عن بشار صبحي

مذكرات نجمة

محمد الأحمد

حوت مجموعة القصص القصيرة الموسومة (مذكرات نجمة) للقاص (بشار صبحي) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة بغداد * …على إحدى عشرة قصة، تناوب فيها التجريب، والتشكيل بجمل عذبة، جلية المعنى تصل بخطابها الشفاف إلى المتلقي، دون عناء، وتجعله مستمتعاً في أجواء صادقة تصف ما يعانيه المثقف العراقي، من مسميات التشتت التي يفرضها الحصار المقيت على الفرد في كل المفردات الحياتية، تلك التي تميز حساسيته، وجعلت من كاتبها مدوناً، لكل تفاصليها.. برؤية التحدي الذي لا يثقل الكاهل، وانما الذي يزيد الإصرار على قطع المشوار، بكل ما على الفارس النزيه. فجاءت الكتابة الصرخة المدوية، المليئة بالكشف، المليئة بالاجتهاد، والجرأة في الشكل، والمضمون..لتسجل شهادتها على الحصار القاتم ببسالة العراقيين الأفذاذ..كما يقول ر.م. البيريس :(بيد إن كل منهم له دوماً فروقه الشخصية. وستشكل هذه الفروق مروحة متنوعة الألوان. ولم نستطع إلى الآن أن نعطي إلا الاتجاهات المشتركة، بان جعلنا نور عصرنا على شكل حزمة ضوئية..بأمراره من خلال موتورات التركيب – ص 94 - الاتجاهات الأدبية الحديثة )، فالكاتب العراقي دائم العطاء متنوع الحضور ببصمة عريقة مسجلة له منذ الأزل، فهو صاحب اقدم الحضارات، والأكثر حضوراً في المسيرة الكونية. ففي ص 5 (مذكرات نجمة) نقرا قصة شفافة، تمكن القص فيها من الأداة القصصية..بتأثيث سردي متواصل الصورة، ومن عمق اجتماعي أصيل: إذ هي ليست قصة الفتيات اللائى يحلمن بالزواج، وحسب، و إنما قصة قد دونت التقاليد، و الأعراف الشعبية. أجادها القاص التقاطاً، ودونها بمعرفية ملاحظة دقيقة، جعلت من عمله القصصي، متميزاً على كل تجربته التي تستحق التأشير لما فيها من مقومات فنية، كالحبك، والجدية، والتفرد…ففي ص 15 (نحن و هم).. يجرب القاص قوة جناحيه في يوم ريح، فينجح في محاولته للبوح بنص مغاير، جرب فيه كل شكليات الكتابة، من شعر، وسرد، وقص بمقدرة، ميزته عن أقرانه بحلاوة جرأة المغامرة، وثبته أدبياً لم يكتف بالشكل السائد، وانما متحرراً منه..بعميق إحساس، وصدق انتماء. يفلت القاص من الشكل القديم بنص أجاد به التمرد على المألوف، تراشقت صوره المتدفقة، وبقي يتواصل بانفتاح خطابي تفتقر إليه النصوص التي نتمنى قراءتها، عفوي التراص، جهور التفتح، نقي الطموح. بشعرية حاولت كشف الألم، بنثر تتابع بجمال، و تواصل بالشجن (فإنما الشعر صياغة، وضرب من النسج، وجنس من التصوير ). إضافة إلى إن القاص بخطابة الرشيق – عرف بوعي جنس تجربته بـ (نص موجه إلى الأمريكان).دون في حريته المباحة للكاتب من لوا عج الشوق، وانثيال الكلم المفتوح بالبوح المتواصل، متغرب عن كل التجارب السابقة. وكأنه يجنح إلى كتابة قصيدة النثر الجديدة متخلصاً من كل قالب بني في القصة التي سبقه إليها الأقدمون.

وبعد: هذه التجربة الجريئة حملت في طيـّها قصصاً أخرى لم تقل أهميتها عما آنف ذكره.. مثل:

(أصابع قتلت النهر، نتانة، قهقهات، إرهاصات، موت، النجدة، خوف، ليل، ضربة حظ).

هـ/ 534828 بعقوبة


Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: