الى صديقي الشاعر

Folder: 
قصص جديدة

الى شاعر

بقلم : محمد الأحمد

سواءاً ولدت في طيبة ام في فاس فانت مجبولا من الشعر، والبرتقال، والأسى، كونك عراقي النشأة والاتجاه، عفيا بالإخلاص وسواءاً ابحرت من عينيها ام من الفرات، فالشعرمنبت من عرض روحك، من اسفار امانيك، او لم تشرب من النيل البعيد او الامازون القاصي، كلما جنحت بالخيال، وتخيلت شلالات تنهب الأرض والفضاء المكتمل بحضورك، فكلما رشحت فلا يرشح عنك سوى ماء (ديالى)، فانت تسلط ضوءا باهرا في وديانها، صاغته لك (بعقوبة) كلما تسرسح خراسان متهاديا بالموسيقى يحمل الآس كله، والعمر كله، والجمر كله، والسحر كله. مشرشحاً تفعل ما يحلو لك في كل قصاصة، وتشكلها بذهب الشعر، وحبرها من دمع العين. كان يومك يابساً، وكان دمعك يسحّ في خرائط البلدان اللينة، والتي ما كسبت من الرهان. فقد كنت اولا لا تفرق معها الضمة، او الفتحة العميقة، فكلنا في التيه شرقُ، فبابها يستقبل الواشين، وهم كثرُ، ودمعها يسحُّ الطرقات قداحاً، ورذاذاً عاطلا عن النشوة. لقد بقيت توقن بان بساتينها عاقلة، وتفاحها نعسان، ما عادت تبهج حمرة الخدين لمسة العاشق الصبّ. والرمان ما عاد يزهر بعنف، ويشع من وراء القميص، اذ بقي ايام شوقه الحربي يمتطي دراجة الحرب الثالثة، ماضيا في السواقي يبحث عن برتقالة بقيت، أورمانة تسربت من نسيان الطشاش. وما عادت عندك السمكة تتجول في سلة السوق بلا ماء، وما عادت عندك الأم ترسل حسرتها خلف المحارب الذي لم تعد به الحرب المنتهية. فكل حرب في كوكبنا انتهت إلا حروب العراق العظيمُ الخالدُ الأحدُ تناسلت بلا تريث، او تقاعس، وفاضت مآقيه بارودا، ووردا، ونهرين من دم. انت من قرأ السماحة في احداق الوجل الحب النهر العرق البال القصد وما وراء المعنى. كم كنت معرفياً في شمّ النسيم، وفي افتتاح المسلة. وكم كنت محاربا، وعاشقا وذاتها تأخذ منك الوقت وتعطيك الهزيمة. كم كانت معك الحبيبة المحاربة، حبيسة المدّ والجزر تلثم غضب النهر، كانه البحر، وتوقف عنك زحف المجاعة، وتعب الجماعة، وكساد الازمنة المتوقفة. وانت تتوقف عند النخلة، دون هزّ يساقط ثمرها، وتباريها بقامتك تلويحا لكل الاصدقاء. ما عدت من الحقل والورقة والهاتف والجريدة والعجب العجاب الا مهموما من صديق قد هدر من النصيحة فيما لا تحب. ماضيا كنت في الكلمة تنحت منها الف سؤال، فولدت من طينها الحر، حتما، ودفنت القافلة و ساعاتها الموقظة في جبِّ البرتقال، حنيناً، منتظرا ابيضاض قداحه، و وزهوه. كم تنفست المشاعل في مجمرة الشاي في سواقٍ حية تجوب البساتين واحدا تلو الآخر، وحزنك يتلوى كأفعى لم تمت.


Author's Notes/Comments: 

mu29@hotmail.com محمد الأحمد  


View alahmed's Full Portfolio
tags: