الحلقة الرابعة من دراسة نقدية في قصة المدعي للاستاذ نز



دراسة نقدية في قصة المدعي



للكاتب الاستاذ القاص والروائي نزار الزين



بقلم : جمال السائح



(الحلقة الرابعة)





هنا تجدون نص الاقصوصة :





المُدَّعي



أقصوصة بقلم : نزار ب. الزين*



*************



بلغ عوني في تحصيله العلمي المرحلة الثانوية ، و رغم نجاحه المتواصل ، لا زال يعاني من الخجل الشديد ، يرتبك إذا تكلم و يشتعل وجهه و يتصبب عرقا إذا سُؤل ، و خاصة إذا كان المدرس هو السائل ؛ حتى أصبح محل سخرية زملائه و تندر مدرسيه .



عانى عوني الكثير من حالة ضعفه هذه ، ثم بدأ يقاومها بالتبجح و الإدعاء سعيا وراء بعض الإحترام لشخصيته المهزوزة ، فوالده غني و صديق شخصي لوزير المعارف ، و عمه صديق مدير مدرسته هذه ( من الروح للروح ) ، أما والدته فهي صديقة أثيرة لزوجة رئيس الجمهورية .



و إذ لمس تغيرا في تعامل الزملاء ، طوَّر تبجحاته و إدعاءاته ، كان آخرها أن إبن عمته الطبيب أحضر له معظم أسئلة الإمتحانات الوشيكة !



ثم بدؤوا يتوسلون له و يتوددون للحصول عليها ...



و ذات يوم إستدعاه الأستاذ راشد ، مدرس اللغة الأجنبية إلى غرفته ..



عندما خرج من الغرفة كان مطأطئَ الرأس ، و علامات أصابع طويلة ملأت خديه ، أما راحتا يديه فكانتا متورمتين .



سأله أحد زملائه علامَ عوقب ؟ ، تصنع التجلد ثم أجابه بصوت نصفه بكاء : << أحدهم دسَّ عني فريَّة ، إتهمني بأنني أبيع الأسئلة لزملائي ، و لكن صبراً سيكون طرد الأستاذ راشد من جهاز التعليم كله على يدي ، قريبا جدا ستسمع خبر تسريحه !.. >>



----------------------------



*نزار بهاء الدين الزين

مغترب من أصل سوري

عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب

البريد : nizarzain@adelphia.net

الموقع : www.FreeArabi.com



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





المشكلة الواعية هنا

ان تندرهم وسخريتهم منه

كان كل هذا قد تمكن منه

حتى صدق

نعم

لقد صدق عوني

ان الطرق عليه مقفلة

لانه لم يمارس التجريب والحياة العملية

وهذا ضعف في التربية

ان تهتم عوائلنا والكبار فيها

بتنشئة افرادها فقط لاجل التحصيل

وتنسى تمرينهم على الحياة العملية

واسداء المسؤوليات اليهم

او تعريضهم الى امتحانات اختلاطية مع اخرين

وبين الفينة والاخرى

وتحت اشرافهم ونظرهم

كي لا يتخوفوا حصول غيرها

حين غيابهم عن افراد اسرتهم

من دون ان يتمكنوا من الاشراف عليهم

.........................................

الدول النامية هي الاخرى كذلك

فهي حينما تود ان تخطو خطوات واثقة

نجدها تقع فريسة لصدامات عديدة

وعقود وتكتلات مشكوكة

وتبرم معاهدات ليس من طائل تحتها

سوى الارهاق المتعمد من قبل الطرف الاخر

مما يحدو بها الى التواصل مع الخطأ

حتى اخر خطوة من خطواتها

ويصبح العود الى اول الطريق

امرا صعبا للغاية

مع ان مقودها الشخصي كان في متناول يدها  

وهذا لا يعني انه سيظل امرا صعبا

ومعقدا للغاية والى النهاية

لكن بوسعها ان تعود الى الوراء

بل ان تنحرف في مسيرها

كما انحرفت في مسيرها وبالامس

لكن لصالح الجانب السلبي

كما كان بوسعها وهي تتقدم ان تنحرف

وفي الاتجاه الخاطئ

فلم لا تفعل

ولكن في الاتجاه السليم

وهي في سيرها

من دون ان تعود الى الوراء

سيكون بوسع عوني ان يتملى في نفسه اكثر

ويستيقظ

ويعود الى معقله القديم

بعد ان حقق ما اراد

لكنه على الغالب

ان لمثل عوني

ان يشكك في نوايا الاخرين

لو انه ترك الادعاء الكاذب

فهل سيكون بوسعه ثانية ان يحظى بعنايتهم

وجميل نظراتهم ورعايتهم له

بل بكافة الوان احترامهم له

هنا

يثبت لنا النص

ان عوني ما زال يئن تحت وطأة ضعفه النفسي

وانه لم يثق بعد بكافة طاقاته

وانه يستخدم طاقات كاذبة

يثق بها

لان من حوله كان وثق بها

مع انه نفسه لا يصدق بها

لكنه لما راى من الاخرين

ومن حوله

يصدقون بها

تطاول على اقوى منها

حتى تواصل

واستمر

بنهج اكثر مثابرة

طالما ان المجتمع يشجعه

ولا يلجمه

حتى اصبح ذا تفوق في هذا المضمار

والحوار الاخير يثبت لنا حقيقة هذا التطور

في هذا الميدان

لذا

فالمجتمع يغذي الافراد

بطبيعة عدوانية

لان الناس تريد

كما الفنان والمخرج

حين يقدم انتاجه السينمائي الغث

والخالي من اي موضوعية وقيمة

يقول ان الناس (عاوزه كده)

وينسى انه يحرم الاجيال الحاضرة

والمعاصرة

والاتية

من احقية استغلال المواهب

في الطريق الاسلم والاصح

.......................................

فكان عوني يمثل موجة بحرية

حاولت ان تعلو على غيرها من الموجات

لكنها حين علت عليهم

كانت قد ملأها الفخار

وما شعرت

انها ما علت على سائر الموج

الا باتجاه الموج المتضاد

وعكس التيار الاصلي

يعني في الاتجاه الخاطئ

وسيكون لسائر الموج ان يواصل طريقه

في اتجاهه الصحيح

بينما ستبقى الموجة الغرور

تظن انها اعلى

حتى اذا ما كان لها ان تصحو

ستتنبه انها لوحدها

وان ذراتها تتكسر بنفسها

على صخرة شاطئ ناء

موحش ومقفر !..

هو ليس بشاطئها ابدا

بل ما كان يمثل لها ساحلا قط

هنا ايضا

سيكون لاعوان عوني

ان يصلوا الى مبتغاهم من دون ان يخسروا شيئا

لكن عوني ربما سيصل معهم

لكن بعد ان يكون قد فقد السيطرة على مقوده

او ظل يحرك بمقود مركبه

في الاتجاه الخاطئ

وهو يظن انه على صحة من امره

وما كان يعرف

انه يظن نفسه على مثل هذا

ويحسب انه يحسن صنعا

لكن حين يقع في فخ المصيدة

سيكون له وحده ان يتلقى الصفعات

مثلما حدث معه في غرفة المدرسين

مع الاستاذ راشد

وسيكون لاصدقائه والذين ظنهم اعوانا له

ان يتفرجوا عليه

ويرصدوا وقع المصيبة عن بعد

من دون ان يقاربهم اي اذى

او نصيب من الم وعقاب !

....................................

عوني يمثل جيلا لم يفشل بسبب من نفسه

لكن المجتمع قاده

الى جادة الفشل

مثلما يقود بمجتهد الى فعل الموبقات

والاشتراك مع عصابات مخالفة للقانون

مع انه كان حريا به ان يتفوق على اقرانه

ويصبح عنصرا فاعلا في المجتمع

وذلك بسبب فقر عائلته

فاصبح يكد عليها

ولما غدا لا يستطيع ان يسد طائلة جوعهم

اذا به يتحرك في الاتجاه الخاطئ

وهو يعلم انه كذلك

لكنه كان يعرف ايضا انه لا مناص له من السير فيه

لانه كان مضطرا اليه

والى توفير لقمة العيش لمن وراءه

كما عوني

.................................

فعوني كان يعلم انه على خطأ

وان صرحنا بانه اصبح يدرك انه على الجادة الحق

لكن لو تميزنا سلوكية امثاله

لكان ان نعلم انه يستهجن ما يقوم به

وذلك بادئ ذي بدء

لكنه كان يجد له الاعذار

لكي يتذرع بها امام نفسه

حينما تنتقده وتلومه

ولكن بمرور الزمن

تصبح الامور له سيان

وتصبح الخطيئة امرا عاديا

لانه اعتادها وصار يحسن صنعها

وليس لمثله بعد ذلك ان يتخلى عن مهارة

كانت تأتّت له وبالمجان !

