حلم جائع عابر

حلم جائع عابر

قصة قصيرة

بقلم

محمد الأحمد

أقنعت زوجتي بضرورة بيع جهاز التلفزيون الوحيد في البيت، بعد أن استنفدنا كل ما لدينا من حلي، وأواني خرف لنأكل بثمنها شيئا بدلا من أن ندع مصايننا تطحن يعضها البعض!.

فكرت بيعه بثمن كبير، وأن استثمر نقوده، واربح كما يفعل الموظفون أمثالي. إذ بات الراتب الشهري بمعييته لا يصل بنا إلى العشر الثاني من الشهر… كنت أرى الناس من حولي تشتري  و تبيع، و تتاجر بكل شيء وأني أفعل ذلك مثلما تفعل الناس، ولاثبت لزوجتي بأني أكثر حرصا  على ما لذا، بدلا من التقريع الدائم…

قبضت العشرون ألفا ورحت اتأملها متباهيا و أنا أضعها في كيس من الورق، ووضعته في داخل كيس آخرمن القماش وأمسكت به جيدا متوغلا إلى عمق السوق، جادا في ذلك الأمر كل الجدية، مفكرا بأني سوف اشتري من الربح جهاز آخر جديدا غير الذي كان.

أمسكت بالكيس جيدا عساني أن لاافقده فأفيق من أحلامي معلنا ضياعي…

الزحام الكثيف للناس منعني من التنفس بحرية!!

أحست بخناق يثقلني وعلي أن أكافح لأجل أن اشتري أي شيء و مهما يكن بعد أن جرحني أبني الصغير الذي بكي كثير اليلة البارحة عندما حان موعد أفلام الرسوم المتحركة،  ولم يكن ذلك الموقف بحسباني… تجولت حائرا في السوق لا أدري ماذا سأشتري وماذا سأبيع؟

رحت مخترقا الزحام عنوة و كبرياء رغم عطن الأجساد العرقي حاملا كيس بعناية متشبثا به كما يتثبت الغريق بخشبة عائمة… فني كل لحظة اسأل عن سعر ذلك الشيء. اوتلك المادة فأجدها فاقت مبالغ تقديري…

فتقدمت من رجل عجوز عرض أمامه مروحة سقفية، وسألته عن السعر قال أنه يبيعها لكي يطعم أطفاله، قلت بكم تبيعني إياها فأجاب بخمسةآلاف، وأضاف مؤكدا صدقه وحسن نيته. اسأل عن سعرها ستجده مضاعفا في باطن السوق. قلت له سأعود بعد قليل و رحت أحجل بكيسي فرحا ، لا تأكد من البائع الآخر عنسعرها، ولماصار لي ما أردت عدت ثانية إلى الرجل العجوز و دفعت له المبلغ دون تردد وأنا أحلم بما سأفعله بالربح إذ ما بعتها…

فكرت أن اشتري كيسا من الطحين الأبيض و عدسا، و سكرا، وكل شيء يؤكل… وسأشرب شايا بلا تقنين، كما سأجعل امرأتي تعمل لي كعكا و حلوي نظيفة للأطفال، ساجعلهم يفرحون حدّ  اللانسيان، وفي غمرة ذلك الحلم اللذيذ وقفت أمامي امراة بدينة تتأمل المروحة، وهي تسأل عن السعر ، فأجبتها متلعثما و أنا أمسك كيس بقية النقود بثقة: بثمانية زدت قولا مع نفسي ( ثلاثة آلاف تكفي) ربما هذه المرأة ( محتاجة)، لكنها هزت رأسها بهمهمة ثم كشرت عن أسنان كبيرة قائلة.

- هذه المروحة تعود لبيتنا وعليك إرجاعها إلى بعد أن أخذك إلى مركز الشرطة!...

ابتسمت لها بسخرية أول الأمر ولكن قدماي ضعفتا إلى حد لم تقويا على حملي ، فقلت لها أن تذهب ضعفتا ألى حد لم تقويا على حملي ، فقلت لها أن تذهب بعيداو تكفيني شرها وأني لن أبيعها لها:

- بعشرة آلاف...

فلا رحمة بمن مثلها…

فأخذت تصرخ بصوت عال:

-( ياناس… يا عالم هذا الرجل لص سرق مني مروحتي و يريد أن يبيعها علي!!)

لم تسكت أبدا، وظل صوتها يهدر حتى تجمهر الناس من حولي وصار المكان اكثر حلكة من قبل، بعضهم أخذ يمطرني بكلات نابية، والبعض الآخر تاهب لضربي، مكشرا عن أنيابه - إلا إن واحداً تقدم وشق الزحام معلنا عن قوله:

- ما هو إثباتك يا امراة بان هذه المروحة تعود لبيتك؟؟

فأردفت كأنها كانت تنتظر:

- لو رفعنا هذا الغطاء لظهر تحته اسم زوجي مكتوبا بالخط الأحمر!.

ورفعنا الغطاء، وكان مثلما قالت.. حتى انهالت علي الضربات من كل صوب أفقت منها و أنا بداخل سيارة عرفت أنها تقلنا إلي مركز الشرطة، و قبل أن نصل اقترحت المرأة فكاك شدّتي  بما عندي من مال!!.

بغداد

Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: