التجديد في الفن والشعر والادب / اياد شماسنة

التجديد في الفن والأدب والشعر.

الزهرة الجميلة، كانت في البدء بذرة ثم غصنا أخضرا، وعطرها الفواح كان في الأصل ماء.

عندما صارت زهرة، كان على غصونها زهور كثيرة، بدأت بعضها تسقط وبقيت زهور أخرى... وقيل أن ما بقي على غصونه هو الزهر الأجمل والأقوى والأصلح للبقاء ولحمله الثمر.

البقاء للأصلح... كلمة تصلح أن تقال عند الحديث عن التطوير في الشعر والأدب.

في البدء كانت الايقاعات الموسيقية فطرية كثيرة، تطروت تدريجيا، وفي طريق تطورها تساقط الكثير منها، وبقي الأجمل والأعذب والأصلح وكذلك الأوزان الموسيقة الشعرية، تولدت الفطرة والتجربة والزمن الماضي الطويل اختيارها وتهذيبها، ثم تسلم بأنها قد اعتمدت لأنها الأصلح.

إذن لا يجوز القول بعد عشرات القرون المتتاية أن يتم في ليلة ما لم يتم في هذه القرون.. كما قلنا سابقا، التجديد والتطوير هما عملية طبيعية تسير طبيعيا مع الزمن، ولا يأتيان بصورة طفرة أو انقلاب مفاجئ لأنه لا الذوق الجمالي يقبل ذلك ولا المقاييس الجمالية يمكن أن تعتمدها، أما التطور الطبيعي فيسمح للمقاييس أن تستوعب التطور وتقبل التدريج بشرط أن لا يهدم أو يخالف ما بنته التجربة الانسانية طول العشرات من القرون الماضية من التجربة والخبرة الانسانية.

ومن شروط قبول التجديد في الادب أن يكون التجديد مبنيا على أساس صحيح مقبول في الأدب، وأن لا يسفه أصله وما نشأ عنه، وأن يصلح للحكم عليه وفقا لمعايير الجمال الأدبية والنقد السائدة الصحيحة بموضوعية.

فأدب الكوارث مثلا هو طفرة ترفض في كثير من الأحيان إما لأنها لا تصلح في نظر أهل النقد والجمال، أو لأنها تسفه ما سبقها أو لأنها نسبت إلى فن هي تختلف عنه في جوهرها.

فإذا نشأ أدب أو نمط جديد يخالف في أصوله وجوهره وحتى شكله الخارجي الأداب والفنون السائدة، لا يصح أن ينسب إلى أصل وإن شابه ذلك الأصل في ناحية ما، وإنما هو أحد اثنين أما نمط جديد أو فن جديد كليا يطلق عليه ما يناسبه من الأسماء ويتولى أهل الجمال والتذوق والنقد في الفن والأدب تهذيبه وتصحيح مقاييسه وأصوله أم هو مرفوض ان لم يصلح في نظر هؤلاء، أما أن ينسب لما هو مخالفه فهذا مرفوض.

في القصيدة العربية أمور مسلمة غير قابلة للتغيير، إنما أمكن الاشتقاق أو التجديد فيها فيما مضى استجابة للظروف الطبيعية والاحتياج لذلك.

ومثال التجديد الذي قبل في القصيدة العربية" الموشح" فهو رغم مقارنته بما نشأ عنه إلا أنه سمي ب"الموشح" تمييزا له عنها، إلا أنه بقي محافظا على أصوله، ويمكن الحكم عليه ضمن الأصول والقواعد الأدبية واللغوية، والعروض المعروفة... أما التجديد فهو ضمن أصول معتمدة متفق عليها، لا تختلف من شخص لآخر.

أما الرفض قطعيا فهو هدم محاولة التغيير الطفري في أحد الأركان الأساسية للشعر خاصة والأدب عامة، وخاصة ما اتفقت عليه العرب واعتمدته آلافا من السنين كطريقة العرب في القول، أو أصول اللغة وقواعدها.

دالتطوير والتجديد إذن على الأدب والشعر، إنما يقبل التجديد لا التغيير المطلق أو البجذري حين يكون في الفرعيات أما القواعد الأساسية والأصول التي يعرف بها الأدب أو الشعر أو الفن، فهي تهذب ولا تغير.

والاضافة أو الاسقاط أحد أشكال التجديد في الأدب، فإضافة شكل جديد من الأدب أو الفن لم يكن معروفا أبدا أو أخذ عن قوم ما، فهو يقبل إنما بشكل لا يخالف الذوق الأدبي العام أي لا يشكل نقيضا لرسالة هذا الفن أو الأدب، وهو قابل للحكم عليه دون الحاجة اعتبار القواعد الأساسية أو جزء منها ضمن الشواذ من أجل قبوله، أما استنباط القواعد من ناحية أخرى فهو محبب ومقبول، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون الفن الجديد خاضعا تمام الخضوع لجميع القواعد والأصوال، لكنه بالضرورة لا يخالفها... أي أن لكل لون فني أو أدبي خصوصيته التي يتمتع بها ضمن المجموع العام للأدب أو الفن... ففي الأدب مثلا مهما أضيف من ألوان أدبية، تبقى لغة هذه الأداب تخضع لنفس القواعد والأصول إضافة إلى خصوصية كل لون على حده.

إنما اسقاط لون أدبي أو انكاره فهما غير لائقين اتجاه ما يمثلان على الأقل من تراث أدبي، إنما قد يحصل أن تتراجع مكانة فن أدبي في فترة زمنية ما بعد ازدهاره، لكنه لا يحذف أو يخرج من دائرة الأدب.

وتراجع مكانة لون أدبي معين تحكمها الظروف المحيطة به في ذلك العصر، فالهجاء في الشعر، وخصوصا المقذع منه والمباشر كان شائعا جدا في عصور ما ثم تراجع بعد ذلك ثم عاد وانتشر مرة أخرى، ثم ظهرت به ألوان أكثر تهذيبا ولطفا منها الساخر غير المباشر... وغير ذلك... إنما هو لا يسقط باعتبار أنه كان أحد الأغراض السائدة في الشعر والأدب...

ومن الطرق الأخرى للتجديد هي التوليد من فن أو أكثر سواء كانت فنونا أدبية أو أدبية وموسيقية... كظهور الموشحات مثلا مواكبة للتغيرات البيئية، وما صاحبها من تغيرات نفسية وجمالية وتذوق، وأيضا ما عرف من تقدم كبير جدا في مجال النغم والموسيقى.

أما التوليد من أكثر من فن أدبي فهو على سبيل المثال ما يظهر من تأثر بعض الكتاب باللغة الشعرية، فيأتي أدبهم ما بين النثر والشعر، إنما هو أقرب إلى النثر وليس بشعر، ولا نذكر هذا باعتباره لونا أدبيا خاصا إنما عله على سبيل المثال.

والتهذيب وسيلة أخرى من وسائل التجديد على الأدب والفن سواء التهذيب من حيث الموسيقى عروضا كانت أم ايقاعا ظاهرا، أو في مجال اللفظ والمعنى، أو الغرض كما ذكرنا الهجاء سابقا.

View shamasnah's Full Portfolio
tags: