4- القصيدة الطفلة

 

"4"

 

خالطَ الأنين المكتوم بكاء طفل بطريقة تقطّع نياط القلب،  و عهدي أن الطفل لا يبكي إلا من جوع أو موجوعاً كما كانت أمي تردّد على مسمعي أثناء تربيتي لأطفالي. 

كان البكاء لقصيدة طفلة.. لا أدري أأنجبتها بلحظة نزق أم حبّ ..  ثم نسيتها في زحمة التناسل الأدبيّ و نسيت حتى أن أطلق عليها اسماً لسهولة التمييز. 

أيّ سماء تغفر لأمّ تنجب أطفالاً ثمّ تركنهم في زوايا الإهمال دون اهتمام بأكلهم و نومهم وصحتهم و هندامهم، ثم لو حشر واحد منهم مع ألف طفل لعرفته وقالت هذا الطفل من رحمي، و أبت عليها أمومتها أن ينسب لسواها. 

خطر لي أن أفتق الوسادة قليلاً و أنسل منها القصيدة الطفلة، أن أضمها لصدري و أحنو على غربتها في فوضى المقالات و الروايات والمعلّقات علّي أغفر لنفسي لا مبالاتي .. لكن الصوت خفت فجأة و علّلت نفسي أنها تصطنع الدهشة مع أقرانها من قصائد الهايكو، وما أكثر ما أعلّل نفسي ليستمر الهروب. 

قصيدتي الطفلة، أقسم أيضاً أنها أتتني عبر الرؤيا حيث كانت موؤودة في التراب و تجاهد في رفع رأسها لتلتقط الهواء بشهقات متتالية، وقد جئت بها لأمّي بشعرها الأسود وعينيها السوداوين البراقتين، فقالت دون حتى أن تلتفت : "أعيديها من حيث أتت ماذا سيقول الناس عنّا "، لكني بكيت وقلت : "والله حاولت لكنها تصرّ على الحياة". 

ستقولون أني أعمد لأسلوب التشويق لأمسك القصة من نواصيها، و أنا لي صبر الجمال على ما تقولون ، وسترون يوماً من أكون إذا "ثنيت لي الوسادة".

 

يتبع.....

 

View thana-darwish's Full Portfolio