فكيف وقد اصبح خبيرا بمختلف اسرارها

وسرائر ما تحتفي به نفسيات الاخرين من حوله

من سرور يعتملهم تجاه ما يفعل

وحفاوة يقيمون أودها في مقلتيه

حتى اصبحوا يتبلغون بها

كريع يضخون قبالته كل حنان وعطف على شخصية عوني

والذي كان له هو الاخر

ان يتبلغ به

درءا منه لاضرارهم

يكف بها ايديهم عنه

حتى اصبحت سياسة يعتادها

لانه ومنذ البداية

لم يطرح في نفسه قضية الثقة بالنفس

ولا الاعتماد عليها

ولا القناعة الكبرى

وهي ضرورة ان نقنع بما نقوم به اولا

ولا يهمنا قبلها او بعدها رأي الناس

ولو كان للحصيف ان يهتم بما يقوله الناس

لكن ليس الى الحد الذي يتنازل فيه

عن معتنقاته او مبادئه

لنا ان نفعل

ولكن تقية

لا ان نغرم بحصاد الضرر لانفسنا

كي نقدم محصولات تغذي غرور الاخرين من حولنا

وتجلب لنا صرع العقول بعد ان نوزع عليهم حصصا وبالمجان

كما لو راى الصغير ان اهله يعجبون به لكذبة اولية

ثم يتوالى في صنع غيرها

وطالما كان يلقى تشجيعا لا نظير له

فانه يتواصل

ولم يتواصل عوني

الا لانه الفى كل تشجيع وتحفيز من زملائه

ولنحدث بان زملاءه كانوا غرا

ولكن اين اساتذته عنه

فحالما يسقط في حبائل المصيبة

نجد ان قيمومة المجتمع تتحرك

وتثب من مخدعها المخاتل

وتهب من نومتها

لتعاقب من اجرم

كما التي يتخلى المجتمع عن مدها بالعون

ومساعدتها وتوفير لقمة العيش لها

واسباب الحياة الحرة الكريمة

حتى تضطر لان تهب جسدها لاحدهم

او لكل من هب ودب ..

............................................................

(رغم اني اقول ، ان مسؤولية جسدها والتصرف به هو امر منوط بها وحدها اقصد مهنة ايجار الجسد لانها متسلطة عليه وليس لاحد ان يلجم رغبتها ولكن لها ان تفعل بمعونة حصافتها وان لا تتعرض معه الى امتهان او استغلال .. لكن مجتمعاتنا الضعيفة وبتقاليدها البائسة والبالية لا تقبل بهذا بل تتدخل لتمثل حركة القيمومة حتى على جسدها وانفاسها ومشاعرها وبالقوة)

...........................................................

من ثم نرى المجتمع

ينقلب ليقوم بمعاقبتها

وعبر اذلال تام ورجم صريح ونعت قميء

ومن دون ان يحاسب الفاعل

وربما كان نفس الفاعل هو الحاكم

والمقتص الحقيقي لها

وما كان المجتمع الشبق

الا السبب في كل ما قامت بفعله

لانه كان اضطرها الى الموت

لكنه متى ما راى منها ما يتعاكس مع قساوته

وانها كانت قد دخلت الصورة العامة والقفص

كان له ان يستدرجها الى موت أعظم !

......................................

وما درت انه كان استدرجها بعصاه السحرية

والتي ما كانت الا مزودة بشائكة توجه صدماتها الكهربائية

متى ما اراد ان يفعل معها صاحبها ذلك  

......................................

كذلك عوني

كان لظلم وحيف المجتمع من حوله ان يطاله

فاراد ان يعبر عن غضبته تجاهه

فعبر بصورة سلبية

فاستطابها المجتمع من حوله

حتى اذا ما جر على نفسه الويلات

وقف نفس المجتمع يتفرج على فعل نفس المجتمع به

بل ربما سيؤنبه على افعاله في اليوم

نفس المجتمع الذي كان شجعه بالامس عليها !

.....................................



انتهت الحلقة الرابعة

من الدراسة النقدية في قصة المدعي للاستاذ نزار الزين

وتليها الحلقة الخامسة انشاء الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مع تحيات جمال السائح

2006-02-20










View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: