دراسة نقدية سريعة مباشرة في قصة هل كان طيفا لندى الدانا

الى ندا الدانا ...



دراسة نقدية سريعة وبشكل مباشر لقصة هل كان طيفا لندى الدانا



بقلم جمال السائح





النص تجدونه هنا





ِهل كان طيفا؟!

فجأة رأت فريد يتهادى أمامها! راودتها رغبة ملحة في الهرب كي لا تضطر إلى مواجهته، تساءلت: لماذا أتصرف هكذا؟! لماذا أتهرب منه؟! جلست في مكان خفي في النادي تراقبه دون أن يراها، وقف مع أصدقائه بألفة وحميمية، انسجم معهم في أحاديث ودية.

خرجت من مكمنها، كان وحيدا وسط الزحام،تسرح عيناه باتجاهها، التقت نظراتهما، لم تحرك ساكنا، ظلت تنظر إليه بحياد وكأنها لا تعرفه ولا تراه، تعمد أن يتطلع إليها بإصرار، مشى تحيط به هالة غريبة، ضوء ناعم، حضوره أضفى على النادي سحرا، حيثما تنقل في الزحام تراه أمامها، أحاط به كثير من الناس، لم تر غيره، قابلت العديد من معارفها، حيتهم، سألتهم عن أحوالهم، ابتعدت عنهم، استرقت النظر إليه من بعيد، لم تره، رسمت صورته في خيالها،وبدأت تتأملها. استغربت إحساسها: تراه ولا تحدثه، تبتعد عنه ولا تفكر إلا فيه، تنسى الآخرين، تبقى صورته متألقة على شاشة ذاكرتها. تساءلت: (( هل أحبه دون أن أدري؟! أم أنني أحب أن أتخيله وأفكر فيه؟! ولماذا أحب أن أتخيله وأفكر فيه إذا كنت لا أحبه؟!)) . ظنت أنها نسيته، أصبح مجرد ذكرى أوطيف، حضوره في ذلك المساء أكد لها أنه نائم في قلبها ووجدانها، مغيب في تلافيف ذاكرتها.

منذ عامين التقت به، كان لقاؤهما مشحونا بالتوتر والاستفزاز والصدام، معاندة ومكابرة من الطرفين، انجذاب ونفور، قررت أن لا تراه ثانية كي تهرب من تلك الحالة الغريبة المركبة، نسيته، ظل اسمه يثير في ذهنها بعض المشاعر المتناقضة التي لا تدري كنهها: اهتمام أم إعجاب؟! خيبة أمل أم فضول؟!نفور وكراهية أم مزيج من تلك الأحاسيس؟! تريد معرفة أخباره ، ولا تريد معرفة شيء عنه في آن واحد، كيف التقت عندها كل الحالات المتناقضة والغريبة؟! فكرت فيه كثيرا، كل الأغاني التي سمعتها، وقصص الحب ربطتها بشخصيته، تساءلت: ((ترى هل يفكر بي أيضا؟!)) ضحكت كثيرا من خيالها الخصب، لماذا يفكر بها؟!ألا يوجد في العالم غيرها؟! لم تتوقع رؤيته، المصادفة هي التي جمعتهما. هذه المرة ، رأته يمشي أمامها، ابتعدت عن مجال نظره، تظاهرت أنها لم تره، تقصدت أن لا تلتقي عيونهما((لماذا أتصرف هكذا؟! لو كان شخصا عاديا أعرفه لسلمت عليه ببساطة، هل أكرهه؟!))

