الحلقة الاولى من دراسة نقدية في قصة المدعي للاستاذ نزا



دراسة نقدية في قصة المدعي



للكاتب الاستاذ القاص والروائي نزار الزين



بقلم : جمال السائح



(الحلقة الاولى)





هنا تجدون نص الاقصوصة :





المُدَّعي



أقصوصة بقلم : نزار ب. الزين*



*************



بلغ عوني في تحصيله العلمي المرحلة الثانوية ، و رغم نجاحه المتواصل ، لا زال يعاني من الخجل الشديد ، يرتبك إذا تكلم و يشتعل وجهه و يتصبب عرقا إذا سُؤل ، و خاصة إذا كان المدرس هو السائل ؛ حتى أصبح محل سخرية زملائه و تندر مدرسيه .



عانى عوني الكثير من حالة ضعفه هذه ، ثم بدأ يقاومها بالتبجح و الإدعاء سعيا وراء بعض الإحترام لشخصيته المهزوزة ، فوالده غني و صديق شخصي لوزير المعارف ، و عمه صديق مدير مدرسته هذه ( من الروح للروح ) ، أما والدته فهي صديقة أثيرة لزوجة رئيس الجمهورية .



و إذ لمس تغيرا في تعامل الزملاء ، طوَّر تبجحاته و إدعاءاته ، كان آخرها أن إبن عمته الطبيب أحضر له معظم أسئلة الإمتحانات الوشيكة !



ثم بدؤوا يتوسلون له و يتوددون للحصول عليها ...



و ذات يوم إستدعاه الأستاذ راشد ، مدرس اللغة الأجنبية إلى غرفته ..



عندما خرج من الغرفة كان مطأطئَ الرأس ، و علامات أصابع طويلة ملأت خديه ، أما راحتا يديه فكانتا متورمتين .



سأله أحد زملائه علامَ عوقب ؟ ، تصنع التجلد ثم أجابه بصوت نصفه بكاء : << أحدهم دسَّ عني فريَّة ، إتهمني بأنني أبيع الأسئلة لزملائي ، و لكن صبراً سيكون طرد الأستاذ راشد من جهاز التعليم كله على يدي ، قريبا جدا ستسمع خبر تسريحه !.. >>



----------------------------



*نزار بهاء الدين الزين

مغترب من أصل سوري

عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب

البريد : nizarzain@adelphia.net

الموقع : www.FreeArabi.com



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





الاستاذ نزار الزين

اسم لامع في عالم الادب

خاصة في عالم القصة والرواية

في قصته هذه المدعي

سنقف على عدة محاور

منها الحدث

ومنها الشخصيات

ومنها الدلالات التي استخدمها الكاتب لايصال فحوى مقاله

بعدها سنحاول ان نشتمل على لغة الخطاب التي ابتدرها الاستاذ الكاتب لإشباع قصته بمجمل الصيغ والاساليب التي لها ان تمسك بمفاصل الحدث حين تصالبه مع الشخصيات وتقاطع السلوكيات بمفروضية تكاد ان تلامس فينا شعاع الفهم بعد استفحال العقدة خصوصا في نهاية القصة ليطلع علينا الكاتب بحوار بامكانه ان يحرك مساعي التواصل مع الحكاية ولاكثر من المدة الزمنية التي كان انتهى عندها او اتكأ عليها ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشخصيات الواردة في القصة بشكل مباشر وغير مباشر

المدرس

المدرسين

زملاء عوني

والد عوني

وزير المعارف

عم عوني

مدير مدرسة عوني

والدة عوني

زوجة رئيس الجمهورية

ابن عمة عوني طبيب

استاذ اللغة الاجنبية راشد

احد الزملاء



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



شيء عظيم ان تتكتل كل هذه المفردات من عناوين لافراد مع صفاتهم العملية في مسار من الحركة والتفعيل تحتكره قصة قصيرة او حتى اقصوصة وبشكلها المطواع والمألوف ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عوني طالب مجتهد

بلغ مرحلته الثانوية بعد نجاحات متواصلة

لكنه يعاني من الخجل رغم بلوغه مثل هذه المرحلة

اصبح محل سخرية زملائه وتندر مدرسيه !

...........................................

هنا تناقضات عدة

يحملها مجتمعنا بكل تراكيبه

الصغيرة والكبيرة

المثقفة والتي هي في طور التثقيف

كما الدول لدينا فيها الدول المتقدمة

والدول التي هي في طور النمو

والدول النامية

لم تشفع كل النجاحات المتواصلة لعوني في درء السخرية من زملائه

بل تعدت الى تندر اساتذته عليه في المدرسة

لانه كان يعاني من الخجل الشديد

ويرتبك اذا تكلم

ويشتعل وجهه ويتصبب عرقا اذا سئل خاصة من المدرس !

..........................................

هذه الاعراض تكاد تكون طبيعية في سلك المدرسة

لا بد وان تجد انواع عدة من التلاميذ يكونون محط انظار كل من حولهم

فثمة اشقياء وثمة شجعان وثمة طيبين ومسيئين ومجتهدين وكسالى

وثمة اخرين ربما يتملكهم الخجل لابسط الاشياء حتى يكاد يتصببون عرقا

..........................................

لكن ما الذي يجعل من عوني او مثل عوني أن يصبح كذلك

راينا في كثير من الحالات التي عشناها

وفي مراحل مختلفة من الفترة الدراسية

كثيرين من اصناف الطلبة

فيهم نظراء لعوني

لكن ربما بعد ان يكون قد اعتاد الطلاب سلوكياتهم

يصبحون وبحكم الضرورة المتوالية امرا متعارفا عليه

سيما في الصف او الفصل الذي يحضرون فيه للدرس

....................................

من مثل هذه النماذج عوني

عوني لم يلق الفرصة لكي يعبر عن وحيه الداخلي وبكل حرية

لانه كان مكبل باغلال الخجل والاحباط النفسي وضعف في الشخصية

اما اسباب ذلك

فلم يتطرق لها الاستاذ الكاتب

لكنه يقدم لنا صورة عامة عنه

ولنا ان نتخيل وضعه وتراكيب تصاويره اليومية

..................................

عوني يمثل دولة من دول العالم الثالث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دولة تحاول ان تنمو

او نامية

تحاول ان تخط طريقها وسط الصخب والضجيج

وسط عالم لا يرحم

حتى عالم الدول التي هي في طور التقدم

هو الاخر عالم لا يرحم

..............................

لكن تلك الدولة لا تثق بكل امكانياتها

ولا تتردد في مد يد الحاجة الى غيرها من البلدان

مع انها صارت تمتلك ما تمتلك

وربما احتاجت اليها تلك الدول الاخرى

العقدة تكمن في انها لا تثق بطاقاتها

ولا ترتهن نفسها بقدراتها

ولا تعتمد على المحفزات التي لديها

بل لا تكتفي بما عندها

وان كان ثمة ضرورة الى التواصل مع اخريات

حتى لو كانت متقدمة

وهذا جزء لا يتجزء من اصول الحياة

والترابط الحضاري

والعلمي والثقافي والاقتصادي عموما

عوني هو الاخر

مع ما لديه من علمية واجتهاد وقدرة وطاقة

فهو لا يثق بنفسه

يعبر عن حاجته الى الاخرين

والى التواصل معهم وبشكل تلقائي وعادي للغاية

لكنه يعجز

مثلما تعجز بعض البلدان النامية

عن الاعراب عن قدراتها الواثقة

وكافة مواهبها التي لها ان تطلقها في اجواء

يمكن لها هي وحدها

ان تفرض مساحاتها وانوائها

لكننا سنرى الى عوني

كيف سيبدي عجزه بصورة شاملة

وكيف سيظهر تردده وعدم ثقته بنفسه

حين فقدانه لابسط مقومات التواصل

وسنشعر معه كيف يعلن عن احتياجه الى كل من حوله

من الاصدقاء والمدرسين

وسنرى كيف سيعبر عن غضبه

بصورة سلبية

لا تتوافق او تتلاءم مع مستواه العلمي

ونشاطه التحريري وليس الشفوي

باعتباره خجل للغاية

يصيبه الاضطراب والحياء لابسط كلام يقال له

او سؤال يطرح عليه

فكيف لو طالبوه بابتدارهم بمثله

هنا تتزامن مشكلة الوعي باساليب الحضارة

وبمشكلة التضامن مع حقائق هي جزء من المسلمات

فضلا عن توافر شك لا مبرر له

بمختلف الطاقات والابداعات الحاصلة في داخل الانسان

وانها لا تحتاج الا الى امتحان بسيط

كي تعبر عن ثقلها وكيفية انبساط كثافاتها الممسوحة في عقليات الاخرين

من قبل ان تكشف عن ماهياتها امام داخلية نفس الانسان الحامل لها

حتى ان النص سيكشف لنا وفيما بعد

عن طاقة هائلة في نفسية عوني

كان احرى به ان يفيد منها ايجابيا

بدل ان يسلط ضوءها في الاتجاه المشوش

والذي ليس له ان يحصد من ورائه

سوى متبّلات حاقدة على الهاضمة الانسانية ليس الا

ليس بوسعها ان تتضامن مع عصارات الغدد المتوافرة في داخل معدته

الا بعد ان يتكايس معها

ولكن بشكل مقلوب

لانه ليس معنون لغايتها

الا انه شرع بترك الغاية

وامتسح بالاسلوب

كي يدعه يسيطر عليه

لينقلب لديه غاية مغياة وبنفسه

مع انه ما كان الا طريقة او اسلوبا غير صحيح

فكيف لو اعتبره كينونة عوني المنطوية عليه اساسا

انه غايته الجديدة

فبدل ان تظل غايته الحميدة

اجتهادا في سبيل نيل افضل الفرص المستقبلية

ونشاطا المع من اجل صيد علمي اكبر

وحصاد فكري وثقافي وعلى كل الاصعدة المنهجية

وفي مختلف المستويات التي كان يتوفر عليها عوني نفسه

من دون ان يكلف نفسه ثمن المواجهة

او يمتحن ذاته في القدرة على الوقوف ثابتا وبرسوخ

كي يعدها تالية لكل مشاقه التي كان ابتذلها

ولما يزاول السعي وراءها

حتى نجده يلهو باشياء تثير ترف الاخرين من حوله

ليصبح جذب انظارهم والاستحواذ على اعجابهم بنفس عوني

غرضا مهما

وهدفا ساميا

يتمثل في داخلية عوني

بعدما كان هدفه الاسمى التحصل وطي سني الدراسة باقل كلفة

لانه يعي ما يقرأ

ويقوله اساتذته في الصف

لذا كان من المتفوقين

فبدلا من ان يستثمر نبوغه في سبيل ارشد

نراه يضطر وبصورة تفاعلية

الى ان ينغمس وبالرغم منه

وبفعل سلوكيات الطلبة من حوله

فضلا عن طبيعة تعامل مدرسيه معه

الى ان يتحدى صلافة ذلك القهروت ..

الذي عكفوا على ممارسته حياله

ولكن بصورة اراد ومن خلالها

ان يثبت لهم من يكون

وان هذا الطريد من قبل نظراتهم

والمثير لريب تندراتهم ووحي استهاناتهم

ما كان الا تلميذا ينطوي على قدرات هائلة

وكفاءات واعية

وما قدروه حق قدره

اراد ان ينازلهم بنفس اسلحتهم

لانه وجدهم اناسا لا يفقهون لغته

ولا يفهمون مشكلته

وحقيقة ازمته

فلم نر في النص اي تمثيل

ولا لاحد منهم

بامكانه ان يحاول فهم عوني

او ان يتقرب منه

مثلما يمكن ان يتواجد دائما

فلا يمكن ان تخلو من صالحين

فلو خليبت لقلبت

ولكن النص لا يشير الى ذلك

ولو انه اشار قرائنيا

من دون ان ينبس به

اقصد نفس النص

لكن ربما كان لها ان تحسب في الجهود

التي ليس لها ان تثري غرور عوني

او تعيد اليه نصاب الاصوليات في بناء شخصيته

وربما كان لها ان تتميز بصورة التأسي

والتضامن

والمشاطرة

ليس الا

ومثل هذا هو ليس بالذي بامكانه ان يدفع عن عوني

طائلة ما يراه امرا صار مؤذيا في كل وقائعه

فكان بحاجة الى تدويخهم

بعدما عجزت علميته عن ابهارهم

لكنا سنراه كيف يحاول ان يفتعل الكلام

ويدعي ما يدعي

من دون ان يخجل او يتواطأ مع حيائه

فكيف كان يتملكه الخجل المفرط من قبل

بينما سيثبت لنا النص ان بوسعه ان يعالج ازمته وبنفسه

يعني ان النص يثير فينا حالة من القلق

وهي ان العلاج يبدأ من الفرد نفسه

ومن ثم تلحق به المسببات الخارجية

فالانفتاح على الداخل هي اولى الصور المتراكبة

والتي لها ان تتفعل داخل الشخص بفعل نفس دخيلته الذاتية

ووعيه المشرق على كينونته الباطنية

ومن ثم لها ان تعكس شعاعها الغالب

على محيطه الخارجي

ليمتد في اوسع النطاقات

وتشمل اصقاعا شاسعة من حوله

ولها في وقتها ان تغيب على من تسول له نفسه ان لا يبصرها

فهو ليس مسؤول عمن لا يود رؤيتها

لكن ما عليه الا ان يثبت جدارتها

والتي لها ان تعكس جدارة صاحبها

هو وبعينه ليس الا !

لكن الثقة كانت تلزمه من قبل

ولما سعى الى امتلاكها

كان حقدا ضروسا يتمثل في داخله

لذا

حينما اطلق لها كل المسوغات

كانت قد تلوثت بدخان تلك العوادم البشرية

والتي تراكم سخامها في داخليته

بشكل لا يمكن ان يتغاضى عنه

الا حينما يكون له ان يفعّل نفسا مرسوما وبعناية

في كل دواخله المتراسمة دون تشظي متغالب

فاراد ان يغالب بأسه المشروط بموافقة من حوله

اراد ان يبصر رضى من حوله يشع في ابصارهم

بينما لا يمكن ان يكون غرضا عقليا ولوحده

طالما كان بوسعه ان يقتاد نفس صاحبه

الى شفا جرف هاو !

..............................



انتهت الحلقة الاولى

من الدراسة النقدية في قصة المدعي للاستاذ نزار الزين

وتليها الحلقة الثانية انشاء الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مع تحيات جمال السائح

2006-02-20




View jamalalsaieh's Full Portfolio
tags: