الإعلام أداة توصيل جيدة للأفكار والمعلومات ، كان ضرورياً أن تعمد وسائل الإعلام مجتمعة ومتفرقة إلى الاقتراب من موضوعات المواد الدراسية وتحاول أن تلتقط منها ما يناسبها من الأفكار والموضوعات وإن وسائل إعلام الطفل التي تجهد نفسها في البحث عن الأفكار المختلفة ، تجد في الموضوعات الدراسية معيناً لا ينضب ، في حوادث التاريخ وأبطالــه عبر العصور وفي مختلف البلاد ، وخصوصاً في التاريخ الإسلامي ، وما يتصل بشؤون المسلمين بطرف ، دون إغفال علوم العصر ومفاهيمه التعليمية .

ولا يعني ذلك أن تتحول الصحافة والإذاعة وبرامج التلفاز المخصصة للأطفال إلى كتب مدرسية ، وإنما تساند وسائل الإعلام دور التعليم ، وتحول بعض المواد المدرسية إلى قصص ومسرحيات وكتب أطفال شائقة ، وتكفي لمحة عابرة ، أو فكرة علمية مختصرة ، ترد في ثنايا القصة أو بين سطورها . أما إذا زاد الكرم وأصبحت خلفية المسرحية عصراً تاريخياً ، أو ميدان حوادث القصة بيئة جغرافية ، أو بطل الرواية عالماً من العلماء ، أو مكتشفاً من المكتشفين أوبطلاً من الأبطال الخالدين ، فإن وسائل الإعلام أو بعضها ، تكون قد حققت نوعاً من التعليم الشائق بأسلوب لا يبدو عليه التكلف أو الاصطناع .

ويسعى إعلام الطفل ـ كأدبه ـ إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التعليمية ، التي يرى أحد الباحثين أنها ( ) :

[1] مد الطفل بالمعلومات والمعارف التي تعمق نظرته للحياة والتي تعرفه بالبيئة من حوله .

[2] تنمية قدرات الطفل العقلية المختلفة .

[3] تنمية حب الاستطلاع والبحث والاستكشاف .

[4] كشف المواهب في مجالات الفكر والفنون المختلفة .

[5] تعريف الطفل بالعلم والعلماء ومنزلتهما في الإسلام .

وكل ذلك يقدم بأسلوب يتناسق مع المؤسسات التعليمية التي تسعى إلى ارتقاء مستوى التلاميذ علمياً حتى يكونوا جيلاً واعياً مثقفاً .

رابعاً : الأهداف الجمالية :

الإسلام دين يرعى حياة الإنسان من مختلف جوانبها ، روحياً ومادياً ومعنوياً ، بل يتخلل كل صنوف الحياة البشرية والمشاعر الآدمية ، لأنه (( لا يأخذ الإنسان جسماً ويدعه روحاً ، أو روحاً ويدعه جسماً ، أو جسماً وروحاً بغير اعتبار لطاقة العقل ، ثم هو لا يأخذ هـذه العناصر منفصلة ، بل يأخذها مترابطـة متحركة مع ترابطها في واقـع الحياة ))( ) . (( والتربية الجمالية للطفل المسلم ليست منفصلة عن التربية الإسلامية الشاملة ، بل هي جزء منها ، وسمة من سماتها ، وخاصة من خصائصها ، لأن الجمال بالأصل لا يقوم بنفسه إنما يقوم بغيره ))( ) .

والفن في الإسلام (( موكل بالجمال ، يتتبعه في كل شيء ، وكل معنى في هذا الوجود ، الجمال بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حدود الحسن ، ولا ينحصر في قالب محدود ، وجمال الطبيعة بما فيها من جبال وأنهار وأضواء وظلال وجوامد وأحياء وجمال الكون بنجومه وشموسه وأقماره وما بينها من تجاذب وارتباط ، وجمال المشاعر بما فيها من حب وخير وطلاقة وارتفاع ، وجمال القيم والأوضاع والنظم والأفكار والمبادئ والتنظيمات ))( ) . وكل ذلك ألوان من الجمال يحتفي بها الإسلام ويسعى إلى تنميتها ، إلى حد أن أحد الباحثين ذهب إلى القول بأن (( كل تربية إسلامية هي تربية جمالية ))( ) . والتربية الجمالية تسير باتجاهين منفصلين ، لكنها متكاملان ، الأول جمال الظاهر ، ويقصد به مظهر الإنسان من جسد وهندام وطريقة كلام وتصرف وتعامل مع الآخرين ، والثاني جمال الباطن ، ويقصد به صفاء الروح والعقل ، وطهارة القلب ودفء الإيمان وتمام القيم والمثل والأخلاق .

ودور وسائل الإعلام المضي على هذين الخطين المتوازيين ، وتنمية الذوق الفني الجمالي ، القادر على التمييز ما بين الجيد والرديء ، ورعاية الموهبة وتطويرها واستثمارها ، بما ينعكس إيجاباً على مجمل النشاط الاجتماعي في الإسلام .

ولعلنا لا نبتعد كثيراً إذا زعمنا أن الطفل المسلم بحاجة شديدة في عصرنا الراهن إلى تعميق وترسيخ سمة الحس الجمالي الصحيح في نفسه ، بعيداً عن شوائب العصر ، لأن الإحساس بالجمال النفسي والكوني المتفق مع إبداعات الخالق وتشريعاته ، قرين السمو والرفعة ، فهذا الإحساس رقة في الطبع ، ورشد إلى الخير ، وريادة نحو المكانة الراقية في الدنيا والآخرة .. وهذا هو أسمى ما يطمح إليه الإنسان في الإسلام .

خامساً : الأهداف الترفيهية :

الإعلام الإسلامي يجب أن يتحلى جانب منه بالتسلية والترفيه عن النفس ضمن الحدود المباحة ، فالقسوة والغلظة أمر ينـافي الإسـلام ، والله تعالى يقـول لرسوله الكريم : ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك )( ) . والمسـلم يجب أن يكون (( خفيف الظل مع الناس ، محبب العشرة لهم ، يخالطهم ويمازحهم عندما يحسن المزاح وتلطف المداعبة ، وهو في مزاحه لا يغلو ولا يشتط ولا يؤذي ، كما هو في جده لا يقسو ولا يتزمت ولا يتجافى ، فمزاحه هو المزاح الإسلامي المشروع المسح ، الذي لا يخرج به عن دائرة الحق ))( ) .

ولعل الأهداف الأربعة السابقة تنال اهتمام الطفل بشكل أكثر جاذبية لو تزينت بقالب ترفيهي خفيف ، يحوي الضحكة والابتسامة ، والتسلية ، بعيداً عن ثوب الواعظين والمرشدين ، واستبعاد فكرة حشو ذهن الطفل وحقنه بالمعلومات الجامدة الجافة ، لأن الملل سوف يغزو نفسه سريعاً ، وهذا يقتضي سريان الهدف الترفيهي في كيان الأهداف السابقة تحقيقاً للهدف الأسمى وهو بناء الإنسان المسلم بناء حضارياً متكاملاً .

وعند الحديث عن الجوانب الترفيهية بالوسائل الإعلامية ، لا نقصد التسلية الفارغة المضيعة للوقت والجهد والمال ، فالمسلم عليه أن لا يهدر دقيقة واحـدة من حياته دون فائدة ، من هنا يجب أن تستثمر التسلية ، والصورة والحـركة والنص ، والصوت والأسلوب .. وكل عناصر المادة الإعلامية حتى لا ينفر الطفل من الأسلوب الجاف المتكرر . فالطفل ، كما يؤكد أحد الباحثين (( محتاج إلى أن يبتسم ، وأن يرى الآخرين من حوله يبتسمون ، فالبسمة تريحه من عناء الجد ، وتدخل على نفسه السرور ، وعلى روحه السكينة ، وفي قلبه الطمأنينة ، والضحك أو المزاح ليس معيباً من الناحيتين الدينية أو الاجتماعية ، بل هو محبب شريطة أن يكون مهذب الكلمة ، وشريطة أن تأتي البسمة حيث يتطلبها الموقف ، فلا تقحم إقحاماً على ظهر عمل جاد ، ولا تكون  همزاً أو لمزاً أو فحشاً في القول ))( ) .

إن الأساليب الترفيهية في الإعلام الموجه إلى الطفل تستطيع أحيانا أن تحقق أبعد ما تحققه الأساليب الجافة والقوالب الجامدة ، لأنها تسلك سبيلها إلى قلب الطفل بسـهولة ويسر . وهذا الأمر يقتضي الاعتناء بهذا الجانب بشكل أكبر ، وأن يقصد بالترفيه تحقيق معان إسلامية تربوية وتعليمية وجمالية واعتقادية ، دون أن يقلل الترفيه من سمو أي من المعاني السامية ،بل يزيد من رقيها في نفس الطفل ، بناء وشموخاً واعتلاء لسنام ما يسعى إليه الإسلام لاتباعه ، وبذلك يحقق الإعلام الإسلامي الموجه إلى الطفل مرتبة متقدمة ويصل إلى مبتغاه ، وإن بذل الكثير من الجهد والوقت والمال ، فالإنسان هو الأغلى ،ومرحلة الطفولة هي مرحلة الإعداد ، ومنها ينبثق الإنسان المسلم ، والمجتمع المسلم ، والمستقبل الذي يريده الإسلام .














View bakri's Full Portfolio