تخيلت أنه سقط على الأرض،وكسرت رجله، انتفضت ((لا...لا أريد أن يصيبه أي مكروه.. أنا لا أكرهه، أنا أحبه، ولكن كما أحب كل الناس، ولا أريد لهم الأذى))

رأته مرة أخرى في نفس المكان، كان يقف مع أصدقائه، تأملته، التقت عيونهما،أحس بنظراتها،التفتت إلى جهة أخرى،مشت أمامه،ترك أصدقاءه،اقترب منها، صار مواجها لها، صافحته:- مرحبا

شعرت بدفء يده وارتباكه، لم تدر هل رد التحية أم لا ؟! لربما رد بصوت خافت،فقدت قدرتها على السمع والفهم، سألته: كيف حالك؟ لم يرد، كان مبهوتا ينظر إليها بتمعن، فجأة اختفى، لم تدر هل اعتذر أم لا ؟! ((ترى هل يحبني ويتهيب لقائي ويهرب مني؟! هل يلجمه وجودي فيصاب بالصمت رغم فصاحته،وطلاقة حديثه؟!

مشت، أحست أنه مختبيء في مكان ما يراقبها، أن نظراته تحاصرها، عرفت مكانه، ضبطته ينظر إليها،لا، إنه ينظر أمامه فقط ولا يقصدها.لا،إنه يتأملها دون أن تدري، فرحت لأنه يهتم بها، ثم حزنت((إنه يتابعني وينظر إلي كما ينظر إلى كل الناس، لماذا أفرح هكذا؟! لو كان أمري يهمه لما هرب مني، بل وقف معي وحدثني وسألني عن أخباري،لكنه9 غير مكترث، ولربما هو مرتبط بفتاة أخرى،ويخشى أن تراني معه))

مرت منار أمامها، ابتسمت، هتفت:

- أهلا بحنان الشاردة! حاولت أن أنبهك لوجودي، لكنك غائبة في عالم آخر،إلى أي سماء وصلت؟!

- إلى السماء السابعة

- تعالي يا عزيزتي نستريح قليلا، واتركي السماء لأصحابها

جلست قرب منار، تأملتها منار:

- مازلت حالمة،أفيقي يا عزيزتي، كوني واقعية، ما أحوال دراستك؟!

- جيدة

- ولوحاتك؟!

- أجلتها للصيف، أرسم فقط اللوحات المطلوبة مني في كلية الفنون،وأنت؟!

- أغرق في الحسابات والأرقام ، وأحضر للامتحان.

توقفت منار عن الحديث،نظرت في أحد الاتجاهات،هتفت:

- حنان! انظري هذا فريد ابن عمتي يتمختر بين المعجبات

نظرت حنان إليه بطرف عينها،رأته منهمكا في الحديث مع ثلاث فتيات، استعادت نظرها، قالت لمنار بلا مبالاة:

- ربما هو وسيم قليلا لذا تهتم به الفتيات، تعرفين اهتمام فتياتنا بالمظاهر

سمعت صوت شاب خلفها يقول:

- أنت مخطئة، ليست وسامته ما يجذب الفتيات

لم تكترث بما قيل ، لم تلتفت إلى الخلف، لم تعرف القائل.

قالت منار: يبدو مشغولا بمعجباته، هذا دون جوان أسرتنا، أنا ابنة خاله لم يرني، الحق معه، ليس لديه وقت لي

حنان: دعيه يتمختر كما يريد، ويفرح باهتمام الفتيات، حرام عليك

منار ضاحكة: هل أنت محامية مختصة بالدفاع عنه؟!

حنان: وهل أنت مختصة بالادعاء عليه؟!

عادت حنان إلى أفكارها، تساءلت:

- ((لماذا لم ألتفت حين سمعت كلام الشاب خلفي؟! ولكن يبدو أن منار لم تسمع شيئا، هل كنت أتخيل ذلك؟! هل ظننت أنني سمعت تلك العبارات؟!

- صوت الشاب يشبه صوته، هل كان هو الذي حدثني؟! هل غير مكانه ووقف ورائي؟! وسمع حديث ابنة خاله، ورد على الحديث بحيث أسمع أنا فقط؟! لماذا لم ألتفت إليه؟! ما الذي أعجبني فيه؟! جديته، عمقه، عزة نفسه، كبرياؤه، رهافة إحساسه!))

صحت على صوت منار: حنان! أين وصلت؟! أحدثك ولا تسمعينني، هل ترسمين لوحة في خيالك؟!

ضحكت حنان محرجة: برافو حزرت، أنا أرسم لوحة في خيالي

- حدثيني عنها

- صعب جدا، حين أرسم اللوحة بالألوان الزيتية سترينها

نهضت منار وهي تنظر إلى ساعتها:

- حنان ! سأتركك الآن لخيالك،لدي عمل هام.. باي .. باي

- باي باي

ظلت حنان جالسة في مكانها حالمة، تساءلت : (( لماذا أراقبه؟! ما ذا أريد منه؟! أتأمله حين يبتعد عني،وحين يقترب مني أتجاهله، وأتظاهر باللامبالاة، هل هي كبريائي واعتدادي بنفسي؟! أم أنني أستخدم خبثي ومكري الأنثوي ضده؟! هل أنا ماكرة وخبيثة حقا؟! ما أعرفه عن نفسي أنني صريحة وواضحة، هل أجهل حقيقتي؟! ووجوده كشف لي عن ذاتي أمورا لم أدركها من قبل؟! ولكن ألا يمارس هو بعض أساليب الشباب في إغواء الفتيات ؟! ألا يتمختر أمامي ويريني نفسه ، لكنه لا يكلمني، كي يشوقني ويجذبني إليه ؟! إنه شاب مراوغ يريد أن يشغل تفكيري ويورطني بحبه، ربما كنت أظلمه، لعله شاب بسيط وساذج تعلق قلبه بي، فصار وجودي يربكه، لعله لم يعرف الحب الحقيقي في حياته، ورآني فأحبني، لكنه يعرف الكثير من الفتيات! ربما يعرفهن معرفة عادية، ولا يحب أي واحدة منهن، ليس من السهل أن يحب الإنسان أي فتاة، قد يعجب بفتاة ما، أو يستلطفها، لكن الحب الحقيقي يصادف الإنسان مرة واحدة في حياته، وقد لا يصادفه أبدا، نظرات فريد لي عدوانية، ليست ودية، هل ينتقم مني؟! ولماذا ينتقم مني؟!))

صحبتها ذاكرتها إلى أيام مضت،مرة وقفت لتحدثه،تشاغل عنها قليلا مع أصدقائه،مشت دون أن تقول له وداعا، ترى هل ظن أنها أهانته؟!

وهو يرد لها الإهانة ؟! ما تعرفه عنه أنه لا يحب أن يزعجه أحد، وينتقم من إساءات الآخرين، هل ينتقم منها الآن؟!

ضحكت من خواطرها الحمقاء، إنه لا يفكر فيها أبدا، ولا تراوده هذه الخواطر، لو كان أمرها يهمه لفتش عنها، وحاول رؤيتها، والتقرب منها.

- حنان! لماذا تجلسين وحيدة؟!

رفعت رأسها، رأت صديقتها نهى مع أخيها أيهم تنظر إليها ضاحكة، هتفت:

- أهلا نهى، أهلا أيهم

جلس الإثنان قربها

أيهم: بماذا تفكرين؟! كأنك غاتبة عن الوعي!

حنان: لا، أنا في حالة صحو كامل

نهى غير مصدقة: من هو سعيد الحظ الذي تفكرين به؟!

حنان محرجة: لا أفكر بأحد

أيهم مازحا: لا بد أنك تفكرين بي! لا تتعبي دماغك بالتفكير، أنا أمامك

حنان ضاحكة: كم أنت واثق من نفسك! اطمئن أنا لا أفكر بك

رفعت رأسها، نظرت أمامها، رأت فريد يتطلع إليها بإصرار، يتأملها، ويمر أمامها سريعا، تابعته، رأته يصافح بعض الأصدقاء، ويكمل طريقه بعيدا عنها.

قالت نهى: تعالي معنا، الطقس جميل

حنان وهي تنهض: نعم سآتي معكما

قالت لنفسها: ((علي أن أغادر ه ذا المكان، عساني أنسى صورته وتصرفاته))

مشت معهما في شوارع دمشق الهادئة،داعبتها نسمات الخريف الناعمة، رافقتها صورته كظلها، حين وصلت بيتها، ارتمت على سريرها متعبة، فجأة قفزت بسرعة،هرعت إلى فرشاتها،وألوانها، حاولت أن تنقل أحاسيسها إلى لوحتها، يدها ترتجف، أصابعها تقبض على الفرشاة بعنف، صداع شديد يداهمها، اختلطت الألوان على اللوحة، تشابكت، حين توقفت عن الرسم كان أمامها ألوان متناثرة لا معنى لها، عجزت عن استحضار صورته في لوحتها، الأفكار تتصادم في رأسها، تكاد تمزق دماغها، ارتمت على سريرها كي تنام وترتاح، لم تدر كيف ساقتها قدماها في اليوم التالي إلى النادي، دخلت البهو، رأت شلة من الأصدقاء والصديقات يجلسون إلى إحدى الطاولات، أشار لها أحدهم بيده، هتف:

- حنان ! نحن هنا

مشت باتجاههم، جلست معهم، كانوا متحمسين لرؤيتها، قال راغب:

- منذ زمن طويل لم نرك في النادي

- البارحة كنت هنا

- ونحن كنا هنا أيضا ولم نرك

- غادرت النادي باكرا

التفتت حولها، رأت فريد يقف قريبا منها، يتحدث مع أصدقائه، وقد أدار ظهره باتجاه طاولتها، انسجمت في الحديث مع أصدقائها، و إذا بشاب يخترق المكان كالسهم بخطوات سريعة، صار وراء طاولتها، التفتت خلفها، التقت نظراتهما، تمعن فيها بحدة ، أكمل طريقه (( هل يغار علي ؟! كلما رآني أحدث شابا اقترب مني ونظر إلي بعدوانية))

في ذلك المساء ظلت تشعر بوجوده يحاصرها، كلما اقترب منها أحست بتغير في المناخ، وخلخلة في الهواء، وأحاسيس غريبة، كانت تلتقط أنفاسه وتحركاته، دون أن تدري، حاولت أن تهرب من حالة الشرود التي استغرقتها

سألت راغب : - أين سهير؟

أجابها حزينا:- لم تأت

- لماذا؟

- هذا موضوع يطول الحديث فيه، هل أستطيع أن أحدثك بعيدا عن الشلة؟

- نعم

اعتذرا من الأصدقاء، صعدا إلى الطابق الثاني في النادي، جلسا إلى طاولة قرب إحدى النوافذ المطلة على البهو

- ماذا تريد أن تحدثني؟

- سهير غاضبة مني بسبب سوء تفاهم بسيط، رفضت الاستماع لي ، سأشرح لك الموضوع كي توضحيه لها.

استمعت إلى راغب بهدوء، نظرت من النافذة إلى البهو ، رأت فريد واقفا تحت النافذة يتطلع إلى الأعلى بنظرات شاردة، استغربت ((هل كان يراقبني؟! رآني أصعد إلى الأعلى فوقف في مجال نظري كي أراه ، أم أنه يفتش عن أحد ~أصدقائه؟!))

موسيقا ناعمة تتراقص في البهو، تلفها بجو رومانسي حالم، وتهديء أعصابها. استمر راغب في الحديث وهي مستغرقة في الاستماع إليه،نظرت ثانية إلى الأسفل، لم تر أحدا((هل كان فريد موجودا أم أنني تخيلته؟!))

ألقت نظرة أخيرة إلى البهو قبل أن تغادر مكانها مع راغب ، رأت فريد واقفا في مجال نظرها، يتطلع إليها بنظرات هائمة ينبع منها شلال عاطفة وحنان، تحولت الحدة والعدوانية في عينيه إلى نظرات ودية حالمة، حين وصلت إلى البهو مع راغب كان فريد قد اختفى.

جلست قليلا مع شلة الأصدقاء إلى الطاولة، تطلعت حولها، لم تره، غادرت النادي، مشت في الطريق مسرعة ، تساءلت:(( هل يريد أن يحدثني؟! لماذا لا يقترب مني ويحدثني؟! لماذا يتصرف بهذه الطريقة الغريبة المحيرة؟! هل يخشى أن يصدم بي إذا عرفني عن كثب؟! هل يريدني أن أظل خيالا في ذهنه؟!))

وصلت غرفتها، حاولت أن ترسم وجهه على لوحتها،فشلت، في اليوم التالي،كانت في بهو النادي تجلس إلى إحدى الطاولات مع بعض زملائها في الكلية، تتصفح كتابا، انتصب فريد أمامها، صافحها بعجلة وارتباك، مشى، وقف قريبا منها في البهو، وهالة من الحنان والدفء تشع حوله، يحيط به أصدقاؤه، رأت صديقتها ريما تقف مع ابنها شادي وزوجها أحمد في البهو، يفتشون عن طاولة يجلسون إليها، اقتربت منهما تحدثهما، سألت شادي بلطف:

- كم عمرك يا شاطر؟

شادي: خمس سنين

ربتت رأسه بتودد، اقترب فريد، سلم على ريما وأحمد، ربت رأس شادي، لامست يده يدها، حنى رأسه ، قبل الطفل، تطلع إليها بنظرات حميمية دافئة واختفى

قالت ريما: يبدو أن فريد مشغول، لذا ذهب بسرعة

هزت حنان رأسها بحيرة

لم تر حنان فريد بعد ذلك أبدا، لم تسمع أخباره، ترددت عدة مرات إلى النادي، اتصلت بمنار كي تسألها عنه، كانت منار مسافرة

حاولت أن ترسم صورته على لوحتها، فشلت في تذكر ملامحه، وعلى اللوحة كانت تتربع صورة شبح هائم ، حوله هالة مشرقة.

سؤال كان يراودها دائما: هل كان فريد رجلا حقيقيا خشيت أن تتعرف إليه، وتكتشف فيه صفات لا تحبها، لذا فضلت أن تبقيه خيالا في ذهنها، تضع فيه كل الصفات التي تتمناها؟! هل حصلت كل الأحداث في ذلك النادي؟! أم أنها تخيلت ذلك؟! هل اهتمت به وتابعته أم تخيلت ذلك؟! هل تعرف رجلا اسمه فريد يتردد إلى ذلك النادي؟! وهل تعرف ابنة خاله منار؟! أم أنها تظن ذلك؟! هل كان فريد طيفا لرجل شاعري تمنت أن يوجد ويتصرف بشكل غير مألوف؟! رجل يذكرها بقصص الحب الرومانسية التي قرأتها في بداية مراهقتها، والأفلام العاطفية التي شهدتها، وحلقت في أجوائها! رجل يختلف عن الشباب التافهين المحيطين بها، والذين يزعجونها بتصرفاتهم الفجة! هل كان ما جرى قصة حب غريبة، بعيدة عن رتابة الحياة ومللها، عن واجبات الدراسة والمظاهر الاجتماعية المزيفة؟!

هل كان فيلما رأته على شاشة خيالها، وكانت هي البطلة فيه؟!

هل كان لوحة فنية تتمنى أن ترسمها؟!

هل كان فريد رجلا حقيقيا أم أنه مجرد طيف؟!

29//199511

www.postpoems.com/members/nada







ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ











في قصتك هل كان طيفا

فتاة

تبحث عن الافضل

حتى حبيبها الذي ربما شكت في حبها له او لا

تحلم بان يكون ا لافضل

في داخلها اشياء

لم تتحدثي عنها

لانها كانت تبحث عن الافضل

وكلما تكررت صورة حبيبها امامها

كانت في نفسها مكنونات

تفتش عن افضل

تبحث عن فرصة

لا تسمح لها بالتنازل

حتى امام حبيب عمرها

تحت ذريعة ان الفرصة لم تؤاتها

وليس على المراة ان تتنازل وتعلن عن مكنون سرها

او سريرة قلبها

هذا الاحساس

غامر ببطلتك

ولقد كانت تتحسس نفسها تجادلها

بصورة الحبيب

وتعاندها

لكنها كانت لا تجامل

حتى داخلها

وخلائجها

في داخلها صراع

لانها لا تقوى حتى على رسم اللوحات التي تشاء

في ايام الدراسة

فتكتفي برسم لوحات يطلبونها منها

فهي لا تستطيع ان تقرر بمعزل

عن المجتمع

رغم تحررها

واختلاطها

وعدم عنايتها بدرسها

لان اغلب وقتها الذي رايته في القصة

يدل على انها تقضيه في الكلية

او النادي

فاين الدرس

لذا هي متقدمة على اقرانها

يعني مجتهدة

يكفيها ان تكون في النادي

وستجد مخليتها كل العزم على التقاف درس ذلك اليوم

وبصورة لا ارادية

فكيف لم تستطع ان تفهم نفسها

ودرسها حولها

انت تعرضت لازمة عظيمة وعنيفة

تجلد المراة بسوط الرهاب من دون حراك

تقوم فيها هي بدور الظالم والمظلوم في ان واحد

انها ازمة كارثية

لو استمرت

ان تجدين طبقات المجتمع التي تحسب على المفهوميات

لا تجد لنفسها حلا

فكيف ستجد لمجتمع باسره اي حلول

تراها

او لا تراها

لانها عاطلة حقا عن الوقوع على اي حل

لذا تبقى اسيرة الشك

الشك الذي لا يغريها الا بالتخلي عن مهامها اليومية

او اللهو في مظان احرى بها ان تنتهزها كي تهتم بواقعها ومستقبلها

لا اقصد ان لا تلهو

لكن ان تفيد من لهوها في سبيل تطوير مواهبها النفسية والعاطفية والفنية

كان احرى بها

ان ترسم له لوحة فنية

كي تعكس ثراءها الروحي

لكن هذا لم يحصل

تتصفح كتابا لتعرب لنفسها انها تواصل ثقافتها

من دون معزل

لانها تتصفحه وهي في النادي

ثم لوحاتها

لم تعد تفكر ايها ترسم

ولو ترسم فانها لتعيا ثم لا تواصل

اخيرا لوحة في الخيال

ثم هو لا يزال تشعر به يتابعها

اليس هو ظلها

اليس هو نفسها وروحها

لكنها لا تريد ان تتجلد وتعترف

ازمة الاعتراف

المصارحة

مجتمع مفتوح

لكنها تخاف فيه ان تكشف عن حبها

فتضيع الفرصة

اي تطور رسمناه لانفسنا

حتى تطوراتنا كلها لا ترقى ولا حتى الى مستوى الخيال

لاننا لا نجد حتى في خيالها مواقف حب قوية للغاية

تعبر عن حبها له وبالتاكيد

او ميلها اليه

ربما

تلك الواقعية حول ان يتعرض الى كسر

هذا الموقف درامي

ربما اصطنعته

كي تسكت غلواء نفسها

وتعتذر عما اصابها من اندحار

لكنها جرعة لم تكن بالكافية

بل كانت اضعف من ان تعالج حمى لازمتها

حمى النفس

تشتهي ولا ترغب

تخاف ان رغبت

ان تعلق بمناكب الحياة من بوابات اخرى

ربما تخاف حبيبها

حتى لو كان كذلك

هل هو الخوف من استلاب الحرية

لانها لا ترسم له الا في الخيال

والخيال فسيح افسح من الواقع

لذا هي تخاف الواقع

بل تتجنبه





شكرا

جمال

View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: