الصفعة

الصفعة

قصة قصيرة

بقلم

محمد الأحمد

بعد صمت قصير امتدت أفكاره الي أزمنة بعيدة اذ كان يحدق في عينيها الواسعتين ويتابع بشغف جائع مدى التألق الذي أخذه بعيدا في عمقيهما، وكأنه يدخل الي عالم كله دهشة.  كانه يفلت من كل ما يعانيه باندفاع، و تعطش الى عينيها الصفر اوين..

- نظر اتك تقيدني… أني أعترف؟

- أريد سبر غور هذا البحر الامتناه !

ابتسمت لأنه حول نظراته المبهورة الي كلها كأنه يدفعها الي عمق تلذذت باستقباله…

-لا يحق لك القسوة علي بهذا الطريقة!.

أحتار فيما يقوله وجهه متجهم تعب، وعيونه مرهقة، أفكاره تتسارع، وصعب عليه إن  ينظم منها شينا، فأخرج سيجارة بأصابع مضطربة لتنفذه من حصار مقيت، قال:

- لابد لي أن ألاقيك بعد الدوام؟.

- لاأقدر

نطقتها بحزم عينين قالتا كلاماً آخر .

- أرجو أن لا تفهمي من صدقي نية سوء مدّ كفه ليفتح الباب، وهو يقول:

- أحيانا أخترع أعذار الأصل إليك وأحيانا أغامر بأكاذيب لاجل التشفي و الارتواء من ماء هاتين العينين الحلوتين …

- حسنا سيكون لك ما تريد!

كلماتها مستدركة، وصلته كماء بارد أنعشه وأكتسح كيانه وطهره

- ذكية وتهزميني دائما؟

تنهدت دون أن تقول، ولكنه واصل:

- أخاف أن تضيعي من يدي كما الماء من بين الأصابع

فقالت:

-نظر اتك تخيفني..

عاود التتحديق بها مبهورا

-أعد لك مغامرة جميلة

-ما هي؟

فقال في عجل وثقة:

-لن أقولها الآن..

- يبدو أنك تريد اختصار الزمن؟

-في عينيك كلام آخر هو أكثر بلاغة…

نهضت وكأنها ترفرف حول مكتبها، ونظرتها بها تألق جميل… صوتها كأنه هديل حمامة

-أني أعرضك لامتحان صعب

-لي الحق أن أختار؟؟

غليان في عمقيهما بدأ يمور… رمي السيجارة ليخفي اضطرابه المتفاقم…

-اذهب الآن أرجوك!

-لماذا؟

-من عادة مديرنا أن يمرّ على الأقسام قبل نهاية دوام كل يوم!

-لماذا تتهربين؟

ابتسمت بمكر، تقدم منها أكثر، تقدمت هي… ضحكت مخفية اضطرابها وهي تعرف ما معنى اتساع عينيه كلما أفردت شفتيها بضحكة

- في العالم القادم قد يأتيك الجواب!

تشجع بتهكمها ممسكا اياها بقوة و هي تضحك مفتنة اياه، فقبلها قبلة طويلة أرخت يديها وكأنهما في عالم آخر…

لكن طرقات هادنة تناهت إلي مسمعيهما، فسحب نفسه خطوتين. فقالت بانفعال مستنكرة تصرفه الأخير؟

- أقترب لماذا أنت خائف؟

أقترب منها بصمت دون أن يعي ماذا فعل. باتت المسافة قريبة فرفعت كفها ولطمت  وجه بقوة، وهي تقول بصوت حاولت السيطرة عليه برباطة جأش:

- ادخل! .  



بغداد

Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: